قصة من يفعل الخير لا يعدم جوازيه
قصة من يفعل الخير لا يعدم جوازيه ألهمت أكثر شعراء العرب المعنيين بشعر الهجاء لنظم هذا البيت الرائع، فما هو معنى يعدم جوازيه؟ ومن هو الشاعر؟
في السطور القادمة عبر موقع الماقه سنعرض لكم قصة من يفعل الخير لا يعدم جوازيه، وشرح أقوال كبار العلماء عن هذه القصة الشهيرة، وذكر بعض الأبيات من هذه القصيدة، مع توضيح قصة هذا الشاعر.
قصة من يفعل الخير لا يعدم جوازيه
الإنسان المحب للأدب العربي المطلع عليه، دائمًا ما يحب البحث عن أصل أشهر الأبيات العربية وقصصها، وما هو مضرب هذا البيت، فمثلًا عمرو بن كلثوم قال البيت “بِأَنَّا نُـوْرِدُ الـرَّايَاتِ بِيْضـاً** وَنُصْـدِرُهُنَّ حُمْراً قَدْ رُوِيْنَـا” إبان حرب بكر من تغلب.
لذلك فإن قصة من يفعل الخير لا يعدم جوازيه لا تختلف كثيرًا عن سائر قصص الأشعار العربية، وذكر عديد علماء الأدب العربي هذه القصة بأكثر من رواية، وقد قال فيها الأستاذ الدكتور أحمد محمد أبو عوض عضو منهل الثقافة التربوية في الأردن.
ذكر القصة بأن هناك رجلاً في بلدة الحمرة، وهي مدينة تقع في غرب اليمن على بحر القلزم “البحر الأحمر”، ومشهور أهل هذه المدينة بالصلاح والتقوى، وحسن كرامة الضيف وخاصة عابر السبيل.
كان في هذه المدينة رجلٌ صالح بنى بيتًا لله، وعلى باب المسجد كان يضع سراجًا، ويطعم الفقراء، وإن لم يجد من يطعمه أكل الطعام وتنفل لله تطوعًا، وفي إحدى الأيام ضرب البلاد القحط الشديد فذهب الرجل السالح مع ولديه إلى البئر.
انهار البئر على الرجل الصالح، ويأس أبنائه من استخراجه، فقسموا التركة، وإحدى الأعمدة الخشبية حالت دون وقوع ردم البئر عليه، فوجد فوق رأسه قد أنار الله هذا المكان له بسراج، مثل الذي وضعه على باب المسجد، وطعامًا كالذي كان يقدمه لعابري السبيل.
ثم بعد ست سنوات أراد أبناء الرجل الصالح إعادة حفر البئر، فوصلوا إلى مكان أبيهم وكان في حال جيدة، وقص عليهم القصة، أن هذا من فضل الصدقة، وقيل الحطيئة اقتبس بيته الشهير من هذه القصة.
شرح الشيخ صالح المغامسي لهذه القصة
الشيخ صالح بن عواد المغامسي داعية إسلامي سعودي، عرفه الجمهور العربي والإسلامي عبر قناة اقرأ، وكان إمام وخطيب مسجد قباء بالمدينة المنورة، تلقى تعليمه على العلامة الشيخ أبو بكر الجزائري، وقال الشيخ المغامسي في شرح قصة من يفعل الخير لا يعدم جوازيه.
ذكر الشيخ البيت كاملاً، وقائله هو الحطئية، ويقول في هذا البيت:
مَن يَفعَلِ الخَيرَ لا يَعدَم جَوازِيَهُ** لا يَذهَبُ العُرفُ بَينَ اللَهِ وَالناسِ.
ثم يستكمل الشيخ بعد ذكر البيت في شرحه، عبر برنامجه الباقيات الصالحات الذي يبث عبر فضائية دبي، أن الناس قد ينكرون المعروف، والخير بين الإنسان، والله عز وجل، ذكر الشيخ أن البيتين الذين ذكرهما ابن المبارك، وهما:
المعنى قريب من البيت الذي ذكره الحطيئة، بل إن ابن المبارك قد عارض هذا البيت للحطيئة، ويذكر الشيخ أثناء شرح من يفعل الخير لا يعدم جوازيه، أن النفس تميل من الناحية الشرعية إلى بيتي ابن المبارك، إلا أن بيتي الحطيئة أكمل من الناحية الأدبية، بل بيت الحطيئة أكثر بلاغة من بيتي ابن المبارك، لكن ما أراده الشاعران هو فعل الخير.
إن الإنسان لمحب بطبيعة نفسه أن يقدم الخير، ويبحث عنه في شتى مناحي الحياة، حتى وإن لم يشكره الناس، فالخير وإن نسي الناس هذا الخير، لا ينساه رب الناس، فقد تجد هذا الخير في أهلك، أو في بنيك، أو في قبرك بعد موتك أو في الآخرة.
الشيخ صالح المنجد يشرح من يفعل الخير
مضمون البيت من يفعل الخير لا يعدم جوازيه قد تناوله العديد من المشايخ بغرض تقديم الوعظ، وتوضيح الفكرة من هذا البيت الذي ظل محفورًا في عقول الناس على مدى الأزمان، وفي هذه الفقرة سنعرض لكم شرح الشيخ صالح المنجد لقصة من يفعل الخير لا يعدم جوازيه.
الشيخ محمد صالح المنجد أحد أشهر الدعاة المعاصرين، ولد في الرياض ونشأ فيها لأبٍ، وأم من سوريا تحديدًا من حلب، على الرغم من تخرجه من كلية المعادن جامعة الملك فهد، إلا أنه تتلمذ على يد الشيخ محمد بن صالح آل عثيمين، ودرس الفقه الإسلامي.
أما عن هذا البيت فقد قال الشيخ صالح المنجد عنه في برنامجه “مع الناس” الذي عرض على فضائية الناس في عام 2013، يقول الشيخ إن الإنسان ليأخذ من الدنيا حظه لكن لينظر في الآخرة فهي الأصل في حياته.
فمن يفعل الخير في الدنيا سيلقاه في الآخرة خيرًا، حتى وإن نسيه الناس، على الرغم من عدم ذكر الشيخ للبيت في الحلقة المعنونة باسمه، إلا أنه قد قدم فيها خير الشرح، والفهم لهذا البيت، فإن الخير مهما فعله الإنسان، ولم يحمده الناس عليه سيكافئه رب الناس.
كما أوضح الشيخ في أثناء شرحه لهذه الجملة أن لا الخير وحده هو ما يجزى به الإنسان، بل الخير والشر، فإن كلام الحطيئة كان عامًا في أن ما يفعله الإنسان سيلقاه، وإن طال العمر، حتى وإن توفى، فسليقاه في الآخرة.
من هو قائل البيت؟
البيت من يفعل الخير لا يعدم جوازيه، قاله الشاعر الهجَّاء المخضرم الحطيئة، فمن هو الحطيئة، وما هي قصة من يفعل الخير لا يعدم جوازيه، سنجيب عن هذه الأسئلة في سطور هذه الفقرة.
الحطيئة هو جرول بن أوس بن مالك العبسي، وكان يُكنى بأبي مليكة، هو شاعر مخضرم، عاش كافرًا حتى أسلم في عهد أبي بكر الصديق، كان كثير الهجاء للناس فاعتزلوه، فهجا أمه، وأبيه حتى وصل به الحال إلى هجائه لنفسه.
هجا الشاعر الكبير الزبرقان بن بدر، فشكاه إلى أمير المؤمنين عمر بن الخطاب، فحبسه عُمر وأمره بألا يقول الهجاء مرة أخرى فرفض، ومن أشهر أبياته “مَن يَفعَلِ الخَيرَ لا يَعدَم جَوازِيَهُ** لا يَذهَبُ العُرفُ بَينَ اللَهِ وَالناسِ“.
بعض الأبيات من هذه القصيدة
قال الحطيئة هذا البيت في قصيدة طويلة في حرب بين إحدى قبائل العرب، وفي هذه السطور سنورد لكم بيتين بعد هذا البيت الشهير:
الجوازي من جمع جائزة، وهي المكافأة التي ينتظرها المرء بعد القيام بعمل جيد، والمقصود بالبيت الأول هو افعل الخير ولا تنتظر شكر البشر فإن رب البشر لا ينسى العباد.
أما في البيت الثاني فإن كلمة مِعول، هي أداة تستعمل في تكسير الأحجار، والصفا هو الحجر الأملس الناعم، الكنانة في البيت الثالث هو مكان السهام، والأنكاس جمع منتكس، وهو خائب الظن، المقصود بالبيت الثاني والثالث، أن دع الناس تجادلك فإن جدالك في الحق يعطيك مجدًا لا ينتهي.