اسلاميات

لماذا أخفى الله موت سيدنا سليمان عن الجن

لماذا أخفى الله موت سيدنا سليمان عن الجن؟ وما العلامة التي بينت موت سيدنا سليمان عليه السلام؟ اختلفت الآراء كثيرًا حول ذلك الموضوع، وسنحاول أن نقدم لكم من خلال موقع الماقه أفضل الأسباب المنطقية التي تجيب عن سؤال لماذا أخفى الله موت سيدنا سليمان عن الجن.

أعظم الملوك التي وهبها الله الحكم على مر العصور

إن الله عز وجل قد أنعم على سيدنا سليمان عليه السلام بمُلكٍ عظيم، وهذا الملك قد شمل الإنس والجن والحيوانات والطيور والنباتات وغيرها من الكائنات التي خلقها الله عز وجل، ولقد جعل الله هذه الكائنات تُطيع سيدنا سليمان ولا تعصي له أمرًا.

من المعروف أن سيدنا سليمان كان من أعظم ملوك الأرض على مر العصور، وهناك معلومة هامة يجب أن تكونوا على دراية بها، وهي أن الله قد وهب المُلك العظيم لأربع ملوك على مر الزمان ـ مع العلم أن أعظم المُلك كان لسليمان عليه السلام ـ اثنان منهما مؤمنان، واثنان كافران: فالمؤمنان هما سيدنا سليمان عليه السلام، وذو القرنين، أما الكافران فهما النمرود، ونبوخذ نصَّر.

إن النبي سليمان عليه السلام هو أحد أنبياء بني إسرائيل، قد أرسله الله بعد أبيه النبي داوود عليه السلام، ولمنشأ النبي سليمان في بيت النبوة فضل عظيم لأنه قد ورث الحكمة والقضاء عن أبيه نبي الله داوود عليه السلام، وقد وهبه الله النبوة وليس ذلك فقط، بل وهبه أعظم ملك على مر العصور.

يتضح ذلك في قول الله تعالى: (وَوَرِثَ سُلَيْمَانُ دَاوُودَ ۖ وَقَالَ يَا أَيُّهَا النَّاسُ عُلِّمْنَا مَنْطِقَ الطَّيْرِ وَأُوتِينَا مِنْ كُلِّ شَيْءٍ ۖ إِنَّ هذا لَهُوَ الْفَضْلُ الْمُبِينُ) [النمل: 16]، فإن الله عز وجل قد اصطفاه من دون أبناء داوود عليه السلام، الذي قيل إن عددهم قد وصل إلى تسعة عشر ولدًا.

اقرأ أيضًأ: قصة سيدنا سليمان مع بلقيس

لماذا أخفى الله موت سيدنا سليمان عن الجن

سنختص في هذه الفقرة بالحديث عن أعظم ملوك الأرض على الإطلاق، وهو سيدنا سليمان عليه السلام، وسنجيب باستفاضة عن سؤال لماذا أخفى الله موت سيدنا سليمان عن الجن، ولهذا السؤال إجابة صريحة وموجزة في القرآن الكريم، وذلك يتضح في قوله تعالى:

يتضح لنا من خلال تلك الآية عدة أمور، وتُخفي علينا أمور أخرى، حاول المفسرون أن يجدوا لها تفسير، وتداولت الروايات حول موت سيدنا سليمان، وكم من الوقت قد مرَّ والجن لا يعلمون أن سيدنا سليمان قد مات؟ وأين كانوا أهله والناس الذين يحكمهم وغيرها من الأمور التي شغلت بال العديد، ونحن سنحاول أن نوضح لكم كل ذلك قدر المستطاع.

لكن ما زلنا نريد أن نعرف لماذا أخفى الله موت سيدنا سليمان عن الجن، الإجابة تكمُن في قوله تعالى: (…فَلَمَّا خَرَّ تَبَيَّنَتِ الْجِنُّ أَنْ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ الْغَيْبَ مَا لَبِثُوا فِي الْعَذَابِ الْمُهِينِ) [سبأ: 14]، وفي هذه الآية حكمة واضحة يُريد أن يُنبهنا إليها الله عز وجل من خلال قصة موت سيدنا سليمان وعدم معرفة الجن بذلك الأمر.

هذه الحكمة هي أن الجن لا يستطيعون معرفة الغيب كما يظن بعض الناس الذين على قدر واضح من الجهل، وإن الغيب من الأمور التي لا يعلمها إلا الله وحده، لا إنس ولا جن يمكنهم معرفة أي شيء في المستقبل إلا بإذن الله.

يعتبر هذا أمر واضح للبشر من الله عز وجل، وهو ليس أمر جازم فقط بل إنه مصحوبًا بالدليل القوي، وذلك الأمر يفيد النهي عن اللجوء إلى الجن في معرفة الغيب، لأن الجن لا يملكون تلك القدرة كما لا يملكها البشر، وهذه القدرة العظيمة لا يختص بها إلا الله عز وجل.

صفات نبي الله سليمان عليه السلام

لقد تميز سيدنا سليمان بمميزاتٍ عدة، سنذكر لكم بعضًا منها:

  • الحكمة والشجاعة وحسن التدبير، فكان يحكم في قضايا الناس بمنتهى الدقة والبراعة لحكمته الشديدة.
  • المداومة على حمد الله في كل وقت وحين.
  • الصلاح والتقوى وغيرها من الصفات الحسنة.
  • لدية قدرة عالية على فهم الأمور، وذلك ساعده في إدارة مملكته، وجعلها من أعظم الممالك على مر العصور.
  • الأمانة والعدل عن إصدار أية حكم.
  • التمهل والتأني في إصدار الحكم على من يخالفه، حتى يعرف الحقيقة كاملة، وذلك كما حدث في قضية غياب الهدهد.

سمات حكم النبي سليمان عليه السلام

إننا كما تحدثنا عن سمات شخصية النبي سليمان عليه السلام، فعلينا أن نعرف أيضًا سمات حكمه العظيم التي مكنته من حكم شعبه، وإنشاء حضارة عظيمة:

  • دعوته لقومه بتوحيد الله عز وجل، وحمده كثير الحمد على نعمه التي لا تعد ولا تُحصى.
  • العدل في الحكم بين أمور الرعية.
  • مراقبته الدائمة للرعية ومراعاة مصالحهم، وقضاء الأمور التي يحتاجون إليها.
  • يباشر أمور حكمه بنفسه.
  • يبتعد عن الظلم والاستبداد، ويقبل الأعذار إن كانت مقنعة ومنطقية.

معجزات النبي سليمان عليه السلام

للنبي سليمان معجزات عدة قد ذكرها الله تعالي في العديد من السور القرآنية مثل سورة النمل، سبأ، ص، الأنبياء، وسنعرض عليكم هذه المعجزات بإيجاز:

  • تسخير الرياح: قال تعالى: (وَلِسُلَيْمَانَ الرِّيحَ عَاصِفَةً تَجْرِي بِأَمْرِهِ إِلَى الْأَرْضِ الَّتِي بَارَكْنَا فِيهَا ۚ وَكُنَّا بِكُلِّ شَيْءٍ عَالِمِينَ) [الأنبياء: 81]، كانت تلك الرياح تأتي بأمر نبي الله سليمان، وكانت رياح شديدة عاصفة، لكنها كانت تنفع ولا تضر.
  • تسخير الجن: قال تعالى: (وَمِنَ الشَّيَاطِينِ مَنْ يَغُوصُونَ لَهُ وَيَعْمَلُونَ عَمَلًا دُونَ ذَٰلِكَ ۖ وَكُنَّا لَهُمْ حَافِظِينَ) [الأنبياء: 82]، وقد وهبه الله القدرة في توجيه الجن لعمل ما يشاء من الأعمال، فقد أمرهم بأن يفعلوا كل ما يعود بالخير والنفع والفائدة على المملكة.

فهناك طائفة كانت متخصصة في أمور البناء والعمارة، وطائفة أخرى تختص بالبحث عن اللؤلؤ والمرجان بداخل أعماق البحار، ومن كان يخالف أمره من الجن، كان سليمان يُقيده بالسلاسل، وذلك جعل بني إسرائيل يتمتعون بحضارة عظيمة ومزدهرة دون أن يعملوا ويتعبوا.

  • إسالة النحاس: لقد احتاج سليمان عليه السلام إلى مادة يصنع منها السلاح حتى يتمكن نمن استخدامه في الحروب، فأنعم عليه الله عز وجل بعين من النحاس الأصفر، يقول الله تعالى: (…وَأَسَلْنَا لَهُ عَيْنَ الْقِطْرِ…) [سبأ: 12].
  • قدرته على فهم كلام كل ما لا ينطق من الكائنات: كانت لديه قدرة معجزة في فهم كلام الكائنات المختلفة، والتحدث إليهم أيضًا.

وفاة سيدنا سليمان عليه السلام

إن أمر وفاة سيدنا سليمان عليه السلام أحدث جدلًا كبيرًا بين الناس والعلماء والمفسرين، مما دعاهم إلى طرح سؤال لماذا أخفى الله موت سيدنا سليمان عن الجن، ولقد نبهنا على ذلك من قبل ولِمَ لَمْ أحد يعلم بالضبط ما السر وراء موته بهذه الطريقة وعدم معرفة من حوله بهذا الخبر وخاصة الجن.

لم نعرف حتى كم بلغت فترة موته دون معرفة الجن بذلك الأمر، وهل كان الجن وحدهم هم من يجهلون خبر موته، أم بقية الرعية كانت تجهل هذا الأمر أيضًا، وأين كان أهله طوال هذه الفترة؟

من المذكور في عديد من الروايات أن النبي سليمان عليه السلام، كان من عادته أن يذهب إلى بيت المقدس لفترة زمنية معينة، وكان كل مرة يذهب فيها إلى هناك يجد نبتة، ويسألها عن اسمها، فتارة تجيب أنا نبتة للغرس، وإن كانت دواء تذكر ما يمكن أن تداويه.

في مرة من المرات، وجد نبتة، وسألها عن اسمها؟ فصرحت باسمها الخروب، فقام النبي بسؤالها لم أتيتِ؟ أنا لخرابٍ بيت المقدس، فتأكد حينها النبي بأن تلك النبتة لم تنبت إلا لخرابٍ سيحل على بيت المقدس، فقام النبي بنزعها ثم زرعها في مكان آخر عنده.

ثم قام النبي بالعكوف في بيت المقدس للعبادة وهو متكئًا على عصا، حتى وافته المنية وهو بذلك الوضع، ولم يعلم الجن مطلقًا بأنه قد مات وظلوا يعملون كما أمرهم النبي سليمان عليه السلام، ولم يعرفوا أنه قد مات حتى وجدوا عصاه قد تآكلت وتبين لهم موته.

يقول الله تعالى:

آراء حول الحكمة من إخفاء موت سليمان على الجن

إن النبي داوود عليه السلام هو أول من قام على بناء بيت المقدس، وقد مات دون أن يُتمه، لذلك قد أوصى ابنه سليمان عليه السلام أن يكمل بناءه حتى التمام، لذلك أمر سليمان عليه السلام الجن بأن يتموا بناء ميت المقدس.

عندما أحس سليمان عليه السلام أنه قد حان موعد موته، طلب من أهله ألا يُخبروا الجن بوفاته، حتى يستمر الجن في استكمال بناء بيت المقدس حتى التمام، وذُكر أنه قد دعا الله أن يُخفي خبر وفاته عن الجن، وذلك كي يعلم الناس ويتأكدون من أن الجن لا يستطيعون أبدًا معرفة الغيب، ولو كانوا يستطيعون لعلموا بخبر وفاته وتركوا ذلك الشقاء والعذاب المهين.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى