نصر أكتوبر.. اللواء عصام عبدالحليم يكشف كيف نجحت القوات المسلحة في فتح ثغرات الساتر الترابي
وُصف انتصار أكتوبر الملحمي بأنه معجزة عسكرية في العالم حيث تمكنت القوات المصرية من التغلب على أحد أقوى الحواجز الدفاعية وأكثرها تعقيدًا. وشمل هذا الحاجز قناة مائية لا يقل عرضها عن 100 متر وعمقها ما بين 50 و60 قدماً، بالإضافة إلى ساتر ترابي في الجهة الشرقية يصل ارتفاعه إلى 20 متراً وبزاوية حادة، كما تحتوي المنطقة على ألغام، وعوائق صناعية، مداهمات ونقاط دفاعية محصنة ومجهزة بمختلف الصواريخ والمدفعية.
وكانت “معركة المعبر الحدودي” من أهم المعارك، حيث كان العدو الإسرائيلي يفتخر بخطه الدفاعي ويرى أنه من المستحيل عبوره، وكان لسلاح المهندسين العسكري دور مهم إلى حد تمكنه من وذلك لتحقيق هذا الإنجاز بفتح سدود في الأعمال الترابية وسد منافذ النابالم وبناء الجسور التي تعبرها. لديها مشاة ومدرعات ومدفعية. وكان من بين هؤلاء الأبطال اللواء أ.ح. مهندس عصام عبد الحليم الذي شارك في الحرب كقائد مهندس برتبة رائد بالجيش الثاني الميداني بالقطاع الجنوبي لقناة السويس.
وأوضح اللواء عصام أن البدايات تعود إلى ما بعد النكسة مباشرة عندما كان يخدم في كتيبة الجسر آنذاك. نفّذ العدو الإسرائيلي العديد من الغارات التي أثرت على حياة المواطنين الذين يعيشون أجواء محبطة. وبعد النكسة، بدأت القوات المصرية الاستعداد لاستعادة البلاد. وتضمنت هذه الاستعدادات أيضًا بناء جدار صاروخي.
عمل اللواء عصام وجنوده في الفترة من 1968 إلى 1973 على بناء قواعد خرسانية ورملية لقوات الدفاع الجوي، منها 600 ملجأ محصن للطائرات. وظهرت بوادر النصر عندما تمكنت قواتنا من إسقاط طائرة فانتوم إسرائيلية، وهي أول ضربة خطيرة لإسرائيل بعد حرب الاستنزاف.
وأشار اللواء إلى أن العدو الإسرائيلي أقام خط دفاعي محصن يضم قواعد وسور ترابي مرتفع مزود بأسلحة مضادة للدبابات، بالإضافة إلى أنابيب مملوءة بالنابالم لحرق أي شيء في القناة. إلا أن سلاح المهندسين المصري تمكن من سد منافذ هذه الأنابيب قبل بدء الحرب.
وقبل عشرة أيام من الحرب، أمر اللواء عصام بتزويد كتيبته بـ 15 قارباً مطاطياً، كما لاحظ زيادة في كمية الوقود والمواد الغذائية المتبرع بها. هذه العلامات جعلته يدرك أن ساعة الصفر قد اقتربت. وفي ليلة 6 أكتوبر، صدر الأمر بفتح فجوات في الساتر الترابي، وتمكن سلاح المهندسين من إنجاز المهمة في أقل من خمس ساعات، حيث قام ببناء 15 جسرًا ثقيلًا و10 جسور هجومية خفيفة لعبور القوة.
وأوضح اللواء أن فرقته هي الوحيدة التي استطاعت استخدام الألعاب النارية لفتح فجوات في السد الترابي أمام الجسور لأن طبيعة السد الترابي كانت مختلفة عن الأماكن الأخرى التي تم فيها استخدام خراطيم المياه. وساهم هذا النجاح في التدفق السريع للقوات المصرية عبر القناة على الرغم من التهديدات المستمرة من العدو.
كما استذكر اللواء عصام عيد النصر عندما صدر الأمر بعدم تنظيم الطابور الصباحي والبقاء في الخنادق استعدادًا لبدء الحرب. وفي الساعة الثانية بعد الظهر بدأت الحرب، وبينما كانت الطائرات المصرية تحلق في سماء المنطقة، تعالت صيحات التكبير من الجنود. وفي لحظات حماسة كبيرة، تسابقت المركبات المصرية عبر الجسور المؤدية إلى الضفة الشرقية للقناة، على الرغم من أوامرها بالحفاظ على مسافة آمنة بين كل مركبة. ورغم القصف الإسرائيلي، تمكنت القوات من العبور بسلام.
وأشار اللواء إلى لقائه مع الشهيد اللواء أحمد حمدي الذي استشهد فيما بعد واقفا على كوبري حيث أصيب بشظية مما أدى إلى استشهاده يوم 14 أكتوبر.