اسلاميات

سبب نزول سورة التغابن

سبب نزول سورة التغابن من أهم ما يجب على المرء العلم بيه، فكل ما يخص الدين من الواجب على أي إنسان ألا يتكاسل عن فهمه، ديننا هو الحياة، وهو أساس بناء أخلاقنا، وفيه القواعد التي تساعدنا على السير في الطريق الصحيح.

لذا يجب علينا معرفة أسباب نزول كل آية من الآيات، لكي نفهم أصول ديننا، ونتعلم كيف نسير في طريقنا، والآن سنبين لكم سبب نزول سورة التغابن من خلال موقع الماقه.

سبب نزول سورة التغابن

سورة التغابن يقول الضحاك بن مزاحم أنها سورة مكية، ويقول الكلبي أن هناك جزءًا منها في مكة وجزء آخر نزل في المدينة، وتتكون من ثماني عشرة آيةً، وعدد كلماتها واحد وأربعون كلمةً، ويُقال عنها أنها مكية لأنها يُعرض بها أصول العقيدة والتشريع الإسلامي.

أما عن سبب نزول سورة التغابن فسيتضح لكم من خلال ما يلي:

1ـ الآيات الأولى من سورة التغابن قد نزلت لكي تُظهر للناس قدرة الله ـ عزَّ وجلَّ – في خلقه للسماوات والأرض، واستطاعته على خلق البشر، باختلاف الأشكال والألوان، كما نزلت لتذكير الكفار بأن البعث ويوم القيامة حق، لا مفر منهما، وكل شخص حسابه آتٍ لا محالة.

2ـ كما أن من أسبابها، كان هناك بعض الناس اعتنقوا الإسلام، ولكن على الرغم من ذلك كان هناك البعض منهم يحاولون أهلهم أو أبنائهم أن يردوهم عن الإسلام، ويمنعوهم من الذهاب لنبيّ الله مُحمد (صلى الله عليه وسلم) من أجل الدخول في الإسلام والإيمان بالله وحده لا شريك له.

وكان الكفار لا يتركون من يريد من أهلهم الإيمان بالله يذهب إلا إذا ترك أهله، وماله، وأولاده، ويذهب إلى الرسول (صلى الله عليه وسلم) وحيدًا، كان البعض منهم يظل مع أهلهم ولا يذهبون مع الرسول (صلى الله عليه وسلم)، لذا أنزل الله هذه السورة.

قد نزلت سورة التغابن من الآية الرابعة عشر إلى الآية الثامنة عشر، من أجل هذا السبب وهذه الآيات تتضح في قول الله تعالى:

(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ وَأَوْلَادِكُمْ عَدُوًّا لَكُمْ فَاحْذَرُوهُمْ وَإِنْ تَعْفُوا وَتَصْفَحُوا وَتَغْفِرُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (14) إِنَّمَا أَمْوَالُكُمْ وَأَوْلَادُكُمْ فِتْنَةٌ وَاللَّهُ عِنْدَهُ أَجْرٌ عَظِيمٌ (15) فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ وَاسْمَعُوا وَأَطِيعُوا وَأَنْفِقُوا خَيْرًا لِأَنْفُسِكُمْ وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ (16) إِنْ تُقْرِضُوا اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا يُضَاعِفْهُ لَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ وَاللَّهُ شَكُورٌ حَلِيمٌ (17) عَالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ) [سورة التغابن: الآيات من 14-18].

3ـ كما قال عطاء بن يسار أنها قد نزلت في عوف الأشجعي، الذي كان يملك الكثير من الأموال، كما أن له الكثير من الأبناء، وعندما أراد الذهاب إلى الرسول عليه أفضل الصلاة والسلام، ويعتنق الدين الإسلامي، رفض أولاده أن يُعلن إسلامه، وقالوا له سوف تتركنا، فرق قلبه ولم يقدر على الذهاب لاعتناق الإسلام.

4ـ أما عما قاله سعيد بن جبير في سبب نزول هذه الآية الكريمة (فاتقوا اللّه ما استطعتم)، أن بعد نزول آية (اتقوا الله حق تقاته)، حاول المسلمون أن يقوموا بطاعة الله سبحانه وتعالى بكل ما استطاعوا من قوة، حتى أنهكوا نفسهم وأصابتهم الأمراض وتورمت أطرافهم، فنزلت تلك الآيات كي تخفف عنهم ما وصلوا إليه من تعب.

بعد العلم بسبب نزول هذه السورة، يجب أن نعلم بأن الله سبحانه وتعالى لطيف بعباده، ويساندهم في أوقات ضعفهم وكسرتهم، لذا ساند الله سبحانه وتعالى المسلمين بهذه السورة، وأكبر دليل هو آخر سبب قُمنا بذكره.

سبب تسمية سورة التغابن بهذا الاسم

بعد تعرفنا إلى سبب نزول سورة التغابن، دعونا نوضح لكم سبب تسميتها بذلك الاسم، فلفظ التغابن تم ذكره في الآية الكريمة: (يَوْم يَجْمَعكُمْ لِيَوْمِ الْجَمْع ذَلِكَ يَوْم التَّغَابُن)، فهو اللفظ الذي تم ذكره في هذه السورة عن باقي السور، وكلمة التغابن تعني اسم من أسماء يوم القيامة، فهذه الكلمة وردت في هذه السورة فقط، لذا سميت سورة التغابن بهذا الاسم.

فضل سورة التغابن

جميع سور القرآن الكريم تحمل فضل عظيم على الناس، فإن جميع سور القرآن تعلمنا تعاليم وأصول ديننا، وتعلمنا كيف نكون مسلمين بالشكل الصحيح، الكثير منّا يقرأ القرآن ولكن لا يبحث عن تفسير الآيات، كي يستفيد من الحِكم والمواعظ المذكورة به، فما الفائدة من القراءة، لذلك يجب فهم فضل سور القرآن الكريم، ونحن الآن سنوضح لكم فضل سورة التغابن من خلال النقاط الآتية:

  • فضل السورة علينا أنها علمتنا قدرة الله سبحانه وتعالى في خلقه للبشر، كما أنها ذُكرت لكي تذكر الكفار بما ينتظرهم في الآخرة، فالله لا يغفل عن أحد، فهو يعلم بعباده الصالحين والفاسدين، وعلى الرغم من رحمة الله الواسعة ولكنه في ذكره لهذه السورة، كان يوضح للكافرين أن ما ينتظرهم عذاب عظيم لا مفر منه.
  • كما أنها تؤكد أن يوم التغابن حق على كل البشر بجميع أديانهم وطوائفهم، ولن يفلت أحدًا من أعماله.
  • كما سُمي يوم التغابن بهذا الاسم لأن الآية توضح فيه أنه يغب الناس بعضهم لبعض يوم ذهابهم للجنة أو النار، ولا يوجد أكبر من غبن أكبر من ذهاب قوم للجنة، وآخرين إلى النار.
  • هذا هو فضل سورة التغابن؛ فهي توضح كيف يسعى الكفار لكي يغبونهم يوم القيامة، ويسعون كل السعي كي يجعلوهم يبدلون الخير بالشر، والنعيم بالعذاب، والجيد بالرديء.

تفسير الآيات (1-2) من سورة التغابن

قال تعالى:

(يُسَبِّحُ لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ ۖ لَهُ الْمُلْكُ وَلَهُ الْحَمْدُ ۖ وَهُوَ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ هُوَ الَّذِي خَلَقَكُمْ فَمِنْكُمْ كَافِرٌ وَمِنْكُمْ مُؤْمِنٌ ۚ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ بِالْحَقِّ وَصَوَّرَكُمْ فَأَحْسَنَ صُوَرَكُمْ ۖ وَإِلَيْهِ الْمَصِير)ُ

لا نقتصر فقط على فهم سبب نزول سورة التغابن، ولكن سوف نقوم بتفسير أول آيات من سورة التغابن وذلك للموعظة لما يبلغان من أهمية كبيرة، وتوضيح وتأكيد لقدرات الله سبحانه وتعالى.

بداية السورة توضح أن كل ما السماوات والأرض يسبح لله سبحانه وتعالى، والملائكة وكل ما في الجنة، حتى من في الجحيم يُسبحون لله جميعًا.

فالله الملك وحده لا شريك له، ملكه للدنيا وملكه للآخرة نافذ لا بديل، الله وحده له الملك ليس لأي أحد غيره، يتم حمده على كل شيءٍ، فهو يحمد على النفع وعلى الضرر أيضًا، وقدرته على فعل الأمور لا حدود لها، لا يقف أمامه أو يعجزه شيء في الأرض أو السماء، فكل ما يحدث بإذنه.

علم الله ـ عزَّ وجلَّ – أن للجنة أهلها وللنار أهلها، والنبي مُحمد عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم، لمًّا أُسر، وعُرج به، عندما كان في السماوات العُلى، مر على جميع الأنبياء عليهم أفضل السلام، وأول من مر عليه آدم، فرأى عن يمينه أسودة، والأسودة هي جمع عظيم من الناس، وعن يساره أسودة، كلما نظر عن يمينه سُر وكلما نظر يساره اغتم.

فقال الرسول لجبريل ما هذا؟ فقال جبريل: يا مٌحمد الذين عن يمينه هم أهل الجنة، وعن يساره هم أهل النار، من ذريته.

فاعلم أن يوم القيامة سوف ينقسم الناس جميعهم إلى فريقين لا محالة ولا وجود لثالث.

ما يستفيد به الناس من فهم القرآن

عند فهم الآيات سوف تدرك عظمة الله سبحانه وتعالى في خلقه، كما سوف تدركون مدى حبه لخلقه ومغفرته ورحمته الواسعة به، لأن من يؤمن به ويتوب إليه حتى وإن كان من قبل على معصية، فالله لا يبالي وإنما يقوي قلبه ويهديه؛ فهو يعلم السر والعلن ويعلم ما في القلوب جميعًا.

يجب على الناس العلم بأمور الدين والبحث عن جميع المعاني لكل ما يقصده الله سبحانه وتعالى من كلمات ومعاني ذكرها في كتابه العزيز، قبل الندم في يوم لا ينفع فيه الندم، نتمنى من الله الهداية والمغفرة، وأن يُعاملنا برحمته لا بأعمالنا.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى