ماهي الاشهر الحرم
ماهي الاشهر الحرم؟ ولماذا سميت بالأشهر الحرم؟ قد تميزت الاشهر الحرم عن غيرها من الشهور الهجرية بالكثير من السمات، التي جعلتها أكثر الشهور المحببة لدى المسلمين، حيث وضع بها عدة شروط وأحكام يجب الالتزام بها من قبل المرء المسلم، لذا سنعرض عبر موقع الماقه الرد عن سؤال ما هي الاشهر الحرم، بجانب عرض مجموعة من المعلومات الخاصة بها.
ماهي الاشهر الحرم
تعرف الاشهر الحرم بأنهم أربعة أشهر هجرية يتوقف فيهم العرب عن القتال وذلك في الفترات التي سبقت الإسلام، إلا في بعض الحالات التي يكون فيها السبب من القتل هو الدفاع عن النفس والأرض وليس غير ذلك
حيث تم الإشارة عند السؤال عن ماهي الاشهر الحرم إلى تلك الاشهر هم ثلاثة أشهر متتابعة (ذو القعدة وذو الحجة ومحرم) وهناك شهر قد يكون غير متتالي وراء تلك الاشهر بل هناك بعض الاشهر التي تفصله عن الاشهر الحرم وهو شهر رجب.
أما عند تعريفها من قبل دار الإفتاء باعتبارها أحد الردود على سؤال ماهي الاشهر الحرم فقد قالت إنها الاشهر التي وردت في القرآن الكريم في قول الله تعالى:
كما ورد في آيات القرآن الكريم ما هي الاشهر الحرم فهي تلك الاشهر التي كتب فيها الله عز وجل الشعور بالأمان والعهد على المشركين، حين قال في آياته الكريمة:
كما استدلت دار الإفتاء عنما هي الاشهر الحرم بذكرها لما وردت به الأنباء عن سيدنا محمد صلي الله عليه وسلم، حين قال أبي بكر رضي الله عنه عن النبي صلي الله عليه وسلم قال” إنَّ الزَّمانَ قَدِ اسْتَدارَ كَهَيْئَتِهِ يَومَ خَلَقَ اللَّهُ السَّمَواتِ والأرْضَ، السَّنَةُ اثْنا عَشَرَ شَهْرًا، مِنْها أرْبَعَةٌ حُرُمٌ، ثَلاثٌ مُتَوالِياتٌ: ذُو القَعْدَةِ، وذُو الحِجَّةِ، والمُحَرَّمُ، ورَجَبُ، مُضَرَ الذي بيْنَ جُمادَى، وشَعْبانَ” رواه البخاري.
يرجع السبب في تحريم تلك الاشهر إلى توقف الغزوات والمعارك فيها إلا إن كان الغرض منها هو الدفاع عن النفس فلا يحرم هذا في تلك الاشهر، بجانب هذا فقد حرمت المعاصي بشدة في تلك الاشهر، رغم تحريمها بجميع أشهر السنة إلا أن تحريمها يزداد بشدة في تلك الاشهر على الوجه الأخص.
مكانة الاشهر الحرم في الإسلام
في صدد التعرف عما هي الاشهر الحرم نشير إلى أن مكانة الاشهر الحرم تتسم بالمنزلة العظيمة بين الاشهر الأخرى عند الله عز وجل، فقد اصطفاها عن غيرها من الاشهر، مثلما اختص غيرها من المخلوقات.
حيث اختص أشخاص معينة من البشر لأن تكون رسل واختص بعض الأراضي لتكون مساجد واختص من أيام الأسبوع يوم الجمعة ليكون أحد الأيام المباركة والمقدسة، كما أختص من الليالي ليلة القدر لتكون ذات منزلة عظيمة.
كما أن هناك بعض الأمور التي تعد أشد قبحاً ووزراً في تلك الاشهر على وجه الخصوص عن غيرها من الاشهر الأخرى، وكل هذا يبين مدى منزلة تلك الاشهر.
قواعد الاشهر الحرم
هناك بعض القواعد التي تم وضعها الله -جل علاه- بالأشهر الحرام دون غيرها من الاشهر الأخرى والتي توضح الإجابة عما هي الاشهر الحرم، حيث تحتوي تلك القواعد على بعض الأمور الممنوعة وبعض الأشياء التي يتوجب إتباعها، حتى لا يقع على المرء ذنباً عظيماً إن قام بارتكابها في تلك الاشهر، ومن تلك القواعد:
- تحريم القتال في تلك الاشهر إلا في حالة الدفاع عن النفس أو الأرض أو العرض.
- أن يكون المرء حزراً في تصرفاته وارتكابه للأخطاء خاصةً إن كان ذلك عن تعمد لفعل الذنوب والمعاصي.
- في هذه الاشهر يضاعف الله الأجر والحسنات لمن يقوم بالمعروف من التصرفات.
- يجب في تلك الاشهر أن يسعى المرء لاكتساب رضا الله وتجنب المعاصي.
- تغليظ تحريم الظلم، أي التشديد على عدم ارتكاب الظلم في تلك الاشهر.
- من المستحب أداء التضحية في تلك الاشهر، لما لها من أجر عظيم عند الله سبحانه وتعالى.
- من الأمور المستحبة الصيام في هذه الاشهر.
- التشديد على تغليظ القتل، فمن المعروف أن القتل الخطأ يلزم له الفدية أو الكفارة خاصةً في تلك الاشهر.
الاشهر الحرم في الإسلام
بعد قدوم الإسلام جاء ليؤكد على عادة الاشهر الحرم، حيث أستمر أسمها بالاشهر الحرام منذ فترة ما قبل الإسلام حتى الفترات التي تلت انتشار الإسلام.
حيث يرجع السبب في وجود تلك الاشهر الحرم إلى انتشار النسيء، وهو نقل شهر لشهر آخر، حيث حرم الإسلام ذلك، بسبب ما كان يقوم به العرب من تساهلات في اعلانهم لأحد الشهور يحل محل شهر آخر.
قصة النسيء والاشهر الحرم
يعتبر النسيء واحد من المحاولات التي كان يقوم بها العرب قبل الإسلام في العصور الجاهلية، والذي كان يتم من خلاله نقل شهر بدلاً من شهر آخر، وهذا ما ورد في كتب التاريخ، كما يرجع أول استخدام للنسيء إلى جنادة الكناني.
كما أن بعض العرب قد استخدم النسيء لنقل الشهر إلى العام المقبل، وفى ذلك يحلل محرم ويعوض مكانه شهر صفر من العام المقبل، إذ أن هذا يعتبر محرم في الإسلام، والدليل على هذا قول الله تعالى في آياته
(إِنَّمَا النَّسِيءُ زِيَادَةٌ فِي الْكُفْرِ ۖ يُضَلُّ بِهِ الَّذِينَ كَفَرُوا يُحِلُّونَهُ عَامًا وَيُحَرِّمُونَهُ عَامًا لِّيُوَاطِئُوا عِدَّةَ مَا حَرَّمَ اللَّهُ فَيُحِلُّوا مَا حَرَّمَ اللَّهُ ۚ زُيِّنَ لَهُمْ سُوءُ أَعْمَالِهِمْ ۗ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ)
[سورة التوبة: الآية37]
ذكرت بعض المراجع التاريخية أن النسيء لدى العرب يستخدم حين تطول عليهم المدة، فيقومون بالحج في شهر ذي القعدة بدلاً من شهر ذو الحجة، وحينما يرجعوا في بداية شهر محرم ويحللوا القتال فيه، كما انهم أخروا حرمة شهر صفر وكل هذا قد يرفضه الإسلام ونهى عنه في القرآن الكريم والسنة.
وضحت بعض المصادر التاريخية أن المسيء قد تم استخدامه قبل الإسلام بغرض ضبط مواقيت مواسم الفصول الأربعة، للأشخاص الذين كانوا يستخدمون السنة القمرية في حسابهم بالتقويم، فيمكن من خلال استخدام المسيء الحفاظ على توازن الفصول الزراعية بالتوافق مع رحلات الشتاء والصيف.
بجانب هذا قد يرجع الهدف من وجود النسيء إلى معالجة الفارق بين السنتين وهو عبارة عن 11 يوماً بكل سنه، مع منع قدوم فصول السنة القمرية الهجرية في أوقات غير مناسبة لمسمياتها.
خصائص الاشهر الحرم
في سياق الرد عن سؤال ماهي الاشهر الحرم اختص الله تعالى تلك الاشهر وميزها عن غيرها من الشهور الأخرى بعدد من الخصائص والفضائل التي تتواجد بها، وتشتمل تلك الخصائص على:
1- زيادة مكانة وتعظيم منزلة الأعمال الصالحة بتلك الاشهر
فقد ميز الله تلك الاشهر بالكثير من الأجور والثواب الذي يعطي للمرء نتيجة أعماله الصالحة بتلك الاشهر، فالعمل الصالحة بتلك الاشهر له ثواب كبير وأجر مضاعف، وفي مقابل هذا يكون للذنب جرم كبير وأشد من ارتكابه في الاشهر الأخرى.
2- الصيام بتلك الاشهر من الأمور المستحبة
أوضحت بعض المذاهب أن الصيام بتلك الاشهر يعد من الأعمال المستحبة عند الله عز وجل، كما أن المذهب الشافعي والمالكي أكدوا على ترتيب أفضلية الصيام بتلك الاشهر، حيث قاموا بتقديم شهر محرم في أفضلية الصيام ثم يتلوه شهر رجب ثم شهر ذي القعدة ثم شهر ذي الحجة
كما أن المذهب الحنفي يستحب صيام بعض الأيام بالأسبوع عن غيرها من الأيام الأخر، فقد استحب صيام يوم الخميس والجمعة والسبت، إلا أن المذهب الحنبلي قد خالف هذا فقد استحب صيام شهر محرم عن بقية الاشهر الحرام الأخرى.
3- تغليظ الدية في تلك الاشهر
يرى المذهب الحنبلي والشافعي أنه يلزم تغليظ الدية أن كان السبب لها هو القتل بالأشهر الحرم أو بالبلد الحرم أو كان المرء المقتول من الأرحام أما المذهب الحنفي فيرى أنه يلزم تغليظ الفدية في جميع الأحوال بالأشهر الحرم.
الحكمة من تحريم الاشهر الحرم
رداً عن سؤال ماهي الاشهر الحرم نشير إلى أن تلك الاشهر تأتي كحلقة ربط بين أركان الإسلام، حيث أنها تكمن في ركني الصيام والحج، حيث يأتي شهر رجب قبل شهر رمضان فيكون تمهيداً للاستعداد للصيام وتدريباً لصوم رمضان، لما لها من عبادة تحتاج إلى إرادة ومجهود نفسي واستعداد بترك ما تهواه النفس.
كما أن فريضة الحج استقت من أعمال الجهد والطاقة، والدليل على ذلك قول الرسول صلي الله عليه وسلم في حديثه حين قالت عائشة رضي الله عنها
(قُلتُ يا رَسولَ اللَّهِ، ألَا نَغْزُو ونُجَاهِدُ معكُمْ؟ فَقالَ: لَكُنَّ أحْسَنَ الجِهَادِ وأَجْمَلَهُ الحَجُّ، حَجٌّ مَبْرُورٌ، فَقالَتْ عَائِشَةُ فلا أدَعُ الحَجَّ بَعْدَ إذْ سَمِعْتُ هذا مِن رَسولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ) رواه البخاري.
حيث تعتبر الاشهر الحرم منعطفاً تراجع فيه الأمة الإسلامية نفسها عما ارتكبته، وتخرج فيها أفضل ما لديها يحقق مصالح الدين، والعبادة الصحيحة.