تعبير عن العلم نور
تعبير عن العلم نور يجب أن يتم طرحه بشيء من التفصيل، وهذا يرجع إلى كون العلم وأهميته ومكانته موضوعًا حيويًا، وقد يكون سببًا في استفاقة فئة كبيرة من الناس، وتنبيههم لمعنى العلم وما الذي يترتب على تحصيله.
سنقوم من خلال هذا المقال عبر موقع الماقه، بتقديم موضوع تعبير عن العلم نور، وهذا لكي يدرك الجميع المعنى الحقيقي للعلم، وكيف سيكون حالنا إذا تزينا به، وكيف سنكون لو تخلينا عنه.
تعبير عن العلم نور
إن العلم هو السراج المنير الذي يهتدي الإنسان به في درب الحياة، فالإنسان بلا علم يكون بلا وعي، ومن يعيش بلا وعي يقضي عمره كريشة في مهب الريح، يسيرها ويحركها حيثما شاء من دون أن تدري لماذا تتحرك وإلى أين تتجه، إن الإنسان هو أكبر وأرقى مظهر للعلم، فإذا غاب دور الإنسان في العلم، لم يعد للعلم معنى أو وجود.
عناصر الموضوع
- مقدمة موضوع تعبير عن العلم نور
- ما هو العلم؟
- مصطلح العلم في اللغة
- العلم وقيام الحضارات
- الحضارة الفرعونية
- الحضارة الفينيقية
- الحضارة البابلية
- الحضارة الآشورية
- ضرورة العلم
- العلم في الإسلام
- علماء الإسلام
- الجهل وانهيار الأمم
- حدود العلم
- أبيات شعرية عن العلم
- آيات قرآنية عن العلم
- خاتمة موضوع تعبير عن العلم نور
مقدمة موضوع تعبير عن العلم نور
لا يوجد منا من يستطيع تفنيد أهمية العلم، ولا توجد دولة في هذا العالم لا تسعى من أجل تطوير العلم ورفعته، وكل دولة حتى وإن كانت الدولة نامية، فهي تسعى بقدر ما تستطيع من أجل السير نحو التنمية والتطور العلمي، ولا ترتقي البلاد إلى برقي أهلها ومدى رغبتهم واستعدادهم لتلقي العلم، ولكن مع العمل به، فلا فائدة للعلم إذا لم يتبعه عمل يدل على أنه تم عن علم وليس عن جهل.
إن الأهم من العلم هو الشغف والرغبة في تحصيل العلم، فلا أحد منا يحب أن يقوم بالشيء مكرهًا أو مجبرًا عليه، فالعلم إذا أردناه أن يكون نورًا لنا بحق، فمن الضروري أن نسعى نحن إليه لندركه ونحصله أينما كان، فالعلم يريد من يسعى إليه لأنه لا يحتاج لأن يسعى إلى أحد.
ما هو العلم؟
إن المعنى الدارج للعلم هو الإحاطة خبرًا بشيء ما، بمعنى معرفة المعلومات السطحية أو المتعمقة بشأن أمر ما، كما أن العلم هو أيضًا الأسلوب المنهجي الذي يعمل على بناء وتنظيم المعرفة على هيئة تفاسير مختلفة وتوقعات قابلة للمناقشة والاختبار، وهذا يشمل جميع المجالات العلمية والأدبية، فالعلم هو معرفة وإدراك الشيء على حقيقته.
مصطلح العلم في اللغة
إن لفظة العلم في اللغة هي مصدر الفعل عَلِمَ وجمعها كلمة علوم، ويشتق من هذه الكلمة لفظة الفاعل عالم، وجمعها علماء وعالمون، هذا بالنسبة إلى اللغة العربية، أما العلم في اللغة الإنجليزية فيعني دراسة العالم المادي والطبيعي.
العلم وقيام الحضارات
إن الحضارات التي قامت على الأرض منذ قديم الأزل، لم تنهض بجهد السواعد فحسب، وإنما نهضت وقامت بالعلم وإعمال العقل، وما غربت شمسها وأفل نجمها إلا لتفشي وباء الجهل في جسدها، فالحضارات التي قامت على الأرض قديمًا من أقصاها لأدناها قامت بالعلم وانهارت بزواله.
إن الدول والحضارات القديمة التي قامت وخصوصًا في مصر والشرق الأدنى والشرق الأقصى القديم، تعد هي الحضارات الأشهر والأنجح على الإطلاق، كما أنها عمرت لقرون طويلة فاقتطعت من عمر الزمان مئات من السنوات وقد عمرت منها بعض الحضارات لألف عام أو أكثر.
الحضارة الفرعونية
على سبيل المثال نشأت الحضارة الفرعونية منذ آلاف السنوات ولقد كانت ولم تزل منارًا للعالم بأسره، فهؤلاء الفراعين يستحقون وعن جدارة أن يكتب عنهم سلسلة من المجلدات الهائلة وليس فقط موضوع تعبير عن العلم نور، فتلك الحضارة العظيمة هي التي أشع نورها وعلومها واكتشافاتها إلى شتى أنحاء الدنيا.
لقد كان الفراعنة هم أول من ابتكروا صناعة البرديات، أو أوراق البردي من نبات البردي ليستخدموه كقراطيس للكتابة، وهم أول من أبهروا العالم أجمع بفن النحت الدقيق الذي لا يزال قائمًا حتى الساعة، في شتى أنحاء مصر من معابد وتماثيل وقصور، كما أنهم أول من اعتمدوا الطب البديل وبرعوا فيه إلى أقصى درجة.
كما أن الفراعنة اهتموا بعلم الفلك، بمراقبتهم حركة النجوم والأجرام السماوية، وبناءً على ذلك قاموا بوضع التقويم السنوي، ولقد ابتكروا أيضًا الكتابة الهيروغليفية التي كانت السبب في نقل العلم إلى الناس، وأضافوا إلى الحساب والهندسة والجغرافيا والطب والدين، والكشف عن وجود المعادن واستخراجها وإعادة تشكيلها.
الحضارة الفينيقية
إن الحضارة الفينيقية تنسب لشعوب البحر الأبيض المتوسط، والذين كانوا يقطنون الأماكن الساحلية في الجهة الشرقية للبحر الأبيض المتوسط وكان يلقبون باسم الرجال الحمر، ولقد سعت هذه الشعوب إلى الاستقرار وتأسيس حضارة خاصة بهم، فعمدوا إلى البناء والإنشاء والتعمير، واهتموا كثيرًا بالعلم ورفعوا من شأن العلماء.
اهتم الفينيقيون كثيرًا بعلم الهندسة في شتى المجالات وأسسوا لها المدارس الخاصة بتعليمها، ولهذا نجحوا في صناعة السفن البحرية بكافة أحجامها وأنواعها، سواءً كانت سفنًا للصيد أم للحرب، كما أنهم برعوا في العلوم الدينية والجغرافيا والطب، ولقد سعى الفينيقيون إلى نهل العلم من الحضارة المصرية الفرعونية.
لقد أدى اهتمام الفينيقيون بالعلم إلى اكتشافهم للحروف العربية، ولقد ساهموا كثيرًا في نشرها إلى شتى أنحاء العالم، ولقد برعوا في علوم التجارة والصناعة بشتى أنواعها، فقاموا بتعليم الناس طرق وكيفيات صناعة الحديد، وللحضارة الفينيقية باعٌ طويل مع العلم منذ نشأتها وحتى سقوطها.
الحضارة البابلية
إن حضارة بابل هي من الحضارات القديمة التي قامت فيما بين النهرين، ولهذه الحضارة الفضل الأكبر في وضع علم القوانين الثابتة والمتغيرة للدولة، وإذا ذكر اسم الحضارة البابلية، طرق الأذهان اسم الملك حمورابي، وهذا للقوانين والتشريعات التي وضعها ذلك الإمبراطور العظيم.
الحضارة البابلية تعد من أفضل النماذج والأمثلة، على الدول والحضارات التي اهتمت بالعلم وقدست مكانة العلماء، فلقد اهتم البابليون بعلم الطب والفلك والقانون، وعلوم الفلسفة والتأريخ والكتابة، ولقد كانت مكتبة الدولة الآشورية تزخر بأمهات الكتب في شتى أنواع وفروع العلوم والفنون.
لقد أدرك البابليون مدى أهمية اللغة، فإذا أرادوا تحصيل العلم وطلبه والحفاظ عليه وتطويره أو العمل به، عليهم بتوجيه عناية خاصة لعلوم اللغة والقراءة والكتابة، ويعد هذا دليلًا على بعد نظرهم، فلولا اهتمامهم الحقيقي بالعلم لما وصلت إلينا ابتكاراتهم وإضافاتهم للعلوم المختلفة كالطب والهندسة.
إن البابليون هم من قاموا باكتشاف الأعداد والنظام الستيني، الذي سهل كثيرًا من عمليات الحساب وخصوصًا القسمة، واستمرت إنجازاتهم في علم الرياضيات فكانوا أول من استخدم الجدول الرياضي، ليجيدوا به شتى العمليات الحسابية، كما اهتموا بعلم الفلك وأسسوا علم الأبراج، كما استطاعوا تحديد مواقيت الفصول، والمواعيد الشمسية والقمرية التي يحتمل فيها حدوث تقلبات جوية.
الحضارة الآشورية
لقد قامت الدولة أو الحضارة الآشورية في شمال بلاد العراق، ولقد اتسعت رقعتها كثيرًا حتى شملت المنطقة الممتدة ما بين جنوب العراق، وحتى ساحل البحر الأبيض المتوسط، وخير دليل على اهتمام هذه الحضارة وشعبها وملوكها بالعلم وإدراكهم لأهميته ومكانته، أن أول عمل قام به الملك الكبير آشوربنيبال هو إقامة مكتبة عظيمة تزخر بآلاف الكتب في شتى أنواع العلوم.
لقد عمرت الحضارة الآشورية لأكثر من ألف وأربعمائة عام، وطوال تلك الفترة استمر اهتمامهم بالعلم، وبالرغم من أنهم لم يشهدوا بالطبع الحقبة التي اشرقت فيها شمس الدين الإسلامي، الذي أوصى بالعلم ورفع شأنه ومكانته، وكانوا وثنيون من الدرجة الأولى إلا أنهم برعوا في الكثير من العلوم.
كان الآشوريون أساتذة من الطراز الرفيع في علم الهندسة، ونعني بالهندسة كل فروعها من معمارية إلى فنية وغيرها، وهذا ما نراه واضحًا في الآثار التي خلفوها ورائهم، مثل قصر خورس آباد الذي بناه الملك سرجون الثاني، كما كان الآشوريون هم أول من ابتكروا الكتابة المسمارية.
وجه الآشوريون اهتمامًا كبيرًا بعلم الرياضيات، فقد عرفوا الجذر التربيعي والجذر والمربعات والكسور، بالإضافة إلى معرفته القوية بعلم الفلك، فلقد وضعوا تقويمًا خاصًا بهم، وقسموا العام إلى شهور، والشهور إلى أيام، والأيام إلى ساعات، كما اهتموا بالطب كثيرًا لمعرفة تكوين الجسم البشري وآلية عمله.
ضرورة العلم
إن العلم جزء لا يتجزأ من حياتنا كبشر، فلولا العلم لم تقم للبشرية قيامة، فالعلم ينير طريق صاحبه وجنبه أكبر قدر من الأخطاء، وللعلم ضرورة لا غنى عنها في حياة الإنسان بصفة عامة، والعلم ضروري وهام لأنه:
- يقوي الصلة بالله سبحانه وتعالى ويعمق الإيمان به، وهذا من خلال تعريف طالب العلم بصفات الله ومدى عظمته جل شأنه.
- يطور من المجتمع ويجعله في ازدهار وتقدم على طول المدى، لأنه يشمل شتى مناحي حياة الإنسان في مختلف المجالات.
- يحد من انتشار الفقر والبطالة بين صفوف الشباب، فالبلاد لا تقوى ولا تغتني إلا بوجود مواطنون متعلمون لينهضوا بها.
- يجعل طريقة التفكير والتخطيط والتصرف أكثر إيجابية من ذي قبل.
- يعطي طالبه مكانة ومنزلة وشأنًا رفيعًا، لأنه يجبر الناس بطريقة غير مباشرة على توقيره واحترامه، والنظر إليه على أنه شخص مسئول.
- سلاح قوي يتم إشهاره في وجه الجهل والجهلاء، وهو النور الذي يبدد الظلام الكامن في العقول والقلوب.
- يحارب العادات والتقاليد الخاطئة والرجعية، والتي يكون في كثير منها مظهرًا من مظاهر الشرك بالله، كالذهاب إلى العرافين والدجالين لحل المشكلات.
- يرفع من مستوى الحياة ويزيد من رقيها.
- يضمن حياة كريمة لطالبه ومحصله.
- يمكن الإنسان من تفسير الأمور والظواهر والأحداث التي تدور من حوله، من خلال نظره إليها بعين المنطق والفهم والتدقيق والتحلي، وليس بالنظر إليها بشكل سطحي ساذج لا يمت للواقع أو للصحة بأي صلة.
- التعرف أكثر بماهية الإنسان وسنة الحياة وفطرتها التي خلق عليها، لأن هذا يساعد الإنسان في إدراك الهدف الذي خلق من أجله، ويعد هذا أهم ما يكمن في كتابة أي موضوع تعبير عن العلم نور.
العلم في الإسلام
إن الإسلام عندما حل على هذه الأرض، لم يحل إلا بالخير، فكان وروده إلينا يمنًا وبركة، فالدين الإسلامي بعلمه ونوره بدد ظلام الجاهلية، وألان قلب الجاهلين الذين امتلأت صدورهم بالغل والغلظة، فإذا خططنا سطرًا واحدًا في موضوع تعبير عن العلم نور، لكان الإسلام هو نور العلم الحقيقي.
لقد أوصى النبي صلى الله عليه وسلم بالأخذ بالعلم سلاحًا وسراجًا في الحياة، ولقد أوضح مكانته ومنزلة طالبه في مواضع عدة من أحاديثه الشريفة، ومن بين تلك الأحاديث الصحيحة:
“من سلَكَ طريقًا يبتغي فيهِ علمًا سلَكَ اللَّهُ بِهِ طريقًا إلى الجنَّةِ وإنَّ الملائِكةَ لتضعُ أجنحتَها رضاءً لطالبِ العلمِ وإنَّ العالمَ ليستغفرُ لَهُ من في السَّمواتِ ومن في الأرضِ حتَّى الحيتانُ في الماءِ وفضلُ العالمِ على العابدِ كفضلِ القمرِ على سائرِ الكواكبِ إنَّ العلماءَ ورثةُ الأنبياءِ إنَّ الأنبياءَ لم يورِّثوا دينارًا ولا درْهمًا إنَّما ورَّثوا العلمَ فمَن أخذَ بِهِ فقد أخذَ بحظٍّ وافرٍ“
رواه أبو الدرداء، وحدثه الألباني، المصدر: صحيح الترمذي.
إن العالم يفوق الجاهل بدرجات عند الله، وهذا في دينه ودنياه وفي دنيته وآخرته، وهذا ما أقر به الرسول الكريم.
“إِذَا مَاتَ الإنْسَانُ انْقَطَعَ عنْه عَمَلُهُ إِلَّا مِن ثَلَاثَةٍ: إِلَّا مِن صَدَقَةٍ جَارِيَةٍ، أَوْ عِلْمٍ يُنْتَفَعُ بِهِ، أَوْ وَلَدٍ صَالِحٍ يَدْعُو له“
رواه أبو هريرة، وحدثه مسلم، المصدر: صحيح مسلم.
إن الإنسان بدون علم لا يعد إنسانًا، فعند غياب العلم فإن غيابه يعني تلاشي النور وسيادة الظلام، وإذا غاب العل فسد الإنسان وأفسد من حوله وما حوله.
“إنَّ اللَّهَ لا يَقْبِضُ العِلْمَ انْتِزَاعًا يَنْتَزِعُهُ مِنَ العِبَادِ، ولَكِنْ يَقْبِضُ العِلْمَ بقَبْضِ العُلَمَاءِ، حتَّى إذَا لَمْ يُبْقِ عَالِمًا اتَّخَذَ النَّاسُ رُؤُوسًا جُهَّالًا، فَسُئِلُوا فأفْتَوْا بغيرِ عِلْمٍ، فَضَلُّوا وأَضَلُّوا“
رواه عبد الله بن عمرو، وحدثه البخاري، المصدر: صحيح البخاري.
علماء الإسلام
هناك الكثير من العلماء المسلمين الذين لمع نجمهم خلال العصر الإسلامي، منذ نشأته وحتى هذه الساعة، ولقد أفادوا العالم ولايزالون يقدمون الإفادة إلى شتى المجالات العلمية، ومن الأمثلة البارزة لهؤلاء العلماء:
- العالم بن البيطار ولقد برع في علوم الفلسفة والطب، وعلم زراعة النباتات والصيدلة.
- العالم ابن باجة الذي أضاف كثيرًا، لعلوم الطب والفلك والرياضيات بفروعها، وللموسيقى كذلك.
- العالم الإدريسي ولقد كان رائدًا في علوم الفلك والطب وزراعة النباتات.
- العالم الحسن بن الهيثم، ولقد كان علمًا من علماء الهندسة والجبر والرياضيات والفلسفة.
- العالم بن رشد، ولقد برع في علمي الطب والفلسفة.
- العالم بن رشد ولقد كان رائدًا من رواد الطب والفلسفة في عصره.
- عالم الجغرافيا والرحال ابن بطوطة، الذي يعد أشهر العلماء المسلمين قاطبة في علم الجغرافيا.
- العالم الكسائي والذي يعد رمزًا لامعًا لعلماء اللغة العربية، فهو مؤسس المرسة الكوفية في النحو.
- ابن سينا والذي يعد اسمه مفتاحًا ذهبيًا لعلم الطب.
- العالم بن إسحاق الكندي، الذي نبغ في شتى العلوم الرياضية.
- العالم جابر بن حيان والذي يعد علمًا من أعلام علم الكيمياء.
- العالم أبو بكر الرازي رائدًا من رواد الطب، وهو أول من اكتشف الخيوط الجراحية وصناعة المراهم الطبية.
- أبو موسى الخوارزمي الذي يعتبر أبرز علماء الرياضيات على الإطلاق.
الجهل وانهيار الأمم
إذا بحثنا في كتب التاريخ عن أعظم الأمم التي ارتفعت واستقامت، ثم تدنت وانهارت، كل منها ارتفع وقام بالعلم، وانحط وانهار بزواله وتجاهله، إن العلم صعب نشره، لأن الجهل كالمرض القاتل، أو يمكن تشبهه بالوباء الفتاك الذي ينتشر انتشار النار في الهشيم، وكلما كانت الظلمة قوية كلما كانت محاولة نور العلم في تبديده أكثر استماتة.
إن الحضارات والدول التي تشهد لها صفحات التاريخ بالعظمة والقوة والسلطان، نرى أن السبب في زوالها يرجع في انتشار الجهل وغياب العلم، مما ترتب عليه انتشار الفقر والجريمة، وخروج الأمور الإدارية للدولة عن زمام السيطرة، فالجهل لم يشمل الفقراء والبسطاء فقط في تلك الآونة، فالجهل لا يميز بين الناس فهو امتد في تلك الظروف حتى طمس عقول الحكام والملوك، فكيف حال البلاد والعباد إذا كان حاكمها قابع في غياهب الظلمات؟
لقد سقطت دول عظام وأفل نجمها وغابت شمسها بلا رجعة، بسبب إفساح البشر أنفسهم المجال للجهل لكي يتفشى بينهم، ويجعل كلًا منهم كالمغيب الذي يستشيط غضبًا إذا ما خاطب الحمار فلم يجبه، فهو لم يعد واعيًا مدركًا أن ليست كل أمور الدنيا تسير من نفسها بل نحن من يسيرها، وكيف للإنسان أن يقود حياته وبلاده من دون أي علم.
لقد سقطت الكثير والكثير من الممالك والإمبراطوريات العريقة بسبب انتشار الجهل، وغياب شمس ونور العلم عنها، ومن أمثلة تلك الحضارات الحضارة الرومانية القديمة والحضارة السومرية، وحضارة بلاد الرافدين وحضارات بلاد ما وراء النهر، وحضارة الفرس والحضارة اليونانية، كل تلك الحضارات كان الخالق لعوامل سقوطها هو الجهل.
حدود العلم
ما العلم إلا إبداع ورغبة مستمرة في الاكتشاف والتطوير، ولا ينبغي للإنسان أن يضع حدًا لطموحاته العلمية، فعليه كل يوم أن يسعى لينال من يومه هذا قدر ما يستطيع من العلم، وأن يخطط كيف سينهل من العلم في الغد وبعده على طول الحياة، ومن الجيد ان يدرك الإنسان قيمة العلم ويحس بأنه بلا قيمة بدونه.
في إطار سرد موضوع تعبير عن العلم نور، يجب أن نوضح شيئًا هامًا، وهو السقف الموضوع أو الحدود التي يجب ترسيمها للعلم من قبل طالبه، وهذا بأن يستشعر الخطورة لاتي قد يتعرض إليها عند تعمقه في علم أو بحث أو دراسة ما، فتوجد بعض العلوم القاتلة بلا شك.
إن بعض الناس يتعمقون في العلم بشكل غير منظم، والعلم أولًا يستلزم له قوة إيمانًا لا تشوبها شائبة، ويجب على الإنسان أن يتعمق في الدين والعلم معًا، وهذا لأن دين بلا علم يؤدي إلى التطرف، وعلم بلا دين يؤدي إلى الإلحاد، ولقد حدثت وتكررت تلك الظاهرة أكثر من مرة، مثلما حدث مع الراحل دكتور مصطفى محمود.
لقد غالى الدكتور مصطفى محمود في التعمق بعلم الفلسفة وعلوم الإنسان الفكرية، مما تسبب في انقياده إلى الأفكار الغير سوية أو الإلحادية، التي تفند وجود الله سبحانه وتعالى، ولكن علمه في النهاية غلب الجهل وضعف الإيمان الذي طرأ عليه، وجعله يرجع إلى رشده مرة أخرى، فكان العلم هو السبب في ضلالته، وكان هو السبب في هدايته.
أبيات شعرية عن العلم
إن الشعراء في مختلف العصور لم يكتفوا بالغناء للحب والشوق والسهد وغيرها من معاني العشق والاشتياق، وإنما تخطت موهبتهم وإبداهم تلك الحدود، فتغنوا بالعلم وللعلم، موضحين رفعة مكانة العالم وقدر العلم في الدنيا، ومن الأمثلة على أبيات الشعر التي امتدحت العلم:
قال أمير الشعراء الراحل أحمد شوقي:
“قُم لِلمُعَلِّمِ وَفِّهِ التَبجيلا كادَ المُعَلِّمُ أَن يَكونَ رَسولا
أَعَلِمتَ أَشرَفَ أَو أَجَلَّ مِنَ الَّذي يَبني وَيُنشِئُ أَنفُساً وَعُقولا
سُبحانَكَ اللَهُمَّ خَيرَ مُعَلِّمٍ عَلَّمتَ بِالقَلَمِ القُرونَ الأولى
أَخرَجتَ هَذا العَقلَ مِن ظُلُماتِهِ وَهَدَيتَهُ النورَ المُبينَ سَبيلا“
إن المقارنة بين العلم والجهل طويلة، لا يسع للإنسان أن يبلغ ببصره مداها، ولا يمكن غض الطرف عن التغيير الجذري الذي يفتعله العلم في حياة الإنسان، وهذا ما أكد عليه وأيده الكثير من الشعراء.
قال الشاعر حمد بن خليفة أبو شهاب:
“فلله در العلم كيف ارتقت به عقول أناس كُنَّ بالأمس بلّها
غذّاها نمير العلم من فيض نوره جَلَت عن محياها المتوج بالبها“
إن العلم هو الركيزة الأساسية لقيام الدولة، فإذا كان العماد ضعيفًا، كان البنيان أيلَا للسقوط، فلا نهضة حدثت في أي بقعة من بقاع الأرض إلا وكان العلم هو السبب فيها.
قال الشاعر الراحل خليل مطران:
“بالعلم يدرك أقصى المجد من أمم ولا رُقيٌّ بغير العلم للأمم
يا من دعاهم فلبته عوارفهم لجودكم منه شكر الروض للديم
يحظى أولو البذل إن تحسن مقاصدهم بالباقيات من الآلاء والنعم“
إن العلم نور لكل ظلمة، وهو انكشاف لكل غمة، وهو مؤدب لمن تحتاج نفسه وفكره على التهذيب، وهو يقوي من أواصر الإيمان بيننا وبين الله.
لقد قال الإمام علي بن أبي طالب رضي الله عنه:
“العلم زين فكن للعلم مكتسباً وَكُنْ لَهُ طالبا ما عشْتَ مُقْتَبِسا
اركن إليه وثق بالله واغنَ به وكن حليماً رزين العقل محترسا
وَكُنْ فَتًى ماسكا مَحْضَ التُّقى ورعاً للدِّيْنِ مُغْتَنِما لِلْعِلْمِ مُفْتَرسا
فمن تخلقَ بالآداب ظلَّ بها رَئِيْسَ قَوْمٍ إِذَا ما فارق الرؤسا”
آيات قرآنية عن العلم
إن أفضل ما يمكننا الاستشهاد به في كتابة موضوع تعبير عن العلم نور، هو الاستشهاد بآيات من كتاب الله سبحانه وتعالى، ومن أمثلة السور والآيات التي ورد فيها ذكر ضرورة العلم:
العلم في سورة العلق
إن خير دليل على أن الله سبحانه وتعالى دعا إلى العلم وحث عليه، هو أن أول آية أنزلت على رسوله صلى الله عليه وسلم، من القرآن الكريم كانت تأمره بالقراءة لكي يعرف ويعلم ويتعلم ثم يعلم، فلا يليق بمسلم أن يكون أميًا.
(اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ خلق الإِنسَانَ مِنْ عَلَقٍ اقْرَأْ وَرَبُّكَ الأَكْرَمُ الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ عَلَّمَ الإِنسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ) [سورة العلق، الآيات 1-5]
العلم في سورة فاطر
لقد أكد الله سبحانه وتعالى في آيات من سورة فاطر، على مدى أهمية العلم ومنزلة العلماء، والصفات التي يجب أن يتحلوا بها وهي خشيته سبحانه وتعالى.
(أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ أَنزَلَ مِنَ السَّمَاء مَاء فَأَخْرَجْنَا بِهِ ثَمَرَاتٍ مُّخْتَلِفًا أَلْوَانُهَا وَمِنَ الْجِبَالِ جُدَدٌ بِيضٌ وَحُمْرٌ مُّخْتَلِفٌ أَلْوَانُهَا وَغَرَابِيبُ سُودٌ وَمِنَ النَّاسِ وَالدَّوَابِّ وَالأَنْعَامِ مُخْتَلِفٌ أَلْوَانُهُ كَذَلِكَ إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاء إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ غَفُورٌ) [سورة فاطر، الآيات 27-28]
العلم في سورة الزمر
شتان بين العالم والجاهل، فإن الله كتب على نفسه العدل كما كتب على نفسه الرحمة، ولا ينبغي للعادل الحق سبحانه وتعالى أن يساوي في المنزلة ما بين شخصين، أحدهما طلب العلم وسعى إليه جاهدًا، وآخر لم يمشِ له خطوة واحدة.
(أَمَّنْ هُوَ قَانِتٌ آنَاءَ اللَّيْلِ سَاجِدًا وَقَائِمًا يَحْذَرُ الْآخِرَةَ وَيَرْجُو رَحْمَةَ رَبِّهِ ۗ قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ ۗ إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُولُو الْأَلْبَابِ) [سورة الزمر، الآية رقم 9]
العلم في سورة لقمان
إن لفظة تعبير عن العلم نور لا تكفي وحدها، للتعبير عن مدى أهمية العلم كما عبرت عنه آيات من سورة لقمان، وفيها تأكيد واضح على مدى امتلاك الإنسان للعلم لكي يستطيع التحدث أو التكلم على حق وليس على باطل، فالعلم هو الدليل على كل شيء.
(أَلَمْ تَرَوْا أَنَّ اللَّهَ سَخَّرَ لَكُم مَّا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَأَسْبَغَ عَلَيْكُمْ نِعَمَهُ ظَاهِرَةً وَبَاطِنَةً ۗ وَمِنَ النَّاسِ مَن يُجَادِلُ فِي اللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَلَا هُدًى وَلَا كِتَابٍ مُّنِيرٍ)
[سورة لقمان، الآية رقم 20]
العلم في سورة طه
إن سورة طه هي من أعظم سور القرآن الكريم، وفيها دعوى للاستزادة من العلم، ودعوة لزيادة الله للإنسان بالعلم.
(فَتَعَالَى اللَّهُ الْمَلِكُ الْحَقُّ وَلَا تَعْجَلْ بِالْقُرْآنِ مِنْ قَبْلِ أَنْ يُقْضَى إِلَيْكَ وَحْيُهُ وَقُلْ رَبِّ زِدْنِي عِلْمًا) [سورة طه، الآية رقم 114]
العلم في سورة العنكبوت
إنما يخشى الله من عباده العلماء، ذلك قول الله تعالى، وتلك حقيقة مصدقة لا شية فيها، فالعالم نجده أكثر تقوى وورع وخوف من الله، فهو بالعلم ازداد إيمانه بالله وتصديقه لآياته وكتبه ورسله.
(بَلْ هُوَ آيَاتٌ بَيِّنَاتٌ فِي صُدُورِ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ وَمَا يَجْحَدُ بِآيَاتِنَا إِلَّا الظَّالِمُونَ) [سورة العنكبوت، الآية 49]
العلم في سورة المجادلة
إن الله يرفع طالب العلم إلى أسمى الدرجات وأعلاها، وصاحب العلم أكبر من الجاهل وإن كان الجاهل أتقى وأغنى منه في المال والولد.
(يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ) [سورة المجادلة، الآية رقم 11]