اسلاميات

الفرق بين المس الشيطاني والمس الجني

الفرق بين المس الشيطاني والمس الجني أمر أثار العديد من الأقاويل، منها ما صح في الشرع والقرآن، ومنها ما ليس له أي صلة بالواقع الذي نعيشه أو الغيب الذي لا نعلمه، فما هو المس الشيطاني، وما هو المس جني؟ سنخبركم من خلال موقع الماقه عن ماهية الفرق بين المس الشيطاني والمس الجني.

الفرق بين المس الشيطاني والمس الجني

لا يتبين الفرق بين المس الجني والمس الشيطاني، فكلاهما من الجن وأصل الشيطان أنه جن مكلف بما كُلف به بني آدم إلا أنه اتبع إبليس وكان على ما كان عليه من معصية مبينة لله تعالى، بل وتحدٍ فاحش لشرع الله الذي ارتضاه لعباده.

حتى أن كلمة شيطان تطلق على العصاة من الجن والإنس كذلك، قال تعالى ” وَكَذَٰلِكَ جَعَلْنَا لِكُلِّ نَبِيٍّ عَدُوًّا شَيَاطِينَ الْإِنسِ وَالْجِنِّ يُوحِي بَعْضُهُمْ إلى بَعْضٍ زُخْرُفَ الْقَوْلِ غُرُورًا ۚ وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ مَا فَعَلُوهُ ۖ فَذَرْهُمْ وَمَا يَفْتَرُونَ “ [الأنعام: 112]

ودليل أن الشيطان أصله من الجان جاء من كتاب الله تعالى في قوله عز وجل:” وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلَائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِيسَ كَانَ مِنَ الْجِنِّ فَفَسَقَ عَنْ أَمْرِ رَبِّهِ ۗ أَفَتَتَّخِذُونَهُ وَذُرِّيَّتَهُ أَوْلِيَاءَ مِن دُونِي وَهُمْ لَكُمْ عَدُوٌّ ۚ بِئْسَ لِلظَّالِمِينَ بَدَلًا ” [الكهف: 50]

هذا ورد حول الفرق بين المس الشيطاني والمس الجني، فلم يكن هناك اختلاف، فالقول بمس الشيطان هو الأصل، وذلك لأن من يقوم بمس الإنسان من الجن قد فعل الشيطان بمعصية الله تعالى فأخذ وصف الشيطان لفعله هذا فأصبح شيطاناً.

فلم يرد لفظ وصف المس عن الجان في الشرائع أما عن الشيطان فقد تعدد ذكر مس الشيطان وذلك في قوله تعالى:” ….. لا يَقُومُونَ إِلَّا كَمَا يَقُومُ الَّذِي يَتَخَبَّطُهُ الشَّيْطَانُ مِنَ الْمَسِّ “ [البقرة: 275]

وقولع تعالى:” إِنَّ الَّذِينَ اتَّقَوْا إِذَا مَسَّهُمْ طَائِفٌ مِنَ الشَّيْطَانِ تَذَكَّرُوا” [الأعراف: 201]

هكذا وصف الله المخالفين من الجن على أنهم من الشياطين، أما في حديثه تعالى عن الجن فكان أكثر ما جاء به مقترناً مع الإنس دليلاً على سواء التكليف بالعبادة والإصلاح في الأرض.

فالجن كانوا يسكنون الأرض من قبل أن يخلق الله تعالى آدم وذريته، وقد كلفهم الله كما كلف بني آدم من بعدهم بعبادته وإصلاح الأرض، إلا أن الجن بغوا واعتدوا بعد زمن من خلقهم فسفكوا الدماء وأفسدوا في الأرض.

كما جاء في قوله تعالى عن الجن قبل خلق آدم:” وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلَائِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً ۖ قَالُوا أَتَجْعَلُ فِيهَا مَن يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاءَ وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ ۖ قَالَ إِنِّي أَعْلَمُ مَا لَا تَعْلَمُونَ ” [البقرة: 30]

ومن هنا أصبح كشف أمر الفرق بين المس الشيطاني والمس الجني أمر لا محل له من الإعراب، فلا فرق بينهما.

حتى من يتحدث عن المس تجده يخلط دائماَ في كلامه بين مس الجن ومس الشيطان ويبادل في اللفظين أثناء كلامه، فلا يفرق بينهما إذا تحدث عن المس.

ولنتناول الآن موضوع المس الشيطاني بجوانبه وحقيقته، وهل من غير العقل أن نتكلم عن مساس الجن البشر؟ أم أنه من الكفر بالقرآن وكلام الله أن ننفي مس الشيطان أو قدرته على ذلك أو حتى وجوده كما يدعي الكثير في عصرنا هذا؟

ما هو المس؟

أولا يجب تعريف كلمة “مس” من الأدلة والشرع والسنة المطهرة ومن قبلهم في المعجم الجامع:

مسَّ: كـفعل هو ماسّ والمفعول مَمسوس.

المَسٌّ: كـاسم هو الجنون.

مسَّ الشيء: أي لمسه بيده.

مسَّ منه: أي أخذ منه.

رجل ممسوس: أي مجنون به مسُّ من الجنون أو الشيطان.

في حاجة ماسَّة: أي في أشد الحاجة ولو لشيء قليل.

أمثلة من القرآن الكريم تبين وتؤكد معاني المس:

  • “لاَ يَمَسُّهُ إلاَّ الْمُطَهَّرُونَ” [الواقعة: 79]
  • “قالَتْ رَبِّ أَنَّى يَكُونُ لِي وَلَدٌ وَلَمْ يَمْسَسْنِي بَشَرٌ…” [آل عمران: 47]
  • “…لاَ يَقُومُونَ إلاَّ كَمَا يَقُومُ الَّذِي يَتَخَبَّطُهُ الشَّيْطَانُ مِنَ الْمَسِّ…” [البقرة: 275]

مَسُّ الشيطان للإنسان

ليس من المسلمين أو ممن يعرفون الكتاب وقُرائه، ومن هم على علم بشرع الله ولو بالقليل من ينكر وجود ما يُسمى بالمس الشيطاني أو مس الشيطان للإنس.

وبما أطلعناكم عليه أعلاه من أدلة من القرآن الكريم نتبعه الآن بتوضيح المس ودلالات له في الفقه والسنة الشريفة.

من كتاب “زاد المعاد في هدى خير العباد” للإمام بن القيم الجزء 4 ص 66-69 يقول:

” الصرع صرعان: صرع من الأرواح الخبيثة الأرضية، وصرع من الأخلاط الرديئة، والثاني: هو الذي يتكلم فيه الأطباء في سببه وعلاجه.

وأما صرع الأرواح: فأئمتهم وعقلاؤهم يعترفون به ولا يدفعونه، ويعترفون بأن علاجه بمقابلة الأرواح الشريفة الخيرة العلوية لتلك الأرواح الشريرة الخبيثة فتدافع آثارها، وتعارض أفعالها وتبطلها، وقد نص على ذلك سقراط في بعض كتبه، فذكر بعض علاج الصرع وقال: هذا إنما ينفع من الصرع الذي سببه الأخلاط والمادة، وأما الصرع الذي يكون من الأرواح فلا ينفع فيه هذا العلاج “

وكثيراً من الناس ممن يدعون أنهم تعلموا في أحسن الجامعات وتلقوا العلوم الحديثة ببطلان الحديث عن الجن والمس من الأصل وأنه يعد من الخرافات والجهل.

فهل من الصواب أن نقول على ما ذكره الله تعالى ورسوله هذا البذيء من الكلام، بل إن رأي علماء الدين إجماعاً هو أن من أنكر نصاً في القرآن أو شكك به فقد كفر.

وهذا أمر لا يغص في صدور من آمن بالله ورسوله، فكل ما ذكره الله تعالى في كتابه حق.

قال تعالى:” وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَن يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ ۗ وَمَن يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا مُّبِينًا “ [الأحزاب: 36]

علاجُ مسِّ الشيطان

أما العلم الحديث فقد يسر الله لكل الناس به بأن يستشفوا به من الأمراض الصحية الجسدية، وأما أمراض الصرع والمس فما كان لها علاج إلا عند من آمن بها من المرضى والأئمة من المسلمين.

من أدلة علاج الممسوس بالشيطان حديث لـيعلى بن مرة الثقفي: “ رأيتُ منَ النَّبيِّ صلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ عجبًا خرجتُ معهُ في سفَرٍ فنزلنا منزلًا فأتتْهُ امرأةٌ بصبيٍّ لها بهِ لَمَمٌ فقالَ رسولُ اللَّهِ صلَّى اللَّه عليه وسلَّمَ اخرُج عدوَّ اللَّهِ أنا رسولُ اللَّه قالَ فبرأَ فلمَّا رجَعنا جاءتْ أمُّ الغلامِ بكَبشينِ وشيءٍ من أقِطٍ وسمنٍ فقالَ النَّبيُّ صلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ يا يَعلى خذ أَحدَ الكبشينِ وردَّ عليها الآخرَ وخذِ السَّمنَ والأقط قالَ ففعلتُ” حدثه البخاري.

مما لا شك فيه شرطية أن يكون المعالج سواء كان نفس الشخص المريض يعالج نفسه أو أحد قام على علاجه، في أن يكون إيمانه بالله تعالى قوي كفاية، وأن يخلص نيته لله لا لمال يكتسبه أو لحاجة له، وأن يكون رقياه بلسانه مصاحبة بمعانيها وقوتها بقلبه لتصل إلى من يرقيه بحق من روح وجسد.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى