اسلاميات

لماذا نطوف حول الكعبة

لماذا نطوف حول الكعبة؟ وهل يوجد شروط للطواف حول الكعبة؟ فالطواف حول الكعبة هو أحد الأوامر الإلهية التي فرضها الله – تعالى – علينا عند أداء الحج والعمرة، وذلك بأن نطوف حول الكعبة لسبع أشواط عكس اتجاه عقارب الساعة، والآن سنجيب لكم عبر موقع الماقه عن سؤال لماذا نطوف حول الكعبة.

لماذا نطوف حول الكعبة؟

بصدد الإجابة عن سؤال لماذا نطوف حول الكعبة يجدر الذكر بأنه لا يجب على المسلم معرفة الحكمة من كل ما يفرضه الله عليه من عبادات، بل يجب أن يمتثل لأمر الله – عز وجل – فالإسلام لغةً يعني أن يسلم الإنسان نفسه بالكامل لشيء ما.

أما اصطلاحًا فيعني أن يسلم المسلم نفسه لله وإطاعة أوامره دون التفكير فيما وراء تلك الأوامر من حكمة أو سبب، لكن يمكن أن نجيب عن سؤال لماذا نطوف حول الكعبة بأنه اتباعًا لسنة النبي محمد – صلى الله عليه وسلم –.

حيث كان يطوف حول الكعبة لسبعة أشواط كتحية للمسجد الحرام، بالإضافة إلى أنه يُعد أمرًا واضحًا من الله – تعالى – حيث قال في كتابه: (وَلْيَطَّوَّفُوا بِالْبَيْتِ الْعَتِيقِ) [سورة الحج: الآية 29]

كما أنه بالرغم من أن الكعبة مصنوعة من الحجارة التي لا تنفع ولا تضر إلا أن الطواف حولها يُعد امتثالًا لأمر الله – تعالى –  وتعظيمًا لشعائره، (ذَٰلِكَ وَمَن يُعَظِّمْ شَعَٰٓئِرَ ٱللَّهِ فَإِنَّهَا مِن تَقْوَى ٱلْقُلُوبِ) [سورة الحج: الآية 32]

يرى بعض العلماء أن سبب الطواف حول الكعبة هو تعظيمًا لهذا البيت العتيق الذي يُعد أول بيت بُني على الأرض، كما أنه من حسن إسلام المسلم أن يطيع الله فيما يأمره به دون أن يعرف الحكمة وراء ذلك، فقد يكون لحكمة بالغة لن يستطيع الإنسان بعقله المحدود فهمها.

شروط الطواف حول الكعبة

بصدد الإجابة عن سؤال لماذا نطوف حول الكعبة يجب أن نسلط الضوء على شروط الطواف حول الكعبة، حيث يوجد عدة شروط حتى يصح الطواف، وهي كما يلي:

1- استحضار نية الطواف

تُعد النية من أهم شروط الطواف، حيث إن الطواف حاله كحال الصلاة يجب فيها استحضار النية، حيث يقول الفاروق عمر بن الخطاب – رضي الله عنه –: “الأعْمَالُ بالنِّيَّةِ، ولِكُلِّ امْرِئٍ ما نَوَى” [صحيح متفق عليه مع اختلاف يسير]

لكنه يختلف عن الصلاة بأنه يجوز أثناء الطواف حول الكعبة أن يتكلم المسلم، وبالطبع يجب أن يكون الكلام خالٍ من السوء احترامًا لهذا المكان الشريف.

فعن ذلك يقول عبد الله بن عباس – رضي الله عنه وأرضاه – عن النبي – صلى الله عليه وسلم -: “الطوَافُ بالبيتِ صلاةٌ، ولكِنَّ اللهَ أحلَّ فيه المنطِقَ، فمَنْ نطقَ فلا يَنطِقُ إلَّا بخيرٍ” [رواه عبد الله بن عباس، صحيح الجامع]

2- ستر العورات

من الشروط الأساسية لصحة الطواف حول الكعبة هي ستر العورات، وهذا لحكمة وهي مخالفة المشركين والكفار، حيث كان الكفار والمشركين يطوفون حول الكعبة حفاة عراة، وهذا لم يكن يقتصر على الرجال فقط بل كانت النساء تطفن عرايا حول الكعبة أيضًا.

يقول أبي هريرة – رضي الله عنه وأرضاه –: “بَعَثَنِي أَبُو بَكْرٍ الصِّدِّيقُ في الحَجَّةِ الَّتي أَمَّرَهُ عَلَيْهَا رَسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ، قَبْلَ حَجَّةِ الوَدَاعِ، في رَهْطٍ، يُؤَذِّنُونَ في النَّاسِ يَومَ النَّحْرِ: لا يَحُجُّ بَعْدَ العَامِ مُشْرِكٌ، وَلَا يَطُوفُ بالبَيْتِ عُرْيَانٌ” [رواه أبو هريرة، صحيح مسلم]

كما أننا قد أشرنا إلى أن الطواف مثل الصلاة، ومن أهم شروط الصلاة هي ستر العورة، وبالتالي يعد ستر العورات من أهم شروط الطواف أيضًا، كما أنه مخالفة لأهل الشرك، كما أمر الله – تعالى – في محكم كتابه، حيث قال: (يَا بَنِي آدَمَ خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ) [سورة الأعراف: الآية 31]

3- الطهارة من الحدثين

في ضوء الحديث النبوي الشريف بالأعلى والذي يقول بأن الطواف مثل الصلاة، يجب أن نشير للركن الأساسي للصلاة وهو الطهارة من الحدثين الأصغر: سواء بول أو غائط أو ريح، والحدث الأكبر وهو الجنابة أو الحيض.

فقال أبو هريرة – رضي الله عنه – عن النبي – صلى الله عليه وسلم -: “لا يقبلُ اللَّهُ صلاةَ أحدِكُم إذا أحدَثَ حتَّى يتَوضَّأ” [صحيح أبي داود]

فالله لا يقبل الصلاة بدون وضوء من الحدث الأصغر، كما أن الله – تعالى – قد أمر بالوضوء والطهارة من الحدثين قبل الصلاة، حيث قال – جل وعلا -:

(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلَاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ وَامْسَحُوا بِرُءُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ ۚ وَإِنْ كُنْتُمْ جُنُبًا فَاطَّهَّرُوا ۚ وَإِنْ كُنْتُمْ مَرْضَىٰ أَوْ عَلَىٰ سَفَرٍ أَوْ جَاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ الْغَائِطِ أَوْ لَامَسْتُمُ النِّسَاءَ فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ مِنْهُ ۚ مَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيَجْعَلَ عَلَيْكُمْ مِنْ حَرَجٍ وَلَٰكِنْ يُرِيدُ لِيُطَهِّرَكُمْ وَلِيُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ) [سورة المائدة: الآية 6]

كما أن الرسول – صلى الله عليه وسلم – كان قبل طوافه يتوضأ أولًا، وهذا لما قالته أم المؤمنين – عائشة رضي الله عنها – حيث قال: “أنَّ أَوَّلَ شيءٍ بَدَأَ به – حِينَ قَدِمَ النبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ – أنَّهُ تَوَضَّأَ، ثُمَّ طَافَ” [صحيح البخاري]

كما أن طواف المرأة الحائض حول الكعبة بدون عذر حرام، فلا يجوز للمرأة أن تطوف حول الكعبة وهي حائض إلا بعد أن تتطهر، فقالت السيدة عائشة أم المؤمنين – رضي الله عنها وأرضاها -: “خَرَجْنَا مع النبيِّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ لا نَذْكُرُ إلَّا الحَجَّ، فَلَمَّا جِئْنَا سَرِفَ طَمِثْتُ، فَدَخَلَ عَلَيَّ النبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ وأَنَا أبْكِي، فَقالَ: ما يُبْكِيكِ؟ قُلتُ: لَوَدِدْتُ واللَّهِ أنِّي لَمْ أحُجَّ العَامَ، قالَ: لَعَلَّكِ نُفِسْتِ؟ قُلتُ: نَعَمْ، قالَ: فإنَّ ذَلِكِ شيءٌ كَتَبَهُ اللَّهُ علَى بَنَاتِ آدَمَ، فَافْعَلِي ما يَفْعَلُ الحَاجُّ، غيرَ أنْ لا تَطُوفي بالبَيْتِ حتَّى تَطْهُرِي“ [صحيح البخاري]

4- بدء الطواف حول الكعبة من الحجر الأسود

حيث يقول العلماء أنه يجب أن يبدأ المسلم الشوط في طوافه حول الكعبة ابتداءً من الحجر الأسود، كما أشاروا إلى أن البدء بعد الحجر الأسود لا يُعد شوطًا، بالإضافة إلى أنه يجب أن يطوف المسلم حول الكعبة لسبع أشواط.

حيث إن الرسول – صلى الله عليه وسلم – كان يفعل ذلك، فيقول عبد الله ابن عمر – رضي الله عنهما -: “رَأَيْتُ رَسولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ حِينَ يَقْدَمُ مَكَّةَ، إذَا اسْتَلَمَ الرُّكْنَ الأسْوَدَ، أَوَّلَ ما يَطُوفُ حِينَ يَقْدَمُ، يَخُبُّ ثَلَاثَةَ أَطْوَافٍ مِنَ السَّبْعِ” [صحيح مسلم]

5- الطواف خلف الحجر

فمن شروط الحج أن يطوف المسلم خلف الحجر الأسود، فإذا لم يتم الطواف خلف الحجر الأسودة فهنا يبطل الطواف.

6- أن تكون الكعبة على يساره

هذا الشرط له العديد من الأسباب أولها أن النبي – صلى الله عليه وسلم – كان يلمس الحجر الأسود ثم يمشي على يمينه ثم يطوف حول الكعبة على يساره، فكان يسرع في الأشواط الثلاثة الأولى ثم يمشي في الأربعة المتبقين.

فيقول جابر ابن عبد الله – رضي الله عنه -: “ أنَّ رَسولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ لَمَّا قَدِمَ مَكَّةَ أَتَى الحَجَرَ فَاسْتَلَمَهُ، ثُمَّ مَشَى علَى يَمِينِهِ، فَرَمَلَ ثَلَاثًا وَمَشَى أَرْبَعًا“ [صحيح مسلم]

كما يرى العلماء أنه قد يكون سبب جعل الكعبة على يسار المسلم أًثناء الطواف أو الطواف حولها عكس عقارب الساعة هو أن القلب يقع في اليسار وبالتالي فإن جعل الكعبة على اليسار أُثناء الطواف تجعل القلب أقرب ما يمكن من الكعبة، كما يضيفون بأن الدم يجري في اتجاه مغاير لحركة عقارب الساعة.

إذن فإننا نطوف حول الكعبة عكس اتجاه عقارب الساعة، وإذا نظرنا في نظام دوران القمر سنجده يدور حول الأرض عكس عقارب الساعة، كما أن كوكب الأرض والكواكب الأخرى تدور حول الشمس في اتجاه مغاير لعقارب الساعة.

بالإضافة إلى أن كل شيء يتكون من ذرات، وتحتوي كل ذرة على نواة تدور حولها الإلكترونات في اتجاه مخالف لعقارب الساعة، كما أن مجموعتنا الشمسية تدور في اتجاه مغاير لعقارب الساعة وكذلك كافة المجرات، فيفسر العلماء هذا أن الكون بأكمله يطوف حول الكعبة وفي اتجاه واحد.

أنواع الطواف حول الكعبة

من خلال عرض الإجابة عن سؤال لماذا نطوف حول الكعبة، يجب أن نسلط الضوء على أنواع الطواف حول الكعبة، وهي ثلاثة أنواع، سنعرضها كما يلي:

1- طواف القدوم

يُطلق عليه عدة أسماء، وهي:

  • طواف القادم.
  • طواف الورود.
  • طواف التحية.
  • طواف اللقاء.

2- طواف الإفاضة

هو شرط أساسي من أركان الحج، وإذا سقط بطل الحج، وقد أطلق عليه الإفاضة لأنه يتم القيام به عند إفاضة الحاج من منى حتى مكة، كما أن له أسماء أخرى، وهي:

  • طواف الزيارة: وهذا لأن المسلم الحاج يقبل من منى لزيارة البيت الحرام ولا يبيت في مكة المكرمة بل يعود لمنى ويبيت فيها.
  • طواف الواجب.
  • طواف الركن.
  • طواف الفرض.

3- طواف الوداع

هو الطواف الذي يودع به بيت الله الحرام، ويُطلق عليه أيضًا طواف الصدر وطواف آخر العهد، فعن عبد الله ابن عباس – رضي الله عنه – قال: “ ابنِ عبَّاسٍ قالَ: كانَ النَّاسُ ينصرِفونَ في كلِّ وجهٍ فقالَ النَّبيُّ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ: لا ينفِرنَّ أحدٌ حتَّى يَكونَ آخرُ عَهْدِهِ الطَّوافَ بالبيتِ” [صحيح أبي داوود]

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى