تجارب الاقتراب من الموت
تجارب الاقتراب من الموت للمسلمين أو غير المسلمين أو ما يسمى بـ Near death experience دائمًا ما تجذب انتباه الكثيرين، فالموت لا يفرق بين ديانات البشر، كلنا ميتون، تجارب الاقتراب من الموت للمسلمين أو غيرهم هي سبيل العلماء الماديين للبحث في ماهية الحياة بعد الموت، وما يحدث فيها.
هذا الموضوع قد شغل فلاسفة الميتافيزيقيا منذ فجر التاريخ، مع فرض الجدليات اللانهائية الحل أو الاستسلام للجهل فنرى كونفوشيوس يقول: “كيف لنا أن نعرف عن الموت وما زلنا لا نعرف عن الحياة الكثير؟!”.
تجارب الاقتراب من الموت للمسلمين
من ناحية الدين الإسلامي، وحين البحث في تجارب الاقتراب من الموت للمسلمين سنجد أن المسلمين يؤمنون بالحياة الأخرى بعد الموت، ويسعدون لها طوال حياتهم منذ ما يسمونه (التكليف) وهو سن البلوغ، وأن أصبح الإنسان مقلف بالعبادات والكف عما نهى عنه الله.
كذلك في موضع تجارب الاقتراب من الموت للمسلمين لا نجد أي رصد لهذه الظاهرة بالمعنى الأوربي المشهور، لكن يخبرنا الرسول محمد -صلى الله عليه وسلم- عن أحد الذين ماتوا وماذا لاقى وماذا قال.
فعن جابر بن عبد الله قال: “لقِيَني النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم فقال لي: (يا جابرُ ما لي أراك مُنكسِرًا)؟ فقُلْتُ: يا رسولَ اللهِ استُشهِد أبي وترَك عيالًا ودَيْنًا فقال: (ألَا أُبشِّرُكَ بما لقي اللهُ به أباكَ)؟ قُلْتُ: بلى يا رسولَ اللهِ قال: (ما كلَّم اللهُ أحَدًا قطُّ إلَّا مِن وراءِ حجابٍ وإنَّ اللهَ أحيا أباكَ فكلَّمه كِفاحًا فقال: يا عبدي تَمَنَّ أُعْطِكَ قال: تُحييني فأُقتَلَ قَتْلةً ثانيةً قال اللهُ: إنِّي قضَيْتُ أنَّهم لا يرجِعونَ) ونزَلتْ هذه الآيةُ: {وَلَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتًا بَلْ أَحْيَاءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ} [آل عمران: 169]” (صحيح ابن حبان 7022).
في هذا الحديث الشريف نتأكد بالدليل القاطع أن الموتى لا يرجعون إلى الحياة مرة أخرى في العقيدة الإسلامية، وأن هناك حياة أخرى بعد الموت.
كما أتى في قول الله تعالى في سورة يس: “وَيَقُولُونَ مَتَىٰ هَٰذَا الْوَعْدُ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ (48) مَا يَنظُرُونَ إِلَّا صَيْحَةً وَاحِدَةً تَأْخُذُهُمْ وَهُمْ يَخِصِّمُونَ (49) فَلَا يَسْتَطِيعُونَ تَوْصِيَةً وَلَا إِلَىٰ أَهْلِهِمْ يَرْجِعُونَ (50) وَنُفِخَ فِي الصُّورِ فَإِذَا هُم مِّنَ الْأَجْدَاثِ إِلَىٰ رَبِّهِمْ يَنسِلُونَ (51) قَالُوا يَا وَيْلَنَا مَن بَعَثَنَا مِن مَّرْقَدِنَا هَٰذَا مَا وَعَدَ الرَّحْمَٰنُ وَصَدَقَ الْمُرْسَلُونَ (52) إِن كَانَتْ إِلَّا صَيْحَةً وَاحِدَةً فَإِذَا هُمْ جَمِيعٌ لَّدَيْنَا مُحْضَرُونَ (53)”.
تجربة الاقتراب من الموت
Near death experience أو تجربة الاقتراب من الموت أو العودة من الموت أو الاختصار (NDEs)، كلها تتلخص في روايات الأشخاص الذين تعرضوا لحوادث خطيرة وتوقفت قلوبهم عن العمل أو توقف الأكسجين عن الوصول للعقل.
هؤلاء الأشخاص يرون قصص متشابهة تقريبًا عن ممر لونه أبيض في آخره نور يمشون فيه لكنهم لم يكملوه إلى النهاية، أو قصص مرعبة عن ما قابلوه في هذه اللحظات، وبعضهم يرون أشياء درامية كأن يقابلون أحد أحبائهم الموتى ليخبره بالعودة لأن هناك بعض الهمام لم يتمها بعد.
بعض العلماء بحثوا كثيرًا في هذا الباب، مثل الطبيب النفسي “رايموند مودي” (Raymond Moody) الذي جمع روايات الأشخاص الذين مروا بهذه التجربة.
على الجانب الآخر نجد المعارضين العقلانيين، يرون أنه لا يمكن التأكد من هذه الروايات بالأدلة العلمية وأن هذه الحكايات ما هي إلا هلوسة بسبب نقص الأكسجين عن المخ والصدمة الناتجة عن الحادث.
فيقوم هؤلاء الذين مروا بتلك التجربة عند روايتهم لها بعدما يصحون من الغيبوبة بحكايتها حسب ثقافتهم، فتجد من يقول أنه رأى “كريشنا” (لأنه هندوسي الديانة)، ونرى آخر يقول أنه قابل يسوع، فالأمر راجع للمعتقدات إذًا، ونعتقد إننا نذهب إلى نفس المكان بعد الموت لأننا كلنا بشر.
بجانب أن الكثير من البشر الذين خضعوا لمثل هذه التجارب (الاقتراب من الموت) عندما أفاقوا لم يعودوا يتذكرون شيء عن موتهم من الأساس.
من الممكن أن هذا لم يحدث لهم، أو أنهم مروا بالتجربة ولكنها لم يتم تسجيلها في ذاكرتهم أم أن رأي الفريق المعارض حقيقي وأن كل هذه التجارب مجرد تخاريف وهلوسة، هذا ما لا يمكن الجزم به بسبب عدم توافر القدرة العلمية لقياسه.