اسلاميات

حكم ترك صلاة الجمعة

حكم ترك صلاة الجمعة لا شك فيه أنه من أعظم الأمور التي قد يقع فيها المؤمن، فصلاة الجمعة والصلاة عمومًا لا يستقيم أمر المسلم في الحياة والآخرة إلا بأدائها.

فصلاة الجمعة فرض على كل مسلم بالغ عاقل مكلف، مقيم أي أنها غير مفروضة على المسافر(بالشرط التي حددها الفقهاء للسفر)، ولعظيم  شأنها ورد في القرآن الكريم سورة باسمها هي سورة الجمعة، فيها يقول الله عز وجل: “يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نُودِيَ لِلصَّلَاةِ مِن يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَىٰ ذِكْرِ اللَّهِ وَذَرُوا الْبَيْعَ ۚ ذَٰلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ” (الجمعة 9).

حكم ترك صلاة الجمعة

تحدث الفقهاء مطولًا عن حكم ترك صلاة الجمعة في رسائل خاصة، كما أنهم أجملوا حكم ترك صلاة الجمعة في حكم ترك الصلاة، فبالرغم من كثرة النصوص التي تناولت ترك الصلاة بصورة عامة إلا أن حكم ترك صلاة الجمعة ورد فيه عدة أحاديث، وذلك لعظيم أمرها، ومن هذ الأحاديث:

حديث حكم ترك صلاة الجمعة

عن عبد الله بن عمر وأبو هريرة -رضي الله عنه أجمعين- أنَّهُما سَمِعا رَسولَ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ- يقولُ علَى أعْوادِ مِنْبَرِهِ: “لَيَنْتَهينَّ أقْوامٌ عن ودْعِهِمُ الجُمُعاتِ، أوْ لَيَخْتِمَنَّ اللَّهُ علَى قُلُوبِهِمْ، ثُمَّ لَيَكونُنَّ مِنَ الغافِلِينَ” (صحيح مسلم 865).
في هذا الحديث ينقل لنا أثنان من الصحابة حديث مطول سمعوه عن الرسول -صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ-وهو يخطب على المنبر يقول:

” لَيَنْتَهينَّ أقْوامٌ عن ودْعِهِمُ الجُمُعاتِ” أي أن هناك بعض من الناس يتركون صلاة الجمعة وإن لم ينتهوا عن تركهم لها، “لَيَخْتِمَنَّ اللَّهُ علَى قُلُوبِهِمْ” أي يطبع الله على قلوبهم ويغطيها عن رؤية الحق، “ثُمَّ لَيَكونُنَّ مِنَ الغافِلِينَ” أي يُعد من جملة الغافلين لأنهم عملوا بعملهم.

في هذا الحديث يبين لنا الرسول -اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ- الذي لا ينطق عن الهوى حكم ترك صلاة الجمعة والوعيد الشديد الذي ينتظر تاركها.

حكم ترك صلاة الجمعة ثلاث مرات

عنِ ابنِ عباسٍ -رضي اللهُ عنه- قال:

في هذا الحديث يبين لنا حبر الأمة عظيم قدر صلاة الجمعة في الإسلام، فيقول أنه من ترك ثلاث جمعات متوالية تركها كسلًا أو متهاون في شأنها، دون عذر شرعي يبيح له ذلك مثل المرض أو الخطر وعدم الأمن أو الحرب…، فقد نبذ الإسلام وراء ضهر أي أنه يصبح منافق، وذلك لأن تكرار الذنب يفقد القلم الإحساس بعظم شأنه.

ذلك تصديقًا لقول النبي -اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ- الحديث الذي رواه عبد الله بن أبي أوفى: من سمع النداءَ يومَ الجمعةِ ولم يَأتِها ثم سمع النداءَ ولم يَأتِها ثلاثًا طبع اللهُ على قلبِه فجعل قلبَهُ قَلْبَ منافقٍ” (البدر المنير4/588).
ففي هذا الحديث يقول النبي -اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ- أن تارك صلاة الجمعة كسلًا منه بعد أن سمع النداء، منافق.

على هذا قال الفقهاء إنه المسلم معهما كان في مكان بعيد عن العمران ما دام يصله النداء يجب عليه تلبيته بالذهاب للمسجد وإن لم يكن معه أحد في المكان ولا نداء من المسجد يصل إليه بسبب بعد المسافة جدًا، ولا يستطيع الذهاب إليها بسيارة مثلًا؛ فلا حرج عليه أن يصليه ظهرًا.
وبذلك أفتى الشيخ ابن باز أيضًا في مجموع فتاوى ابن باز.

التوبة إلى الله

ويجد بنا التوضيح أن الطبع على القلب ليس معناه كفر صاحبه، بل هو وعيد وعقاب من الله تعالى لهذا المسلم المتهاون في حد من حدود الله، وتوضيح ذلك جاء في الحديث الذي رواه أبو هريرة عن النبي -اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ-أن النبي قال:

فإن قلب المؤمن عندما ينكت فيه بالأسود بسبب ذنب ارتكبه فإن الحسنات يذهبن السيئات يذهبن أثر السيئات في القلب من ظلمة وغطاء عن الحق، في هذا الحديث الشريف يقول الرسول -صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ- هذا المعنى، فيقول:

  • “إن العبدَ إذا أخطأ خطيئةُ نُكِتتْ في قلبهِ نُكتةً سوداءَ” أي أن العبد إذا فعل أي معصية فذلك الذنب بترك في قلبه نقطة سوداء مظلمة من أثر المعصية.
  • “فإذا هو نزعَ واستغفرَ وتابَ سُقلَ قلبهُ” فعندما يقلع المسلم عن الذنب ويترك المعصية، ويستغفر الله عما بدر منه ويتوب إليه، فإن الله تعالى يطهر قلبه ويذيل تلك النقط التي لحقت بقلبه بسبب الذنب.
  • “وإن عادَ زيدَ فيها حتى تعلو قلبهُ” فإن لم يستغفر العبد وعاد في الذنب مرة أخرى؛ يزيد الله في تلك النقطة نقاط أخرى حتى تغلف قلبه ويصير قلبه أسود من كثرة الذنوب والمعاصي لا يدخله النور.
  • ” الرانُ الذي ذكرَ اللهُ الرانُ الذي ذكرَ اللهُ” أي هذا هو الغشاء الذي ذكره الله تعالى في قوله: “كَلَّا بَلْ رَانَ عَلَى قُلُوبِهِمْ مَا كَانُوا يَكْسِبُونَ” (14 المطففين) أي الغشاوة تراكمت على قلوبهم وأصبحت القلوب صدئة من كثرة الذنوب.

ففي هذا الحديث يوضح أن التوبة تنظف القلب من أثر المعصية.

حكم ترك صلاة الجمعة إنكارًا

صلاة الجعة فرض على كل مسلم مكلف بالغ عاقل مقيم غير مسافر وذلك بأدلة شرعية من الكتاب والسنة وإجماع الأمة.

من القرآن الكريم

من السنة

الأحاديث السابق ذكرها بجانب عدة أحاديث أخرى مثل الحديث الذي روي عن السيدة حفصة أم المؤمنين رضي الله عنها أن النبي -صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ- قال: “رواحُ الجمعةِ واجبٌ على كلِّ محتلِمٍ” (الخلاصة 758/2).

وأجمعت الأمة على أن الجمعة فرض، فقد ورد في شرح سنن الترمذي أحمد شاكر: “سُئِلَ ابنُ عبَّاسٍ عن رجُلٍ يصُومُ النَّهارَ ويقُومُ اللَّيلَ، لا يشهَدُ جُمعةً ولا جماعةً؟ قال: هو في النَّارِ” (424/1)، ومعنى السؤال أن ذاك الرجل لا يذهب لصلاة الجمعة ولا صلاة الجماعة استخفافًا بها وبفضلها أو إنكارًا لحقها.

إنكار فرض مثبت بالضرورة من الدين هو كفر بالله تعالي، الكفر الخارج من الملة لأنه أنكر معلوم بالضرورة، لكن المختلف بين الفقهاء هو تارك الصلاة كسلًا أو تهاونًا.

من الغير مأمورين بصلاة الجمعة في المسجد

قد حدد النبي -صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ- أربعة أصناف من المسلمين غير مكلفين بصلاة الجمعة وجمعهم في الحديث الذي رواه لنا طارق بن شهاب، فقال أن النبي صل الله عليه وسلم قال: “الجمعةُ حقٌّ واجبٌ على كلِّ مسلمٍ في جماعةٍ إلاَّ أربعةً عبدٌ مملوكٌ أوِ امرأةٌ أو صبيٌّ أو مريضٌ” (صحيح أبي داود 1067).

على ذلك كل ما دون الأربعة هؤلاء مأمور بأن يصلي الجمعة.. الأربعة هم:

  • عبد مملوك: هو العبد الذي لا يستطيع ترك عمله الذي أمره به سيده وليس له حق التصرف في نفسه، فلذلك لا يستطيع الذهاب لخطبة الجمعة والصلاة؛ وقد أنتهى زمن العبودية ولا يوجد عبيد حاليًا يطبق عليهم هذا الأمر.
  • امرأة: فصلاة المرأة في البيت أولى وهي غير مكلفة بصلاة الجمعة في المسجد وسنوالي هذا تفصيل بإذن الله.
  • صبي: الصبي المقصود به هو الطفل الذي لم يبلغ الحلم بعد (لم يبلغ) أي أنه غير مكلف، لكن من الأفضل، أن يأخذ الأب أو الخال أو القائم على تربية الطفل أطفاله معه المسجد لكي يتعودون عليه ويحبونه من صغره، ولا يقسو عليهم أحد في المسجد.
  • المريض: هو المريض بمرض لا يقدر بسببه الذهاب للمسجد للصلاة.
  • بجانب الأعذار الأخرى للتخلف عن صلاة الجماعة مثل الخوف مثلًا إذا كان العبد يقيم في بلاد يخاف فيها على نفسه ولا يأمن على المشي في الشارع.

    صلاة المرأة الجمعة

    كما بينا سابقًا أن صلاة الجمعة لا تجب على المرأة، ولا ملتزمة بها، وهي هذا قال الرسول -اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ-في الحديث الذي رواه عبد الله بن مسعود أنه قال: “صلاةُ المرأةِ في مخدَعِها أفضلُ من صلاتِها في بيتِها وصلاتُها في بيتِها أفضلُ من صلاتِها في حجرتِها” (أخرجه أبو داود 570)

    لكن إذا حضرت المرأة في مسجد تقام فيه صلاة الجمعة، فلتصليها ركعتين بنية صلاة الجمعة عادية مثلها مثل نية الرجل، ولا يجب على المرأة أن تعيد الصلاة وتصليها ظهر بعد الصلاة، فهي بدعة.

    إذا صلت المرأة في المنزل تصليها ظهرًا، ولا يجوز لها الاقتداء بالإمام في المسجد، فتصليها ظهر أربع ركعات.

    ولا يقع حكم ترك صلاة الجمعة السابق ذكره على المرأة بإجماع الفقهاء..

    لكن بين لنا رسول الا و أمرنا بعد منع النساء من أن يذهبن إلى الصلاة في المسجد إذا أردن، فعن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما أنه قال: “لا تَمْنَعوا إماءَ اللهِ مساجدَ اللهِ” (رواه البخاري 900).
    فالنهي عن منعنهن من الخروج دليل على إباحة الصلاة في المسجد للمرأة.

    كما أنه في زمن الرسول -صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ- كانت النساء يصلين خلف الرجال في المسجد، مثلما نفهمه من حديث السيدة عائشة الذي يقول: “إنْ كان رسولُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ- ليُصلِّي الصبحَ فيَنصرِفُ النساءُ متلفِّعاتٍ بمُروطهنَّ، ما يُعرَفْنَ من الغَلَس” (رواه مسلم 645).

    حكم صلاة الجمعة للمسافر

    أجتمع الفقهاء على قولهم أن صلاة الجمعة لا تجب على المسافر ويصليها ظهر إنما لو مر ببلد وقت صلاة الجمعة وصلاها معهم في المسجد أجزته عن صلاة الجمعة، وفي هاز قال الإمام ابن باز في “فتاوى النور”: “وهكذا المسافر لو صلى مع الناس الجمعة أجزأته عن الظهر، لأن المسافر ما عليه جمعة، فلو مر بلدا وهو مسافر وصلى معهم الجمعة أجزأته عن الظهر”.

    قال به أيضًا الإمام النووي في “مجموع شرح المهذب”، لكن لا يجب على المصلي أن يصليها ركعتين على أنها صلاة جمعة، بل يصلي الظهر أربع ركعات أو يجمع الظهر والعصر قصرًا.

    حكم صلاة الظهر بعد صلاة الجمعة

    الصلاة التي يصليها الناس بعد صلاة الجمعة، وصلاة الظهر بعد صلاة الجمعة هي بدعة لم ترد عن الرسول صلى الله عليه وسلم، فالواجب تركها وتحذير العامة منها، وكان الرسول -صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ- معلمنا وهدينا يكتفي بصلاة الجمعة فقط.

    سنن يوم الجمعة

    هناك في كتب الفقه العديد من السنن التي ترفع من قدر المؤمن، لا سيما وإننا محتاجين إلى هذه الحسنات، ومن هذه السنن الصحيحة:

    • تلاوة سورة السجدة وسورة الإنسان في الصلاة في فجر يوم الجمعة.
    • الاغتسال والتطيب والتبكير إلى الصلاة ولبس أجمل الثياب.
    • الاستماع إلى الخطيب بإنصات.
    • الإكثار من الدعاء يوم الجمعة.
    • استخدام السواك.
    • الإكثار من صلاة النوافل.
    • التزود بالصلاة على نبينا محمد صلى الله عليه وسلم.

    مقالات ذات صلة

    اترك تعليقاً

    لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

    زر الذهاب إلى الأعلى