فضل سورة يس
فضل سورة يس مقترن بفضل القرآن الكريم عمومًا، فلكل آية حكمة ولكل سورة عبرة ومن جعل الله القرآن الكريم ربيع قلبه كان في الدنيا من المهتدين وفي الآخرة من الناجين.
لكن مسألة ان لسورة يس فضل متخصص بذاتها هو موضع جدال وسوف نعرف فصل الخطاب من خلال موقع الماقه ونعرف فضل سورة يس الحق.
فضل سورة يس
من إبداع القرآن أن يكون إعجاز لأهل العرب ملوك اللغة العربية ويكون سلام وسكينة لأهل القلوب الطيبة، فكانت آياته دومًا راحة للعالمين وزوال هم المهمومين وفرج كرب المكروبين وقضاء دين للمديونين.
فمن أثقلته الحياة كانت له آيات القرآن ملاذًا من كل هم.
فلا شك في عظمة آيات القرآن ومكانتها الجليلة في النفوس فهي كلام الله رب العالمين الذي أنزله على لسان رسوله الكريم ليكون هدى للمتقين.
فإن لم يكن قد ذكر في كتاب الله وسنة رسوله فضل لسورة أو آية فلا يتم الأخذ بما دونهما، فنجد من يعددون فضل سورة يس أو ما يطلقون عليه عِدّية يس فيقولون الآتي:
سورة يس هي قلب القرآن
تتداول الأحاديث والأقاويل حول فضل سورة يس العظيمة التي لا شك بها بالطبع فسورة يس هي سورة مكية من السور العظيمة في القرآن الكريم التي جاءت على ثلاث وثمانون آية تبرز جلال كلمات الله.
تعتبر سورة يس من سور قضية البعث والنشور والتي ركزت على موضوعات التوحيد الإلهي والعقاب للمكذبين بالرسالة السماوية والقيمة الربوية العليا.
فلا جدال في فضل سورة يس ومكانتها لكن يزايد البعض في فضلها فيستند إلى أحاديث ضعيفة مثل حديث:
” إنَّ لِكُلِّ شيءٍ قلبًا، وإنَّ قلبَ القرآنِ (يس)، مَن قرأَها فَكَأنَّما قرأَ القرآنَ عشرَ مرَّاتٍ “
فما ذلك إلا تضليل للمسلمين بتنسيب الأحاديث الزور عن لسان خير النبيين، حتى إن كان الحديث أو مضمونه لا يبدو به ضير، فمجرد قبول وتداول ما لم يثبت صدقه، يفتح على المؤمنين باب واسع من الضلالة والضرب في قواعد الإسلام المتينة.
لذلك سوف نستعرض فضل سورة يس بالتوازي مع ذكر الأحاديث الضعيفة التي روية عنها.
قراءة سورة يس تغفر الذنوب
إن سورة يس كسائر سور القرآن عمومًا تحمل راحة البال وسكينة للنفس، فمن يضل سبيله ويسترشد بالقرآن كان من المهتدين، قد تتعلق قلوبنا بآية من آياته فنجد بها الحكمة التي كنا عنها غافلين.
فمن الرشد أن نوجه تعلقنا والسلامة الربانية اجتاحت أنفسنا لرب العالمين فهو من أنزل لنا قرآنه الكريم بكل كلماته الهادية، لا نقطع آياته وسوره والمزايدة على مكانة بعضها دون الآخر بروايات باطلة لا نعرف من قام بنشرها.
فلا يجوز تقديس سورة دون الأخرى، بالأخص إن كان التأويل يتنافى مع أحكام الله وقول رسوله الكريم، فنجد ادعاء بقول رسولنا صلوات الله وسلامه عليه:
” مَنْ قَرَأَ سُورَةَ يس في لَيلةٍ أصْبَحَ مَغفُورًا له. ومَنْ قَرأَ الدُّخَانَ لَيلةَ الجمعةِ أصبحَ مَغفُورًا لَهُ “
ما ذلك إلا حديث ضعيف أيضًا، وإن كنت القيمة هي الانتظام على قراءة سورة يس والدخان فهو أمر محبذ ومستحب، لكن بدون أن تكون النية هي اتباع أحاديث باطلة في متنها تضاد لأحكام الدين وسنن رسوله.
من قرأ سورة يس ثم مات كان شهيدًا
إن موضوع الشَهادة من الموضوعات التي كثر التأويل بها من الكثير، فهناك من يستغلون تلك النقطة لدفع النفوس للتهلكة متاجرين بدين الله عز وجل.
أحد تلك الادعاءات والتأويل هو نسب عن الرسول قوله:
” إنِّي فرضتُ على أمتي قراءةَ يس كلَّ ليلةٍ فمن داوَمَ على قراءتِها كلَّ ليلةٍ ثم ماتَ ماتَ شهيدًا”
ذلك الحديث ثُبت ضعفه بالرُغم من ذلك نجده منتشر بكثرة ومتداول، فعلينا اتباع قرآن الله عز وجل أولًا ثم ما ثبت من سنة وقول نبيه ثانيًا ثم ما قيل من قول صحابة الرسول ونتبع اجتهادات العلماء المسلمين أصحاب العلم الحق ليس المدعين والمضللين منهم.
بذلك نضمن النهج على السبيل الحق لنقابل الله عز وجل مؤمنين.
فضل سورة يس للميت
إن سورة يس من السور المحببة للدعاء للميت، فقد أوصى نبينا صلاة الله وسلامه عليه بالدعاء في العموم للموتى، فإن الميت المدعو له من أهل الدنيا لا ينقطع عمله ابدًا.
لكن القيمة الحسنة من الدعاء للمتوفي وقيمة سورة يس ومكانتها ليس له علاقة بما ابتدعه المبتدعون في الدين لتوظيف السورة لأغراض أخرى تمس مكانته، فيروى عن الرسول-صلى الله عليه وسلم- قوله: “اقرَؤوا على مَوْتاكم يس” هذا حديث مثبت ضعفه ولا يصح العمل به.
فقد روي حديث آخر عن الرسول لم يثبت صحته أيضًا وهو:
“ مَن دخلَ المقابرَ فقرأَ سورةَ (يس) خفَّفَ عنهُم يومَئذٍ، وكان لهُ بِعَددِ مَن فيها حَسناتٌ “
فبدلًا من الإسناد والعمل بالأحاديث الضعيفة التي يرد منها الضالين إدخال باب الشك في الدين، يجب أن نستخدم قيمة الدين في موضعه، فنقدر القيمة الجليلة لسورة يس ونعمل بآياتها ولا نوقف الدعاء للميت، فذلك ما يأمرنا به الدين.
عدية يس
كما ذكرنا في بدء الموضوع أن كل تلك الادعاءات والأقاويل ربما لا تحمل في ظاهرها أي فسق أو ضرر فهي تدعو لقراءة سورة يس الجليلة والدعاء للميت والنوم على قراءة القرآن الكريم، فكل تلك الأمور حميدة تنفع المؤمنين في دنياهم ودينهم.
لكن الباطل هو ما غُلفت به كل تلك الأمور من ادعاءات على الدين تنافي أحكامه واختراع ووعود ونسبها عن النبي وهي باطلة، فإن قبلناها نكون قد سلمنا ديننا وخسرنا دنيانا وأخرتنا.
حديث ضعيف مروي عن الرسول هو: “يس لِمَا قُرِئَتْ له”.
وأحد اجتهادات ابن كثير بقوله: ” أنَّ مِن خصائص هذه السورة أنها لا تُقرَأ عند أمر عسير إلا يسره الله تعالى “.
لكن ما الحديث إلا حديث ضعيف لا يتم العمل به، وما قول ابن كثير إلا اجتهاد لا يسلم به، لكن تجميع الأقاطيع من هنا وهنا وخلق الأحاديث الضعيفة لإثبات الباطل فما ذلك إلا باطل سيجازى صاحبه العذاب الأليم.
قضاء الحاجة بعدية يس
يذهب البعض لإثبات حجته بالقول إن عدية يس وسيلة مُجربة من خلالها يشفى المريض والمهموم ويزال الكرب.
فكان قول الإمام ابن تيمية –رحمه الله- ردً على تلك الادعاءات قوله
” سبب قضاء حاجة بعض هؤلاء الداعين الأدعية المحرمة أن الرجل منهم قد يكون مضطرا اضطرارا لو دعا الله بها مشرك عند وثن لاستجيب له ، لصدق توجهه إلى الله ، وإن كان تحري الدعاء عند الوثن شركا ، ولو استجيب له على يد المتوسل به ، صاحب القبر أو غيره لاستغاثته ، فإنه يعاقب على ذلك ويهوي في النار ، إذا لم يعف الله عنه “
فرحمة رب العالمين واستجابته لحاجة المحتاجين ليست إثبات على تهاونه، لكنها دليل على مدى رأفة الله بكل محتاج وسعته ليدخل في رحمته كل من كان فسق وتاب عن فعلته.