كم مدة حمل السيدة مريم
بعض الناس لا يكتفون من العبرة في ققص الأنبياء ويتطرقون إلى الحديث عن تفاصيل التفاصيل.. المواقع الفقية ودار الإفتاء طالما تلقوا الكثير من الأسئلة حول هذا وذاك، فما هو اسم عزيز مصر الذي اشترى يوسف.. من هو فرعون موسى.. كم مدة حمل السيدة مريم بنت عمران!
مريم بنت عمران أو مريم العذراء والتي سميت بهذا كشهادة على عفتها ونقاءها.. وقد كرمها الله بإطلاقها اسمها على أحد سور القرآن الكريم “سورة مريم”، فهي شخصية لها قدسيتها عند المسلمين والمسيحيين على حدٍ سواء.
كم مدة حمل السيدة مريم
بالنسبة للسؤال كم مدة حمل السيدة مريم فإنه بشكل واضح لم يذكر في الكتب الصحاح ما يدل على فترة حملها بسيدنا عيسى – عليهما السلام – والرأي الراجح هنا أن فترة الحمل إن كانت غريبة عن المعتاد أي غير مألوفة، أي تزيد عن تسعة أشهر أو تقل عن سبعة فإنها كانت سوف تذكر ولو على سبيل إبراز المعجزة والتأكيد عليها.. إذن لا خيار لدينا بعد ألفين عام من الحدث وكل الوثائق الدينية والتاريخية التي دونته، لا خيار إلا أن نسلم بأن فترة حمل مريم العذراء من عيسى – عليهما السلام – كانت هي الفترة السائدة والشائعة بين الناس، أي فترة تسعة أشهر.
إلا أن المفسرين ما تركوا هذا الأمر دون طرق بابه…
آراء المفسرين حول مدة حمل السيدة مريم العذراء
القرطبي في تفسيره (الجزء الحادي عشر) قد ميز فترة حملها ما بين ثمانية وتسعة أشهر، وهذا التناول في مضمونه يسلم – كما هو واضح – بأن مريم العذراء حملت كحمل النساء.
ويتفق ابن كثير مع القرطبي في هذا، إلا أنه يسلم بأن فترة حملها قد امتدت لتسعة أشهر.
فيقول ابن كثير ان ابن عباس حين سُئل عن حمل مريم بنت عمران قال: “لم يكن إلا أن حملت فوضعت”. وكأنه استند على الظاهر من قوله تعالى }فحملته فانتبذت به مكانا قصيا فأجاءها المخاض إلى جذع النخلة{ فالفاء للتعقيب الذي يهدف لعدم حدوث تراخيًا في الصورة، ولكن ما من تعقيبًا إلا بحسبة – حسب قول ابن كثير.. ويوضح هذا بالاستشهاد بقوله تعالى في سورة المؤمنون: (ولقد خلقنا الإنسان من سُلالة من طين . ثم جعلناه نطفةً في قرار مكينٍ . ثم خلقنا النطفَةَ علقةً . فخلقنا العَلَقةَ مُضغةً . فخلقنا المُضغةَ عظامًا). فهذه فاء تعقبها فاء تعقبها فاء، وكل منهم تعد تعقيبًا بحسبة.
ويكمل ابن كثير استشهاده، بأنه: الثابت في الصحيحين أن بين كل صفة والتي سبقتها أربعين يومًا.
مثال ثاني: يقول تعالى في سورة الحج: (ألَمْ تر أن اللهَ أنزلَ من السماءِ ماءً فتصبحُ الأرضُ مُخضرةً).
كم مدة حمل السيدة مريم عند ابن كثير
الشاهد أن مريم بنت عمران حملت بالمسيح كما تحمل النساء بأولادهن، ولهذا حين ظهرت عليها أمارات الحمل، وكان يوسف النجار معها في المسجد يخدم البيت المقدس، رأى يوسف بطنها وقد كبرت وانتفخت وأنكر منها ذلك، ثم صرفه عن أن يظن بها السوء ما يعلمه من تقيها وبراءتها ونزاهتها.
ثم تأمل حالها فصار أمرها يدور في ذهنه، فلا يستطيع صرفه حتى استقر على أن يحادثها.. فقال: يا مريم إني سائلك عن أمر فلا تعجلي عليَّ.
قالت: وما هو؟
قال: هل يكون قط شجر من غير حَب؟ وهل يكون زرع من غير بذر؟ وهل يكون ولد من غيْر؟
فقالت: نعم ـ وقد فهمت ما أشار يوسف إليه.
وأكملت مريم العذراء عليها السلام: أما قولك “هل يكون شجر من غير حَب، وزرع من غير بذر” فإن الله خلق الشجر والزرع وأول ما خلقهما من غير حب ولا بذر “وهل خُلق ولدٌ من غير أب” فإن الله خلق آدم من غير أب ولا أم، فصدقها وسلم لها حالها.
اختلاف جمهور العلماء على مدة حمل السيدة مريم
اختلف جمهور العلماء فيما يتعلق بالإجابة على سؤال كم مدة حمل السيدة مريم، فانقسمت آراؤهم إلى ثلاث وجهات نظر مختلفة، أصحاب كل وجهة نظر يدعمونها من خلال اجتهادهم الشخصي، ويتم تلخيص وجهات النظر هذه على النحو التالي:
الرأي الأول: الحمل لمدة تسعة أشهر
هذا ما ذهب إليه معظم علماء الدين (ما حملت مريم إلا كغيرها من النساء)، أي تسعة أشهر، لأن الله لم يذكر في كتابه أي شيء يتعلق بهذا الأمر على نحو به إعجاز أو قدرة غريبة استثنائية خارقة للعادة. من النساء ، بالإضافة إلى أن هناك دلائل على أنها ابتعدت عن شعبها عندما بدأت علامات الحمل بالظهور، بعدما سألها يوسف النجار عن والد طفلها.
الرأي الثاني: الحمل لمدة ثمانية أشهر
يشير علماء آخرون إلى أنها حملت لمدة ثمانية أشهر، لأن معظم الذين ولدوا في الشهر الثامن لا يعيشون، وفي هذه المعجزة تكريم لنبي الله عيسى المسيح.
الرأي الثالث: أنها حملت وولدت في الوقت نفسه
هذا رأي بعض علماء الدين واللغويين، استنادًا على الفاء في قوله تعالى: (فحملته فانتبذت به مكانا قصيّا*فأجاءها المخاض إلى جذع النخلة)، لذا فإن استخدام الله سبحانه وتعالى حرف الجر هو علامة ودلالة على التعقيب الفوري – حسب هذا الرأي – مفرقين بين هذا وقوله تعالى عن الخلق: (ولقد خلقنا الإنسان من سلالةٍ من طين ثم جعلناه نطفةً في قرارٍ مكين)، على عكس ما فعل ابن كثير حين وضع الأمرين على كفة واحدة. وقد سلموا بأن استخدم “ثم” هنا للإشارة إلى وجود فترة زمنية بين الحدث الأول (خلقنا الإنسان من سلالة من طين) والحدث الذي تلاه (جعلناه نطفة في قرار مكين)، وهذا لم يكن موجودًا في حمل مريم العذراء.
وهذا يعني أن من استندوا على هذا المثال لم يكمل الاستناد على النموذج ذاته دون تبديل، حيث تأتي الفاء متكررة في بقية النص القرآني، وبالحديث عن نفس العملية، عملية خلق الإنسان.. (ثم خلقنا النطفَةَ علقةً . فخلقنا العَلَقةَ مُضغةً . فخلقنا المُضغةَ عظامًا).
أين يوجد قبر مريم العذراء
وقبل أن ننهي كلامنا نختمه بأمر شائك آخر عن مريم العذراء، أين يوجد قبر مريم العذراء؟ في الحقيقة ليس هناك ذكر لهذا الأمر في الإسلام إلا أن معظم الطوائف والكنائس المسيحية تقول أن مريم عليها السلام انتقلت إلى السماء بروحها وجسدها (أي أن الله تعالى رفعه مثل ابنها عيسى عليه السلام)، لكن هذه الكنائس تختلف في بعض التفاصيل، فنذكر منها :-
تقول الكنيسة الكاثوليكية أن السيدة مريم بنت عمران عليها السلام انتقلت للسماء بروحها وجسدها في الوقت ذاته.
أما الكنيسة الأرثوذكسية فتقول أن هذا الانتقال كان لروحها أولاً، وبعد وفاتها بفترة وجيزة انتقل جسدها أيضًا.
والجدير بالذكر هنا أن بعض الكنائس والطوائف المسيحية تنفي انتقال مريم العذراء إلى السماء جملة وتفصيلًا، وتقول أن انتقال الروح والجسد إلى السماء كان فقط للنبي عيسى عليه السلام.. ويقولون أن قبرها يقع في مدينة القدس في كنيسة الجسمانية، داخل جبل الطور عند باب الأسباط.