حكم صوم يوم الجمعة منفردا .. دار الإفتاء
حكم صوم يوم الجمعة منفردًا.. دار الإفتاء أصدرت تلك الفتوى لما وجدته من حيرة بين المسلمين، فهناك الكثير من النواهي والأوامر التي تخص الصيام أقرها الله ورسوله صلى الله عليه وسلم، هناك أيام يستحب صيامها وأيام يكره الصيام فيها فما تلك الأيام؟ ففي موقع الماقه سوف نتعرف إلى حكم صيام يوم الجمعة والأيام التي يكره الصيام فيها.
حكم صوم يوم الجمعة منفردًا.. دار الإفتاء
إن لله سبحانه وتعالى يحب من يتقرب إليه بالعبادات والصيام، ولكن هناك حكمة من فرض الله الصيام في أيام ونهيها في أيامٍ أخرى، والجدير بالذكر أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن صيام يوم الجمعة منفردًا فقال:
“عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: سَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: لَا يَصُومَنَّ أَحَدُكُمْ يَوْمَ الْجُمُعَةِ إِلَّا يَوْمًا قَبْلَهُ أَوْ بَعْدَهُ” ]رواه البخاري ومسلم[.
ففي ذلك الحديث الشريف عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه ينهى عن صيام يوم الجمعة منفرًا، فإذا كان موصولًا بيوم الخميس أو يوم السبت فلا بأس في ذلك.
لكن الجدير بالذكر أنه إذا صادف يوم الجمعة أنه يوم عرفة أو يوم عاشوراء، فإن صيامه منفردًا أمر جائز ولا بأس في ذلك.
كذلك الحال إذا كان أحد الأيام البيض فيجوز صيامه مع الخميس أو السبت، وهذا ما ورد عن دار الإفتاء من خلال فتاوى الصوم في الفتوى رقم 26.
الحكمة من النهي عن صيام يوم الجمعة منفردًا
بعد التعرف إلى حكم صوم يوم الجمعة منفردًا.. دار الإفتاء، دعونا نتعرف إلى الغرض من هذا النهي، فقد أجمع العلماء على أن يوم الجمعة هو اليوم المخصص للدعاء والذكر والعبادة.
مثل غسل الجمعة وصلاة الجمعة وقراءة القرآن وذكر الله عز وجل، وغيرها من العبادات التي تعمل على التقرب من الله سبحانه وتعالى، لذا فإنه من غير المستحب الصوم في هذا اليوم لأنه سوف يكون شاقًا على المسلم فالإفطار يعينه على أن يقوم بأداء تلك العبادات على أكمل وجه بحيوية ونشاط.
كذلك وأضاف العلماء أن الرسول أجاز صيامه إذا سبقه صيام يوم أو جاء بعده صيام يوم حيث إن المسلم بذلك يكون اعتاد على الصيام ولن يصيبه فتور أو تقصير في أداء العبادات الأخرى الواجب فعلها في يوم الجمعة.
الأيام التي نهي عن صومها
في سياق معرفة حكم صوم يوم الجمعة منفردًا.. دار الإفتاء، فهناك بعض الأيام التي ينهى الإسلام الصيام فيها، وتأتي تلك الأيام متمثلة في الفقرات التالية:
1- يومي العيد
إن الرسول صلى الله عليه وسلم نهانا عن صيام كل من أو يوم في عيد الفطر وأول يوم في عيد الأضحى، “عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ-: «أَنَّ رَسُولَ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- نَهَى عَنْ صِيَامِ يَوْمَيْنِ: يَوْمِ الْأَضْحَى، وَيَوْمِ الْفِطْرِ“]رواه مسلم[.
ففي هذا الحديث تأكيد على أن النبي أمر بعد الصيام في هذه الأيام، ويرجع هذا الأمر لما فسره العلماء بأن أو يوم من أيام عيد الفطر يكون هو يوم الفصل بين رمضان والعيد فلا يجوز الصيام فيه.
أما بالنسبة لعيد الضحى فحرم فيه الصيام من أجل تناول ما تم ذبحه في هذا اليوم، ولو كان صيام هذا اليوم جائزًا فإنه بذلك يكون الذبح غير مشروع يه.
2- أيام التشريق
تتمثل تلك الأيام في يوم 11 و12 و13 من شهر ذي الحجة، قال الرسول صلى الله عليه وسلم: “التَّشْرِيقِ أَيَّامُ أَكْلٍ وَشُرْبٍ وَذِكْرٍ لِلَّهِ“] رواه مسلم[، وقد أكد العلماء على عدم صيام تلك الأيام، وإذا صام أحدًا تلك الأيام من أجل قضاء أيام رمضان، فإنه لا بد أن يصومها مرة أخرى لأن تلك الأيام محرم الصيام فيها.
3- يوم الشك
في سياق الحديث عن حكم صوم يوم الجمعة منفردًا.. دار الإفتاء، فإن يوم شك هو آخر يوم من شهر شعبان وقد نهى عن صيامه النبي صلى الله عليه وسلم في حديثه الشريف:
عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول اله صلى الله عليه وسلم لا يَتَقَدَّمَنَّ أَحَدُكُمْ رَمَضَانَ بِصَوْمِ يَوْمٍ أَوْ يَوْمَيْنِ، إِلا أَنْ يَكُونَ رَجُلٌ كَانَ يَصُومُ صَوْمَهُ فَلْيَصُمْ ذَلِكَ الْيَوْمَ“]رواه الترمذي[.
ففي هذا الحديث نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن صوم هذا اليوم إلا إذا وافق صوم القضاء أو صوم التطوع المعتاد عليه المسلم، أما إذا كان التطوع مطلق، ففي تلك الحالة لا يجوز الصيام.
كما اختلف العلماء في تفسير هذا النهي فمنهم من رأى أن صيام هذا اليوم فيه خلص بين النفل والفرض، ومنهم من يرى أن المسلم لا بد أن يتقوى بالفطر استعدادًا لصيام شهر رمضان الكريم.
4- صيام النصف الثاني من شعبان
في إطار الحديث عن حكم صوم يوم الجمعة منفردًا.. دار الإفتاء، فقد نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن صيام النصف الثاني من شهر شعبان حتى يوم الشك، “عن أبي هريرة: أن رسولَ الله صلى الله عليه وسلم قال: إذا انتصَف شعبانُ فلا تصوموا“]رواه أبو داود[.
وجاءت أراء العلماء بجواز الصيام في النصف من شعبان في حالة أن كان على المسلم نذر أو قضاء أو عادة في الصيام، فيدا عدا ذلك فإن صيامه لا يكون صحيحًا، وهذا ما ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم في حديثه الشريف: “لا يتقدَّمَنَّ أحدُكم رمضان بصوم يومٍ أو يومين، إلا أن يكونَ رجلٌ كان يصوم صومَه، فليصُمْ ذلك اليوم“]رواه البخاري ومسلم[.
5- صيام الدهر
تتبعًا لذكر حكم صوم يوم الجمعة منفردًا.. دار الإفتاء، دعونا نقول إن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن صيام كل يوم، وذلك لما فيه من مشقة وتعب للمسلم، كما أنه من يصوم كل يوم يصوم الأيام التي نهى عن الصيام فيها.
فإن في ذلك مخالفة لأوامر النبي صلى الله عليه وسلم، فمن الأفضل أن يصوم المسلم يومًا ويفطر يوم.
هذا ما ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم في حديثه مع عمرو بن العاص فقال صلى الله عليه وسلم: “فصُمْ صومَ داود؛ كان يصوم يومًا ويُفطِر يومًا، ولا يَفِرُّ إذا لاقَى”]رواه مسلم [.
فضل الصيام
في إطار ذكر حكم صوم يوم الجمعة منفردًا.. دار الإفتاء، فيمكن القول إن الصيام من أفضل العبادات التي يتقرب بها العبد إلى ربه سبحانه وتعالى.
كذلك لعل الصيام من العبادات والفرائض المهمة التي لها الكثير من الفضائل في الدنيا والآخرة أيضًا، وفي الفقرات التالية سوف نستعرض أهم الفضائل التي تعود على المسلم بعد صيامه:
فضل الصيام في الدنيا
استمرارًا في سياق الحديث عن حكم صوم يوم الجمعة منفردًا.. دار الإفتاء، فإن الصيام يترتب عليه الكثير من الفوائد للمسلم في حياته، وتتمثل تلك الفوائد في الفقرات التالية:
1- تحقيق التقوى
لا شك أن الصيام يعمل على تجنيب المسلم الوقوع في الأخطاء والمعاصي، مما يحميه من عذاب النار وجزاء الله سبحانه وتعالى، وباجتناب المسلم الذنوب والمعاصي والتغلب على الشهوات، وتجاهل وسوسة الشيطان، فإنه يصل إلى مكانة التقوى.
2- استجابة الدعاء
أشار النبي صلى الله عليه وسلم إلى أن الصائم يستجاب لدعائه بإذن الله تعالى، فقد ورد في حديثه الشريف “ثلاثةٌ لا تُرَدُّ دعوتُهم: الصَّائمُ حتَّى يُفطِرَ والإمامُ العَدلُ ودعوةُ المظلومِ“]رواه ابن حبان[، ففي هذا الحديث تأكيدًا على مكانة الصائم عند الله عز وجل فهو لا يرد دعوته ويجيبه بإذن الله.
3- تخصيص باب في الجنة للصائمين
استكمالًا الحديث عن حكم صوم يوم الجمعة منفردًا.. دار الإفتاء، فقد أشار النبي صلى الله عليه وسلم إلى أن الصائمين لهم باب في الجنة يسمى الريان، يدخلون منه ولا يدخل أحدًا معهم.
4- ترويض النفس
فإن الصيام يساعد المسلم على أن يدرب نفسه على الجود ويروض نفسه ويعودها على عدم الانجراف نحو ملذات الدنيا وشهواتها، كما يعود نفسه على مساعدة المحتاجين والفقراء وأداء النوافل وقراءة القرآن باستمرار.
5- تقويم السلوك
إن الصيام يساعد المسلم على التخلص من السلوك السيئ والتحلي بالصفات النبيلة، كما يتعود على استغلال الوقت في أداء الطاعات التي تقربه من الله سبحانه وتعالى.
فضل الصيام في الآخرة
أن الله سبحانه وتعالى فرض الصيام وجعله ركن من أركان الإسلام، ليكون بذلك نجاة من عذاب الله سبحانه وتعالى فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم في حديثه الشريف: “الصَّومُ جُنَّةٌ من عذابِ اللَّهِ“]رواه السيوطي[.
كذلك فأكد النبي صلى الله عليه وسلم أن رائحة فم الصائم يحبها الله أكثر من رائحة المسك، فإن في ذلك دليل على أن الصائم له مكانة كبيرة عند الله سبحانه وتعالى.
كذلك فهناك العديد من الأحاديث الشريفة التي تثبت مكانة الصيام عند الله سبحانه وتعالى فيقول النبي صلى الله عليه وسلم: “مَن صَامَ يَوْمًا في سَبيلِ اللهِ، بَاعَدَ اللَّهُ وَجْهَهُ عَنِ النَّارِ سَبْعِينَ خَرِيفًا“]رواه مسلم[.
ففي ذلك الحديث أكبر دليل على أن الصيام يساعد المرء على الابتعاد عن عذاب النار، كما أن الصيام يشفع للمسلمين يوم القيامة، ويرفع من درجاتهم في الجنة.