اسلاميات

من حفر حفرة لأخيه وقع فيها

من حفر حفرة لأخيه وقع فيها يعتبر هذا المثل واحد من أشهر الأمثال الشعبية، وهو من الأمثال ذات الأهداف النبيلة، حيث ينذر الشخص قبل أن يحاول خداع الأخرين بأنه سيقع في نفس الحفرة التي يحفرها لغيره، وذلك من باب الصد عن القيام بأي عمل مشين، لذا ادعوك لزيارة المزيد عبر موقع الماقه .

من حفر حفرة لأخيه وقع فيها

يهدف هذا المثل إلى غرس قيم حسن الخلق، والأمانة في التعامل، وصفاء النوايا في الشراكات أو غيرها مما يتطلب وجود تعاون بين الناس.

وهو يستخدم عادة للتحذير أو للوم أو ذم من يقوم بخديعة الأخرين مسبباً خسارة أو ضرر لهم، فعلى سبيل المثال قد يبيع شخص لآخر دواء مغشوشاً أو طعاماً فاسداً ، ثم تدور الدائرة عليه ويأكل ابنه من هذا الطعام فيتضرر أو يصاب بمكروه.

ويشبه هذا المثل في معناه قولهم “من سوى شيء لقاه”، أو قولهم “ما سويت سوي بك” وجميعها تؤكد على أن الشر يعود لصاحبه، والضرر يصيب من بدأ به.

فقد أثبتت التجارب الإنسانية جميعها أن المنتقم لا ينتقم إلا من نفسه هو في الحقيقة، وأن الغدر من الصفات الذميمة عند كل الشعوب نظراً لما لهذه الصفة من أثار مضرة على الناس.

وتجدر الإشارة هنا إلى “وقع فيها” في هذا المثل تعود بلا شك على الذي حفر الحفرة، وليس على من حفرت الحفرة من أجل الإيقاع به، حيث نجد أن الشخص الذي تم التخطيط للإيقاع به قد نجا، بينما وقع في شر أعماله من خطط ودبر وغدر.

قصة المثل

يحكى أنه كان هناك أخوان، أحدهما تاجر كبير ومرموق، بينما الأخر كان أعمى وفقير، وكان الأخ الثري يجلس يومياً بالقرب من دكانه، حيث يتحدث ويتسامر مع أصدقائه التجار، وكان الأخ الأعمى يمر من أمامهم بثيابه الممزقة وحالته المزرية.

كان الأخ الثري يخجل من اخيه، الأمر الذي دفع إلى التفكير في التخلص منه، فطلب من خدمه أن يقوموا بحفر حفرة كبيرة في الليل في الطريق الذي يمر منه أخاه، حتى إذا مر أخاه من الطريق للذهاب لصلاة الفجر سقط في الحفرة.

بعد أن حفر الخدم الحفرة، وفي وقت صلاة الفجر خرج الرجل الثري من منزله ومر من أمام دكانه ناسياً أمر الحفرة، فسقط فيها، ولم يتعرف الخدم عليه بسبب الظلام، واعتقدوا أنه الأعمى فقاموا برد الحفرة بالتراب.

وفي الصباح لم يحضر الرجل الغني لفتح دكانه، ووقف الخدم والعمال على بابها ينتظرونه، وإذا بأخيه الأعمى يأتي من بعيد، فاندهش الخدم كثيراً وقال أحدهم :”من حفر حفرة لأخيه وقع فيه”.

ندعوكم للتعرف على فوائد القرآن في علاج الأمراض من خلال الإطلاع على هذا الموضوع: فوائد سور القران الكريم في العلاج من الأمراض

من حفر حفرة لأخيه وقع فيها في القرآن

يمثل هذا المثل نموذجاً للقصاص الرباني، والعدل الإلهي، ويربي هذا المثل في النفس صفة المراقبة لله تعالى، ويضرب هذا المثل لتوضيح سوء عاقبة الخداع والغدر، وبيان لعقاب الله عز وجل لكل من يخون دينه وأمته.

وشاهد هذا المثل من كتاب الله تعالى العديد من الآيات، منها قوله تعالى:{ ولا يحيق المكر السيئ إلا بأهله}، أي لا يقع وبال المكر السيئ إلا بصاحبه وبمن دبره ومكره، وعندما ذكر كعب لابن عباس هذا المثل بوصفه جاء في التوراة، استشهد ابن عباس بهذه الآية الكريمة.

ومن النماذج التي جاءت في القرآن الكريم لتوضيح عقاب الخائنين والباغين، قتل خائن عيسى ابن مريم عليه السلام، حيث نقل عن رواية مسيحية أن الذي دل الأعداء على عيسى عليه السلام مقابل ثلاثين درهماً هو من قتل وصلب ومكانه.

فكان بذلك يجتمع للمساكين خير كثير، لكن بعد موت الرجل الصالح اتفق أبناءه على ألا يفعلوا ذلك، وحلفوا ليصرمنها في الصباح حتى لا يراهم المساكين، فعاقبهم الله عز وجل على ذلك بإحراق جنتهم.

ونجد هنا أن أصحاب الجنة خرجوا لكي ينتفعوا ولا يعطوا الفقراء فحرمهم الله منها جزاء لهم.

من حفر حفرة لأخيه وقع فيها حديث

كثير من الناس ينسبون هذا المثل “من حفر حفرة لأخيه وقع فيه” إلى النبي عليه الصلاة والسلام، لذا وجب التنبيه أن هذه المقولة ليست بحديث، ولا يوجد لها أصل عن النبي عليه الصلاة والسلام، كما لم توجد في دواوين السنة.

فقد ذكر حافظ السخاوي في كتابه الشهير المقاصد الحسنة: “من حفر لأخيه قليباً أوقعه الله فيه قريباً”، وقد ذكر الشيخ أنه لم يجد لهذه المقولة أصلاً ولكن ذكرها صاحب الأمثال.

من حفر لأخيه حفرة وقع فيها نماذج من التاريخ

يحكى أنه كان هناك رجل من العرب جاء إلى المعتصم فقربه منه وجعله نديمه، حتى أنه كان يدخل على حريمه من دون استئذان، فغار وزير المعتصم، وقرر قتل البدوي، فصار يتقرب منه حتى جاء به إلى منزله.

ثم أحضر له طعاماً به ثوم كثير، وبعد أن أكل البدوي منه، قال له الوزير احذر من الاقتراب من أمير المؤمنين حتى لا يشم منك رائحة الثوم فيتأذى منك، ثم ذهب الوزير إلى المعتصم وقال له أن البدوي يقول عنك للناس أنك أبخر وأن رائحة فمك كريهة.

فلما جاء البدوي عند أمير المؤمنين وضع يده على فمه حتى لا يشم أمير المؤمنين منه رائحة الثوم، لكن أمير المؤمنين عندما راه كذلك قال أن ما قاله الوزير عن البدوي صحيح، فكتب إلى أحد عماله رسالة قال فيها:” إذا وصل إليك كتابي هذا، فاضرب رقبة حامله”.

ثم استدعى البدوي وطلب منه أن يحمل الرسالة إلى فلان وأحضر لي الجواب، وبينما البدوي بالباب قابله الوزير فسأله عما معه فأخبره، فطمع الوزير في أن يحمل هو الرسالة ظناً منه أن البدوي سيحصل بسببها على مال جزيل.

فطلب من البدوي أن يحمل الرسالة بدلاً عنه، ويعطيه ألف دينار، فقبل البدوي، وسار الوزير بالكتاب إلى العامل الذي أمر بضرب رقبة الوزير بعد أن قرأ رسالة أمير المؤمنين.

بعد أيام  سأل أمير المؤمنين عن الوزير، فلم يجده، وعرف أن البدوي ما زال بالمدينة فأرسل إليه، وعند ما حضر سأله عن ما حدث فحكى له، ثم سأله عن الكلام الذي قال الوزير أنه قاله، فقال البدوي معاذ الله أن أقول ما ليس لي به علم.

وحكى له عن ما فعله الوزير من إطعامه الثوم وما طلبه الوزير منه حتى لا يشم منه أمير المؤمنين رائحة كريهة، فقال أمير المؤمنين: “قاتل الله الحسد ما أعدله بدأ بصاحبه فقتله”، ثم اتخذ البدوي وزيراً بدلا عن الوزير الحسود.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى