الا بذكر الله تطمئن القلوب ما هو تفسيرها
الا بذكر الله تطمئن القلوب نقدمها لكم اليوم عبر موقعنا البلد حيث يقول الله عز وجل في كتابه الكريم: “ما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون”، فمن هنا يتضح أن الهدف الرئيسي من وجود الإنسان في الأرض هو عبادة الله تعالى، فالدنيا ليس لها أية قيمة في حال لم يعرف الإنسان فيها ويشعر بقيمة التذلل بين يدي الله تعالى والتسليم له، وعبادة الله تعالى لا تتوقف فقط على ما يؤديه الإنسان من فروض، ولكنها تتضمن كافة ما يقوم به في حياته، من حركات وسكنات وغيرها.
الا بذكر الله تطمئن القلوب
ويستطيع الإنسان أن يعبد الله عز وجل بأكثر من طريقة، كأداء الشعائر المفروضة من صلاة وصيام وزكاة، وكذلك بالتوكل على الله والخشية والحياء منه، والوقوف بين يديه ورجائه، وغير ذلك الكثير.
ولكل عبادة مقام مختلف، فهناك عبادات مفروضة ويؤجر الناس على أدائها، ويحاسبون على عدم فعلها، وهناك عبادات يؤجر الناس على أدائها، ولكنهم لا يحاسبون إذا لم يفعلوها، وأيًا كانت العبادة التي يقوم بها المرء فإن لها انعكاس عظيم على حياته وعلى محيطه بأسره، فإذا كان المرء يعبد الله عز وجل على الوجه المطلوب، فسوف يجد قيمة كبيرة وحسنة لعبادته على حياته وتصرفاته، حيث تساهم في تصفية الروح والقلب، وبث الفضائل بين الناس، وترسيخ الحب والخير، وتدعم المرء معنويًا، وجسديًا، واجتماعيًا، كما أنه تؤهله على القيام بأعماله على النحو المطلوب، فضلًا عن الأجر الكبير الذي يكتب له في صحيفته مقابل عبادته، فيثقل ميزانه ويفوز بالنعيم الذي وعد الله عز وجل عباده به في الدار الآخرة.
ومن أهمية العبادات كذلك والمواظبة عليها، أنها ترسخ في نفس المرء أنه متصل بالله عز وجل، وأن الله يراه في كل لحظاته، ومن ثم نجد المرء يراعي الله في كل ما يقوم به، وكذلك تساعد المرء في تخطي ما قد يصيبه من هموم وأحزان، فعندما يتذلل المرء ويتوجه إلى الخالق جل وعلا، يدرك عظمته، وتهون الدنيا في عينه.
وهناك طاعات حينما يقوم بها المرء يجد لها تأثير فريد على حياته، كفريضة الصلاة، فالله تعالى يقول في سورة العنكبوت: “وأقم الصلاة، إن الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر”، فيه تعين المرء على تحسين سلوكياته وترك السلوكيات المذمومة، كما أن المسلمون في صلاة الجماعة يصطفون بجوار بعضهم البعض، فتقوى الروابط بينهم وتزول العوائق، ويرحم كل منهم أخاه، وأيضًا فريضة الصيام، فالحكمة الأساسية منه هي بلوغ المرء مفهوم تقوى الله والإخلاص له، فتلك فريضة لا يطلع عليها سوى الله، كما أنه يساعد المرء في التخلص من العديد من المشكلات النفسية الصعبة، وكذلك فريضة الزكاة، فلا شك أنها تعالج المرء من البخل وتعلمه الإيثار، وتجعله أكثر شعورًا ورأفة بإخوانه المسلمين، وفريضة الحج، التي تساهم بصورة مذهلة في تقويم سلوكيات المرء، ومن كل ذلك يتضح أن مفهوم العبادة يتسع حتى يصبح طريقة لتهذيب المرء وتنشئته إذا انعكست على أخلاقه وسلوكياته.
وأيضًا من أجل العبادات وأفضلها وأيسرها هو ذكر الله تعالى، وسوف نركز في السطور القادمة على هذه العبادة بشكل خاص.
في معنى قول الله تعالى ” ألا بذكر الله تطمئن القلوب”:
يقول الله عز وجل في الآية 26 من سورة الرعد: “الذين آمنوا وتطمئن قلوبهم بذكر الله، ألا بذكر الله تطمئن القلوب”، وهي موضع من المواضع الكثيرة التي تحدث فيها القرآن على فضل الذكر وأهميته، فذكر الله تعالى سبب في سكينة المرء وشعوره بالطمأنينة والرضا والتسليم، وقد قام عدد من المفسرين بتقديم تفسيرات متعددة لهذه الآية، فعلى سبيل المثال:
- يفسر الواحدي –عليه رحمة الله- هذه الآية، بأن المراد منها هي أنه عندما يذكر الله عز وجل في مجالس قوم مؤمنين، فهم يأنسون ويطمئنون به، والمقصود بالقلوب في هذه الآية قلوب هؤلاء المؤمنين.
- يفسر البغوي –عليه رحمة الله- هذه الآية، بأن المراد بلفظة تطمئن هنا هو أنها تسكن وتهدأ.
- ويفسر مقاتل –عليه رحمة الله- هذه الآية، بأن الذكر هنا هو كلام الله عز وجل، والاطمئنان يقصد به استقرار التصديق واليقين في فؤاد المرء، أما القلق يكون بوجود الريب والظنون، ومن ثم فالمقصود في هذه الآية، أن أفئدة المؤمنين تهدأ عندما تسمع ذكر الله تعالى، ويترسخ فيها التصديق والإيمان.
وقد كان الإمام ابن تيمية –عليه رحمة الله- يري أن ذكر الله عز وجل هي الجنة التي خلقها الله في الحياة الدنيا، ومن لم يذق نعيم هذه الجنة، فلن يذق نعيم جنة الدار الأخرى.
- وقدم ابن عباس –عليه رضوان الله- تفسير مختلف في هذه الآية، حيث يقول إن المراد بها هو القسم بالله تعالى، فالمسلم إذا أقسم بالله تعالى على أمر ما، فإن أفئدة المؤمنين تطمئن وتركن إليه.
ومما سبق يمكن القول إن المسلم حينما يحب ذكر الخالق جل وعلا، يشعر بهدوء في نفسه وارتياح، كما أنه يدرك قدر الله عز وجل، ولطفه وقدرته، وحكمته التي يسير بها هذا العالم الكبير، ولذلك يسكن قلبه ولا يقلق بشأن ما يحدث له في حياته وما يراه، ومهما انقلبت الأحوال وتبدلت فإنه لا يفزع وإنما يكون مؤمنًا بقدرة الله وحكمته، ويرى الخير الكبير في البلايا التي يتعرض لها، ويتقرب إلى الله عز وجل بها، ويطلب مساعدته ويستعين به.
وقد يتحير البعض بين معنى هذه الآية، ومعنى الآية التي يقول فيها الله تعالى: “إنما المؤمنون الذين إذا ذكر الله، وجلت قلوبهم”، وفي الحقيقة فليس هناك أي لبس حول مفهوم الآيتين، فالمقصد في “ألا بذكر الله تطمئن القلوب”، هي أن المسلم يرتاح ويهدأ حينما يسمع ذكر الله ويتذكر أجره وقيمته، أما المقصد في آية وجلت قلوبهم، في أن هذه الحالة تكون عندما يفكر المرء في عذاب الله وما أعده من أهوال لمن كذبوا بآياته ورسله، كما أن الله عز وجل ذكر في كتابه الكريم، وضع أولئك ممن يصدون عن ذكر الله وعبادته، يقول جل وعلا: “ومن أعرض عن ذكري فإن له معيشة ضنكًا، ونحشره يوم القيامة أعمى، قال رب لم حشرتني أعمى وقد كنت بصيرًا، قال قد أتتك آياتنا فنسيتها، وكذلك اليوم تنسى”.
ويمكن معرفة المزيد من التفاصيل عن ذكر الله تعالى من خلال: وكان فضل الله عليك عظيما.. وأشهر الأدعية التي نذكرها لشكر الله باللسان
وننصحك أيضًا بمعرفة المزيد عن ذكر الله مما قدمناه لكم من معلومات عبر: كيف يستجيب الله الدعاء بسرعة؟ ومواضع استجابة الدعاء
ما هي فضائل ذكر الله عز وجل؟
إن هذه العبادة البسيطة في أدائها، عظيمة جدا في أجرها وقيمتها، ومن فوائد ذكر الله تعالى، ما يلي:
- إن المرء المتعلق بذكر الله يجد صدى لذلك في راحة قلبه، وصفاء روحه، وعلاج أمراضه، وتخلصه من آلامه وأحزانه.
- ذكر الله يضئ وجه المرء وقلبه، وينير بصيرته، ويجعله أكثر رشدًا في حياته، وأكثر صلة بالله عز وجل.
- إن المرء الذي يحافظ على ذكر الله عادة ما يكون رحيم القلب، واسع الرزق، يجد الخير والبركة في حياته، ويستشعر لطف الله عليه وتثبيته له في كل ما يحدث له في حياته.
- يقول الله في الحديث القدسي:” فإن ذكرني في نفسه، ذكرته في نفسي، وإن ذكرني في ملإٍ، ذكرته في ملإٍ خير منه “.