متى ينتهي وقت صلاة العصر
متى ينتهي وقت صلاة العصر ومتى يدخل وقتها من المواضيع التي تناولتها كتب الشريعة الإسلامية، وبذل في توضيحها علماء الحديث أقصى جهدهم، وفي هذا الموضوع نتناول بإيجاز مواقيت صلاة العصر وموعدها.
متى ينتهي وقت صلاة العصر
حدد الفقهاء متى ينتهي وقت صلاة العصر باصفرار الشمس، وقالوا أنه لا يجوز تأخير صلاة العصر إلى هذه الوقت إلا للضرورة الحقيقية، ويأثم المسلم إذا أخرها دون عذر، وفي حديث سيدنا جبريل أن صلاة العصر إلى أن يصبح ظل كل شيء مثله.
حديث متى ينتهي وقت صلاة العصر
عن عبد الله بن عمر -رضي الله عنه وعن أبيه- قال: “سُئِلَ رَسولُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عن وَقْتِ الصَّلَوَاتِ، فَقالَ وَقْتُ صَلَاةِ الفَجْرِ ما لَمْ يَطْلُعْ قَرْنُ الشَّمْسِ الأوَّلُ، وَوَقْتُ صَلَاةِ الظُّهْرِ إذَا زَالَتِ الشَّمْسِ عن بَطْنِ السَّمَاءِ، ما لَمْ يَحْضُرِ العَصْرُ، وَوَقْتُ صَلَاةِ العَصْرِ ما لَمْ تَصْفَرَّ الشَّمْسُ، وَيَسْقُطْ قَرْنُهَا الأوَّلُ، وَوَقْتُ صَلَاةِ المَغْرِبِ إذَا غَابَتِ الشَّمْسُ، ما لَمْ يَسْقُطِ الشَّفَقُ، وَوَقْتُ صَلَاةِ العِشَاءِ إلى نِصْفِ اللَّيْلِ” (صحيح مسلم 612)
وهذا هو الحديث الذي حدد منه الفقهاء متى ينتهي وقت صلاة العصر.
شرح حديث متى ينتهي وقت صلاة العصر
كان الصحابة رضوان الله عليهم لا يترددون في سؤال النبي عما أشكل عليهم، أو أي شيء يؤرقهم، وأي شيء أهم في حياة المسلم من الصلاة، في هذا الحديث سأله أحد الصحابة عن مواعيد الصلوات الخمسة ووقت كل صلاة أي الوقت المسموح بالصلاة فيه ويكون أداءً وليس قضاءً.
فقال -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-:
- وقت الفجر هو طلوع قرن الشمس الأول أي قبل الشروق، فإذا أشرقت الشمس انتهى وقت الأداء وأصبح صلاتها قضاء، أي أن وقت الأداء بالنسبة لصلاة الفجر ممتد حتى تشرق الشمس.
- وقت صلات الظهر من أول أن تكون الشمس في كبد السماء حتى تزول، أي يصبح ظل كل شيء طوله.
- ووقت صلاة العصر يكون من نهاية وقت صلاة الظهر حتى يصفر لون الشمس، فيدخل وقت كراهة الصلاة.
بالرغم من أن هذا الوقت وقت كراهة إلا أن صلاة العصر فيه تكون أداء لا قضاء. - وقت صلاة المغرب يبدأ من غروب الشمس إلى أن يسقط الشفق، وهذا دليل على أن وقت أداء صلاة المغرب ممتد.
- وقت أداء صلاة العشاء من نهاية وقت صلاة المغرب حتى منتصف الليل.
مواقيت الصلاة في السنة
الصلاة مثلها كمثل باقي العبادات توقيفية، أي لا يمكننا التعديل أو التغير فيها، وكذلك في مواقيتها فقال الله تعالى: ” فَإِذَا قَضَيْتُمُ الصَّلَاةَ فَاذْكُرُوا اللَّهَ قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَىٰ جُنُوبِكُمْ ۚ فَإِذَا اطْمَأْنَنتُمْ فَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ ۚ إِنَّ الصَّلَاةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَابًا مَّوْقُوتًا” (النساء 103)
وبذلك الصلاة لها مواقيت محددة حددها الرسول -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- في الحديث الذي رواه جابر بن عبد الله قال: “أمَّني جبريلُ عندَ البيتِ مرَّتينِ فصلَّى بيَ الظُّهرَ حينَ زالتِ الشَّمسُ وَكانت قدرَ الشِّراكِ وصلَّى بيَ العصرَ حينَ كانَ ظلُّهُ مثلَهُ وصلَّى بيَ يعني المغربَ حينَ أفطرَ الصَّائمُ وصلَّى بيَ العشاءَ حينَ غابَ الشَّفَقُ وصلَّى بيَ الفجرَ حينَ حرمَ الطَّعامُ والشَّرابُ على الصَّائمِ فلمَّا كانَ الغدُ صلَّى بيَ الظُّهرَ حينَ كانَ ظلُّهُ مثلَهُ وصلَّى بي العصرَ حينَ كانَ ظلُّهُ مثليهِ وصلَّى بيَ المغربَ حينَ أفطرَ الصَّائمُ وصلَّى بيَ العشاءَ إلى ثلثِ اللَّيلِ وصلَّى بيَ الفجرَ فأسفَرَ ثمَّ التفتَ إليَّ وقالَ يا محمَّدُ هذا وقتُ الأنبياءِ من قبلِكَ والوقتُ ما بينَ هذينِ الوقتينِ” (تخريج مسند أحمد 333/1).
شرح الحديث
في هذا الحديث الشريف يروي لنا الرسول -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أنَّ سيدنا جبريل صلى به إمامًا يومين، وفي كل يوم صلى به خمس صلوات ليعلمه مواعيدها وميقاتها.
في اليوم الأول
يقول عن صلاة الظهر أن جبريل عليه السلام صلى به الظهر حين زوال الشمس، وكان ظل الشيء يختلف عنه اختلاف بسيط، ويوضح مقدار الظل بقوله: “وَكانت قدرَ الشِّراكِ” والشرك هو قطعة الجلد التي تكون أعلى الحذاء وهذا المقدار ليس على التحديد، لكن استخدمه الرسول -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لتبيين زوال الشمس، وهذا هو ميقات وقت الظهر.
الظل يختلف من بلد إلى آخر حسب البعد أو القرب عن خط الاستواء، لكن المعنى هو أن الظهر في وقت زوال الشمس.
يقول عن صلاة العصر أن جبريل صلى به صلاة العصر عندما أصبح ظل كل شيء مثله.
يقول عن صلاة المغرب أن جبريل عله السلام صلى به عندما غربت الشمس، وهذا هو وقت إفطار الصائم.
وصلاة العشاء كانت حين غاب الشفق، وهو اللون الأحمر الذي يكون في السماء بعد مغرب الشمس، وهو وقت بداية الليل.
وصلاة الفجر كانت عندما أشرق الفجر الثاني، أي وقت الامتناع عن الأكل والشرب بالنسبة للصائم.
والفجر الثاني أو الفجر الصادق على قول الفقهاء، وهو ظهور الضوء المستعرض يظهر نوره من الشمال إلى الجنوب، في السماء ليس بينه وبين الأفق موضع ظلام، وهو الفجر الذي لا يظلم بعده بل يزداد نوره على عكس الفجر الأول في كل ذلك.
اليوم الثاني
صلى جبريل بالنبي صلاة الظهر عندما كان ظل كل شيء مثله في الطول، أي أن هذا آخر وقت صلاة الظهر، وهو بداية دخول وقت صلاة العصر.
صلى به جبريل عليه السلام صلاة العصر عندما أصبح طول ظل كل شيء ضعف طوله الطبيعي.
وصلاة المغرب صلاها سيدنا جبريل بالنبي في نفس الوقت الذي صلاها فيه في اليوم السابق “وصلَّى بيَ المغربَ حينَ أفطرَ الصَّائمُ”.
صلى سيدنا جبريل صلاة العشاء وأخرها إلى الثلث الأول من الليل، ورد في حديثٍ آخر أن صلاة العشاء إلى منتصف الليل، وفي حديث ثالث أن صلاة العشاء إلى وقت الفجر، وقال الفقهاء في هذا الأمر أن الثلث الأول من الليل هو الوقت الأفضل لصلاة العشاء، ولا يتم تأخيرها عن هذا الوقت إلا لعذر، ثم يلي ذلك الوقت هو الوقت إلى ما بعد نصف الليل، ثم يليهم في الفضل الوقت إلى الفجر، وهو يلي الوقتين السابقين في الفضل.
يتم حساب وقت منتصف الليل بأن تقسم الوقت ما بين غروب الشمس ووقت شروقها، فالنصف ما بينهم هو منتصف اليل.
صلى جبريل بالنبي صلاة الفجر وأخرها إلى وقت انتشار ضوء أشعة الشمس “وصلَّى بيَ الفجرَ فأسفَرَ”.
ثم التفت سيدنا جبريل إلى النبي وقال: “يا محمَّدُ هذا وقتُ الأنبياءِ من قبلِكَ والوقتُ ما بينَ هذينِ الوقتينِ”
أي أن وقت كل صلاة ينحصر ما بين الوقت الذي صلى فيه سيدنا جبريل في اليوم الأول، والوقت الذي صلاه فيه اليوم الثاني، فالصلاة قد تكون في أوله أو أوسطه أو آخره.
شرح الإمام النووي عن متى ينتهي وقت صلاة العصر
في كتابه “صحيح مسلم بشرح الإمام النووي” قال محيي الدين أبي زكريا في الصفحة رقم 98 من الجزء الثالث الطبعة الشهيرة، كتاب المساجد ومواضع الصلاة / باب3 / حديث رقم 172 في الحاشية: ” قال أصحابُنا: للعَصْرِ خَمسةُ أوقاتٍ: وقت فضيلة واختيار وجواز بلا كراهة وجواز مع كراهة ووقت عذر؛ فأمَّا وقت الفضيلة فأوَّل وقتها، ووقتُ الاختيار يمتدّ إلى أن يَصيرَ ظِلّ الشيء مِثْلَيْه، ووقتُ الجواز إلى الاصفِرار، ووقْتُ الجوازِ مع الكراهة حال الاصفِرار إلى الغُروب، ووقتُ العُذْر وهو وقت الظّهر في حقّ مَن يَجمع بين العصْر والظُّهر لسفرٍ أو مطر، ويكونُ العصرُ في هذه الأوقات الخمسةِ أداءً، فإذا فاتت كلُّها بغروبِ الشَّمس صارت قضاءً”
خلاصة متى ينتهي وقت صلاة العصر
بعد أن جمع الفقهاء بين النصوص المتحقق منها واتباع الأصول الفقهية، خلصوا إلى أن لصلاة العصر وقتين، وهم:
- وقت اختيار: وهو من أول وقت العصر أن يكون لا ظل للشيء في الشمس إلى أن تصفر الشمس، وذلك تحديده بالساعة صعب جدًا بسبب اختلاف المواقيت كل موسم، بل أن المواقيت تختلف كل يوم عن سابقه وعن تاليه، وهذا قاله الرسول -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- في الحديث الأول: “وَوَقْتُ صَلَاةِ العَصْرِ ما لَمْ تَصْفَرَّ الشَّمْسُ”
- وقت اضطرار: وهو الوقت المنحصر ما بين اصفرار الشمس إلى غروبها، وذلك لقول الرسول -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: ” أنَّ رَسولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قالَ: مَن أَدْرَكَ مِنَ الصُّبْحِ رَكْعَةً قَبْلَ أَنْ تَطْلُعَ الشَّمْسُ، فقَدْ أَدْرَكَ الصُّبْحَ، ومَن أَدْرَكَ رَكْعَةً مِنَ العَصْرِ قَبْلَ أَنْ تَغْرُبَ الشَّمْسُ، فقَدْ أَدْرَكَ العَصْرَ” رواه أبو هريرة وأخرجه البخاري في صحيحه برقم 579
إن تحديد موعد صلاة العصر وموعد نهايته في زماننا هذا، الحمد لله أصبح سهلًا ميسرًا، باستخدام كافة الوسائل الحديثة التي أخدت مصداقيتها وتصاريح من الهيئات المعتمدة في الفتوى في العالم الإسلامي، وحتى النتائج الورقية التي يُحَدد عليها مواقيت الصلاة.