اسلاميات

حكم فوائد البنوك ابن عثيمين

حكم فوائد البنوك ابن عثيمين هل هي حلال أم بها حرمة، ففوائد البنوك تنتشر حولها أقاويل كثيرة وأحكام كثيرة منها ما يحرمها، ويحرم التعامل مع البنوك نهائيًا، ومنها ما يقول بأنها حلال ولا حرج في التعامل مع البنوك.

فمن خلال موقع الماقه سنذكر لكم حكم فوائد البنوك ابن عثيمين، وما قاله في هذا الأمر الذي كان سببًا في حيرة الكثيرين الذين يريدون حفظ أموالهم وفي نفس الوقت يخافون من الوقوع في أمر حرمه الله تعالى

حكم فوائد البنوك ابن عثيمين

يقول ابن عثيمين أن معنى الربا هو الزيادة، وهذه الزيادة يمكن أن يكون فيها مصلحة للجميع أو قد توجد فيها مصلحة لطرف واحد على حساب الطرف الآخر، والبعض من العلماء يقول إن الربا الاستثماري فيه مصلحة للآخذ والمعطي.

فالآخذ يمكنه أن يشتري المعدات أو أن يقوم بإنشاء مشروع أو يمكنه أن يقوم بتوسعة مشروعه، كما أنه يوجد الكثير من الناس لديهم خبرة لكن لا يوجد لديهم رأس المال، فالبنك يوفر لهؤلاء رأس المال.

أما المُعطي مصلحته أن يزيد ماله، حيث إن قد ساهم في نفع الطرف الآخر وهو أيضًا قد استفاد.

فذلك فائدة للطرفين، وجاءت الشريعة الإسلامية لتكميل المصالح، حيث قالت أن الربا مبني على الظلم لأحد الطرفين، ويمكن أن يكون هذا الظلم ليس ظاهرًا، فعدم ظهور الظلم لا يعني أنه لم يقع بل أنه وقع لكن قد تم إخفاؤه بأي صورة كانت، فلا يمكن أن تستقيم النظريات مع مخالفة النص، وإلا لاستقام لإبليس دعواه أنه خُلق من نار وآدم من طين.

فلتوضيح مدى حرمة وكراهة الربا، نجد في رواية أن النبي أوتي إليه بتمر جيد فقال من أين هذا فقالوا نأخذ الصاع من هذا بالصاعين من الرجل، والصاعين بالثلاثة، فهل في هذا ظلم، فقال الرسول هذا عين الربا، رُده.

فبهذا كان حكم فوائد البنوك ابن عثيمين أنها ربا، كما يمكن أن يضع الإنسان ماله في البنوك فقط دون أن يأخذ منها فائدة خوفًا من السرقة أو أن تضيع.

حيث إن البنوك معاملتها مختلطة فمنها ما هو ربوي، ومنها ما هو حلال، كما أن الضرورة تستدعي أن يضع الفرد ماله في مكان يأمن عليه من السرقة، لكن يجب البعد أيضًا عن الشبهات التي توقع فيما حرم الله.

اختلاف العلماء في فوائد البنوك

استكمالًا لما يدور حول حكم فوائد البنوك ابن عثيمين، فبدايةً عندما نذهب للبنك ونودع مبلغ معين، فإما أن نربطه بوديعة مقابل مبلغ معين لفترة معينة، أو أننا نضعها سائلة، ونأخذ مقابل عليها، فالحساب إما استثماري أو وديعة، وهذه المعاملة لم تكن موجودة في عهد النبي.

فالعلماء اختلفوا في هذه المعاملة هل الفوائد هي من الربا المحرم، أم أنها ليست من الربا المحرم، فلماذا اختلف العلماء، فهذا الاختلاف يكون تبعًا لاختلافهم في تصوير المعاملة، والتكييف لهذه المعاملة.

كما أن الفتوى لها مراحل، فمن هذه المراحل مرحلة التصوير، وهو تصوير القضية ومحاولة فهمها، والمرحلة التالية هي التكييف وهي رؤية القضية تندرج تحت أي باب أو تخضع لأي باب من أبواب المعاملات والعقود حتى نستطيع ان نبدي فيها حكم ونصدر الحكم العام ثم الحكم التفصيلي، ثم الفتوى.

سبب اختلاف العلماء حول الفوائد

بعد معرفة حكم فوائد البنوك ابن عثيمين، فقد ذكرنا أن البنوك أمر مستحدث، فبدأ الفقهاء ينظرون، هل يا ترى فوائد البنوك هي قرض، بمعنى أن العلاقة بين المودع وبين البنك هي علاقة قرض، فإذا كانت علاقة قرض فكل قرض جر نفع فهو ربا، فبذلك ستصبح الأموال ربا وحرام.

أم أنها عقد من العقود المستحدثة، حيث إنه في الماضي كان يوجد 25 عقد فقهي تقريبًا، لكن الآن استُحدثت صور كثيرة جدًا، فهل هذه المعاملة تعتبر عقد مستحدث، لا تندرج ولا تخضع لشيء من العقود القديمة، بالتالي فمن حقنا أن ننظر وفق القواعد العامة للشريعة الإسلامية، ونرى هل تحقق نفع ومصلحة عامة أم لا، فهذا كان هو الاتجاه الآخر لمن أباح هذه الفوائد

وبالتالي لا يوجد بها أي تحريم، وتحقق الخير والنفع، فلا مانع أن نأخذ بها، وكما ذكرنا أنه توجد عقود قديمة وعقود مستحدثة، فقضية استحداث عقد في الفقه الإسلامي أي أن استحدث معاملة جديدة هي أصلًا محل خلاف، فهل العقود الـ 25 يمكن أن نوّلد منها صور ومعاملات أم أنه يمكن أن نستحدث صورة جديدة.

هذا الأمر له مدرستين فقهيتين وكل مدرسة لها أدلتها، وحتى لا نذهب بعيدًا عن الموضوع سنذكر فيما يلي الأسباب لمن يرى بحرمة فوائد البنوك، والأسباب التي يستند إليها من يرى بحِل فوائد البنوك.

تحريم فوائد البنوك

عند وضع النقود في البنك نذهب للبنك ونبدي رغبتنا وضع النقود عندهم، ويردون علينا بأنهم سيعطوننا فائدة محددة، وتكون المعاملة في البنك إما عن طريق الإيداع أو الاستثمار.

فإذا قلنا إنها وديعة، فالوديعة في الإسلام أو في القانون المدني هو وضع أموال كنقود أو أشياء أخرى كذهب أو فضة، فهذا يسمى وديعة، ومن وضعتها عنده غير مأذون بالتصرف فيها، فهل البنك غير مأذون بالتصرف في النقود، بالطبع لا.

فالبنك يتصرف في النقود كما يشاء، وعند استردادها يعطيك مثلها في القيمة، وليس ما وضعته بيدك، إذن هذه ليست وديعة، ثانيًا عندما أضع وديعة، فأنا أدفع له أجر حتى يصون لي وديعتي، لكن الذي يحدث أن البنك هو الذي يعطيني الربح، فهذه أيضًا ليست وديعة.

أما تكييفها في القانون حسب المادة 726 من القانون المدني أن هذا النوع من الودائع يسمى وديعة ناقصة، وهي مثلها مثل النقود التي توضع في البنك، ومن حقه أن يتصرف فيها كيفما يشاء، فهذه ليست الوديعة الفقهية، ولا تعتبر وديعة في القانون المصري أو الفرنسي، إنما هي تعتبر قرض.

فلذلك العلماء قالوا بما أنها قرض، إذن هي قرض جر نفع، إذن فهي ربا، لأنه في الإسلام عندما أعطي أحد نقود كقرض لا يجوز أخذ أي أرباح عليها.

بما أنها ليست وديعة، فهل هي شراكة أو مضاربة أو قراض، بمعنى أنني لدي بعض النقود وأذهب للبنك مثلًا، وأطلب منه أن يقوم بتشغيلها لي، وأقول له لك نسبة من الربح وهي نسبة معلومة، لكن الربح غير محدد، أي أن الربح متغير غير معلوم، فما يأتي لك النسبة المتفق عليها.

سبب تحريم الفوائد

فهل هي كذلك؟ فكانت الإجابة لا، لأنك عندما تذهب للبنك لا تحدد نسبة للبنك من الربح، بل أن البنك هو الذي يحدد ما سيعطيه لك، وهو جزء صغير جدًا والجزء الأكبر من الربح الباقي يكون له، إذن هي ليست مضاربة، أو شراكة أو قراض.

كما أنه في عقد المضاربة، أنا من يحدد نسبة الربح وليس هو، وما يحدث في البنك هو العكس، كما أن النسبة يجب أن تكون محددة على الشيوع، أما في البنك ستكون على علم بقيمة الربح الذي ستأخذه، وهذا عند العلماء كما حكى ابن المنذر، على أن تحديد الربح وجعله معلومًا في القراض يفسده.

أي أنه يجعل العقد فاسدًا، فالمعاملة تحولت وأصبحت غير شرعية، والمبلغ المستحق للبنك أصبح غير شرعي.

فإذا ذهبنا إلى أنها وكالة، أي أن البنك يقوم بتشغيل المال وله راتب شهري معلوم ومتفق عليه، وهذا لا يحدث مع البنك حيث إنه لا يأخذ نظير تشغيله ويعطيك الأرباح عن نقودك، فهي ليست وكالة، إذن في كل صور العقد الموجودة في الفقه الإسلامي القديم، هذه المعاملة لا تجوز، قالوا هي معاملة باطلة محرمة.

وتبنى هذا الرأي كثير من العلماء مثل الشيخ جاد الحق شيخ الأزهر رحمه الله، والشيخ عطية صقر رحمه الله، والشيخ الشعراوي، والشيخ عبد اللطيف حمزة، والشيخ عبد الفتاح الشيخ رئيس جامعة الأزهر السابق.

كما أخذ بهذا الرأي لفيف من بعض العلماء، كما كان يقول به مجمع البحوث الإسلامية في الفتوى الصادرة سنة 1965 وكان بالإجماع يرى تحريم الفوائد البنكية.

سبب حِل فوائد البنوك

فظل هذا الرأي حتى أتى الشيخ سيد طنطاوي وأفتى بأنها حرام، وكانت هذه الفتوى له بتاريخ 20 فبراير 1989، وفي عام 1998 غير الشيخ سيد طنطاوي اجتهاده ورأى حل هذه المعاملات وفي سنة 2002 اجتمع مجلس مجمع البحوث الإسلامية برئاسة الشيخ سيد طنطاوي ورأوا حِل هذه المعاملة.

من يرى أنها حلال الشيخ طنطاوي ثم الشيخ علي جمعة والشيخ نصر فريد واصل، والشيخ شوقي علام مفتي الديار المصرية حاليًا، كل هؤلاء يقولون بحل الفوائد البنكية، حيث إنها ليست من العقود القديمة التي ذكرناها.

كما قالوا إنها لا ينطبق عليها أحكام القرض حيث إن البنك غير محتاج ولم يطلب منك الاقتراض، وبالتالي لا ينطبق عليها كل قرض جر نفع فهو ربا، وهذه أكبر حجة عند الفريق الآخر.

الدليل الثاني أن تحديد الربح مسبقًا لا يفسد العملية حيث إنها عملية مستحدثة وليس لها علاقة بعقد الشراكة أو المضاربة في الفقه القديم، حيث إن البنك يأخذ النقود وعنده معرفة وحسابات دقيقة بالأرباح التي سيجنيها، وبناء على هذه الحسابات يتم تحديد نسبة الأرباح.

حيث إنه قديمًا عند تحريم جزء من الربح معلوم في القراض أو في المضاربة أو المشاركة، كان ذلك بسبب الغرر والضرر، فكل شيء محسوب، وتكاد الخسارة أن تكون صفر.

ففي كل الأحوال لا ينطبق عليها التكييفات الفقهية للعقود القديمة، فهي معاملة جديدة وتترتب عليها المصلحة العامة، وحيث وجدت المصلحة فثم شرع الله، وكان هذا رأي الشيخ عبد الرحمن العدوي أيضًا.

حكم الاقتراض من البنوك

في صدد الحديث عن حكم فوائد البنوك ابن العثيمين، في هذه الحالة أنت تذهب للبنك وتطلب قرض نقدي، وسترده بالزيادة، فهذا يعتبر قرض جر نفع لذلك، هو ربا وحرام.

لكن علماء الرأي الآخر استثنوا من صورة القرض الذي جر نفع، لأنه في حالة اقتراضك للمال لبدء مشروع فيسمى هذا قرض إنتاجي، فلا يكون ربا، وهذا رأيهم.

كما أنه في الحقيقة أنك لست ذاهبًا للبنك للحصول على قرض شخصي كما كان يحدث قبل الإسلام، وإنما هو قرض لغاية استثمارية، والبنك كأنه وكلك بأن تقوم بهذا المشروع نيابة عنه، وأنت تبعث له بجزء من الأرباح، وهذا تصورهم، لذلك يرون حل هذه المعاملة

فهذا باختصار رأي الفريقين في الفوائد البنكية من حيث حلها وحرمتها، وبهذا نكون قد غطينا مجمل الموضوع بكافة الآراء، إذًا قد يتبادر إلى أذهاننا سؤال فماذا أفعل كمسلم…

فتكون أنه علينا أن نخرج من الخلاف، والعمل بما اتُفق عليه هو خير وأولى من أن نأخذ بما اختلف فيه، كما أننا يمكننا أن نودع الأموال في أي بنك فرع معاملات إسلامية، كحساب جاري، ونخرج من هذه القضية الخلافية الشائكة تمامًا.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى