اسلاميات

هل العقد الجديد بعد انقضاء العدة يلغي ما سبق من الطلاق

هل العقد الجديد بعد انقضاء العدة يلغي ما سبق من الطلاق؟ وهل شروط الزواج للمرة الثانية تكون ذاتها؟ تلك الأسئلة كثيرًا ما تترد بين الأزواج الذين وقع بينهم الطلاق وقد انتهت شهور العدة للمرأة، لذا سنجيب لكم من خلال موقع الماقه عن سؤال هل العقد الجديد بعد انقضاء العدة يلغي ما سبق من الطلاق، كما سنوضح كذلك كيف يتم رجوع الزوجين مرة أخرى بالرغم من انتهاء العدة.

هل العقد الجديد بعد انقضاء العدة يلغي ما سبق من الطلاق؟

إن الإجابة عن سؤال هل العقد الجديد بعد انقضاء العدة يلغي ما سبق من الطلاق هي لا بلا شك، وذلك لأن المرأة المطلقة إذا ما انتهت من عدتها التي تقدر بثلاثة أشهر وعشرة وكانت تلك هي الطلقة الأولى أو الثانية، وهنا يمكن للرجل أن يقوم برد امرأته مرة أخرى ويعقد عليها مرة أخرى بعقد شرعي، أما في حال كانت هذه هي الطلقة الثلاثة والأخيرة فهنا سوف يحتاج الرجل إلى المحلل إذا كان يريد هو والمرأة أن يرجعا مرة أخرى.

إن أهم ما نستند إليه في الإجابة عن سؤال هل العقد الجديد بعد انقضاء العدة يلغي ما سبق الطلاق هو قول العزيز الحكيم في سورة البقرة:

(الطَّلاقُ مَرَّتَانِ فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ وَلاَ يَحِلُّ لَكُمْ أَن تَأْخُذُواْ مِمَّا آتَيْتُمُوهُنَّ شَيْئًا إِلاَّ أَن يَخَافَا أَلاَّ يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلاَّ يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ فَلاَ جُنَاحَ عَلَيْهِمَا فِيمَا افْتَدَتْ بِهِ تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ فَلاَ تَعْتَدُوهَا وَمَن يَتَعَدَّ حُدُودَ اللَّهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ فَإِن طَلَّقَهَا فَلاَ تَحِلُّ لَهُ مِن بَعْدُ حَتَّىَ تَنكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ فَإِن طَلَّقَهَا فَلاَ جُنَاحَ عَلَيْهِمَا أَن يَتَرَاجَعَا إِن ظَنَّا أَن يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ وَتِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ يُبَيِّنُهَا لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ) [البقرة: 229].

شروط العقد الجديد بعد الطلاق وانتهاء العدة

سبق وذكرنا الإجابة عن سؤال هل العقد الجديد بعد انقضاء العدة يلغي ما سبق من الطلاق، ولن تصبح هذه الإجابة مكتملة إلا بتوضيح بعض الأمور الخاصة بعقد الزواج العديد، فعندما يطلق الرجل زوجته للمرة الأولى أو الثانية وتنتهي فترة عدتها، فإن الرجل يحتاج هنا إلى عقد الزواج بعقد شرعي من جديد لأن العدة قد انتهت بالفعل ولا يجوز له أن يردها مشافهة، ويجب أن يستوفي العقد الجديد الشروط الآتية:

  • أن يكون الرجل ذا أهلية أي أن يكون عاقلًا بالغًا، وهنا يبطل رجوع الزوجة إليه في حال كان سكّيرًا أو مجنونًا أو مرتدًا عن الدين فكل هؤلاء لا يمتلكون الأهلية.
  • أن يكون قد حدث دخولًا فعليًا من الرجل بالزوجة لأن الطلاق إذا كان قد وقع قبل الدخول بالزوجة فهنا لا تجوز الرجعة؛ لأنها بذلك لم تحصل على عدة أصلًا، وهذا وفقًا لما أورده سبحانه وتعالى في سورة الأحزاب: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نَكَحْتُمُ الْمُؤْمِنَاتِ ثُمَّ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِن قَبْلِ أَن تَمَسُّوهُنَّ فَمَا لَكُمْ عَلَيْهِنَّ مِنْ عِدَّةٍ تَعْتَدُّونَهَا فَمَتِّعُوهُنَّ وَسَرِّحُوهُنَّ سَرَاحًا جَمِيلً) [الأحزاب: 49].
  • أن تكون الرجعة مشرعة بالفعل.
  • أن تكون الرجعة بصيغة أو بشكل مباشر ولا يجوز أن تكون مشروطة بفعل شيء معين أو أن تكون محددة بشهر أو يوم.

أنواع الطلاق من حيث حكم الإرجاع

لقد ورد ذكر الطلاق في القرآن الكريم في أكثر من موضع ومن المعروف أنه أبغض الحلال عند الله تعالى لأنه يستوجب الفرقة بين المتزوجين، والطلاق ينقسم إلى أنواع من حيث شرعية الرجوع بين الزوجين وهو ينقسم إلى:

1- الطلاق الرجعي

إن الطلاق الرجعي هو الطلاق الذي يجيز للرجل أن يرد زوجته إلى عصمته مرة أخرى طالما لا تزال في فترة العدة، وهذا بعد الطلقة الأولى أو الطلقة الثانية فقط دون الحاجة إلى عقد جديد.

2- الطلاق البائن

إن الطلاق البائن هو الذي يرفع قيود النكاح على الفور وهو ما يترتب عليه جميع آثار الطلاق في الحال، وهو ينقسم بدوره إلى نوعين وهما:

طلاق بائن بينونة صغرى

إن هذا الطلاق هو الذي يقع بعد أن تنتهي فترة العدة عقب الطلقة الأولى أو الطلقة الثانية، وهنا يكون الرجوع بعد الطلاق البيِّن بينونة صغرى بعقد جديد.

طلاق بائن بينونة كبرى

إن هذا الطلاق هو ما يقع بعد الطقة الثالثة ولا يجوز للزوج هنا أن يراجع زوجته إلا بعض انقضاء فترة العدة، ويجب أن يتم زواجها برجل غيره أولًا ثم تنفصل عنه إما بموته أو بطلاقها منه ثم تنتهي عدتها، وعندها يمكن لها أن ترجع إلى زوجها الأول بعقد جديد، وذلك لقوله تعالى:

(فَإِن طَلَّقَهَا فَلَا تَحِلُّ لَهُ مِن بَعْدُ حَتَّىٰ تَنكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ فَإِن طَلَّقَهَا فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا أَن يَتَرَاجَعَا إِن ظَنَّا أَن يُقِيمَا حُدُودَ اللَّـهِ وَتِلْكَ حُدُودُ اللَّـهِ يُبَيِّنُهَا لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ) [البقرة: 230].

ما هو المحلل الشرعي؟

إن معرفة ماذا يكون المحلل الشرعي جزء لا يتجزأ من إجابة سؤال هل العقد الجديد بعد انقضاء العدة يلغي ما سبق من الطلاق، وذلك لأن المحلل الشرعي هو الذي يتم اللجوء إليه إذا ما أراد الرجل المَطلِق رد طليقته بعد انقضاء أشهر العدة عقب الطلقة الثالثة والأخيرة، وهو الذي يشار إليه في قوله تعالى (فَلاَ تَحِلُّ لَهُ مِن بَعْدُ حَتَّىَ تَنكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ).

إن ذلك يعني أن السيدة المطلقة إذا ما أرادت أن ترجع إلى زوجها السابق بعد انتهاء فترة العدة عليها أولًا أن تتزوج برجل آخر زواجًا شرعيًا، ثم يطلقها لتقضي العدة وبمجرد انتهائها يمكنها أن تتزوج من زوجها الأول مرة أخرى من جديد، وفي حال لم تتزوج المرأة بغير زوجها الأول لا يحل لها أو له أن يرجعا مرة أخرى.

أما الكلام عن المحلل الشرعي من هذه الجهة فهو كما روى عكرمة مولى بن عباس رضي الله عنهما عن السيدة عائشة رضي الله عنها:

“أنَّ رِفَاعَةَ طَلَّقَ امْرَأَتَهُ، فَتَزَوَّجَهَا عبدُ الرَّحْمَنِ بنُ الزَّبِيرِ القُرَظِيُّ، قالَتْ عَائِشَةُ: وعَلَيْهَا خِمَارٌ أخْضَرُ، فَشَكَتْ إلَيْهَا وأَرَتْهَا خُضْرَةً بجِلْدِهَا، فَلَمَّا جَاءَ رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ -والنِّسَاءُ يَنْصُرُ بَعْضُهُنَّ بَعْضًا- قالَتْ عَائِشَةُ: ما رَأَيْتُ مِثْلَ ما يَلْقَى المُؤْمِنَاتُ! لَجِلْدُهَا أشَدُّ خُضْرَةً مِن ثَوْبِهَا. قالَ: وسَمِعَ أنَّهَا قدْ أتَتْ رَسولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، فَجَاءَ ومعهُ ابْنَانِ له مِن غيرِهَا، قالَتْ: واللَّهِ ما لي إلَيْهِ مِن ذَنْبٍ، إلَّا أنَّ ما معهُ ليسَ بأَغْنَى عَنِّي مِن هذِه، وأَخَذَتْ هُدْبَةً مِن ثَوْبِهَا، فَقالَ: كَذَبَتْ واللَّهِ يا رَسولَ اللَّهِ، إنِّي لَأَنْفُضُهَا نَفْضَ الأدِيمِ، ولَكِنَّهَا نَاشِزٌ، تُرِيدُ رِفَاعَةَ، فَقالَ رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: فإنْ كانَ ذَلِكِ لَمْ تَحِلِّي له -أوْ: لَمْ تَصْلُحِي له- حتَّى يَذُوقَ مِن عُسَيْلَتِكِ، قالَ: وأَبْصَرَ معهُ ابْنَيْنِ له، فَقالَ: بَنُوكَ هَؤُلَاءِ؟ قالَ: نَعَمْ، قالَ: هذا الذي تَزْعُمِينَ ما تَزْعُمِينَ؟! فَوَاللَّهِ لهمْ أشْبَهُ به مِنَ الغُرَابِ بالغُرَابِ.“

رواه عكرمة مولى بن عباس، وحدثه البخاري، المصدر: صحيح البخاري، حكم الحديث: صحيح قوي الإسناد.

شروط المحلل الشرعي

إن الإتيان بمحلل شرعي لكي يجيز فيما بعد رجوع المرأة إلى زوجها السابق بعد انقضاء العدة، يستلزم أن تتوافر بعض الشروط لكي تتم فكرة المحلل الشرعي بشكل صحيح وسليم يسمح برجوع المرأة لزوجها الأول فيما بعد، ولقد تم تحديد تلك الشروط في ثلاثة وهي:

1- العقد الشرعي

بمعنى أن يكون الزواج شرعيًا صحيحًا مستوفيًا للشروط المتعارف إليها من ناحية أركان عقد الزواج وشروطه والتأكد من صحته، لأنه في حال كان العقد فاسدًا مثل أن تتم الزيجة من دون شهود أو نكاح للمتعة، لن يحدث التحليل حتى وإن دخل المحلل بالمرأة بالفعل.

2- الدخول بالزوجة

إن هذا الشرط ضروري جدًا لكي يتمم المحلل الشرعي مهمته على أتم وجه فيجب على المحلل أن يدخل بالزوجة دخولًا شرعيًا، ولا يجب أن يكتفيا بمجرد تمام صحة العقد والتوقف عند ذلك الحد.

3- استدامة العشرة الزوجية

إن هذا يعني أن يكون زواج المحلل تم بنية الاستمرارية في الحياة الزوجية بشكل طبيعي، وليس بهدف قضاء واجب الدخول بالزوجة ثم الطلاق بعدها ولقد حرم الإسلام ذلك وهذا ما أكد عليه النبي صلى الله عليه وسلم في حديث:

“ لَعَنَ اللهُ “واللَّعْنُ هو الطَّرْدُ من رَحْمةِ اللهِ” المُحَلِّلَ والمُحَلَّلَ له”

رواه عبد الله بن مسعود، وحدثه بن العربي، المصدر: عارضة الأحوذي، حكم الحديث: صحيح.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى