اسلاميات

هل يكفي غسل البول بالماء

هل يكفي غسل البول بالماء؟ وما الدليل على ذلك؟ فمن ضمن العبادات التي أمر الله سبحانه وتعالى بها عباده أن يتطهروا، فالطهارة شرط ضروري في أداء العديد من العبادات، ولها أهمية بالغة في الإسلام، ذلك لأن هناك أشياء كثيرة تستدعي وجود النجاسات التي يجب التخلص منها، ويعد البول من تلك النجاسات لذلك وجب علينا الإشارة من خلال موقع الماقه إلى إجابة سؤال هل يكفي غسل البول بالماء، ذلك إعمالًا لشرط الطهارة.

هل يكفي غسل البول بالماء؟

المعروف أن الماء هي الوسيلة الوحيدة للطهارة، أو ربما هي الوسيلة المُتعارف عليها ولا تكمل الطهارة دون استخدامها، وهذا أمر منطقي، كما اتفق عليه الأئمة والفقهاء، ذلك لأنهم استندوا إلى الحديث الشريف القائل: “جَاءَتِ امْرَأَةٌ النبيَّ -صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ- فَقالَتْ: أرَأَيْتَ إحْدَانَا تَحِيضُ في الثَّوْبِ، كيفَ تَصْنَعُ؟ قالَ: تَحُتُّهُ، ثُمَّ تَقْرُصُهُ بالمَاءِ، وتَنْضَحُهُ، وتُصَلِّي فِيهِ” (صحيح البخاري).

بالنسبة لإجابة سؤال هل يكفي غسل البول بالماء، نستند فيه إلى السنة النبوية الشريفة حيث يعتبر البول من النجاسات التي لا تتم العبادات إلا بعد الطهارة منها، كالصلاة وهي أهم العبادات، وهنا نشير إلى حديث أنس بن مالك رضي الله عنه.

“أنَّ أعْرَابِيًّا بَالَ في المَسْجِدِ، فَثَارَ إلَيْهِ النَّاسُ ليَقَعُوا به، فَقالَ لهمْ رَسولُ اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عليه وسلَّم-َ: دَعُوهُ، وأَهْرِيقُوا علَى بَوْلِهِ ذَنُوبًا مِن مَاءٍ -أوْ سَجْلًا مِن مَاءٍ- فإنَّما بُعِثْتُمْ مُيَسِّرِينَ ولَمْ تُبْعَثُوا مُعَسِّرِينَ” (صحيح البخاري).

فالرسول صلى الله عليه وسلم كان نعم المُعلم الرحيم الحليم الذي إذا رأى خطأ لا يزجر، وإذا رأى صوابًا يمدح، فهو ييسر على العباد دينهم حتى لا يعتبروا من العسير القيام بالعبادات، كما أنه صلى الله عليه وسلم يرفق بالجاهل ويعلمه أمور دينه من غير تعنيف أو إيذاء، هذا إذا كان جاهلًا غير متعمدًا على مخالفة أمور دينه.

كما أن الحديث يؤكد على جواز كفاية تطهير البول بغسله بالماء، ذلك حتى مع أن البول في المسجد أمر غير جائز لأنه نجس في مكان طاهر، لكن الماء يزيل هذه النجاسة ويكفي من أجل الطهارة.

كفاية الماء لإزالة النجاسة عند الأئمة

كما أشرنا في إجابة سؤال هل يكفي غسل البول بالماء أنه استنادًا إلى قول الرسول -صلى الله عليه وسلم- بأنه يكفي للطهارة وغسل البول، نشير إلى أن الأئمة اختلفوا فيما بينهم بصدد ذلك الأمر، فهم اتفقوا على صلاحية الماء للطهارة، لكن اختلفوا في كونها الوسيلة الوحيدة لإزالة النجاسة.

فنجد أن الإمام مالك، والشافعيّ وكذلك ابن حنبل ذهبوا إلى اعتبار أن الماء الطهور وحده يُمكنه أن يزيل النجاسات، لكن الإمام أبو حنيفة خالفهم في الأمر حينما قال إن النجاسة يُمكن إزالتها وتحقيق الطهارة بأي مُزيل لها حتى لو غير الماء، فالأمر لا يقتصر على الماء الطهور وحده، بل مع تقدم العصور والتكنولوجيا نجد هناك وسائل عدة يُمكنها إزالة النجاسة أيضًا.

لكن يزال الماء الطهور شرطًا أساسيًا من أجل الطهارة وإزالة أي نجاسات، ونشير هنا إلى إمكانية إزالة النجاسة بالحجارة وذلك في حالة معينة كالاستجمار.

جدير بالذكر هنا الإشارة إلى عدد مرات غسل البول الواجبة لكي يتم إزالته، فنعتبر أن النجاسات أنواع منها المرئي وغير المرئي، فبالنسبة للمرئي يكفي الغسل مرة واحدة تُذهب آثار النجس، كالدم مثلًا فهو مرئي فبمجرد صب الماء عليه تختفي آثاره، فلا نرتبط هنا بعدد مرات.

أما بالنسبة لغير المرئي فهو ما لا يُمكن التأكد من وجوده حتمًا، لذلك يُمكن الغسل ثلاث مرات لتحقيق شرط الطهارة، ذلك اقتداءً بالرسول -صلى الله عليه وسلم-، فقد قال: “إِذَا تَوَضَّأَ أحَدُكُمْ فَلْيَجْعَلْ في أنْفِهِ، ثُمَّ لِيَنْثُرْ، ومَنِ اسْتَجْمَرَ فَلْيُوتِرْ، وإذَا اسْتَيْقَظَ أحَدُكُمْ مِن نَوْمِهِ فَلْيَغْسِلْ يَدَهُ قَبْلَ أنْ يُدْخِلَهَا في وَضُوئِهِ؛ فإنَّ أحَدَكُمْ لا يَدْرِي أيْنَ بَاتَتْ يَدُهُ” (صحيح البخاري ومسلم).

إزالة نجاسة بول الرضيع

إن بول الطفل الرضيع سواء ذكر أو أنثى يجب إزالته وغسله، وهذا ما اتفق عليه الإمام مالك والإمام أبو حنيفة، لكن نجد أن الإمام الشافعيّ وابن حنبل ذهبوا على أن بول الرضيعة يتم غسله، أما بول الغلام يكفي أن يُرش بالماء فقط أو ينضح، ولا يُشترط الغسل، ذلك استنادًا إلى حديث الرسول صلى الله عليه وسلم.

“عَنْ أُمِّ قَيْسٍ بنْتِ مِحْصَنٍ، أنَّهَا أتَتْ بابْنٍ لَهَا صَغِيرٍ لَمْ يَأْكُلِ الطَّعَامَ إلى رَسولِ اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ-، فأجْلَسَهُ رَسولُ اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ- في حَجْرِهِ، فَبَالَ علَى ثَوْبِهِ، فَدَعَا بمَاءٍ، فَنَضَحَهُ ولَمْ يَغْسِلْهُ” (صحيح البخاري).

إذًا خلاصة ما تقدم من جواز صلاحية الماء الطاهر في غسل البول أنه يكفي تطهير نجاسة البول من خلال صب الماء على موضع النجاسة، كما يجب أن يكون الماء أكثر كمية من النجس حتى لا يُبقي له أثر، ولا يُشترط نضوب الماء، حيث إنه لو تم اشتراط ذلك لكانت الأرض غير طاهرة في حالة الجفاف، فالحكم إذا ثبت بعلة ما زال بزوالها، ذلك على حد قول الإمام ابن تيمية رحمه الله.

أنواع الطهارة بالماء

اتفق العلماء على أن التطهير باستخدام الماء يكون من خلال الغُسل، أو النضح أو المكاثرة، فبالنسبة للمكاثرة تلك التي نستخدمها في طهارة الأرض، أما النضح أو الغسل فذلك في حالات الأواني أو الملابس أو السجاد وغير ذلك.

إن الأصل في استخدام الماء للطهارة يكون بالغسل، أما النضح فقد تم اتخاذه من أجل التيسير عن المشقة فقط، وهو استخدام الماء بالرش فقط وليس الغسل والعصر.

أما في حالات النضح بالماء كاستخدامه في إزالة بول الغلام كما أشرنا سلفًا، فإنه عند الشك في إصابة هذا البول للبدن وليس الثوب فقط، فإنه يوجب الغسل وليس النضح وحده، ذلك للابتعاد عن الشك.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى