علاقات المجاز المرسل
علاقات المجاز المرسل تتباين بين العلماء، حيث اختلفت العلاقات من عالم إلى عالم آخر، حيث قال الخطيب القزويني عنها أنها ثماني علاقات، وقال أبي أحمد الغزالي أنهم أربع عشرة علاقة، وقيل إن السيوطي قد أوصلها إلى عشرين علاقة، ولكن اتفق جميع العلماء على ثماني علاقات أساسية، لذا سنعرض لكم الآن من خلال موقع الماقه علاقات المجاز المرسل المتفق عليها.
علاقات المجاز المرسل
تتعدد علاقات المجاز المرسل في علم البلاغة، ولكن المتفق عليه هو ثماني علاقات، وسوف نعرض لكم الآن من هذه العلاقات في الفقرات القادمة:
1- العلاقة السببية
في صدد الحديث عن علاقات المجاز المرسل يمكننا الحديث عن العلاقة السببية، حيث تدل العلاقة السببية على تسمية الشيء باسم سببه مثل “رعت الماشية الغيث”، حيث إن الغيث هو المجاز في هذه الجملة لأن الذي يتم رعايته هو النبات وليس الغيث، والغيث هو السبب في لوجود النبات لذا فقد تم التعبير بالسبب.
من بعض الأمثلة على العلاقة السببية أيضًا “قرأت العقاد” والتي تعني قرأت ما كتبه، “درست أحمد شوقي” والتي تعني أنني درست أشعاره فهنا تم ذكر السبب والأثر الناتج عنه.
كثر وجود هذا النوع من العلاقات في المجاز المرسل خاصًة في الشعر مثل قول عمرو بن كلثوم:
ألا لا يجهلن أحد علينا … فنجهل فوق جهل الجاهلينا
حيث يعد الجهل الأول حقيقة بينما الجهل الثاني هو المجاز المرسل والذي أطلق للرد على الجهل الأول.
من قول السموأل: “تسيل على حد الظبات نفوسنا” ولم يقل على حد الظبات تسيل، لأن وجود النفس هو سبب للدم المتواجد على الرمح.
2- العلاقة المسببية
تدل هذه العلاقة على استعمال النتيجة لتدل على السبب، حيث في هذه العلاقة يتم تسمية الشيء بما يتسبب عنه فيتم استعمال اللفظ الدال عن النتيجة.
من أمثلة ذلك قول الله تعالى: (إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوَالَ الْيَتَامَىٰ ظُلْمًا إِنَّمَا يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ نَارًا) [النساء: 10]، تم ملاحظة أن لفظ نار جاء نتيجة عن أكل المال الحرام، حيث إن النار لا يتم أكلها، ومن هنا أتت العلاقة المسببية حيث إن النتيجة على أكل المال الحرام هو النار في بطون من أكلوه.
مثال آخر على العلاقة المسببية وهو قول الله تعالى: (وَيُنَزِّلُ لَكُم مِّنَ السَّمَاءِ رِزْقًا) [غافر: 13]، حيث إن الرزق لا ينزل من السماء بل الذي ينزل من السماء هو المطر الذي يساعد على زراعة النبات التي تأتي بالرزق.
3- العلاقة المحلية
هي العلاقة التي يتم فيها تسمية الشيء بمحله، وهذا يعني أن يحل المكان أو المحل بدلًا عن المحتوى أو الذي يحتويه المكان.
مثال على العلاقة المحلية “حكمت المحكمة على المتهم”، حيث إن المحكمة لا تحكم على المتهم لأنها مكان، والمقصود من الجملة أن القضاة الموجودين بالمحكمة هم من حكموا على المتهم، وهناك تكون العلاقة محلية لأن المحكمة حلت مكان القضاة في الجملة.
مثال آخر عن العلاقة المحلية في قول الله تعالى: (وَاسْأَلِ الْقَرْيَةَ الَّتِي كُنَّا فِيهَا وَالْعِيرَ الَّتِي أَقْبَلْنَا فِيهَا ۖ وَإِنَّا لَصَادِقُونَ) [يوسف: 82]، المجاز المرسل هنا هو كلمة القرية، وعلاقته محلية لأن المقصود هو أهل القرية، وذُكر المحل وهو القرية.
4- علاقة حالية
تتحقق هذه العلاقة عند التعبير بلفظ الحال والمقصود المكان نفسه، والمقصود بها حل المكان على الفاعل.
مثال على ذلك من القرآن الكريم قول الله تعالى (إِنَّ الْأبْرَارَ لَفِي نَعِيمٍ) فقد تم استعمال كلمة نعيم وهي حال الجنة، لتدل على مكان وجود النعيم وهو الجنة بدل القول إن الابرار لفي نعيم الجنة وهو في نفس الوقت يدل على حال الأبرار.
مثال آخر: “ذهبت إلى الإسماعيلية ونزلت فيها بصديقي أحمد” وهنا تتحقق العلاقة الحالية حيث المقصود هو ببيت صديقي أحمد، لأن كلمة النزول تأتي مع كلمة الدار وصديقي محمد حال عن داره.
مثال من شعر المتنبي “إلي نزلت بكذابين ضيفهم عن القِرى وعنِ الترحال محدود” يكمن المجاز المرسل في كلمة كذابين والمقصود بها هي أنه نزل بأرض يسكن فيها أشخاص كذابين.
5-علاقة اعتبار ما كان
استكمالًا للحديث عن علاقات المجاز المرسل يمكن الحديث عن علاقة ما كان، والتي تدل على تسمية الشيء نسبة إلى ماضيه أو ما كان عليه الشيء في الماضي، فإذا ذكر الشيء على ما كان عليه في الماضي وليس الحاضر فسيكون مجاز المرسل.
وذكرت هذه العلاقة في القرآن في قوله تعالى: (إِنَّهُ مَن يَأْتِ رَبَّهُ مُجْرِمًا فَإِنَّ لَهُ جَهَنَّمَ لَا يَمُوتُ فِيهَا وَلَا يَحْيَىٰ) [طه: 74]، حيث ذكرت الآية هنا دليل على أن الإنسان كان قبل وفاته مجرمًا لأن ليس هناك شخص يظل مجرمًا بعد وفاته.
مثال آخر: “يشرب الناس البن” حيث كانت القهوة قبل عملها بن، وأن القهوة بعد عملها بالطريقة الصحيحة لم تعد بن بل قهوة لذا هي علاقة اعتبار ما كان في الماضي.
6- علاقة اعتبار ما سيكون
هي علاقة تدل على اعتبار أو احتمال ما سيكون عليه الشيء في المستقبل القريب أو البعيد.
مثال على ذلك “سأوقد النار” وهذا يدل على أن النار ستكون موجودة في المستقبل، لأن الحطب هو ما يتم إيقاده وليس النار نفسها، ومن هنا نستدل على أن الحطب سوف يصبح نار بعد إيقاده عوضًا عن استخدام جملة سأوقد الحطب للنار.
مثال آخر من القرآن الكريم، قال الله تعالى: (إِنَّكَ إِن تَذَرْهُمْ يُضِلُّوا عِبَادَكَ وَلَا يَلِدُوا إِلَّا فَاجِرًا كَفَّارًا) [نوح: 27]، وفي هذه الآية يخبر الله سيدنا نوح أن الكفار لن يلدوا إلا كافر مثلهم في المستقبل وهنا تتحقق علاقة اعتبار ما سيكون.
7- العلاقة الكلية
هي عبارة عن تسمية الشيء باسمه كله حيث يستعمل اللفظ كله ليدل على جزء منه، أو عندما يعبر الشخص بالكل والمقصود هو الجزء منه
مثال على العلاقة الكلية “شربت ماء زمزم”، وماء زمزم في هذه الجملة هو المجاز المرسل لأن الشخص لم يشرب ماء زمزم كله بل شرب جزء منه وهي علاقة كلية لأنه ذكر الماء كله.
مثال آخر من القرآن: (جَعَلُوا أَصَابِعَهُمْ فِي آذَانِهِمْ) [نوح: 7] حيث إن الكفار لم يضعوا أصابعهم كاملة بل المقصود هنا هو وضعهم لأنامل أصابعهم في آذانهم، ولكن تم ذكر الأصابع كلها لذا هي علاقة كلية.
8- العلاقة الجزئية
هي عبارة عن علاقة تدل على تسمية الشيء باسم جزء منه بحيث يستخدم الجزء ليدل على الكل.
من الأمثلة على العلاقة الكلية قول معن بن أوس المزني في ابن أخته:
وكم علمته نظم القوافي … فلما قال قافية هجاني
كلمة القوافي هي علاقة جزئية لأن معنى لم يعلم ابن اخته القوافي فقط بل علمه القصائد جميعها وهي العلاقة جزئية لذكره القوافي، ولم يذكر القصائد حيث كتب ابن أخته قصائد وليس قوافي فقط.
مثال آخر على العلاقة الجزئية في القرآن الكريم، قال الله تعالى: (ومِنَ اللَّيْلِ فَاسْجُدْ لَهُ وَسَبِّحْهُ لَيْلًا طَوِيلًا) [الإنسان: 26]، وتم ذكر السجود في والذي يعتبر جزء من الصلاة، ولكن المراد في الآية هي الصلاة كلها وليس السجود فقط لذا تم اعتبارها علاقة جزئية لأن المذكور فيها هو جزء من الكل.
تعريف المجاز المرسل
بينما نحن في صدد ذكر علاقات المجاز المرسل يمكننا أيضًا ذكر ماهية المجاز المرسل، وسنقوم بتعريف المجاز المرسل كما جاء في كتب علماء البلاغة، فالمجاز المرسل هو: “اللفظ المستخدم في غير ما وضع له لعلاقة غير المشابهة مع قرينة مانعة من إرادة المعنى الحقيقي”.
فوائد المجاز المرسل
حيث يوجد بعض الفوائد لاستخدام المجاز المرسل في البلاغة واللغة العربية وتتلخص في:
- الإيجاز والاختصار في الكلام.
- الإبداع في الكلام.
- ازدياد قوة الكلام في التأثير.
- القدرة على التفنن والتنوع في الكلمات.
- ابتكار أساليب جديدة للمعاني.
- الدقة في اختيار العلاقة المناسبة من علاقات المجاز المرسل.
- استخدام المبالغة التي من الممكن أن تكون مقبولة.