تيسير الكريم الرحمن في تفسير كلام المنان
تيسير الكريم الرحمن في تفسير كلام المنان لا يعد هذا الاسم غريبًا على مسامع المهتمين بتفاسير القرآن الكريم وخصوصًا الميسرة، ويعد العلامة عبد الرحمن بن ناصر السعدي صاحب أشهر كتاب لتفسير القرآن الكريم في العصر الحديث.
فمن خلال هذا المقال سنحاول أن نعرض ونناقش أهم النقاط الموجودة في كتاب تيسير الكريم الرحمن في تفسير كلام المنان عبر موقع الماقه.
تيسير الكريم الرحمن في تفسير كلام المنان
القرآن الكريم هو المعجزة الكبرى التي أنزلها الله ـ عز وجل ـ على رسوله المصطفى ـ صلى الله عليه وسلم ـ عن طريق تنزيل هذا الكتاب العظيم الموجود فيه هدًى للمتقين، فعلى مر السنين وتوالي الحقب الزمنية واحدة تلو الأخرى، تعددت الكتب والتفاسير التي اجتهد فيها أعلام علماء الإسلام والمسلمين في تفسير القرآن الكريم.
فهناك الكثير من التفاسير لم يوفق أصحابها في توصيل المعنى بشكل مبسط أو لم ينجحوا في استنباط معاني القرآن وتفسيرها، وهناك من كتب الله له التوفيق في تفسير كتابه، ودعونا نتفق ألا يوفق لهذا الأمر إلا موفق، وقد كان من بين هؤلاء الموفقين الشيخ العلامة عبد الرحمن بن ناصر السعدي.
حيث يعد كتاب تيسير الكريم الرحمن في تفسير كلام المنان أحد الجواهر الخالدة في تاريخ الكتابات الإسلامية، فمهما يمر الزمن على ذلك الكتاب يظل محتفظًا كما هو برونقه الخاص، وقد اكتسب هذا التفسير على وجه الخصوص هذا القبول الواسع من القراء لأكثر من سبب.
لعل أهم الأسباب التي جعلت الكتاب يعتلي هذه المكانة، هو الأسلوب اليسير، فقد كان أكثر ما يميز تيسير الكريم الرحمن في تفسير كلام المنان أنه لا يقتصر في فهمه على العلماء، ولا أصحاب قدر معين من العلم، لا فقد كان يكفي أن تكون مسلمًا عارفًا لكتاب الله والأحكام التي يعرفها كل مسلم.
من هو عبد الرحمن بن ناصر السعدي؟
الشيخ اليتيم الذي نشأ وشب على مفارقة أمه وهو في الرابعة من عمره ولم تمر الكثير من السنوات حتى يفارقه الأب هو الآخر والشيخ وقتها ابن سبع أعوام، ولكن بالرغم من هذه البداية التي قد يرى الكثير أنها مأساوية ولكنها لم تؤثر بالسلب على مسيرة الشيخ، بل قد نشأ الشيخ نشأة سليمة.
فمنذ نعومة أظافره كان مشهودًا له بالذكاء والنبوغ والرغبة التي لا تنتهي في النهل من العلم، فبالطبع لم يأتي تأليفه لكتاب تيسير الكريم الرحمن في تفسير كلام المنان من فراغ، فقد استفاد كثيرًا من كتب الإمام شيخ الإسلام ابن تيمية والإمام ابن القيم أيضًا، فتأثر بكتاباتهم كثيرًا وظهر تأثيرهم عليه بعدم التزامه بالمذهب الحنبلي فحسب، بل إنه أصبح يرى أي الدلائل أصح ويأخذ بها.
ما يميز تيسير الكريم الرحمن في تفسير كلام المنان
قد تجنب الشيخ السعدي في هذا التفسير طريقة الكلام المعقدة والتطويل في الشرح، فلقد اتبع الأسلوب الوجيز في توصيل المعلومة، وقد تجنب الشيخ أيضًا تبني أحد الآراء التي تحوط بها الخلافات من كل جانب، فقد وضح في أي فقرة أو رأي فيه خلاف بين أهل العلم أن هذا الرأي مختلف عليه.
كذلك القصص غير الموثوقة في مصدرها ولا في سندها كان ينوه عنها، وأيضًا الإسرائيليات كان يوضحها بجانب روايتها حتى يعلم الناس من أين أتى بهذه المعلومة.
كيف تم تقسيم تيسير الكريم الرحمن في تفسير كلام المنان؟
قد قسم الكتاب في بداية نزوله إلى تسع مجلدات، ثم بعد ذلك بفترة تم إصدار الطبعة الثانية، والتي كانت مقسمة على ثماني مجلدات، ثم بعد ذلك عكف تلاميذ الشيخ الذين خرجوا من تحت يديه على تحسين الطبعات، وإعادة النشر حتى وصلت بعض النسخ الحديثة إلى مجلدين أو مجلد واحد.
لماذا تم تصنيف كتاب تيسير الكريم الرحمن في تفسير كلام المنان؟
ألف الشيخ الكتاب في عام 1344 من الهجرة وكان عمره آنذاك 37 عام، وقد كان الشيخ يبتغي من وراء تصنيف ونشر هذا الكتاب نشر العلم النافع ودعوة الناس لفهم كتاب الله سبحانه وتعالى، فكان لا يهدف من وراء نشر هذه الكتب المال لكن قد كان يوزعها مجانًا ابتغاء مرضاة الله فقط، فلهذا السبب كان الشيخ السعدي يحاول بذل أقصى ما يمكن أن يبذله، حتى يخرج بالعديد من المؤلفات التي تساعد على نشر العلم الصحيح والمفيد.
منهج الشيخ السعدي في كتاب تيسير الكريم الرحمن في تفسير كلام المنان
لم يحوز هذا الكتاب على كل هذا القبول من فراغ، ولكن قد كان الشيخ متبعًا للعديد من القواعد التي ساعدت على انتشار هذا الكتاب بين جموع المسلمين في العالم أجمع، بجانب توفيق الله عز وجل بكل تأكيد، فقد كان أكثر ما يميز أسلوب الشيخ السعدي ما يلي:
الأمثلة
بعض الموضوعات تحتاج في فهمها إلى ضرب بعض الأمثلة لتوضيحها وتبيين مقصدها، فكذلك القرآن الكريم هناك بعض الآيات تحتاج إلى الإلمام بعلوم معينة في اللغة العربية، وعلوم الإسلام بالطبع حتى يفهم ما المغزى من الآيات.
الدلالة بالعبرة والعظة
من أهم ما يميز الشيخ هو تبيين العظة والعبرة من الآيات، فهناك بعض الآيات في القرآن الكريم ضرب الله لنا فيها المثل بأقوام سبقونا وبين فيها عاقبة المتقين، وعقاب المفسدين، فكان يقف الشيخ السعدي عند هذه الآيات ليبين للقارئ الحكمة من هذه الآيات الكريمة.
الاهتمام بقواعد اللغة العربية
هناك الكثير من الكتب التي تحوي بداخلها العلم الغزير، ولكن طريقة الكتابة لا تكون موفقة ومتوافقة مع قواعد اللغة العربية، ولكن الشيخ السعدي رحمه الله كان يستعين باللغة العربية في الاستدلال على بعض الآيات وتفسيرها فستعان بقواعد اللغة أسمى الاستعانة.
الأسلوب اليسير
بالرغم من التزامه بقواعد اللغة العربية الصحيحة إلا أنه كان في نفس الوقت يوصل المعلومة بأيسر ما يكن من أسلوب كي لا يقتصر الكتاب على فئة العلماء فقط بل لعامة المسلمين أجمعين.
الموضوعية
الكثير من الكتب تسعى لذكر أكثر من رواية بغض النظر عن صحتها بغرض حشو الكتاب فقط بالآراء، لكن الشيخ السعدي لم يكن يتطرق إلى الآراء المشكوك فيها وخصوصًا الإسرائيليات، وإن كان قد ذكرها في عدد من المواضع لكن مع ذكر وبيان أنها من الإسرائيليات.
فقد ظهر لنا هذا جليًا في ذكره لقصة هاروت وماروت لم يتطرق قط للإسرائيليات، كما في قصة سيدنا يوسف عليه السلام لم يتطرق للروايات والتفاسير في قوله تعالى: (وَلَقَدْ هَمَّتْ بِهِ ۖ وَهَمَّ بِهَا) [يوسف: 24].
الاهتمام بالفقه وعدم التعصب لمذهبه
ضرب الشيخ السعدي مثلًا في عدم التعصب لرأي معين، فقد كان تعصبه للحق فقط لا لمذهب يعتنقه أو شيخ تتلمذ على يديه، وقد وضح ذلك جليًا في عدم تعصبه للمذهب الحنبلي بين طيات كتابه تيسير الكريم الرحمن في تفسير كلام المنان.
بعض الأشياء المأخوذة على كتاب تيسير الكريم الرحمن في تفسير كلام المنان
رغم أن الكتاب لاقى رواجًا كبيرًا وإقبالًا من جموع المسلمين، إلا أنه أُخذ عليه بعض الأشياء ومنها:
إغفاله للشعر
حيث إن القرآن الكريم أُنزل باللغة العربية، والسبب في هذا هو براعة العرب في هذا الوقت في علوم اللغة ودهاليزها وكانوا يشتهرون بالشعر أيضًا، فكان من الواجب أن يستدل ببعض الأبيات من الشعر على بعض المعاني في التفاسير.
الالتزام بقراءة واحدة
لم ينظر الشيخ السعدي في القراءات المختلفة والروايات التي قد يختلف فيها إعراب الآية، وبما أن الشيخ السعدي قام بتفسير بعض الآيات مستعينًا بالإعراب فمن الممكن أن يكون أخطأ في تفسير آية أو بعض آية والله أعلى وأعلم.
ترك المفردات
فبالرغم من اليسر في توصيل الشيخ للتفسير إلا أنه قد أغفل واحدة من أهم النقاط المهمة، وهي معاني المفردات، بالتأكيد من الممكن الآن تعويض هذا النقص بالعديد من المتون التي تحتوي على مرادفات الآيات، لكنها من الأشياء التي أخذت على الكتاب.
ندرة أسباب النزول
الكثير من كتب التفسير يذكر مؤلفوها سبب نزول بعض الآيات إن لم يكن أغلبها، ولكن الشيخ السعدي نادرًا ما كان يذكر سبب نزول الآيات.