سبب نزول سورة الإخلاص
سبب نزول سورة الإخلاص اختلف فيه المفسرون، لعل من المبهج أن تعلم أن سورة الإخلاص وحدها تعدل ثلث القرآن، كما أنه قد جاء في فضل هذه السورة الكثير، فقد جاءت كرد عندما سأل اليهود النبي “من خلق الله؟”، فأنزل الله تعالى عليه جبريل بها، ونظرًا لعظمة تلك السورة فها نحن نتناولها من خلال موقع الماقه.
سبب نزول سورة الإخلاص
إنَّ سبب نزول سورة الإخلاص يعود لأسباب متعددة وليس سببًا واحدًا، ومنها:
- تعدى اليهود على ذات الله تعالى، ففي كتاب أسباب النزول للواحدي أن اليهود توجهوا إلى النبي صلى الله عليه وسلم برفقة كعب الأشراف، فسألوه: تقول إن الله هو الذي خلق الخلق، فمن الذي خلق الله؟ فغضب النبي صلى الله عليه وسلم غضبًا شديدًا لذلك.
فأنزل الله روحه جبريل على النبي صلى الله عليه وسلم، ليهدأ ويرد على اليهود بـ قول الله تعالى (قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ (1) اللَّهُ الصَّمَدُ (2) لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ (3) وَلَمْ يَكُن لَّهُ كُفُوًا أَحَدٌ (4)) [1-4 الإخلاص]
- عن عبد الله بن عباس رضي الله تعالى عنه (أنَّ اليهودَ أتوا النبيَّ صلَّى اللهُ عليْهِ وسلَّمَ فقالوا صِفْ لنا ربك الذي تعبدُ فأنزل اللهُ عزَّ وجلَّ قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ إلى أخرها فقال هذه صفةُ ربي عزَّ وجلَّ) [إسناده حسن]
- كما جاء في الأثر أن النبي صلى الله عليه وسلم جاءه بعض المشركين يطلبون منه أن يروا الله تعالى، فأنزل الله جبريل على النبي صلى الله عليه وسلم بـ قل هو الله أحد.
سورة الإخلاص مكية أم مدنية؟
باختلاف العلماء على سبب نزول سورة الإخلاص، ذهب أغلبهم إلى أنها سورة مكية بسبب ما جاء بها من معانِ التوحيد، وإجلال الله تعالى، وهذا غالب على السور المكية التي أنزلت على النبي صلى الله عليه وسلم في بداية الدعوة بمكة.
حيث كانت السور التي أنزلت على قلب الرسول صلى الله عليه وسلم جميعها تحمل معنى العقيدة والتوحيد وصفات الله تعالى التي تثبت قلوب المؤمنين في بداية الإسلام.
سبب تسمية سورة الإخلاص بهذا الاسم
علمنا من سبب نزول سورة الإخلاص أنها تحتوي على معاني التوحيد لله عز وجل، لتثبيت المؤمنين وبيانًا لصفات الله تعالى المجيدة، غير أنها تبين دفع مظاهر الشرك بالله تعالى، وبيان قدرة الله عز وجل، لذلك أطلق عليها سورة الإخلاص.
حيث فيها من البيان ما يجعل المؤمنين مخلصين لله عز وجل، موحدين له من دون غيره بلا ريبة أو شك بأنه المتفرد في الألوهية والربوبية، ولسورة الإخلاص أسماء أخرى، منها:
- أسماها النبي صلى الله عليه وسلم “قل هو الله أحد”.
- الأساس، حيث تحدثت عن أساس العقيدة بالإيمان بصفات الله تعالى وقدرته.
- التوحيد، وذلك بتونس والمصاحف التونسية، حيث تثبت وحدانية الله تعالى في كل صفاته.
- المانعة، لأنها تمنع دخول العبد النار عند قراءتها وحفظها، وتمنع من عذاب القبر.
- الصمدية، لما جاء فيها من اسم الله الصمد.
- التجريد، لأنها جردت التوحيد من كل الأوثان، وكل آلهة المشركين المزعومة، جردته لله الواحد الأحد.
- النجاة.
- الولاية، بأنها توالي الله تعالى وحده.
- البراءة، لأنها تتبرأ من دون الله تعالى إلاها.
- المعرفة، لما بها من صفات يتعرف بها العبد على ربه عز وجل.
مقاصد سورة الإخلاص
إن المقصد الأساسي لسبب نزول سورة الإخلاص لكل من قام بدراسة السورة الكريمة وتمعن في معانيها، هو التوحيد بالله عز وجل، وبيان أن الله تعالى هو إله واحد أحد لا ند له ولا شريك، ففي قوله تعالى (قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ) بيان تام بتفرد الله تعالى بالعبادة، وأن ما دون غيره ليسوا إلا خلقًا، لا يضرون ولا ينفعون.
أما قوله تعالى (اللَّهُ الصَّمَدُ) ففيه بيان بأن الله الله تعالى هو المعبود والإله والرب الواحد، الذي لا غيره في قدرته وصافته الكاملة الخالية من العيب، فهو عز وجل دون حاجات بل يهب هذه الحاجات لخلقه، فالصمد هو من لا يحتاج لأي شيء، بل يهب كل شيء.
فالله تعالى يُطعِمُ ولا يَطعَمْ، ويَسقِي ولا يُسقَى، ويعيننا على قضاء حاجاتنا، ولا حاجة له تعالى منا ولا بنا، فالله تعالى منفرد بصفاته العليا لا يتمتع بصفاته تعالى غيره ولا سواه.
جاء الله تعالى في قوله (لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ) بيانًا لمن ادعوا على الله الكذب بأن له ولد، وهذه كلمة كبيرة وبهتان عظيم عند الله تعالى، فقد أضل اليهود النصارى بالقول على الله أن المسيح بن مريم عليه السلام هو ابن الله.
فبين الله تعالى بصفة دقيقة ليس فيها زيادة لدلالة القطع بالأمر دون الجدل بأنه تعالى ليس له أب ولا ولد، وهذه الصفات للخلق الذين خلقهم هو سبحانه وتعالى، أما عن الخالق فليس كالمخلوق، وليس له سبحانه أن يتخذ خليلا ولا ولد.
ثم جاء تعالى بقوله (َلَمْ يَكُن لَّهُ كُفُوًا أَحَدٌ) لبيان معنى كفوا، نجد أن أحد القراءات العشر للقرآن من قرأها “كُفُؤا” أي ندًا، فالمعني هو أن الله تعالى ليس له نِد أو مثيل أو شبيه، وأنه تعالى في قوته وقدرته ما لا يقدر عليها أحد بل ما لا يتخيله أحد.
فالله تعالى قادر مقتدر على فعل كل شيء، وأي شيء، فمن يقدر على أن يخلق حتى الذبابة، أما الله سبحانه وتعالى يخلق خلقه بكلمة “كُنْ” فيكون ما شاء الله أن يكون.
سورة الإخلاص تعدل ثلث القرآن
لعل سبب نزول سورة الإخلاص هو ما فيها للخير على المسلمين، فقد وردت الكثير من الأحاديث التي تحث على قراءتها، ومنها:
- عن أبو أيوب الأنصاري أن النبي صلى الله عليه وسلم قال (أيعجزُ أحدُكم أن يقرأَ في ليلةٍ ثُلُثَ القرآنِ، من قرأ اللهُ الواحدُ الصَّمدُ فقد قرأ ثُلُثَ القرآنِ) [صحيح – الترغيب والترهيب]
- عن أبي سعيد الخُدري (أنَّ رجلًا سمع رجلًا يقرأ { قُلْ هُوَ اللهُ أَحَدٌ } يرددها، فلما أصبح رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ فذكر ذلك له وكان الرجلُ يتقالّها، فقال النبيُّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ : والذي نفسي بيدِه إنها لتعدل ثلثَ القرآنِ، فهذا فضلُها) [صحيح-أحكام القرآن]
- قال العلماء أن العقيدة الإسلامية ترتكز على ثلاث: عقيدة التوحيد والأحكام الشرعية والقصص، فلما جاءت سورة الإخلاص بخلاصة التوحيد بالله وتثبيت عقيدة التوحيد عند المسلمين، أصبحت تعدل ثلث القرآن، بما جاء به من التوحيد والأحكام والقصص.
بذلك أصبحت سورة التوحيد بفضل الله ينال أجر قراءتها ما يناله من قرأ ثلث القرآن.
الإخلاص من أهم سور القرآن الكريم
نبين في موضوعنا ” سبب نزول سورة الإخلاص ” فضائلها حيث تدخل سورة الإخلاص في الأذكار كلها التي حث عليها النبي صلى الله عليه وسلم، فنقرئها في أذكار الصباح ثلاث مرات، وفي أذكار المساء ثلاث مرات.
كما نقرأها مرة عقب كل صلاة مع المعوذتين، ونقرأها في أذكارنا قبل النوم، وذلك بأنها في قراءتها مع المعوذتين تحصين للمسلم من كل شر الدواب والهوام والشياطين.
كما جاء في فضل سورة الإخلاص أن من أحب صفات الله تعالى فيها أدخله الله الجنة، وكان دلالة ذلك ما فعله “كلثوم بن هدم” رضي الله عنه، وهذا نص الحديث:
عن أنس بن مالك رضي الله عنه (كانَ رَجُلٌ مِنَ الأنْصارِ يَؤُمُّهُمْ في مَسْجِدِ قُباءٍ، وكانَ كُلَّما افْتَتَحَ سُورَةً يَقْرَأُ بها لهمْ في الصَّلاَةِ ممَّا يَقْرَأُ به افْتَتَحَ: بقُلْ هو اللَّهُ أحَدٌ حتَّى يَفْرُغَ مِنْها، ثُمَّ يَقْرَأُ سُورَةً أُخْرَى معها، وكانَ يَصْنَعُ ذلكَ في كُلِّ رَكْعَةٍ، فَكَلَّمَهُ أصْحابُهُ، فقالوا: إنَّكَ تَفْتَتِحُ بهذِه السُّورَةِ، ثُمَّ لاَ تَرَى أنَّها تُجْزِئُكَ حتَّى تَقْرَأَ بأُخْرَى، فَإِمَّا تَقْرَأُ بها وإمَّا أنْ تَدَعَها، وتَقْرَأَ بأُخْرَى فقالَ: ما أنا بتارِكِها، إنْ أحْبَبْتُمْ أنْ أؤُمَّكُمْ بذلكَ فَعَلْتُ، وإنْ كَرِهْتُمْ تَرَكْتُكُمْ، وكانُوا يَرَوْنَ أنَّه مِن أفْضَلِهِمْ، وكَرِهُوا أنْ يَؤُمَّهُمْ غَيْرُهُ، فَلَمَّا أتاهُمُ النبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ أخْبَرُوهُ الخَبَرَ، فقالَ: «يا فُلاَنُ، ما يَمْنَعُكَ أنْ تَفْعَلَ ما يَأْمُرُكَ به أصْحابُكَ، وما يَحْمِلُكَ علَى لُزُومِ هذِه السُّورَةِ في كُلِّ رَكْعَةٍ» فقالَ: إنِّي أُحِبُّها، فقالَ: «حُبُّكَ إيَّاها أدْخَلَكَ الجَنَّةَ»)
[صحيح البخاري]