اسلاميات

إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق وأحاديث عن حسن الخلق

إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق هو نص الحديث المروي عن الرسول -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، والأخلاق من النظرة الإسلامية هي المبادئ والقواعد المنظمة للسلوك الإنساني، والتي حددها الوحي على النحو الذي يحقق للإنسان السلامة النفسية ويعينه على تحقيق الغاية العليا من وجوده على هذه الأرض بجانبيها الطبعي (الجانب الإلهي) أي أنها المقصود منها والمراد بها الله سبحانه وتعالى، والجانب الإنساني؛ وهو المجهود الذي يبذله الإنسان في التطبيق العملي لهذا النظام.

حديث إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق

عن أبو هريرة رضي الله عنه قال أن النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قال: “إنَّما بعثتُ لأتمِّمَ مَكارِمَ الأخلاقِ”.

شرح حديث إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق

يقول فقهاء تفسير الحديث أن العرب قبل الإسلام رغم الجاهلية التي كانوا يعيشون فيها كان لديهم بقايا من هدي الدين الحنيف الذي جاءت به شريعة سيدنا إبراهيم عليه السلام والأخلاق النبيلة الحسنة التي تضمنتها، لكن كانوا قد ابتعدوا عنها بالكفر وبعدوا عن كثيرٍ من هذه الأخلاق.

فبعث الله تعالى نبينا الكريم -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-؛ ليتمم محاسن الأخلاق هذه، كما يؤكد الحديث السابق

حيث يقول الرسول: أنه أُرْسِلْ من الله تعالى للخلق أجمعين (بدليل العموم) لإكمال ما انتقص من مكارم الأخلاق بين الناس من الأخلاق الحسنة والأفعال المستحبة التي خلق الله عبادة مجبولين عليها بالفطرة السليمة، من الكرم والإخاء والوفاء والمروءة والحياء والشجاعة والعفة وغير ذلك، فيجعل الحسن منها أحسن، ويضيق الخناق على السيء منها فيضمر ويموت.

درجة حديث إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق

اتفق علماء الحديث على أن حديث إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق هو حديث صحيح.

 تخريج حديث إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق

ورد حديث إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق في عدة كتب موثوقة من كتب الصحاح أهمها:

  • ذكره المحدث “ابن رجب الحنبلي” في كتابه “لطائف المعارف فيما لمواسم العام من وظائف” رقم: 305.
  • ذكره المحدث “نور الدين الهيثمي” في كتابه: “مجمع الزوائد ومنبع الفوائد” رقم 9/18.
  • ذكره المحدث ” محمد عبد الباقي الزرقاني” في كتابه ” مختصر المقاصد الحسنة في بيان كثير من الأحاديث المشتهرة على الألسنة” رقم 184.
  • ذكره الإمام ابن باز في مجموع فتاوى ابن باز.
  • أورده الألباني في السلسلة الصحيحة برقم 45.

تأملات بلاغية في حديث إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق

الأسلوب البلاغي الذي جاء به الحديث الشريف من القصر والإيجاز والتناسب الصوتي الغير متكلف لن نتناوله لعظم قدره، أو لأن الجمال القلبي عندما يتحد مع الجمال العقلي لا يجب إفساده بالتحليل، فقط.. استمتع به.

إنما استوقف الفقهاء جانبًا واحدًا في إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق، هو أن النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- تحدث عن أن الغاية والمقصد من البعث هو مكارم الأخلاق، فقد بين الرسول -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بهذا الأسلوب أن أهم شيء جاء به هو حسن الخلق، على الرغم من أن هناك أشياء أهم نحو التوحيد والعقيدة والعبادات.

لكن هذا الأسلوب يجعل الناس يدركون عظم هذا الشيء، ولماذا هو متقدم في الذكر عن العقيدة مثلًا؟
ذلك لأن حسن الخلق هو ما يراه الإنسان من أخيه، لذلك سوف يتم تقييم الشخص على أساسه وكذلك تقيم الدين الذي يعتنقه.

والتطبيق العملي لهذا المقصد موجودٌ في كتب التاريخ، فجزر شمال شرق آسيا مثل جاوة وإندونيسيا كلها وجيرانها المسلمين نحو ماليزيا والفلبين لم تذهب إليها الجيوش الإسلامية فاتحة ولا دعاة مسلمين من الأساس، لكن ذهب إليها تجار مسلمين ليتاجروا معهم فقط، لكن أخلاق هؤلاء التجار هي ما دفعتهم للانجذاب نحو الدين الذي يعتنقه هؤلاء التجار ويبحثون عنه واعتنقوه في النهاية؛ واليوم أكبر كتلة مسلمين موجودة في بلادهم ولله الحمد.

أحاديث في حسن الخلق

ورد في السنة النبوية المشرفة الكثير من الأحاديث التي تدعو إلى حسن الخلق نذكر منها:

  • عن عائشة رضي الله عنها قالت أن النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قال: “إِنَّ المؤمِنَ ليُدْرِكُ بِحُسْنِ الخلُقِ درجَةَ القائِمِ الصائِمِ” (صحيح الجامع 1932)
    في هذا الحديث الشريف يرشدنا النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إلى حسن الخلق في التعامل مع الناس من كف الأذى عنهم وطلاقة الوجه والابتسامة لهم، قد يدرك منزلة الرجل الصائم بالنهار القائم متهجد بالليل، فالصائم يجاهد مشقة الصيام بالنهار والتهجد بالليل وصاحب حسن الخلق يجاهد نفسه والناس بحسن الخلق لهم والصبر على أذاهم وسوء خلقهم معه، ومعاملتهم بالحسنى.
  • عن جابر بن عبد الله أن النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قال: “إنَّ من أحبِّكم إليَّ وأقربكم منِّي مجلسًا يومَ القيامةِ أحاسنَكُم أخلاقًا، وإنَّ أبغضَكم إليَّ وأبعدَكم منِّي مجلسًا يومَ القيامةِ الثَّرثارونَ والمتشدِّقونَ والمتفَيهِقون قالوا يا رسولَ اللَّهِ قد علِمنا الثَّرثارونَ والمتشدِّقونَ فما المتفَيهِقونَ قالَ المتكبِّرونَ” (الترغيب والترهيب 36/4)
    يحرص حبيبنا وشفيعنا عليه الصلاة والسَّلامُ على تعليم أمته محاسن الأخلاق وحثهم عليها، فيقول أن أكثر الناس من المحبوبين حبًا لقلبه في الدنيا، وأقربهم منه في المنزلة يوم القيامة بإذن الله هم أصحاب الخلق الحسن، المتحلين بجوامع الأخلاق الحسن.
    ويُردف النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- للتأكيد أن أكثر الناس الذين يبغضهم في الحياة الدنيا وأبعدهم عنه منزلة يوم القيامة هم الذين يتكلمون كثيرًا ويتكلفون في الكلام بغير حق، وهؤلاء المتشدِّقونَ الذين يتوسعون في الكلام ويتفاخرون بألسنتهم في غير الحق، والمتفَيهِقونَ أي المتكبرون على الناس بكلامهم ويتعالون عليهم بالفصاحة وحسن اللسان.
  • عن أبو الدرداء أن النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قال: “ما من شيءٍ في المِيزانِ أثْقلُ من حُسنِ الخُلُقِ” (الجامع الصغير8027)
    في هذا الحديث تأكيد حديث إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق وفيه يحضنا الرسول على حسن الخلق ويؤكد لنا إن الأعمال عندما توزن يوم القيامة لا يكون هناك من الحسنات أثقل على الميزان من الأخلاق الحسنة وحسن الخلق مع الناس، ولذلك لما يلاقيه صاحبها من مشقة ولا يقدر عليها إلا أولوا العزم.

خُلق النبي

لنا في الرسول -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أسوة حسنة فقال الله تعالى: “لَّقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِّمَن كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا” (الأحزاب 21)، ويكفينا قطرة واحدة من بحر وصف خلقه -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-  ما قاله رب العزة عنه في محكم التنزيل: “وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ” (القلم 4)، وأم المؤمنين عائشة رضي الله عنها: “كان خُلُقُه القرآنُ” (صحيح الجامع 4811)

فكان هو المثل الأعلى للأخلاق العظيمة الحميدة الحسنة، متصفٌ بالكمال، كامل الإيمان والصدق والشجاعة والحلم وكافة الأخلاق الحميدة، وهذا هو الترجمة العملية لما جاء به حديث إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق.

جزاء حسن الخلق في القرآن

ورد مدح الأخلاق الحميدة في عدة مواضع في القرآن الكريم وجزاء أصحابها مثل سورة الفرقان، قال تعالى: “وَعِبَادُ الرَّحْمَنِ الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الْأَرْضِ هَوْنًا وَإِذَا خَاطَبَهُمُ الْجَاهِلُونَ قَالُوا سَلَامًا * وَالَّذِينَ يَبِيتُونَ لِرَبِّهِمْ سُجَّدًا وَقِيَامًا * وَالَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا اصْرِفْ عَنَّا عَذَابَ جَهَنَّمَ إِنَّ عَذَابَهَا كَانَ غَرَامًا * إِنَّهَا سَاءَتْ مُسْتَقَرًّا وَمُقَامًا * وَالَّذِينَ إِذَا أَنْفَقُوا لَمْ يُسْرِفُوا وَلَمْ يَقْتُرُوا وَكَانَ بَيْنَ ذَلِكَ قَوَامًا” (63 – 67)

ثم ذكر جزائهم على أعمالهم هذا وقال: “أُولَئِكَ يُجْزَوْنَ الْغُرْفَةَ بِمَا صَبَرُوا وَيُلَقَّوْنَ فِيهَا تَحِيَّةً وَسَلَامًا * خَالِدِينَ فِيهَا حَسُنَتْ مُسْتَقَرًّا وَمُقَامًا”

ومن مكارم الأخلاق التي قال عنها النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق التي خصها القرآن الكريم بالذكر هي:

الإخاء في القرآن

تم ذكر الإخاء في القرآن الكريم نحو خمس وتسعين مرة بأنماط لفظية مختلفة، كما أن في القصص القرآني الكثير من معاني الأخوة كتلك التي كانت بين نبي الله موسى وأخيه هارون الذين يمثلان أجمل العلاقات الأخوية التي نقتضي بها، قال الله تعالى:

“وَلَقَدْ آتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ وَجَعَلْنَا مَعَهُ أَخَاهُ هَارُونَ وَزِيراً” (الفرقان 35).

وقال الله -تعالى- على لسان سيدنا موسى عليه وعلى نبينا السلام: “قَالَ رَبِّ إِنِّي لا أَمْلِكُ إِلا نَفْسِي وَأَخِي فَافْرُقْ بَيْنَنَا وَبَيْنَ الْقَوْمِ الْفَاسِقِينَ” (المائدة 25).

وعندما من الله عليه بالنبوة ولم ينس أخاه هارون في دعائه ورجى من الله أن يشركه في الأمر، وقال: “قَالَ رَبِّ اشْرَحْ لِي صَدْرِي وَيَسِّرْ لِي أَمْرِي وَاحْلُلْ عُقْدَةً مِنْ لِسَانِي يَفْقَهُوا قَوْلِي وَاجْعَلْ لِي وَزِيراً مِنْ أَهْلِي هَارُونَ أَخِي اشْدُدْ بِهِ أَزْرِي وَأَشْرِكْهُ فِي أَمْرِي كَيْ نُسَبِّحَكَ كَثِيراً ونَذْكُرَكَ كَثِيراً إِنَّكَ كُنْتَ بِنَا بَصِيراً قَالَ قَدْ أُوتِيتَ سُؤْلَكَ يَا مُوسَى وَلَقَدْ مَنَنَّا عَلَيْكَ مَرَّةً أُخْرَى” (طه 25 – 37).

وغيرها الكثير من المواضع في القرآن الكريم عَظَّمَت من قدر الأخلاق بين الأخوة.

الأمانة في القرآن

ورد ذكر الأمانة وتعظيم قدرها في القرآن بالتصريح كثيرًا نحو:

“إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الأمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا وَإِذَا حَكَمْتُمْ بَيْنَ النَّاسِ أَنْ تَحْكُمُوا بِالْعَدْلِ إِنَّ اللَّهَ نِعِمَّا يَعِظُكُمْ بِهِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ سَمِيعاً بَصِيراً” (النساء 58).
فالأمر في هذه الآية صريح برد الأمانات إلى أصحابها وأن هذا من صفات المؤمنين.

بل وصف به الأنبياء و الملائكة منهم جبريل الذي نزل بالقرآن، وذلك لعظم هذا الخلق الحميد فقال: “وَإِنَّهُ لَتَنْزِيلُ رَبِّ الْعَالَمِينَ نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الأمِينُ عَلَى قَلْبِكَ لِتَكُونَ مِنْ الْمُنذِرِينَ بِلِسَانٍ عَرَبِيٍّ مُبِينٍ” (الشعراء 192 – 195).

وقال تعالى: “إِنَّهُ لَقَوْلُ رَسُولٍ كَرِيمٍ ذِي قُوَّةٍ عِنْدَ ذِي الْعَرْشِ مَكِينٍ مُطَاعٍ ثَمَّ أَمِينٍ ” (التكوير 19- 21).
وأهم الصفات المتصف بها الأنبياء في القرآن هي الأمانة.

الاستئذان في القرآن

من الأخلاق الحميدة التي أرشدنا إليها القرآن الكريم هي الاستئذان قبل دخول البيت، فيقول جل علاه: “يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لِيَسْتَأْذِنْكُمْ الَّذِينَ مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ وَالَّذِينَ لَمْ يَبْلُغُوا الْحُلُمَ مِنْكُمْ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ مِنْ قَبْلِ صَلَاةِ الْفَجْرِ وَحِينَ تَضَعُونَ ثِيَابَكُمْ مِنْ الظَّهِيرَةِ وَمِنْ بَعْدِ صَلَاةِ الْعِشَاءِ ثَلَاثُ عَوْرَاتٍ لَكُمْ لَيْسَ عَلَيْكُمْ وَلَا عَلَيْهِمْ جُنَاحٌ بَعْدَهُنَّ طَوَّافُونَ عَلَيْكُمْ بَعْضُكُمْ عَلَى بَعْضٍ كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ الْآيَاتِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ ” (النور 58).
فحتى لأهل الدار وساكنيها فقد ورد أنه واجب عليهم الاستئذان قبل دخول البيت في أوقات محددة، وهي تلك الأوقات التي ينام فيها أهل البيت، وقد يتخففون من ثيابهم.

المحبة في القرآن

من مكارم الأخلاق في الإسلام هي المحبة، لأنها هي التي تُبنى عليها المجتمعات الإسلامية ككل، فيرشدنا الله بنشر الحب وفض النزاعات بين إخوتنا ورد المظالم ولو بالقوة فيقول: “وَإِنْ طَائِفَتَانِ مِنْ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا فَإِنْ بَغَتْ إِحْدَاهُمَا عَلَى الأخْرَى فَقَاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّى تَفِيءَ إِلَى أَمْرِ اللَّهِ فَإِنْ فَاءَتْ فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا بِالْعَدْلِ وَأَقْسِطُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ” (الحجرات 9 ).

حتى الحب مع غير المؤمنين به، الذين لا يعتدون علي المسلمين فقال: “لا يَنْهَاكُمْ اللَّهُ عَنْ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ أَنْ تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ” (الممتحنة 8).

الإحسان في القرآن

ورد ذكر الإحسان كثيرًا في القرآن وحببنا إليه، وبعدة أوجه نحو:

  • أن الله أنعم على عباده بالإحسان حين صورهم بأحسن صورة فقال: “الَّذِي أَحْسَنَ كُلَّ شَيْءٍ خَلَقَهُ وَبَدَأَ خَلْقَ الإنسان مِنْ طِينٍ” (السجدة 7).
    وقال: “خَلَقَ السَّمَاوَاتِ والأرض بِالْحَقِّ وَصَوَّرَكُمْ فَأَحْسَنَ صُوَرَكُمْ وَإِلَيْهِ الْمَصِيرُ” (سورة التغابن الآية 3).
  • أن الله أحسن إلى ابن آدم حين رزقه الحسن من الرزق فقال: “وَمِنْ ثَمَرَاتِ النَّخِيلِ وَالْأَعْنَابِ تَتَّخِذُونَ مِنْهُ سَكَراً وَرِزْقاً حَسَناً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَةً لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ” (النحل 67).
    وقال: “ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلاً عَبْداً مَمْلُوكاً لَا يَقْدِرُ عَلَى شَيْءٍ وَمَنْ رَزَقْنَاهُ مِنَّا رِزْقاً حَسَناً فَهُوَ يُنفِقُ مِنْهُ سِرّاً وَجَهْراً هَلْ يَسْتَوُونَ الْحَمْدُ لِلَّهِ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لَا يَعْلَمُونَ” (النحل 75).
  • وعد الله عباده الصالحين الذين يعملون الصالحات أن يدخلهم جناته ونعم المصير، وأن يرزقهم رزقًا حسن، فقال: “رَسُولاً يَتْلُو عَلَيْكُمْ آيَاتِ اللَّهِ مُبَيِّنَاتٍ لِيُخْرِجَ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ مِنْ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ وَمَنْ يُؤْمِنْ بِاللَّهِ وَيَعْمَلْ صَالِحاً يُدْخِلْهُ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الأنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَداً قَدْ أَحْسَنَ اللَّهُ لَهُ رِزْقاً” (الطلاق 11).
  • يأمر الله عباده بالإحسان في الأعمال ولهم خير الجزاء من فضله عز وجل فقال: “وَابْتَغِ فِيمَا آتَاكَ اللَّهُ الدَّارَ الآخِرَةَ وَلا تَنسَ نَصِيبَكَ مِنْ الدُّنْيَا وَأَحْسِنْ كَمَا أَحْسَنَ اللَّهُ إِلَيْكَ وَلا تَبْغِ الْفَسَادَ فِي الأرْضِ إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ الْمُفْسِدِينَ” (القصص 77).
    وقال: “وَأَحْسِنُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ” (البقرة 19)
  • كما أمر الله عباده المؤمنين بالإحسان في القول، لِمَا للكلمة الحسنة من عظيم الأثر في نفوس جميع البشر، والدور الفعال في نزع الغل من القلوب، وتُوقف نمو النزاعات بين الناس وتُبطل نفثات الشياطين في العلاقات الإنسانية، فقال: “وَقُلْ لِعِبَادِي يَقُولُوا الَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ الشَّيْطَانَ يَنزَغُ بَيْنَهُمْ إِنَّ الشَّيْطَانَ كَانَ لِلإِنسَانِ عَدُوّاً مُبِيناً” (الإسراء 53).
    وقال: “وَإِذْ أَخَذْنَا مِيثَاقَ بَنِي إِسْرَائِيلَ لا تَعْبُدُونَ إِلا اللَّهَ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً وَذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَقُولُوا لِلنَّاسِ حُسْناً وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ ثُمَّ تَوَلَّيْتُمْ إِلا قَلِيلاً مِنْكُمْ وَأَنْتُمْ مُعْرِضُونَ” (سورة البقرة الآية 83).

الإحسان إلى الوالدين في القرآن

ورد في القرآن الكريم الكثير من المواضع التي أمر فيها الله عبادة بالإحسان إلى الوادين فقال: “وَقَضَى رَبُّكَ أَلا تَعْبُدُوا إِلا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِنْدَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلاهُمَا فَلا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ وَلا تَنْهَرْهُمَا وَقُلْ لَهُمَا قَوْلاً كَرِيماً ” (الإسراء 23).

وخص الأم بالإحسان بعد إجمال الأمر بالإحسان إلى الوالدين في آية أخرى وقال: “وَوَصَّيْنَا الإنسان بِوَالِدَيْهِ إِحْسَاناً حَمَلَتْهُ أُمُّهُ كُرْهاً وَوَضَعَتْهُ كُرْهاً وَحَمْلُهُ وَفِصَالُهُ ثَلاثُونَ شَهْراً حَتَّى إِذَا بَلَغَ أَشُدَّهُ وَبَلَغَ أَرْبَعِينَ سَنَةً قَالَ رَبِّ أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ الَّتِي أَنْعَمْتَ عَلَيَّ وَعَلَى وَالِدَيَّ وَأَنْ أَعْمَلَ صَالِحاً تَرْضَاهُ وَأَصْلِحْ لِي فِي ذُرِّيَّتِي إِنِّي تُبْتُ إِلَيْكَ وَإِنِّي مِنْ الْمُسْلِمِينَ” (الأحقاف 15).

الصدق في القرآن الكريم

كرم الله تعالى قيمة الصدق جدًا، فهي من أفعاله عز وجل ومن أصدقُ من الله قيلًا ووعدًا ووعيدًا، فقال: “قُلْ صَدَقَ اللَّهُ فَاتَّبِعُوا مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفاً وَمَا كَانَ مِنْ الْمُشْرِكِينَ” (آل عمران 95)، وقال: “اللَّهُ لا إِلَهَ إلا هُوَ لَيَجْمَعَنَّكُمْ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ لا رَيْبَ فِيهِ وَمَنْ أَصْدَقُ مِنْ اللَّهِ حَدِيثاً” (النساء 87).

كما أشار عز وجل أن الصدق من الصفات الحميدة التي تحلى بها الأنبياء والمرسلين فقال عن سيدنا إبراهيم عليه السلام: “وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ إِبْرَاهِيمَ إِنَّهُ كَانَ صِدِّيقاً نَبِيّاً” (مريم 41).

وقد قال عن إسحاق ويعقوب عليهم وعلى نبينا السلام : “فَلَمَّا اعْتَزَلَهُمْ وَمَا يَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَهَبْنَا لَهُ إِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَكُلّاً جَعَلْنَا نَبِيّاً. وَوَهَبْنَا لَهُمْ مِنْ رَحْمَتِنَا وَجَعَلْنَا لَهُمْ لِسَانَ صِدْقٍ عَلِيّاً” (مريم 49،50).

كما قال عن إسماعيل عليه السلام “وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ إِسْمَاعِيلَ إِنَّهُ كَانَ صَادِقَ الْوَعْدِ وَكَانَ رَسُولاً نَبِيّاً. وَكَانَ يَأْمُرُ أَهْلَهُ بِالصَّلاةِ وَالزَّكَاةِ وَكَانَ عِنْدَ رَبِّهِ مَرْضِيّاً. وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ إِدْرِيسَ إِنَّهُ كَانَ صِدِّيقاً نَبِيّاً. وَرَفَعْنَاهُ مَكَاناً عَلِيّاً” (مريم 54-57).

وجعل الله صفة الصدق ملازمة لكل عباده المؤمنين، ومن مواطن المدح فيهم، فقال: “الصَّابِرِينَ وَالصَّادِقِينَ وَالْقَانِتِينَ وَالْمُنْفِقِينَ وَالْمُسْتَغْفِرِينَ بِالأسْحَارِ” (آل عمران 17).

وجعل الصدق ملازم لتقوى الله تعالى فقال: “يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ” (التوبة 119).

وقال: “مِنْ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُمْ مَنْ قَضَى نَحْبَهُ وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْتَظِرُ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلاً” (الأحزاب 23).

ومن صفات المؤمنين المتقين فقال: “وَالَّذِي جَاءَ بِالصِّدْقِ وَصَدَّقَ بِهِ أُوْلَئِكَ هُمْ الْمُتَّقُونَ” (الزمر 33).

ووصف بالصدق النساء المؤمنات مثل السيدة مريم فقال: “مَا الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ إِلا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ وَأُمُّهُ صِدِّيقَةٌ كَانَا يَأْكُلانِ الطَّعَامَ انظُرْ كَيْفَ نُبَيِّنُ لَهُمْ الآيَاتِ ثُمَّ انظُرْ أَنَّى يُؤْفَكُونَ” (المائدة 75).

الصدق من صفات المؤمنين

جعل الله تعالى الصدق من زمرة الأخلاق الحسنة والعبادات التي يتقرب بها العبد إلى ربه، وينال بها المغفرة والأجر العظيم يوم القيامة فقال: “إِنَّ الْمُسْلِمِينَ وَالْمُسْلِمَاتِ وَالْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَالْقَانِتِينَ وَالْقَانِتَاتِ وَالصَّادِقِينَ وَالصَّادِقَاتِ وَالصَّابِرِينَ وَالصَّابِرَاتِ وَالْخَاشِعِينَ وَالْخَاشِعَاتِ وَالْمُتَصَدِّقِينَ وَالْمُتَصَدِّقَاتِ وَالصَّائِمِينَ وَالصَّائِمَاتِ وَالْحَافِظِينَ فُرُوجَهُمْ وَالْحَافِظَاتِ وَالذَّاكِرِينَ اللَّهَ كَثِيراً وَالذَّاكِرَاتِ أَعَدَّ اللَّهُ لَهُمْ مَغْفِرَةً وَأَجْراً عَظِيماً” (الأحزاب 35)

وأن الفوز العظيم يوم القيامة يكون من نصيب الصادقين بإذن الله فقال: “قَالَ اللَّهُ هَذَا يَوْمُ يَنفَعُ الصَّادِقِينَ صِدْقُهُمْ لَهُمْ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الأَنهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَداً رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ” (المائدة 119)

هذا وغيره الكثير من مكارم الأخلاق التي ورد ذكرها في القرآن الكريم، وحثنا على اتِّباعها الله جل علاه، ولا يمكننا جمعها كلها، وإنما أوردنا القليل من القليل على سبيل التذكرة والإشارة لا على سبيل الحصر.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى