حكم الزواج من غير مسلمة في الدين الإسلامي وشروطه
حكم الزواج من غير مسلمة هو أمر يجب أن يضعه المسلم نصب عيناه خاصةً إن كان كثير التعامل مع أجنبيات أو نساء على غير ملته، فقلب الإنسان هش رقيق فُطر على الانجذاب نحو الجنس الآخر، وإن لم يملك الشخص زمام قلبه بحكمة وعقل لتشتت وضُلل، لهذا وجب التيقن أولًا بشأن حكم الزواج من غير مسلمة وهو ما سنقدمه اليوم من خلال موقع الماقه.
حكم الزواج من غير مسلمة
إن حكم الزواج من غير مسلمة مباح، حيث أباح الإسلام للرجل المسلم أن يتزوج من امرأة غير مسلمة إذا كانت من أهل الكتاب وهم: (اليهود والنصارى) بالشروط المحددة شرعًا، ولكن لا يجوز الزواج من غير الكتابية -والله أعلم- حيث لا يحل له أن ينكح دين غير سماوي، والدلالة على ذلك في قول الله -سبحانه وتعالى-:
حيث يقول الإمام الطبري في تأويل هذه الآية أن (وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ) تعني الحرائر الذين أعطوا الكتاب وهم النصارى واليهود الذين اتبعوا التوراة والإنجيل، كما تعني آية (إِذَا آتَيْتُمُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ) أنه إذا أعطيتم من نكحتكم من محصناتكم أجورهن وهي مهورهن.
لكن لا يجب أن ينكح الرجل المسلم المرأة الغير مسلمة إذا كانت مجوسية أو شيوعية أو وثنية أو من تتبع ما يشابه هذه الأديان، والدليل على ذلك قول الله -سبحانه وتعالى-:
“وَلَا تَنكِحُوا الْمُشْرِكَاتِ حَتَّىٰ يُؤْمِنَّ ۚ وَلَأَمَةٌ مُّؤْمِنَةٌ خَيْرٌ مِّن مُّشْرِكَةٍ وَلَوْ أَعْجَبَتْكُمْ” سورة البقرة 221، حيث إن المقصود بالمشركة في هذه الآية هي المرأة التي تعبد الأحجار أو المرأة الوثنية.
يمكنك أيضًا الاضطلاع على: حكم إتيان الزوجة من الدبر عند المالكية وفي السنة النبوية الشريفة
حكم زواج المسلمة من غير المسلم
بعد أن عرضنا حكم الزواج من غير مسلمة نذكر الآن الوضع في حالة المرأة، فلا يحل للمرأة المسلمة أن تتزوج برجل غير مسلم، حيث لا يحل لها الزواج من الرجل اليهودي أو النصارى ولا أي رجل يتبع دين غير الإسلام، وما يدل على ذلك هو قول الله -سبحانه وتعالى-:
حيث يقول الإمام البطري في تأويل هذه الآية (وَلَا تُنكِحُوا الْمُشْرِكِينَ حَتَّىٰ يُؤْمِنُوا ۚ وَلَعَبْدٌ مُّؤْمِنٌ خَيْرٌ مِّن مُّشْرِكٍ وَلَوْ أَعْجَبَكُمْ) أن الله -سبحانه وتعالى- حرم على المرأة المسلمة المؤمنة الزواج من مشركًا أيًا كانت أصناف الشرك، فلا تنكحوهن أيها المؤمنون، وزوجوهن من عبد مصدق بالله ورسوله ومؤمن بما جاء من عند الله -سبحانه وتعالى-.
شروط الزواج من الكتابية
يوجد بعض الشروط التي حددها الله -سبحانه وتعالى- في حكم الزواج من غير الكتابية، حيث إن الله أحل للرجل المسلم الزواج من المرأة الكتابية ولكن بعد اتباع الشروط التالية:
التأكد من أنها كتابية
يجب على الرجل المسلم أن يتأكد من ديانة المرأة الغير المسلمة ما إذا كانت كتابية يهودية أو نصرانية تؤمن بدينها سواء في الفرقة الكاثوليكية أو البروتستنتينية أو الأرثودوكسية، كما عليه التأكد من أنها ليست ملحدة أو وثنية أو مرتدة مثلًا.
يمكنك أيضًا الاضطلاع على: ما حكم الجماع في نهار رمضان؟
أن تكون عفيفة
إن الله -سبحانه وتعالى- حين أحل زواج الرجل المسلم من المرأة الغير مسلمة وهي المرأة الكتابية لم يحل الزواج من كل امرأة أيًا كانت منهم، بل ذكر في آياته الإباحة بالإحصان، والدليل على ذلك قوله -تعالى- (وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الَّذِينَ أُوتُواْ الْكِتَابَ مِن قَبْلِكُمْ).
جاء ذلك في تأويل بعض العلماء أن المقصد هنا ألا تكون المرأة جامعة صفتين غير محببين ألا وهما (الذمية، وغير العفة)، وهذا حرصًا من الله على مصالح عباده، وحكمة منه بالأطهر والأزكى، فلا يجوز للرجل المسلم أن يتزوج من امرأة تقوم بتسليم زمامها لأي رجل أو تكون غير مستقيمة.
ألا تكون حربية
حيث نص أهل العلم على أنه يجب على المرأة الكتابية التي سيتزوجها الرجل أن تكون غير معادية للإسلام، وقد يتضمن ذلك المرأة التي تتبنى آراء حرب الإسلام أو معادة المسلمين، حيث قال الله -تعالى-: “قَاتِلُوا الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلَا بِالْيَوْمِ الْآخِرِ وَلَا يُحَرِّمُونَ مَا حَرَّمَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَلَا يَدِينُونَ دِينَ الْحَقِّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حَتَّىٰ يُعْطُوا الْجِزْيَةَ عَن يَدٍ وَهُمْ صَاغِرُونَ (29)” سورة التوبة الآية 29.
ألا يكون في ذلك فتنة
حيث إن استخدام المباحات التي أباحها الله -سبحانه وتعالى- يكون مقيد بالامتناع عن الضرر، كما أنه كلما زادت نسبة الضرر كلما زاد التأكد من التحريم والامتناع.
أضرار الزواج من الكتابية
يوجد بعض الأضرار التي تلحق بالرجل المسلم إذا تزوج من المرأة الغير المسلمة الكتابية التي أحلها له الله -سبحانه وتعالى- ومن الأمثلة على هذه الأضرار:
- الانتشار: حيث يمكن أن ينتشر الزواج من الغير مسلمة في بلاد المسلمين فتنتشر العنوسة للفتيات المسلمين، فالزواج من المرأة الكتابية في بعض الظروف يمكن أن يكون مفسدة عظيمة.
- الولاية: فمن يتزوج من بلد كافر فإنه يتزوج وفقًا لقانون تلك البلد، فتقوم البلد بتطبيق القوانين والنصوص عليه والتي تتضمن كل معاني الظلم والجور، كما أن هذا البلد لا يعترف بولاية المسلم على أولاده وزوجته.
- الخوف: في حال تزوج الرجل المسلم من المرأة الغير مسلمة يخاف الرجل على أولاده من الكفر، أو أن يؤخذوا منه بالقوة حتى يتم تسليمهم إلى أمهم الكتابية، حيث إن قانون البلد الذي تتبع له المرأة يسري على زوجها بأن لها الأحقية في أخذ الأولاد من زوجها بالقوة إذا أرادت.
يمكنك أيضًا الاضطلاع على: حكم تقبيل الزوجة من الفم في نهار رمضان
حكم الزواج بالمشركة
لا يحل للرجل المسلم الزواج من امرأة مشركة وكافرة لا تؤمن بالله -سبحانه وتعالى- ولا تؤمن برسوله -صلى الله عليه وسلم- والدليل على ذلك قول الله سبحانه وتعالى:
لم يستثني الله -سبحانه وتعالى- أي من النساء المشركات ما عدا أهل الكتاب والكفار، أي أن كل من عبدة الأصنام والأحجار والشجر والحيوانات وأي معبود غير الله -سبحانه وتعالى- هو أمر محرم على أي مسلم.
نستنتج من هذا أن المرأة المسلمة الرابطة على دينها أطهر وأذكى للرجل المسلم، وإن كان الرجل أو المرأة كثري التعامل مع أجانب أو أشخاص على غير الملة فوجب على الإنسان أن يضع قيودًا تحدد التعاملات لئلا يُلامس قلبه حنين أو ضعف لشخص ربما كان شرًا له في دينه ومعاشه وعاقبه أمره، والله -عز وجل- أعلى وأعلم.
يمكنك أيضًا الاضطلاع على: حكم سماع الأغاني في رمضان