تعريف الشيوعية والاشتراكية إنهما من النظم الاقتصادية التي قد تتبناها أي دولة وفقا لما يناسب طموحاتها في تحقيق الرفاهية والاستقرار الاقتصادي والرقي بالمستوى المعيشي لأفرادها لكن على الرغم من التشابه في بعض توجهاتهم إلا أنه يوجد بعض الاختلافات الجوهرية بينهما خصوصًا فيما يتعلق بتعريف الملكية العامة.
تعريف الشيوعية والاشتراكية
الشيوعية على الرغم من الشائع ان الشيوعية هي توجه سياسي ألا انها تشمل أيضًا النظام الاقتصادي والاجتماعي فمنذ بدايتها على يد الفليسوف والمفكر الروسي كارل مركس في أواخر القرن الثامن عشر حرص على ان تشمل جميع جوانب الحياة وفي نظره فان الشيوعية هي مرحلة ضرورية في تطور الحضارة البشرية التي تنتقل من الملكية الفردية إلى الملكية الجماعية والقضاء على الاحتكار والاقطاعية وتحول مسار الربح من الملاك إلى الكادحين من العمال والفلاحين.
اما الاشتراكية فتعتبر مرحلة انتقالية للمجتمع نحو النظام الشيوعي الكامل وأبرز ملامحها هي الانتقال بعد القطاعات من الملكية الخاصة للعامة.
إقرأ أيضًا: ما هي الشيوعية والاشتراكية والفرق بينهما بالنسبة للفرد والمجتمع
الشيوعية والاشتراكية في التاريخ
هناك جدال على بداية هذه التوجهات فيرجح البعض على انها بدأت قديمًا منذ عصر الحضارة الاغريقية حيث دعا الفليسوف الاغريقي افلاطون إلى وجود بعض الملكيات العامة التي يستطيع جميع الافراد الاستفادة منها، وأنه خلال التاريخ البشري ظهرت جماعات كثيرة تنادي إلى إلغاء الملكية الخاصة واعتماد الملكية العامة ومن بعضها حركة سبارتكوس في روما القديمة وبعض الحركات في بلاد فارس وخلال الثورة الصناعية ظهر العديد من الأشخاص بفكر مشابه أمثال روبرت اوين.
وفي الانتقال إلى التاريخ المعاصر فلا شك أن الثورة البلشفية في روسيا القيصرية وقيام الاتحاد السوفيتي بقيادة فلاديمير لينين هي ابرز الحركات الشيوعية ومنذ قيامه قد اعتمد الاتحاد السوفيتي سياسة هادفة إلى نشر الشيوعية في جميع انحاء العالم وابرز نجاحته في ذلك قيام الصين الشيوعية وتبني العديد من الدول الفكر الشيوعي خصوصا بعد الحرب العالمية الثانية هزيمة المانيا النازية ودول المحور كاليابان وإيطاليا الفاشية امام تحالف القوى الغربية واهمها الولايات المتحدة الامريكية مع الاتحاد السوفيتي حيث استطاع الاتحاد السوفيتي السيطرة على دول البلقان واوروبا الشرقية بعد انكسار الجيش النازي في حصار استالينجراد.
تتابعت الهزائم النازية وفُقدت كامل الأراضي السوفيتية المحتلة مسبقا وأيضًا دول بحر البلطيق وبولندا والبلقان وشكلت هذه الدول فيما بعد ما يعرف بالكتلة الشيوعية فبعد نهاية الحرب صعدت النظم الشيوعية بها بالإضافة إلى يوغوسلافيا بقيادة تيتو الذي سبق له وحار الالمان والقوى الداعمة لهم وصعد الشيوعيين للحكم في تشيكوسلوفكيا ورومانيا والبانيا تحت قيادة انور خوجة كما تم تقسيم المانيا إلى امانيا الشرقية والمانيا الغربية، وفي حين تبنت الشرقية الفكر الشيوعي اصبحت المانيا الغربية ضمن التحالف الغربي بعد تكونها من اتحاد مناطق احتلال كل من فرنسا وبريطانيا العظمي والولايات المتحدة الامريكية.
إقرأ أيضًا: ما معنى العلمانية في الاسلام والمبادئ التي تقوم عليها
الشيوعية في الصين ودول العالم الجديد
وبعد تلك الاحداث بقليل اندلعت الحرب الاهلية الصينية بين قوات ماو تسي تونج المدعومة من الاتحاد السوفيتي والتي تبنت الفكر الشيوعي وقوات الجمهورية الصينية المدعومة من الغرب وذات التوجه الرأس مالي وانتهت الحرب في صالح المعسكر الشيوعي الذي سيطر على بر الصين الرئيسي واعلن قيام الجمهورية الصينية الشعبية ذات التوجه الشيوعي، بينما انتقلت الحكومة الرأس مالية إلى جزيرة تايوان حيث أسست جمهورية رأس مالية مدعومة من الغرب.
كما ونشطط الحركات الشيوعية والاشراكية في شبه جزيرة الهند الصينية.
في دول كفيتنام وكمبوديا وفي شبه الجزيرة الكورية تم تقسيمها إلى دولتان شيوعية فالشمال وأخرى رأس مالية فالجنوب وكذلك الحال مع فيتنام، اما في العالم الجديد فقد اشتعلت شرارة الحركات الشيوعية في امريكا الوسطي والجنوبية وعلى الرغم من محاربة الولايات المتحدة لهذه الحركات بقوة إلا انها صعدت للحكم في عدة دول كفنزويلا واخطر هذه الدول كانت كوبا القريبة من امريكا إحدى اخطر المشاكل للحكومات الامريكية المتعاقبة وما زالت حتى الآن، كما تأثرت البرازيل بنظام اقرب إلى الاشتراكي، اما في افريقيا فاصبحت معظم القارة تحت حكم انظمة شيوعية واشتراكية ولعل ابرزها مصر حيث تبنت افكار اشتراكية بعد ثورة يوليو 1952 بقيادة الضباط الأحرار.
الشيوعية والاشتراكية والدين
دعت الشيوعية إلى ابعاد الدين عن الحياة واخذت الكثير من الدول الشيوعية في محاربة الدين ومظاهره ووصفوا الدين كثيرا على أنه افيونة الشعوب وسبب أساسي من اسباب التخلف والتراجع عن وكب الحضارة ومن أبرز الامثلة على ذلك قمع الاتحاد السوفيتي لدور العبادة ورجال الدين، حيث اغلقت الكنائس والمساجد بشكل كبير ومنع المؤمنين من اظهار أي شكل من مظاهر التدين أو أي رمز من الرموز الدينية وكذلك الحال مع دول الكتلة الشرقية والصين ومن أبرز الأمثلة حتى الآن الحاصل في كوريا الشمالية، حيث تُمنع الممارسات الدينية.. أما النظم والحكومات الاشتراكية فقد تبنت اشكال اقل شدة في الفصل بين الدين والحياة العامة.
إقرأ أيضًا: ما هي الفاشية؟ وما هو أصل نشأة وتاريخ الفاشية؟ والفرق بين الفاشية والدكتاتورية
النظم الاقتصادية بين الشيوعية والاشتراكية
على مدار التاريخ الشيوعي والاشتراكي اختلف توجه الحكومات بين التردد على كلا الجانبين وتبني ذلك في التوجه الاقتصادي ولكن بشكل عام أبرز ملامح الجانبين الاقتصادية هي وجود الملكية العامة بشكل واسع فمن امثلة ذلك إلغاء الاقطاعية الزراعية وهي امتلاك عدد قليل من الافراد لمساحات شاسعة من الأراضي الزراعية واحتكار خيراتها لهم والتعامل مع الفلاحين على أنهم مجرد عبيد بالسخرة دون وجود أي حق لهم في التمتع بخيرات الأرض التي كدحوا بها.
وهكذا نكون قد قدمنا لكم تعريف الشيوعية والاشتراكية ويمكنني القول في النهاية ان الشيوعية كأي فكر بشري قد تتأثر بطريقة فهم البشر لها والتي تختلف من شخص لآخر، ولذلك تأثر فهم النظم لها بين الماركسية المجردة واللينينية والستالينية، وانتهت معظم الحركات الشيوعية في العصر الحديث وانحسرت في اماكن قليلة جدا في العالم وانتهائها في الاتحاد السوفييتي ابرز مثال على ذلك وكأي فكر بشري قد يختلف الجميع في تقييمه تظل الشيوعية وافكارها من ابرز القضايا المعروضة للجدال حتي الآن.
