أشعار حزينة عن الفراق
أشعار حزينة عن الفراق من شأنها أن تسمو بالروح وتخرج منها كل المشاعر التي تمت تخبئتها لسنوات طويلة، فالأبيات الشعرية من أسمى وأرقى ما يمكن للشخص أن يقوم بقراءته وسماعه.
لذا ومن خلال موقع الماقه، سنقوم بتسليط الضوء على أجمل القصائد الشعرية لأعظم وأجل الشعراء العرب، الذين تميزوا بالأساليب الراقية التي تكسوها القوة على الرغم من الشعور بألم الفراق.
أشعار حزينة عن الفراق
لكل منا طريقته في التعبير عن الألم من الفراق والاشتياق لمن تركونا نعاصر الأيام وحدنا، فمنا من يرتكن إلى غرفته يبكي ويصرخ وقلبه يأن، ومنا من يلزم الصمت، ومنا من يلجأ إلى سماع الأغاني التي قد تعبر عن جزء بسيط مما يشعر.
إلا أن الشعراء العظام في قديم السلف، كانوا يلجأون إلى استعمال اللغة العربية القويمة في التعبير عن مشاعرهم، فها هي قصيدة (آب الظلام بأذكار وتشويق) للشاعر أبو بكر الستالي، ذلك المغوار الذي تآكل قلبه من الشوق.
حيث طل علينا بأجمل أشعار حزينة عن الفراق من خلال بعض شطور القصيدة التالية التي تزهد بالروح وتنقل النفس إلى عنان السماء.
آبَ الظّلامُ بأذكارٍ وتشويقِ *** لمُسْتَهامٍ بطيفِ الشّوق مَطْروقِ
وطالَ ليلُ المعنّى حين خامَرَهُ *** ساري الهمُوم بتعذيبٍ وتأريقِ
ليل أَقام على ذي صَبوة كلفٍ *** ومعلق للهوى بالبين معلوقِ
كفى جوىً وأسىً أَنّا أَقام لنا *** عشق الهوى ففشا في كل معشوقِ
وعيَّث الدّهر في تفريق ألفتنا *** والدّهر صاحب تأليف وتفريقِ
وخان كلُّ صفيٍ من أحبّتنا *** ومن يدوم لعهدٍ أَو مواثيقِ
قلَّ الوفاءُ وقد أَصبحتُ معشقاً *** من الوداد بمصنوع ومَمْذوقِ
وكيف ينساغُ في عيشِ الزّمان بمن *** يكادُ يشْرَقُ حلقي منه بالرّيقِ
لا غير ما الله قاضٍ من رفاهية *** أو شدة فاقنعي يانفسُ أَو توقي
أَو اذكري عهدَنا والشمل ملتئِمُ *** والعيشُ صافٍ ولم يُمزج بتَرْنيقِ
ياربّ دَسكرة وافيتها سحرًا *** بكوكب أَهتديها أَو بعَيّوقِ
لما غدا الدّيكُ في علياء مشرفةٍ *** يحثُّنا يزميرٍ بعدَ تصفيقِ
نبّهت كل ظريف طيّب غزلٍ *** بالّلهو والخمر مصبوح ومغبوقِ
وقلت يا صاحبَ الحانوتِ كيف لنا *** بعانسٍ بليتْ من طول تعتيقِ
أبيات شعر مؤلمة عن الفراق
من منا لا يعرف أبا الطيب المتنبي، ذلك الشاعر الباسل القوي الذي اشتهر في العصور السابقة، ولازالت قصائده تدرس حتى يومنا هذا، حيث كان له الأسلوب المميز الذي حفر اسمه من أحرف من نور.
فعلى الرغم من كونه أحد المناضلين الأقوياء، إلا أنه امتلك القلب الحاني الذي يخرج لنا من أشعار حزينة عن الفراق أجملها، فها هي قصيدة (بقائي شاء ليس هم ارتحالًا) التي تجعلك تجهش في البكاء من فرط الألم.
نقدم لكم بعضًا من أبياتها ضمن العديد من أشعار حزينة عن الفراق، حتى يتمعن المرء في رقي المعاني وسمو انتقائها، حيث تمثلت فيما يلي:
بَقائي شاءَ لَيسَ هُمُ اِرتِحالا *** وَحُسنَ الصَبرِ زَمّوا لا الجِمالا
تَوَلَّوا بَغتَةً فَكَأَنَّ بَيناً *** تَهَيَّبَني فَفاجَأَني اِغتِيالا
فَكانَ مَسيرُ عيسِهِمِ ذَميلاً *** وَسَيرُ الدَمعِ إِثرَهُمُ اِنهِمالا
كَأَنَّ العيسَ كانَت فَوقَ جَفني *** مُناخاةٍ فَلَمّا ثُرنَ سالا
وَحَجَّبَتِ النَوى الظَبياتِ عَنّي *** فَساعَدَتِ البَراقِعَ وَالحِجالا
لَبِسنَ الوَشيَ لا مُتَجَمِّلاتٍ *** وَلَكِن كَي يَصُنَّ بِهِ الجَمالا
وَضَفَّرنَ الغَدائِرَ لا لِحُسنٍ *** وَلَكِن خِفنَ في الشَعَرِ الضَلالا
بِجِسمي مَن بَرَتهُ فَلَو أَصارَت *** وِشاحي ثَقبَ لُؤلُؤَةٍ لَجالا
وَلَولا أَنَّني في غَيرِ نَومٍ *** لَكُنتُ أَظُنُّني مِنّي خَيالا
بَدَت قَمَراً وَمالَت خوطَ بانٍ *** وَفاحَت عَنبَراً وَرَنَت غَزالا
وَجارَت في الحُكومَةِ ثُمَّ أَبدَت *** لَنا مِن حُسنِ قامَتِها اِعتِدالا
كَأَنَّ الحُزنَ مَشغوفٌ بِقَلبي *** فَساعَةَ هَجرِها يَجِدُ الوِصالا
كَذا الدُنيا عَلى مَن كانَ قَبلي *** صُروفٌ لَم يُدِمنَ عَلَيهِ حالا
أَشَدُّ الغَمِّ عِندي في سُرورٍ *** تَيَقَّنَ عَنهُ صاحِبُهُ اِنتِقالا
أَلِفتُ تَرَحُّلي وَجَعَلتُ أَرضي *** قُتودي وَالغُرَيرِيَّ الجُلالا
فَما حاوَلتُ في أَرضٍ مُقاماً *** وَلا أَزمَعتُ عَن أَرضٍ زَوالا
أبيات شعر عن الشوق والحزن
يقال إن الحزن من شأنه أن يتبدد بمرور الوقت، إلا أن هناك من الألم ما لا يمكن له أن يقل بفعل عامل الزمن، حيث تتجدد الأحزان، ويتجدد الشعور بفرط الوجع في القلب، في حالة رؤية أو سماع موقف مشابه للفراق.
حيث إنه من أصعب المواقف على الإنسان أن يفارق من كان له كل شيء بين ليلة وضحاها، فنحن الآن بصدد أجمل أشعار حزينة عن الفراق من خلال قصيدة (اصبر لمر حوادث الدهر) للشاعر أبو نواس الذي تفرد أسلوبه بأنه يسرق القلب ويخرجه من أضلعه.
اِصبِر لِمَرِّ حَوادِثِ الدَهرِ *** فَلَتَحمَدَنَّ مَغَبَّةَ الصَبرِ
وَاِمهَد لِنَفسِكَ قَبلَ ميتَتِها *** وَاِذخَر لِيَومِ تَفاضُلِ الذُخرِ
فَكَأَنَّ أَهلَكَ قَد دَعوكَ فَلَم *** تَسمَع وَأَنتَ مُحَشرَجُ السَدرِ
وَكَأَنَّهُم قَد عَطَّروكَ بِما *** يَتَزَوَّدُ الهَلكى مِنَ العِطرِ
وَكَأَنَّهُم قَد قَلَّبوكَ عَلى *** ظَهرِ السَريرِ وَظُلمَةِ القَبرِ
يا لَيتَ شِعري كَيفَ أَنتَ عَلى *** ظَهرِ السَريرِ وَأَنتَ لا تَدري
أَو لَيتَ شِعري كَيفَ أَنتَ إِذا *** غُسِّلتَ بِالكافورُ وَالسِدرِ
أَو لَيتَ شِعري كَيفَ أَنتَ إِذا *** وُضِعَ الحِسابُ صَبيحَةَ الحَشرِ
ما حُجَّتي فيما أَتَيتُ وَما *** قَولي لِرَبّي بَل وَما عُذري
أَن لا أَكونَ قَصَدتُ رُشدي أَو *** أَقبَلتُ ما اِستَدبَرتُ مِن أَمري
يا سَوأَتا مِمّا اِكتَسَبتُ وَيا *** أَسَفي عَلى ما فاتَ مِن عُمري
أبيات شعر عن الاشتياق
الشوق للأحباب من أكثر ما يترك الألم في القلب، فيشعر المرء وكأنه يعيش حالة من اليتم على الرغم من وجود الأب والأم، فعند انتهاء حالة العشق بالفراق يصبح المرء مكبل الأيدي واللسان، ولا يستطيع الكون بأكمله اتساع حزنه.
هذا ما يتجلى لنا من خلال أبيات أشعار حزينة عن الفراق تم اختيارها من قصيدة (الحب ما منع الكلام الألسنا) لأبي الطيب المتنبي، حيث وصفت في إيجاز ما يمر به المشتاق، الذي اشتعل قلبه من فرط الألم فيحكي ما أصيب به من لوعة الحب.
الحُبُّ ما مَنَعَ الكَلامَ الأَلسُنا *** وَأَلَذُّ شَكوى عاشِقٍ ما أَعلَنا
لَيتَ الحَبيبَ الهاجِري هَجرَ الكَرى *** مِن غَيرِ جُرمٍ واصِلي صِلَةَ الضَنا
بِنّا فَلَو حَلَّيتَنا لَم تَدرِ ما *** َلوانُنا مِمّا اِمتُقِعنَ تَلَوُّنا
وَتَوَقَّدَت أَنفاسُنا حَتّى لَقَد *** أَشفَقتُ تَحتَرِقُ العَواذِلُ بَينَنا
أَفدي المُوَدِّعَةَ الَّتي أَتبَعتُها *** نَظَراً فُرادى بَينَ زَفراتٍ ثُنا
أَنكَرتُ طارِقَةَ الحَوادِثِ مَرَّةً لا *** ثُمَّ اِعتَرَفتُ بِها فَصارَت دَيدَنا
وَقَطَعتُ في الدُنيا الفَلا وَرَكائِبي *** فيها وَوَقتَيَّ الضُحى وَالمَوهِنا
وَوَقَفتُ مِنها حَيثُ أَوقَفَني النَدى *** وَبَلَغتُ مِن بَدرِ اِبنِ عَمّارِ المُنا
لِأَبي الحُسَينِ جَدىً يَضيقُ وِعائُهُ *** عَنهُ وَلَو كانَ الوِعاءُ الأَزمُنا
وَشَجاعَةٌ أَغناهُ عَنها ذِكرُها *** وَنَهى الجَبانَ حَديثُها أَن يَجبُنا
نيطَت حَمائِلُهُ بِعاتِقِ مِحرَبٍ *** ما كَرَّ قَطُّ وَهَل يَكُرُّ وَما اِنثَنى
فَكَأَنَّهُ وَالطَعنُ مِن قُدّامِهِ *** مُتَخَوِّفٌ مِن خَلفِهِ أَن يُطعَنا
نَفَتِ التَوَهُّمَ عَنهُ حِدَّةُ ذِهنِهِ *** فَقَضى عَلى غَيبِ الأُمورُ تَيَقُّنا
يَتَفَزَّعُ الجَبّارُ مِن بَغَتاتِهِ *** فَيَظَلُّ في خَلَواتِهِ مُتَكَفِّنا
أَمضى إِرادَتَهُ فَسَوفَ لَهُ قَدٌ *** وَاِستَقرَبَ الأَقصى فَثَمَّ لَهُ هُنا
يَجِدُ الحَديدَ عَلى بَضاضَةِ جِلدِهِ *** ثَوباً أَخَفَّ مِنَ الحَريرِ وَأَليَنا.
أبيات شعر حزينة عن الوداع
إبراهيم ناجي القصبجي، هو ذلك الشاعر المصري الذي عمل بالطب لسنوات عدة، إلا أن ذلك لم يؤثر على رقة قلبه، فها هيا قصيدة (يا ساعة الحسرات) تنقل لنا أنين الشاعر وزفرات قلبه الذي يكاد ينفطر من فرط الألم.
الجدير بالذكر أن للشاعر أشعار حزينة عن الفراق من شأنها أن تجدد أحزان كل من يقرأها، إلا أنها تخلصه من كبت المشاعر الذي قد يعاني منه لفترة طويلة، حيث لا يمكنه البوح بما يشعر به.
فإبراهيم ناجي له المقدرة في أن يمس القلب من خلال كتاباته الخالية من الأسلوب المعقد الذي يصعب فهمه، أو الكلمات الركيكة التي تضعف المعنى، فهيا بنا الآن نغوص في أجمل أبيات أشعار حزينة عن الفراق بقلم إبراهيم ناجي من خلال ما يلي:
يا ساعة الحسرات والعبرات *** أعَصَفتِ أم عَصَفَ الهوى بحياتي
ما مَهرَبي ملأ الجحيمُ مسالكي *** وطَغى على سُبُلي وسَدَّ جهاتي
من أي حصنٍ قد نزعت كوامناً *** من أدمعي استعصمن خلف ثباتي
حطمت من جبروتهن فقلن لي *** أَزِفَ الفراق فقلتُ ويحك هاتي
أأموت ظمآناً وثغرك جدولي *** وأبيت أشرب لهفتي وولوعي
جفَّت على شفتي الحياةُ وحُلمُها *** وخيالُها من ذلك الينبوع
قد هدَّني جزعي عليك وأدّعي *** أني غداةَ البَينِ غيرُ جَزوع
وأريد أُشبع ناظريَّ فأنثني *** كي أستبينَك من خِلال دموعي
هان الردى لو أن قلبك دارِ *** أأموت مغترباً وصدرُك داري
يا من رفعتِ بناء نفسي شاهقاً *** متهلّلَ الجَنَبات بالأنوار
اليوم لي روحٌ كظلٍّ شاحبٍ *** في هيكل متخاذل الأسوار
لو في الضلوع أجلتِ عينك أبصرت *** مُنهارةً تبكي على منهار
لا تسألي عن ليلِ أمسِ وخطبه *** وخذي جوابَك من شقيّ واجم
أبيات شعر حزينة عن الهجر
شعور الرحيل من أقسى ما قد يعاني المرء في حياته، حيث يهجر المحب تاركًا الألم والأسى وعدم الاستيعاب والذهول، وكل ما تريد أن تقول من الأحاسيس السلبية التي لا يستطيع العقل التعامل معها بين يوم وليلة.
إلا أن المتنبي على الرغم من ذلك، تجلى كبريائه في أشعار حزينة عن الفراق، والتي ألقاها علينا من خلال قصيدة (في الخد إن عزم الرحيل)، والتي تمثلت شطورها فيما يلي:
في الخَدِّ أَن عَزَمَ الخَليطُ رَحيلاً *** مَطَرٌ تَزيدُ بِهِ الخُدُودُ مُحولا
يا نَظرَةً نَفَتِ الرُقادَ وَغادَرَت *** في حَدِّ قَلبي ما حَيِيتُ فُلولا
كانَت مِنَ الكَحلاءِ سُؤلي إِنَّما *** أَجَلي تَمَثَّلَ في فُؤادي سولا
أَجِدُ الجَفاءَ عَلى سِواكِ مُروءَةً *** وَالصَبرَ إِلّا في نَواكِ جَميلا
وَأَرى تَدَلُّلَكِ الكَثيرَ مُحَبَّباً *** وَأَرى قَليلَ تَدَلُّلٍ مَملولا
تَشكو رَوادِفَكِ المَطِيَّةَ فَوقَها *** شَكوى الَّتي وَجَدَت هَواكَ دَخيلا
الفراق من شأنه أن يلتهم القلب، كما تأكل النار كل ما يمكنها أن تصل إليه، حيث يشعر المحب بأن الدنيا أصبحت قاحلة، ولكن من الممكن أن يعبر المرء عما يعيشه من خلال قراءته لأشعار حزينة عن الفراق، والتي يتجلى أجملها وأرقها في تلك الأبيات من ذات القصيدة:
وَيُعيرُني جَذبُ الزِمامِ لِقَلبِها *** فَمَها إِلَيكِ كَطالِبٍ تَقبيلا
حَدَقُ الحِسانِ مِنَ الغَواني هِجنَ لي *** يَومَ الفِراقِ صَبابَةً وَغَليلا
حَدَقٌ يُذِمُّ مِنَ القَواتِلِ غَيرَها *** بَدرُ بنُ عَمّارِ بنِ إِسماعيلا
الفارِجُ الكُرَبَ العِظامَ بِمِثلِها *** وَالتارِكُ المَلِكَ العَزيزَ ذَليلا
مَحِكٌ إِذا مَطَلَ الغَريمُ بِدَينِهِ *** جَعَلَ الحُسامَ بِما أَرادَ كَفيلا
نَطِقٌ إِذا حَطَّ الكَلامُ لِثامَهُ *** أَعطى بِمَنطِقِهِ القُلوبَ عُقولا
أَعدى الزَمانَ سَخاؤُهُ فَسَخا بِهِ *** وَلَقَد يَكونُ بِهِ الزَمانُ بَخيلا
وَكَأَنَّ بَرقاً في مُتونِ غَمامَةٍ *** هِندِيُّهُ في كَفِّهِ مَسلولا
أبيات شعر عن الحنين إلى الماضي
تمر السنون ونحن نتمنى أن نكبر ونصل إلى أحلامنا، ظنًّا منا أن الأمر بتلك السهولة التي نراها في الأفلام والمسلسلات، إلا أننا نصطدم بالواقع المرير حين نكبر.
فنتضور ألمًا من كثرة الحنين إلى الماضي، فبالأمس كانت أناملنا الرقيقة تشير إلى السماء رغبة في التلويح إلى الطائرة المارة، أما اليوم تلك الأصابع القوية هي التي تكد وتعمل.
إلا أن تذكر ما مررنا به في الماضي من شأنه أن يدعمنا على الرغم من كثرة الحنين، لذا دعونا نرى أجمل أشعار حزينة عن الفراق بقلم أحمد العطار، والذي كتب قصيدة (تحن إليكم) لتسرد لنا كل ما نشعر به حيال ما مضى، حيث تمثلت بعض من شطورها فيما يلي:
تحن إليكم حيث كنتم جوانحي *** وتطوي على جمر الفراق جوارحي
وها أنا من برح بكم غير بارح *** أحمل شكوى شوقكم كل رائح
واسأل عن أخباركم كل قادم *** سلوا قلبكم عن حال قلب محبكم
فذلك أدرى بأحوال صبكم *** أهيم اشتياقاً كل يومٍ لقربكم
واستقبل النوق اللواتي بركبكم *** سرين وأهوى لاثماً للمناسم
أعلل نفسي باللوى والمحصب *** وأنتم منى قلبي وغاية مطلبي
ولولاكم ما كنت مما ألم بي *** أهش لهام من حماك مقطب
وأبكي لبرق من جنابك باسم *** وارقب طرف النجم فيكم إذا سجى
فازداد من فرط الغمام بكم شجا *** ويوحشني الليل البهيم إذا دجى
ويؤنسني سجع الحمائم في الدجى *** جزى اللَه خيراً ساجعات الحمائم
أشعار عن الفراق معبرة عن الألم
اللغة العربية من اللغات الغنية بالمعاني العميقة، فهي بحر لا ينضب، قد مكّن الشاعر من الوصول إلى أعماق القلب من خلال طرح أشعار حزينة عن الفراق، كما أتاح له فرصة التنقل بين أمواج المفردات التي تصف المعنى وصفًا دقيقًا.
فمن الممكن أن يكون الشخص ممن يحاول أن يكتم حزنه وألمه من الفراق، إلا أنه يجهش في البكاء حين يستمع إلى مثل أشعار حزينة عن الفراق، والتي نتناول العديد منها من قصائد المتنبي التي لا تنتهي، حيث قدم لنا قصيدة (فراق ومن فارقت)، والتي نتعرف على شطورها من خلال ما يلي:
فِراقٌ وَمَن فارَقتُ غَيرُ مُذَمَّمِ *** وَأَمٌّ وَمَن يَمَّمتُ خَيرُ مُيَمَّمِ
وَما مَنزِلُ اللَذّاتِ عِندي بِمَنزِلٍ *** ِذا لَم أُبَجَّل عِندَهُ وَأُكَرَّمِ
سَجِيَّةُ نَفسٍ ما تَزالُ مُليحَةً *** مِنَ الضَيمِ مَرمِيّاً بِها كُلُّ مَخرَمِ
رَحَلتُ فَكَم باكٍ بِأَجفانِ شادِنٍ *** عَلَيَّ وَكَم باكٍ بِأَجفانِ ضَيغَمِ
وَما رَبَّةُ القُرطِ المَليحِ مَكانُهُ *** بِأَجزَعَ مِن رَبِّ الحُسامِ المُصَمِّمِ
فَلَو كانَ ما بي مِن حَبيبٍ مُقَنَّعٍ *** عَذَرتُ وَلَكِن مِن حَبيبٍ مُعَمَّمِ
رَمى وَاِتَّقى رَميِي وَمِن دونِ ما اِتَّقى *** هَوىً كاسِرٌ كَفّي وَقَوسي وَأَسهُمي
إِذا ساءَ فِعلُ المَرءِ ساءَت ظُنونُهُ *** وَصَدَّقَ ما يَعتادُهُ مِن تَوَهُّمِ
وَعادى مُحِبّيهِ بِقَولِ عُداتِهِ *** وَأَصبَحَ في لَيلٍ مِنَ الشَكِّ مُظلِمِ
أُصادِقُ نَفسَ المَرءِ مِن قَبلِ جِسمِهِ *** وَأَعرِفُها في فِعلِهِ وَالتَكَلُّمِ
وَأَحلُمُ عَن خِلّي وَأَعلَمُ أَنَّهُ *** مَتى أَجزِهِ حِلماً عَلى الجَهلِ يَندَمِ
وَإِن بَذَلَ الإِنسانُ لي جودَ عابِسٍ *** جَزَيتُ بِجودِ التارِكِ المُتَبَسِّمِ
وَأَهوى مِنَ الفِتيانِ كُلَّ سَمَيذَعٍ *** نَجيبٍ كَصَدرِ السَمهَرِيِّ المُقَوَّمِ
خَطَت تَحتَهُ العيسُ الفَلاةَ وَخالَطَت *** بِهِ الخَيلُ كَبّاتِ الخَميسِ العَرَمرَمِ