بحث عن حياة الرسول ونشأته
بحث عن حياة الرسول ونشأته من الأمور التي يجب أن يضطلع عليها كل مسلم ليعرف شخصية الرجل الذي بفضله أصبح البشر يعرف معنى وميزان كلمة الإنسانية، فلا يليق بمسلم ألا يعرف من هو محمد وكيف عاش ونشأ.
لذا سنقدم لكم عبر موقع الماقه بحث عن حياة الرسول ونشأته، لكي يسهل على دارس التاريخ الإسلامي ودارس السيرة النبوية معرفة كل ما يتعلق بالنشأة الكريمة التي نشأها النبي وحياته الطيبة من مولده حتى وفاته.
بحث عن حياة الرسول ونشأته
إن ما يدفعنا إلى كتابة بحث عن حياة الرسول ونشأته الكريمة ـ صلى الله عليه وسلم ـ هو أن شخصيته تعد أعظم شخصية خلقت على وجه الأرض، فهو لا شبيه ولا مثيل له، وبالرغم من مرور قرون عديدة على وفاته إلا أنه من المهد إلى اللحد كان أكثر الشخصيات تأثيرًا في التاريخ بالإيجاب حتى الآن وحتى قيام الساعة.
إن كتابة بحث عن حياة الرسول ونشأته يحتاج إلى مجلدات كاملة لكتابة نبذة مختصرة عن حياته، فحياة النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ بالرغم من أنها لم تكن بالطويلة إلا أنها مرت بأطوار عديدة ومختلفة ولكل منها صعوباتها البالغة، كما أنها كانت حافلة بالأحداث المتتالية الحاسمة والتي كانت تعد حدًا فاصلًا في مجرى التاريخ الإنساني قاطبةً.
حال المجتمع العربي قبل مولد الرسول
في إطار كتابة موضوع بحث عن حياة الرسول ونشأته يجب أن نوضح الظروف التي كانت تشهدها شبه الجزيرة العربية قبل مولده الشريف، فبالرغم مما عرف عن العرب القدماء من الصدق والشجاعة والكرم والوفاء بالعهد والميثاق إلا أن كل تلك الصفات الحميدة لم تزعزع شيئًا من كيانهم الوثني الكافر ولم تغير شيئًا من غلظة قلوبهم.
على سبيل المثال لقد كان الثأر صفة سائدة شملت العرب جميعهم آنذاك ولقد شهد تاريخ العصر الجاهلي حروبًا مجهزة بالجيوش، شُنت من أجل الأخذ بالثأر دون رحمة أو دون النظر إلى ما سيقع على كاهل الضحايا الأبرياء من عواقب، فكان يقع جراء هذه الأفكار العدوانية المتعصبة الكثير من الناس.
كما ساد في المجتمع الجاهلي العشوائية وانعدام النظام وانتشر السطو على القبائل والقوافل من قبل اللصوص وقطاع الطرق، ذلك بالإضافة إلى تفشي عادةً شهدت لها الإنسانية كلها بالبشاعة والإجرام ألا وهي وئد البنات، فكانت الفتاة آنذاك تمثل لوالدها أيقونة للعار الذي ستلحقه به عندما تكبر.
لقد ساد في العصر الجاهلي أيضًا إدمان شرب الخمر ولعب الميسر واقتراف الزنا على الملأ، وانتشرت الملاهي الليلية وكان الناس فيها يقومون بفعل كل ما هو محرم ولا يمت للإنسانية بصلة، فكان الرجال يرتكبون الزنا ثم ينكرون نسب الطفل الذي كان نتاجًا لهذا الزنا، كما كان عرب الجاهلية يتعاملون مع المرأة على أنها مجرد وعاء لشهوتهم ولا وظيفة لها غير ذلك.
لقد عرف عن العرب أيضًا اشتغالهم إما بحرفة التجارة أو بحرفة رعي الأغنام نظرًا لطبيعة البيئة الصحراوية القاحلة التي سادت شبه الجزيرة العربية، وكانوا يستحوذون بالقوة والإكراه على ما ليس لهم ويتعدون على أملاك غيرهم دون مراعاة حرمتها، وكانوا يأكلون الربا أضعافًا مضاعفة، كل ذلك يصف بإيجاز البيئة المظلمة العنيدة التي ستشهد عما قريب ولادة خير خلق الله فيها.
أصل ونسب ومولد الرسول
في ظل عرض بحث عن حياة الرسول ونشأته، نذكر لكم نسب النبي الكريم وهو محمد بن عبد الله، بن عبد المطلب واسمه عامر أو شيبة أو الحمد بن هاشم واسمه عمرو، بن عبد مناف وهو المغيرة بن قصي واسمه زيد، بن كلاب، بن مرة، بن كعب، بن لؤي، بن غالب، بن فهر، بن مالك، بن النضر، بن كنانة، بن خزيمة، بن مدركة، بن إلياس، بن مضر، بن نزار، بن معد، بن عدنان من ولد إسماعيل ذبيح الله عليه السلام.
لقد كان لوالد النبي تسعة أخوة غيره وكان قد نجا من الذبح بأعجوبة، فقد كان والده عبد المطلب قد نذر نذرًا يقضي بأنه إذا رزق بعشرة أبناء ضحى بواحد منهم عن طريق الذبح، وعندما حان الوقت للوفاء بالنذر اقترع عبد المطلب ليختار أحد أبنائه ليتم ذبحه، وكان سهم ابنه عبد الله يخرج عن في كل المرات حتى قرر أن يفتديه بمئة من الإبل فكتبت له النجاة حينها.
شب عبد الله بن عبد المطلب وتزوج من آمنة بنت وهب بن عبد مناف ابن زهرة بن كلاب بن مرة بن كعب بن لؤي، وبمجرد أن حملت في النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ سافر عبد الله في رحلة تجارية ولقد وضعت النبي في مطلع فجر نهار اليوم الثاني عشر من شهر ربيع الأول من عام الفيل، ولقد توفي عبد الله وهو في رحلته التجارية إلى الشام على إثر مرضه الشديد هناك.
لم يبقَ محمد الرضيع في كفالة والدته كثيرًا فلقد كان من عادتهم آنذاك أن يرسلوا بالصبية الصغار إلى بني سعد لكي ينشئوا نشأة قوية غليظة، فأخذه جده عبد المطلب إلى حليمة السعدية في البادية لكي تتولى مهمة إرضاعه وتربيته، ولقد توفيت والدته آمنة وهو لا يزال طفلًا لم يكمل السادسة من العمر.
بشائر ميلاد الرسول
في إطار عرض بحث عن حياة الرسول ونشأته، لا بد من ذكر بشارة مولده، حيث استبشر عبد المطلب جد النبي بحمل آمنة وبقدوم المولود الذي تحمله في داخلها، وفرح به كثيرًا عندما ولد وأخذه وذهب به إلى الكعبة المشرفة.
هناك ألهمه الله بأن يسميه محمدًا، لكي يكون رجلًا محمودًا في الأرض وفي السماء، وجدير بالذكر أيضًا أن هذا الاسم لم يكن معروفًا أو منتشرًا بين العرب آنذاك وبعدها قام بختنه ـ صلى الله عليه وسلم ـ في اليوم السابع من ولادته المباركة.
لقد ظهرت بعض الدلائل التي تبشر الدنيا بقدوم خير خلق الله إليها ولقد ذكرها المؤرخون الذين شهدوا هذا العصر ومن لحقوهم، ومن بين تلك البشائر بمولد النبي:
- سقوط أربعة عشر شرفة كبيرة وقوية من قصر كسرى الفرس.
- سقطت وانهدمت الكنائس التي كانت تقع بالقرب من بحيرة ساوة وتحيط بها.
- انطفئت النيران التي كان يعبدها المجوس فجأة.
- خروج أشعة من النور من فرج آمنة بنت وهب أثناء وضعها للنبي.
ميلاد النبي ومعجزاته
لا يمكننا الحديث عن بحث عن حياة الرسول ونشأته دون ذكر مولد النبي ومعجزاته، حيث إن في مولد النبي الأمين ـ صلى الله عليه وسلم ـ يمنًا وبركة حلت على أهل الجزيرة العربية فحولت خريف حياتهم إلى ربيع مزهر.
أبرز الأدلة على ذلك أنه في يوم مولد النبي كان أبرهة الحبشي قد عزم أمره على حشد جيوش ليست من البشر ولكن من الفيلة، وتوجه إلى مكة المكرمة قاصدًا هدم الكعبة المشرفة التي بناها إبراهيم وولده إسماعيل عليهما السلام.
ما حدث يومها أن الله أراد بيمن قدوم النبي المبارك أن يحبط عمل ابرهة الحبشي وجيشه وأن يحفظ هذا المقام مقام إبراهيم المقدس، فأرسل الله على أبرهة وجيشه أسرابًا من الطير المحمل بحجارة من سجّيل وهي حجارة من الطين طبخت من نيران جهنم، فأبادت أبرهة وجيشه عن آخرهم وكتبت لمكة وللكعبة المشرفة النجاة يومها.
توالت المعجزات على مدى حياة النبي بأكملها وتعد معجزة انشقاق صدر النبي في طفولته من أعظم المعجزات التي حدثت لنبي على الإطلاق، فلقد كان النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ في حضانة حليمة السعدية لرضاعته وتربيته وكان آنذاك في ديار بني سعد بن هوازن.
ما حدث في ذلك اليوم هو أن نزل الملك جبريل عليه السلام، وقام بشق صدر الرسول وإخراج قلبه من بين أضلعه، ثم مد يده إلا داخل قلب النبي وأخرج منه علقة سوداء صغيرة توجد في قلوب البشر وهي البوابة التي يدخل منها الشيطان إلى الإنسان، ثم قام بعدها بغسل قلب النبي في طست من الذهب الخالص وماء زمزم، وأعاده إلى موضعه مرة أخرى وأغلق صدره وأعاده كما كان.
في غمار هذه الأحداث كان هناك شاهدًا واحدًا عليها وهو طفل صغير السن وهو ابن لحليمة السعدية ولقد هاله روع ما رآه، وحاول أن يحكي لوالدته مرضعة النبي ولكنها لم تصدقه واعتبرت أن ذلك ما هو إلا خيال طفل صغير ولكنه فيما بعد لاحظت أثر شق في منتصف صدر النبي.
طفولة النبي
ما زلنا في سياق عرض بحث عن حياة الرسول ونشأته، والآن سنوضح لكم طفولة النبي، حيث ظل النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ في كنف حليمة السعدية إلى أن أتم العامين وقامت بفطامه وبعد ذلك أعادته إلى جده وأمه مرة أخرى، وكان ذلك لأن الأقاويل قد بدأت تتناثر وتكثر حول البركة التي تحف به دومًا وأيضًا لأن مكة آنذاك كان قد انتشر فيها وباءً خطيرًا فخافت عليه من أن يصيبه أي مكروه.
عاد النبي إلى حوزة أمه آمنة وإلى جده عبد المطلب الذي أحبه حبًا جمًا واختصه عن سائر أحفاده، فكان على سبيل المثال يصحبه معه أينما ذهب ويجلسه معه في مجالس الرجال، كما كان لعبد المطلب فراشًا كبيرًا خاصًا به في ظل الكعبة المشرفة، وكان محظورًا تمامًا أن يجلس أي أحد عليه حتى وإن كان من أحفاده إلا محمدًا الصغير.
كان النبي في عمر الست سنوات عندما أخذته أمه آمنة إلى المدينة المنورة في زيارة لأهلها وفي طريق العودة مرضت مرضًا شديدًا ووافتها المنية في منطقة الأبواء التي تقع بين مكة والمدينة، وكانت في صحبتهم أم أيمن الذي احتضنت محمد الصغير الذي أصبح يتيم الأب والأم وعادت به إلى مكة حيث جده عبد المطلب الذي تولى رعايته.
نكمل لكم بحث عن حياة الرسول ونشأته، حيث نوضح لكم أنه عندما بلغ النبي عامه الثامن توفي جده عبد المطلب أيضًا تاركًا إياه وحيدًا يتيمًا من جديد يعاني شعور اليتم في هذه الدنيا، وكان عبد المطلب قبل وفاته عهد إلى ابنه أبي طالب عم النبي والذي كان أخًا شقيقًا لوالده عبد الله فأوصاه بابن أخيه اليتيم خيرًا وكان خير من أوص إليه.
بعد موت عبد المطلب أخذ أبو طالب النبي وأودعه في بيته مع أولاده ولكن حبه له فاق حبه لأبنائه، فخصه بأفضل الطعام والشراب واللباس، وكان يحب اصطحابه في كل مكان يذهب إليه كما كان يحب أن ينام بجواره في فراشه، وعندما بدأ النبي يكبر بدأ أبو طالب بأخذه معه في رحلاته التجارية فزار النبي بعض البلدان وهو في سن صغيرة مما ساعد كثيرًا في توسيع مداركه وسعة أفقه وبراعته في التجارة.
نشأة النبي وشبابه
إن موضوع بحث عن حياة الرسول ونشأته يجب أن يسلط الضوء فيه على مرحلة الشباب التي عاشها النبي، في الواقع كانت شخصية النبي منذ ولادته فريدة من نوعها إلى أبعد الحدود فهو نشأ في مجتمع يعمه الفساد والجهل والغلظة، وبالرغم من هذا البستان الشائك الوعر إلا أنه كان بمثابة النبتة والزهرة الطيبة المباركة التي طرحت في وسطه.
بالرغم مما يعرف عن طيش الشباب واندفاعهم وراء شهواتهم وبالرغم من أن النبي كان شابًا ورجلًا، إلا أنه لم يقم بأي فعل مما يقوم به الشباب في عمره وفي هذه البيئة الفاسدة، فهو لم يشرب الخمر قط ولم يطف حول واحدًا من الأوثان، ولم يلعب الميسر ولم يقرب أي امرأة، هذا القدر من الاستقامة من دون أن يبعث بالرسالة أو يوحى إليه.
كما لم يسبق للنبي أن تشاجر مع أحد أو انفلتت منه زلة لسان، ولم يسبق أن مس اسمه أي شيء يلطخه بمعنى أنه لم يرتكب أي خطأ قط، وبالطبع هذا أمر طبيعي فإن الله قد أعده منذ اللحظة الأولى له في هذه الحياة لِأن يكون خاتم النبيين في هذه الأمة.
لقد شب النبي وقضى شبابه على الاستقامة والاعتماد الكامل على النفس فلم يفسده فرط دلال ومحبة جده وعمه له، فعمل منذ أن كان صغيرًا في رعي الأغنام بمكة مقابل مبلغ زهيد من المال ثم عندما كبر قليلًا واشتد عوده بدأ يعمل في التجارة، حتى بدأ يخرج في بعض الرحلات التجارية مثل الرحلات التجارية الخاصة بالسيدة خديجة بنت خويلد.
حياة النبي قبل البعثة
لن ينتهي الحديث بعد عن بحث عن حياة الرسول ونشأته، حيث استمر النبي في عمله بالتجارة والخروج في الكثير من الرحلات التجارية في إطار عمله مع السيدة خديجة بنت خويلد، ولقد حلت البركة وزاد ربح السيدة خديجة التي كانت متزوجة في سن صغيرة ومات زوجها وصارت أرملة ثرية فطمع بها الكثير من رجال مكة وطمحوا إلى الزواج بها ولكنها رفضت.
لقد سمعت السيدة خديجة بكرم وسماحة أخلاق النبي ومظاهر البركة التي أحاطت به خلال جميع الرحلات التجارية التي قام بها لصالحها والتي شهدها من كانوا معه في هذه الرحلات، فرأت السيدة خديجة أنها في حاجة إلى أن يكون هذا الصادق الأمين في حياتها بطريقة أكثر رسمية لكي يرعى مصالحها ويحفظ مالها لثقتها أنه لن يطمع فيه.
قامت السيدة خديجة بعرض نفسها على النبي لكي يتزوجها فقام عمه أبو طالب بخطبتها له وكان آنذاك في الخامسة والعشرين من عمره بينما كانت السيدة خديجة قد بلغت الأربعين، ولقد تزوجها النبي بالفعل وكانت في عينيه خير النساء وقد أحبها حبًا جمًا، ولقد أنجبت له أبنائه جميعًا وهم القاسم وزينب ورقية وأم كلثوم وفاطمة وعبد الله.
لقد مات جميع أبناء النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ في حياته وكان هذا مصدر حزن وأسى بالغ، حيث مات جميعهم فيما عدا السيدة فاطمة الزهراء رضي الله عنها، والتي ماتت بعد والدها بحوالي ستة أشهر، ولقد عانى النبي من وفاة أولاده فالبرغم من صبره واحتسابه إياهم عند الله إلا أن المشركين كانوا دائمًا ما يعايرونه بانقطاع نسله وأنه لن يبقى من ذكره شيء هو الآخر بعد أن يموت، ولكن الله أعزه ونصره وخذلهم بدليل أن طيب ذكر النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ لا يزال يعطر أرجاء الدنيا حتى الآن.
ظهور علامات النبوة على الرسول
جدير بالذكر في إطار تقديم بحث عن حياة الرسول ونشأته أن نذكر بعض الحوادث التي وقعت للنبي ولمن حوله، وأشارت وبوضوح إلى أنه خاتمالأنبياء الذي بشرت به التوراة وأكد بشراها الإنجيل، ومن بين تلك الحوادث غير حادثة انشقاق صدره في الطفولة:
1ـ حادثة حليمة السعدية
إن عرض بحث عن حياة الرسول ونشأته لا يمكن أن يكتمل دون ذكر حادثة حليمة السعدية، فلقد كانت السيدة حليمة السعدية مرضعة الرسول في صغره امرأة فقيرة معدمة قد أتت إلى مكة مع بعض النسوة ليبحثن عن أطفال يحتاجون إلى الرضاعة.
فكانت حليمة السعدية تعاني من نقص وجفاف الحليب من ثدييها فلم تكن تستطيع أن تقوم حتى بإرضاع طفلها، ولقد عزفت جميع النساء المرضعات التي صاحبتهن عن كفالة محمد لكونه يتيمًا.
لم يكن أمام حليمة السعدية حلًا غير أن تقوم بكفل محمد الصغير فأخذته معها إلى أهلها، وما أن وضعته على ثديها لكي ترضعه حتى وجدت أن ثديها امتلأ بالحليب فجأة فرضع منها حتى شبع تمامًا هو وابنها أيضًا، وكان لحليمة السعدية وزوجها شياهًا ضعاف البنية شحيحة اللبن.
ذات مرة اقترب منهن زوج حليمة السعدية ليحلب لبنها الذي يعرف أنه أقل من القليل، وكانت المفاجأة أن وجد هذه الشياه تدر الكثير والكثير من الحليب حتى شرب وزوجته وأولادهما منها حتى شبعوا جميعًا، فتبدل حال حليمة السعدية وزوجها منذ اليوم الأول من قدوم محمد إلى بيتهم الذي أصبح عامرًا بالخيرات والبركة بعد أن كان يشكو الفقر، ولقد تيقنوا أن ذلك كله من بركة محمد الصغير.
2ـ حادثة الراهب بحيرى
في سياق عرض بحث عن حياة الرسول ونشأته، نذكر لكم حادثة الراهب بحيرة، فلقد كان أبو طالب عم النبي ذاهبًا في رحلة إلى الشام ولقد عزم على اصطحاب محمدًا معه ليعلمه أمور التجارة، وعندما بلغوا البصرة كان هناك راهبًا قائمًا في صومعته الخاصة وكان يدعى بحيرى، ولقد عرف هذا الراهب ماهية محمد الحقيقية وتيقن أن هذا الفتى هو النبي الخاتم الذي بشرت به التوراة والإنجيل ولقد أخبر من معه بهذا.
عندما سئل الراهب بحيرى كيف عرف هذا الأمر قال إن علامات قدوم النبي قد تمت معرفتها في كتبهم من قبل، وعندما وصلت القافلة التي كان فيها الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ لمنطقة العقبة سجد كل من الشجر والصخر وهي لا تسجد أبدًا لغير نبي.
لقد قام الراهب بحيرى بالتحدث إلى أبي طالب ونصحه بأن يعود على الفور بابن أخيه محمد إلى مكة وأن ينتبه عليه ويحرص على مراقبته في طريق العودة بالذات، لأن اليهود قد تربصوا وتعهدوا منذ قديم الأزل بقتل النبي الخاتم، وأنهم أيضًا يتربصون به الآن لأنهم شعروا بقدوم هذا النبي خلال هذا الشهر.
كما أن الراهب بحيرى قام بحماية النبي من اليهود الذين جاءوا يبحثون عن هذا النبي الخاتم ليقتلوه وقام هو بدفع خطرهم ورد شرهم عنه، ولقد ثبتت صحة هذه القصة بالكامل في صحيح الترمذي والحاكم وغيرهم، وتلك النبوءات كانت حقيقية بالفعل ولقد ورد ذكرها في الصحف الأولى من التوراة والإنجيل.
3ـ حادثة الحجر الأسود
إن حادثة الحجر الأسود من أهم المواقف التي يجب ذكرها عند كتابة بحث عن حياة الرسول ونشأته، فلقد كانت الكعبة المشرفة على عهد النبي في زمن الجاهلية عبارة عن بنيان ضخم من حجر مرصوص لا طين فيه مما جعله بنيانًا غير متين، فأراد العرب آنذاك أن يقوموا بترميمها لجعلها أكثر متانة لكي تكون مهيئة لمناسك الطواف حول الأوثان الموضوعة عندها.
عندما وصل العرب حينها إلى الحجر الأسود اختلفوا جميعًا على من سينال شرف ورفع وضع الحجر الأسود في مكانه وجدير بالذكر أن الحجر الأسود هو الذي يبدأ منه وينتهي إليه الطواف في المرة الواحدة، فتنازعوا فيما بينهم واستمر هذا النزاع العنيف لأيام متواصلة حتى عزموا أمرهم على القتال.
بعد ذلك وصلوا إلى رأي حكيم ووسطي وهو أن أول رجل سوف يدخل عليهم البيت الحرام وهم جالسون هو من سينال شرف وضع الحجر الأسود، ثم لم يمض وقت طويل حتى دخل عليهم النبي إلى البيت الحرام وكان عمره آنذاك حوالي خمسة وثلاثين عامًا أي أنه لم يكن قد بعث بعد، فاستبشروا به خيرًا لكونه معروفًا بالصادق الأمين.
لقد تجلت حكمة ورجاحة عقل النبي في هذا الموقف عندما حسم النزاع بطريقة ترضي جميع الأطراف، فطلب منهم أن يتم وضع الحجر الأسود في رداء ثم يقوم بحمله شاب واحد من شباب كل قبيلة متواجدة فقاموا بذلك فعلًا، واستمروا على هذا حتى اقترب الدور على النبي فحمله بيديه الطاهرتين ثم وضعه في مكانه الثابت مما يدل على مدى حكمة محمد البالغة.
المواقف التجارية مع السيدة خديجة
أثناء عرض بحث عن حياة الرسول ونشأته، نوضح لكم أنه أثناء عمل النبي مع السيدة خديجة بنت خويلد حدثت بعض المواقف التي تشير وبشكل واضح للعيان مدى البركة التي تحل على المكان الذي يرتحل إلي.
فعلى سبيل المثال خرج النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ على رأس قافلة تجارية تابعة للسيدة خديجة بنت خويلد رضي الله عنها وكان معه عدد من الناس ومن بينهم ميسرة الغلام المساعد والخادم للسيدة خديجة في عملها.
لقد لاحظ ميسرة أنه أثناء سير القافلة في الصحراء تحت أشعة الشمس الحارقة إنه كانت هناك غيمة صغيرة تصاحب النبي أينما تحرك لكي تظلل عليه وتخفف من حدة الشمس فوق رأسه، ثم بعد أن وصلا إلى مكان بيع السلع التي جاءا بها حتى بيعت جميع البضائع، وحازت القافلة على أموال طائلة لم يسبق أن حصلت عليها قافلة تجارية من قبل وفي وقت وجيز.
في أثناء هذه الرحلة أيضًا نزل ميسرة ومعه النبي في سوق مدينة بُصرى، وجلسا تحت شجرة ليستريحا من سفرهما وليستظلا تحت ظلها وكانت هذه الشجرة على مقربة من صومعة لراهب يدعى نسطور، ولقد كان هذا الراهب على معرفة سابقة بالغلام ميسرة فناداه وسأله عمن الشخص الذي نزل أسفل هذه الشجر.
رد ميسرة على سؤال نسطور وقال له إنه شاب من قريش من أهل الحرم هناك، فرد عليه نسطور قائلًا إن هذه الشجرة لم ينزل تحتها أبدًا إلا نبي وسأل ميسرة هل في عيني هذا الشاب حمرة قليلة فرد ميسرة على ذلك بالإيجاب، ففرح نسطور وقال إنه هو ذلك هو خاتم الأنبياء وتمنى أن يمهله الله العمر حتى يشهد موعد بعثة هذا النبي.
نزول الوحي على الرسول
ما زلنا في صدد الحديث عن بحث عن حياة الرسول ونشأته، حيث إننا الآن نوضح لكم ما حدث عند نزول الوحي لأول مرة على الرسول الكريم، فلقد كانت من عادات النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ أن يمكث في غار حراء بمفرده لبعض الليالي لكي يتعبد ويتحدث مع خالقه الذي لا يراه، ولكنه يشعر أنه حوله وموجود بالفعل، فكان يقصد من ذلك التأمل والتفكر البعد عن الصخب والزحام السائد في مكة والأغاني والرقص والمجن المنتشر في شتى أنحاءها.
لقد كان النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ معتادًا على أن يعتكف في غار حراء لكي يتعبد، وحينما أتم عليه الصلاة والسلام عامه الأربعين كان جالسًا في غار حراء كمثل عادته يتعبد للخالق الذي لم يعرفه بعد، ولكنه كان دومًا منصرف إليه يشعر بوجوده فلا يميل إلى الأوثان وطباع الجاهلية التي شب وترعرع وسطها.
فجأة دب نور عظيم شق ظلمة وعتمة الغار وتجلى جبريل عليه السلام للنبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ، فلقد هلع النبي وأصابه الذعر والفزع وتملك منه الخوف من هول مطلع ملاك الوحي وهيبته، وفوجئ بأن هذا الكيان الملائكي يقول له دون مقدمات اقرأ، والنبي كان أميًا لا يعرف القراءة أو الكتابة فرد بهدوء وأدب يليق بخاتم النبيين قائلًا: ما أنا بقارئ.
اقترب ملاك الوحي من النبي فهلع منه أكثر وتعجب من اقترابه الذي قام بضمه وعناقه عناقًا مجهدًا له، ثم بعد ذلك قرر جبريل عليه السلام طلبه ثانيًا وقال اقرأ، فأجابه النبي للمرة الثانية ما أنا بقارئ، ثم قام جبريل بعناقه مرة أخرى بقوة بلغت من النبي جهدًا كبيرًا وقال للمرة الثالثة اقرأ، فأجاب النبي بتعب ما أنا بقارئ.
لم يكن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ ضعيف البنية بل كان قويًا سليم البنيان، ولكن ضم جبريل عليه السلام إياه استنفذ منه الكثير من الطاقة والجهد، ذلك بالإضافة إلى ما أصاب النبي من ذعر وخوف شديدين، وخاصةً لأنه مدرك تمامًا أن هذا المشهد العظيم الذي يمر به واقعًا مُعاشًا بالفعل وليس كابوسًا أو حلمًا.
قال جبريل عليه السلام في المرة الرابعة (اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ* خَلَقَ الإِنْسَانَ مِنْ عَلَقٍ* اقْرَأْ وَرَبُّكَ الأَكْرَمُ* الَّذِي عَلَّمَ بِالقَلَمِ* عَلَّمَ الإِنْسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ) [سورة العلق: الآيات 1 – 5] ثم اختفى جبريل بعد ذلك من أمام الرسول.
حالة النبي بعد نزول الوحي
نستكمل لكم بحث عن حياة الرسول ونشأته، ونوضح لكم حالة النبي بعد نزول الوحي عليه، حيث هرع النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ وهو يكاد يمسك بزمام نفسه، متجهًا إلى منزله ودخل على السيدة خديجة رضي الله عنها وهو يرتجف فزعًا ولقد أصابته الحمى، وكان يتصبب عرقًا ويرتعش خوفًا من هول ما رآه في تلك الليلة المباركة، فأخذت السيدة خديجة تربت عليه في حنوٍ وتهدأ من روعه ولقد وضعت عليه الكثير من الأغطية لكي يكف جسده الشريف عن الرعشة.
لم تدر السيدة خديجة ما الذي أصاب النبي آنذاك، ولم تفهم منه الكثير لصعوبة قدرته على الكلام والشرح وهو في تلك الحالة، فلما هدأ قليلًا بدأ يقص عليها ما حدث معه في الغار من الألف إلى الياء، وتعجبت بنت خويلد رضي الله عنها ولم تفهم شيئًا مما قصه عليها النبي، كذلك لم تستطع تفسير ما حدث.
ما كان من السيدة خديجة إلى أن أرسلت إلى ابن عمها ورقة بن نوفل والذي كان يعتنق الديانة المسيحية، من أجل أن تستفتيه فيما حصل مع النبي وعجزت عن فهمه أو تفسيره، ولقد كان ورقة بن نوفل يجيد العبرية ويقوم بكتابة الإنجيل وحفظه باللغة العبرية كما أنه كان شديد التدين، وحينما قصت عليه السيدة خديجة ما حصل لم يتعجب.
إن السر وراء عدم تعجب ورقة بن نوفل مما حدث مع النبي هو إيمانه التام ببشرى المسيح عيسى ابن مريم عليه السلام التي نصت على أن النبي الذي سيأتي من بعده سيكون خاتم النبيين وأنه سيكون عربيًا، وما وصفه النبي عن جبريل عليه السلام ورد ذكره مسبقًا في التوراة والإنجيل، مما جعل ورقة يؤكد على أن ما أصاب النبي ليس هلوسة أو مدعاة للخوف، إنما هو الناموس الذي نزل على نبي الله موسى عليه السلام.
كما أوضح لهم ورقة بن نوفل أن ملاك الوحي هذا لا ينزل أبدًا إلا على الأنبياء والمرسلين، وأن بشارة موسى وعيسى والأنبياء السابقين جميعهم قد تحققت في شخص محمد بن عبد الله صاحب رسالة لإسلام وخاتم الأنبياء والمرسلين، وهذا الحدث يعد من أهم المعلومات في بحث عن حياة الرسول ونشأته.
بداية البعثة النبوية
في ظل عرض بحث عن حياة الرسول ونشأته، نوضحح لكم بداية البعثة النبوية، فبعد أن فهم النبي وأدرك المسئولية الكبيرة التي كلف بها خاف أن يرجع مرة أخرى إلى الغار وخاف من أن يلقى جبريل مرة ثانية، وظل يقول زملوني دثروني حتى نزلت الآية الكريمة: (يَا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ قُمْ فَأَنذِرْ وَرَبَّكَ فَكَبِّر)ْ وكانت بمثابة أمر وإلزام إلهي من الله إلى محمد لكي يبدأ في التبليغ برسالته.
بدأ النبي بالفعل يبلغ رسالته التي حمل بها، ولقد بدأ في دعوته بأهل بيته فكانت السيدة خديجة بنت خويلد زوجته هي أول من أسلم معه وكانت نعم من يعينه ويساعده ويناصره في دعوته تلك، ثم كان إسلام عبد الله بن عثمان والذي يكنى بأبي بكر الصديق رضي الله عنه أول من آمن وأسلم مع النبي من الرجال.
بعد ذلك أسلم علي بن أبي طالب رضي الله عنه وكان آنذاك لم يبلغ عامه العاشر ومن بعده أسلم زيد بن حارثة خادم الرسول فكان أول من أسلم من الموالي، وتبعه سعد بن أبي وقاص وعبد الرحمن بن عوف وطلحة بن عبيد الله وعثمان بن عفان، وكان كل هؤلاء هم الثمانية السابقين إلى الإسلام.
مراحل الدعوة إلى الإسلام
عندما نعزم على أن نقوم بكتابة بحث عن حياة الرسول ونشأته يجب أن نوضح أن دعوة النبي إلى الإسلام قد مرت بمرحلتين لكل منها ما تميزت به ولكل منها أحداث حاسمة أثرت في تاريخ الإسلام، وكانت هذه المراحل كالآتي:
1ـمرحلة الدعوة السرية للإسلام
لا يمكننا الحديث عن بحث عن حياة الرسول ونشأته، دون ذكر مراحل الدعوة السرية للإسلام، فلم يكن من الحكمة أن يبدأ النبي دعوته بالجهر والعلانية أمام الناس فهو كان يعيش وسط قوم خيم الجهل والظلام على عقولهم وعلى أفئدتهم، فبدأ الرسول يدعو المقربين منه وأولهم أهل بيته فآمن معه أهل بيته ثم دعا سائر أهله وبيت عمه أبي طالب أيضًا فصدوه جميعهم إلا علي بن أبي طالب والذي كان في كفالة ورعاية النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ.
عمل المقربون من النبي الذين اعتنقوا الإسلام على دعوة من حولهم إلى الإسلام وفقًا لمعايير ومقاييس محددة، وكان أبو بكر الصديق من هؤلاء الدعاة فكان على يديه إسلام الزبير بن العوام وعثمان بن عفان وغيرهم، كما لعبت المرأة في هذه المرحلة من الدعوة دورًا هامًا وحيويًا حيث عملت السيدة خديجة على دعوة صاحباتها إلى الإسلام.
ثم كانت زوجات الصحابة السابقين إلى الإسلام قد أسلمن وآمنَّ مع أزواجهن ولكنهن عملن على حفظ سرية الدعوة، ولقد عمل المسلمون وقتها على أداء الصلوات والعبادات ولكنها آنذاك لم تكن بعد قد اتخذت شكلها النهائي ولم تكن لها أحكامًا خاصة، فعلى سبيل المثال كان النبي يقوم بالصلاة مع على بن أبي طالب في الشعاب ولقد كان القريشيون يرونهم ولكنهم لم يعيروهم أي اهتمام.
لم تكترث قريش لما يفعله محمد وابن عمه وأصحابهم ولم تنكر عليهم ما يقومون به، وذلك لأن قريش لم تكن قد أعلنت حربها ضد الإسلام بعد، فقريش في هذه المرحلة رأت أن دعوة محمد تقتصر فقط على تصحيح العقيدة وتقويم بعض المفاهيم الخاصة بها ولم تتسبب في إحلال أي تغيير في الحياة السائدة بينهم آنذاك.
بالرغم من أن هذه الدعوة كانت سرية إلا أن سريتها كانت نسبية فلم تكن مكتومة كل الكتمان، فالرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ آنذاك كان حريصًا إلى أبعد الحدود على أن يدعو بشكل مباشر من توسم فيهم الخير ورأى فيهم النزعة الإيمانية ورأى لديهم حب الخير والرغبة في الصلاح والإصلاح وهذا ما سيعطيهم القدرة على نبذ الكفر والشرك واعتناق دين الله.
2ـ مرحلة الدعوة الجهرية للإسلام
في سياق عرض بحث عن حياة الرسول ونشأته، نذكر لكم مرحلة الدعوة الجهرية للإسلام، حيث يمكن القول بأن هذه المرحلة بدأت بأمر وإذن من الله بأن يبدأ محمدًا ـ صلى الله عليه وسلم ـ في دعوة عشيرته بالكامل، ولقد وردت الكثير من الأحاديث التي تبين حال النبي عندما تلقى هذا الأمر من الله ولقد ورد ذلك أيضًا في في صحيح البخاري فقال:
عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما قال: لَمَّا نَزَلَتْ: {وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الأقْرَبِينَ}، صَعِدَ النبيُّ ـ صلى الله عليه وسلم ـ علَى الصَّفَا، فَجَعَلَ يُنَادِي: يا بَنِي فِهْرٍ، يا بَنِي عَدِيٍّ – لِبُطُونِ قُرَيْشٍ – حتَّى اجْتَمَعُوا فَجَعَلَ الرَّجُلُ إذَا لَمْ يَسْتَطِعْ أنْ يَخْرُجَ أرْسَلَ رَسولًا لِيَنْظُرَ ما هُوَ، فَجَاءَ أبو لَهَبٍ وقُرَيْشٌ، فَقالَ: أرَأَيْتَكُمْ لو أخْبَرْتُكُمْ أنَّ خَيْلًا بالوَادِي تُرِيدُ أنْ تُغِيرَ علَيْكُم، أكُنْتُمْ مُصَدِّقِيَّ؟ قالوا: نَعَمْ، ما جَرَّبْنَا عَلَيْكَ إلَّا صِدْقًا، قالَ: فإنِّي نَذِيرٌ لَكُمْ بيْنَ يَدَيْ عَذَابٍ شَدِيدٍ فَقالَ أبو لَهَبٍ: تَبًّا لكَ سَائِرَ اليَومِ، ألِهذا جَمَعْتَنَا فَنَزَلَت: تَبَّتْ يَدَا أبِي لَهَبٍ وتَبَّ ما أغْنَى عنْه مَالُهُ وما كَسَبَ.
بعد هذا بدأت تعاليم الإسلام تثبت قواعها وتنتشر فيما بين الناس وأخذ الإسلام ينتشر انتشار النار في الهشيم بين صفوف العبيد والإماء خاصةً، وهذا لأنهم كانوا الفئة المعدمة والتي تعاني الفاقة والضعف والذل من أسيادهم ومالكيهم، ولقد أحبوا الإسلام لأنهم شعروا أنه أحبهم وجاء لهم لكي يخلصهم من الهوان الذي يشهدونه ويعانون منه أشد المعاناة، فهو دعا إلى نصرة المظلوم ومنع استرقاق الناس وساوى بين البشر فلم يعد هناك فرق بين سيد ومولى.
معاناة النبي أثناء الدعوة إلى الإسلام
نذكر لكم الآن معاناة النبي أثناء الدعوة إلى الإسلام في ظل بحث عن حياة الرسول ونشأته، فلقد عانى النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ خلال دعوته أشد وأشر معاناة، ولكنه صبر وتحمل فلقد كان المشركون يسبونه بأفظع الألفاظ ويلومونه بلواذع الكلم دومًا.
كما كانوا يعايرونه بأن أولاده وبناته قد ماتوا وهم سن صغير وأن نسله سينقطع من الدنيا بمجرد أن يموت، وكانوا ينزلون به وباتباعه أشد أشكال التنكيل والتعذيب وكان في المقابل يدعوهم كما أوصاه الله بالحكمة والموعظة الحسنة.
كل يوم كان يزداد أتباع النبي في الكثرة والزيادة ولقد اكتشف سادة قريش أن عبيدهم دخلوا إلى دين محمد فكانوا يعذبونهم وينالون بهم أشد العذاب حتى يرتدوا ويعودوا إلى دين مواليهم.
من هنا كان الموقف المعادي من قريش إلى النبي وأتباعه والإسلام بالكامل فهم رأوا أن الإسلام سوف يحد من نفوذهم وسيحرمهم من متاع الدنيا وهو السبب في تمرد عبيدهم عليهم كما أنه يسفه من آلهتهم ويدعو إلى الكفر بها وإهانتها.
لقد حاولت قريش أن تبادل ابنهم عمارة بن الوليد بن المغيرة بالنبي محمد، فقد كان الوليد فقد كان عمارة هذا من أجمل شباب قريش، فعرضوا على أبي طالب أن يعطيهم محمدًا في مقابل أن يعطوه عمارة بن الوليد بن المغيرة، ولكن أبي طالب قد رفض ذلك بشدة قائلًا: “والله لبئس ما تسومونني، أتعطونني ابنكم أغذوه لكم، وأعطيكم ابني فتقتلونه، هذا والله ما لا يكون أبدًا“
في مرة أخرى حاول عقبة بن أبي معيط أن يقتل النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ فقام بمباغتته من خلفه وهو قائم ليصلي، فقام بلف ثوبه حول عنق النبي وخنقه خنقًا شديدًا حتى دخل عليهم أبو بكر فخلص النبي من يده وأبعده عنه وقال: “أتقتلون رجلاً أن يقول ربّي الله وقد جاءكم بالبيّنات من ربّكم”
عرف عن عقبة بن أبي معيط أنه كان من أشر المشركين وأكثرهم إيذاءً للنبي، وفي مرة كان النبي يصلي فجاءه عقبة ومعه سلا جزورٍ وهو ما ينزل من الناقة عندما تقوم بالولادة وهو يحتوي على ماء وقاذورات، فقام بوضعها فوق ظهر النبي وهو ساجد فرأته السيدة فاطمة الزهراء وكانت آنذاك فتاة صغيرة، فقامت بإزالة هذه القاذورات من فوق ظهر والدها ودعت على من فعل ذلك، ثم قام النبي ودعا على قومه قائلًا:
“اللَّهُمَّ عَلَيْكَ بقُرَيْشٍ، اللَّهُمَّ عَلَيْكَ بقُرَيْشٍ، اللَّهُمَّ عَلَيْكَ بقُرَيْشٍ، ثُمَّ سَمَّى: اللَّهُمَّ عَلَيْكَ بعَمْرِو بنِ هِشَامٍ، وعُتْبَةَ بنِ رَبِيعَةَ، وشيبَةَ بنِ رَبِيعَةَ، والوَلِيدِ بنِ عُتْبَةَ، وأُمَيَّةَ بنِ خَلَفٍ، وعُقْبَةَ بنِ أبِي مُعَيْطٍ وعُمَارَةَ بنِ الوَلِيدِ قَالَ عبدُ اللَّهِ: فَوَاللَّهِ لقَدْ رَأَيْتُهُمْ صَرْعَى يَومَ بَدْرٍ، ثُمَّ سُحِبُوا إلى القَلِيبِ، قَلِيبِ بَدْرٍ، ثُمَّ قَالَ رَسولُ اللَّهِ ـ صلى الله عليه وسلم ـ: وأُتْبِعَ أصْحَابُ القَلِيبِ لَعْنَةً“ وبالفعل لقي كل هؤلاء حتفهم صرعى في غزوة بدر.
عام الحزن
إن بحث عن حياة الرسول ونشأته لا يجب أن يخلو من ذكر عام الحزن الذي مر به النبي والذي لحقته رحلة الإسراء والمعراج،فبالرغم من أن أبا طالب عم النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ كان مشركًا كافرًا لم يدخل إلى دين الله ولم يلبي دعوة نبيه إلا أنه كان يحب النبي حبًا جمًا، فلم يكن يسكت عن إيذاءه وإهانته وكان بقدر المستطاع يحاول رد أذى قريش وغيرهم من المشركين عن ابن أخيه.
كان النبي يحب عمه أبا طالب كثيرًا وعز عليه أن عمه مشركًا لم يؤمن بالله وكثيرًا ما دعا الله وتوسلإليه بأن يهدي عمه إلى دينه وسبيله الحق ولكن رد الله عليه كان (إنك لا تهدي من أحببت لكن الله يهدي من يشاء)، ولقد توفي عمه أبو طالب في العام السابع من البعثة أي قبل هجرة النبي من مكة إلى المدينة بحوالي ثلاث سنوات، فحزن النبي حزنًا شديدًا لفقده عمه الذي رباه وكان نصيرًا مساندًا له ولكن حزنه الأكبر كان على أنه مات من دون أن يدخل إلى الإسلام.
فرح كفار قريش بهذا وسعدوا بشدة البلاء الذي نزل بسيدنا محمد ـ صلى الله عليه وسلم ـ وشمتوا في مصيبته، وكان قبلها بوقت قليل قد توفيت السيدة خديجة بنت خويلد رضي الله عنها أول من ناصر الرسول وعاونه وسانده طوال حياته منذ أن بعث وحتى من قبلها، ولقد كان النبي يحبها حبًا شديدًا ولقد فتت وفاتها في عضده ومن فرط حبه لها كان يذكرها دومًا بكل الخير .
فعن حب النبي لخديجة روت عائشة بنت أبي بكر رضي الله عنها “كانَ رسولُ اللَّهِ ـ صلى الله عليه وسلم ـ إذا ذَكرَ خديجةَ أثنى فأحسَنَ الثَّناءَ، فغِرتُ يومًا فقلتُ: ما أكثرَ ما تذكرُها حمراءَ الشِّدقينِ قد أبدلَكَ اللَّهُ خيرًا منها، قالَ: ما أبدلني اللَّهُ خيرًا مِنها؛ قد آمنَتْ بي إذ كَفرَ بيَ النَّاسُ وصدَّقتني إذ كذَّبني النَّاسُ وواسَتْني بمالِها إذ حرَمَنِيَ النَّاسُ ورزقنيَ اللَّهُ أولادَها إذ حرمني أولادَ النَّساءِ“
رحلة الإسراء والمعراج
في إطار عرض بحث عن حياة الرسول ونشأته، لا بد من ذكر رحلة الإسراء والمعراج، حيث كان سببها أن الله أراد أن يخفف الحزن عن قلب نبيه الخاتم وحبيبه ـ صلى الله عليه وسلم ـ لما عانه في عام الحزن ومحاصرته لثلاث سنوات في شعب قريش، فأخذه في رحلة من البيت الحرام في مكة إلى المسجد الأقصى في فلسطين وروي أن سقف بيت النبي قد انشق ونزل منه ملكان من السماء وحملوه معهم، ثم قاموا بشق صدره وأخرجوا قلبه وغسلوه بماء زمزم وأفرغوا عليه الصبر والحكمة والإيمان ثم أعادوه إليه.
أثناء هذه الرحلة المباركة التي روت عنها سورة الإسراء (سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلًا مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ مِنْ آيَاتِنَا إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ البصير) ثم صعد النبي إلى السماء فرأى في السماء الأولى سيدنا آدم عليه السلام فرحب به، ثم لقي في السماء الثانية عيسى بن مريم ويحيى بن زكريا عليهم السلام وفي السماء الثالثة رأى يوسف عليه السلام.
عندما بلغ السماء الرابعة لقي فيها إدريس عليه السلام فسلم عليه ثم صعد إلى السماء الخامسة ليجد فيها هارون بن عمران وسلم عليه ودعا له بكل الخير، ثم في السماء السادسة وجد سيدنا موسى عليه السلام الذي بكى فسألوه لماذا تبكي؟ فقال “أبكي لأنّ غلاما بُعِثَ من بعدي يدخل الجنَّة من أمّته أكثر مما يدخلها من أمّتي” وعندما وصل النبي السماء السابعة وجد فيها إبراهيم عليه السلام، ثم بعد ذلك رفعه الله إلى سدرة المنتهى ومنها إلى البيت المعمور ثم إلى الله تعالى فكان قابل قوسين أو أدنى.
لقد أوحى الله له حينها بالصلاة فكانت خمسين صلاة وإذا به يصل إلى سيدنا موسى ليقول له أن أمته لا تطيق هذا العدد من الصلوات، فأخبره موسى عليه السلام أن يرجع إلى الله لكي يخففها عنهم، وبالفعل بعد أن راجع الله جعلها خمس صلوات فقط ولكنها بأجر خمسين صلاة.
هجرة الرسول
ما زلنا في صدد الحديث عن بحث عن حياة الرسول ونشأته، فلقد بلغ أذى المشركين للنبي وأتباعه مبلغه حتى لم يصبحوا قادرين على تحمل كل هذا التنكيل، فكانوا يسبون النبي ويأمرون عامة الناس بالتطاول عليه والخوض في عرضه والحديث عن أهل بيته بما يسوئهم، حتى جاء أمر الله إلى النبي أن يذهب إلى موطن آخر ليكون له أكثر أمانًا له من حصار المشركين له وتآمرهم على قتله وكان الأمر من الله أن يهاجر وأصحابه ومن أسلموا معه سرًا إلى يثرب.
لم تكن هجرة الرسول مع أتباعه بالأمر الهين بل عانوا أشد وأشر معاناة حتى تمكنوا من الهجرة، بدأت هجرة النبي بذهابه مع أبي بكر الصديق أولًا ولقد كان معهما عبد الله بن أريقط ليكون دليلهم في الطريق، ولكي يتولى أمر إخفاء أثر سيرهما من على الطريق أو رمال الصحراء حتى لا يقتفيها المشركون ويلحقوا بهم.
أمر أبو بكر ابنه عبد الله أن يبقى في مكة لكي يتسمع أخبارها ويأتيهما بها وكان قد اختبأ مع النبي في غار ثور وكانت أسماء بنت أبي بكر تأتيهما بالطعام والشراب، ولقد أوحى الله إلى العناكب أن تغزل خيوطها على باب الغار لكي يتم تمويه المشركين وإيهامهم بأنه لا أحد في الغار وإذا كان أحد قد دخل إلى الغار ليختبئ فيه لكان مزق خيوط هذه العناكب فانطلت عليهم الخدعة.
أعلن قريشًا أنها ستعطي جائزة وغنيمة كبيرة لمن يأتيها بخبر عن مكان محمد، فخرج سراقة بن مالك وتتبع سير النبي وصاحبه في الصحراء، وكان كلما اقترب من موضع النبي وأبي بكر غارت قدم حصانه في الرمال ورجعت إلى الوراء، فأكمل طريقه سيرًا حتى كاد أن يهلك حتى وصل للنبي وأعطاه الأمان وأخفى سر مكانه عن قريش وأعلن إسلامه أمام النبي.
علم أهل يثرب أو المدينة المنورة التي نورت بالفعل بمقدم النبي إليها، وما إن علموا بأنه على أبوابها حتى ذهبوا لاستقباله، واستقبل النبي ومن معه من المهاجرين حوالي خمسمائة من الأنصار وأنشدوا له طلع البدر علينا، ثم أقام النبي في قباء بيثرب وبنى هناك أول مسجد في الإسلام باسم قباء.
غزوات الرسول
لا يجب أن يخلو بحث عن حياة الرسول ونشأته من الحديث عن الغزوات التي خاضها النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ من أجل نشر الإسلام في شتى بقاع شبه الجزيرة العربية، ولقد حصر المؤرخون عدد غزوات الرسول وقدروها بحوالي سبعة وعشرين غزوة، وسنذكر لكم أغلب هذه الغزوات في ظل سياق بحث عن حياة الرسول ونشأته، وستجدون هذا في الفقرات القادمة:
1ـ غزوة ودان أو غزوة الأبواء
كانت هذه الغزوة في شهر صفر من العام الثاني للهجرة وكان الهدف منها استكشاف النبي للمناطق المحيطة بيثرب أو المدينة المنورة.
2ـ غزوة بواط
كانت في شهر ربيع الأول والعام الثاني للهجرة ولم يقم فيها الرسول بالقتال.
3ـ غزوة العشيرة
كانت في شهر جمادى الأولى من العام الثاني للهجرة وكانت من دون قتال.
4ـ غزوة سفوان أو غزوة بدر الأولى
كانت في شهر ربيع الأول من العام الثاني للهجرة، وكانت بهدف تأديب كرز بن جابر الفهري الذي أغار ومن معه على غنم وإبل المدينة المنورة، ولكن النبي عاد منها من دون قتال لأن كرز كان قد لاذ بالفرار هو وأصحابه.
5ـ غزوة بدر الكبرى
كانت في شهر رمضان من الهام الثاني للهجرة وسجلت هذه الغزوة أول انتصار للمسلمين على المشركين، وتعد هذه الغزوة من أهم الغزوات التي يمكن ذكرها في بحث عن حياة الرسول ونشأته.
6ـ غزوة الكدر من بني سليم
كانت في شهر شوال من العام الثاني للهجرة وكان النبي قد خرج فيها قاصدًا بني سليم، وما أن وصل إلى ماء الكدر حتى أقام هناك ثلاث ليال ثم عاد إلى المدينة المنورة من دون قتال.
7ـ غزوة بني قينقاع
كانت في شهر شوال من العام الثاني للهجرة، وكانت بهدف تأديب يهود بني قينقاع فحاصرهم في حصونهم لخمسة عشر ليلة لنقضهم ميثاقهم مع النبي.
8ـ غزوة السويق
كانت في شهر ذي الحجة من العام الثاني للهجرة ولكنها كانت دون قتال.
9ـ غزوة ذي أمر
كانت في شهر محرم من العام الثالث للهجرة قاصدًا قبيلة غطفان ولكنه عاد ومن معه دون قتال.
10ـ غزوة الفرع من بحران
كانت في شهر بيع الآخر من العام الثالث للهجرة وكان النبي قاصدًا منها غزو قريش، وكان ذلك في منطقة الفرع بالحجاز ولقد عسكر هناك لثلاثة أشهر ثم عاد إلى المدينة من دون قتال.
11ـ غزوة أحد
كانت في شهر شوال من العام الثالث للهجرة وقد هزم فيها المسلمون وكانت تلك هي الهزيمة الأولى لهم في غزوات الرسول، ولا بد من ذكر هذه الغزوة في بحث عن حياة الرسول ونشأته، حتى نتعلم من الأخطاء التي وقع فيها المسلمون حتى لا نقع في مثلها الآن.
12ـ غزوة حمراء الأسد
كانت في شهر شوال من العام الثالث للهجرة ولقد وقعت في منطقة حمراء الأسد، وكان هدفها هو رد المسلمين لاعتبارهم بعد كما وقع لهم من هزيمة في أحد وعادوا منها من دون قتال.
13ـ غزوة بني النضير
كانت في شهر ربيع الأول من العام الرابع للهجرة وكان هدفها تأديب يهود بني النضير بعد محاولتهم في قتل النبي باغتياله، وكانت نتيجتها أن طرد النبي اليهود من المدينة شر طردة فخرجوا وأخذوا معهم الإبل وتركوا السلاح.
14ـ غزوة دومة الجندل
كانت في شهر ربيع الأول من العام الخامس للهجرة وكانت بهدف غزو قبيلة دومة الجندل وانتهت إلى صالح المسلمين.
15ـ غزوة بني المصطلق
كانت في شهر شعبان من العام الخامس للهجرة، ولقد وقعت في المريسيع وهي ماء لنبي خزاعة، وكان الهدف من هذه الغزوة هو الرد على هجوم بني المصطلق الذين كانوا يخططون له من أجل الاستيلاء على المدينة المنورة.
16ـ غزوة الأحزاب أو غزوة الخندق
كانت في شهر شوال من العام الخامس للهجرة وكانت بهدف رد عدوان الأحزاب على المدينة.
17ـ غزوة بني قريظة
كانت في شهر ذي القعدة من العام الخامس للهجرة وذلك بهدف تأديب يهود بني قريظة لغدرهم بالمسلمين في غزوة الخندق.
18ـ غزوة بني لحيان
كانت في شهر جمادى الأولى من العام السادس للهجرة وكانت بهدف تأديب بني لحيان لغدرهم ببعض الدعاة المسلمين في ماء الرجيع.
13ـ غزوة الحديبية
كانت في شهر ذي القعدة من العام السادس للهجرة ولكنها أسفرت عن عقد صلح الحديبية ورجع الرسول منها من دون قتال.
14ـ غزوة ذي قرد
كانت في شهر محرم من العام السابع للهجرة وكان هدفها تأديب جماعة غطفان الذين أغاروا على إبل وماشية المدينة المنورة.
15ـ غزوة خيبر
كانت في شهر محرم من العام السابع للهجرة وأسفرت عن كسر شوكة اليهود تمامًا وفتح حصون خيبر المنيعة.
16ـ غزوة ذات الرقاع
كانت في العام السابع للهجرة وقد خرج فيها الرسول لقتال بني غطفان ولكنهم هربوا فعاد النبي منها من دون قتال.
17ـ غزوة فتح مكة
كانت في شهر رمضان من العام الثامن للهجرة ولقد دخلها النبي وعفا عن المشركين ودخلها ظافرًا منتصرًا.
18ـ غزوة حنين
كانت في شهر شوال من العام الثامن للهجرة وكانت بهدف قتال قبيلتي ثقيف وهوازن.
19ـ غزوة الطائف
كانت في شهر شوال من العام الثامن للهجرة وكان الهدف منها القضاء على عناصر هوازن وثقيف التي فرت يوم حنين.
20ـ غزوة تبوك
كانت في شهر رجب من العام التاسع للهجرة وكانت بين الرومان والقبائل العربية المتحالفة معهم وبين قوات المسلمين، ولكن جيش الرومان تفرق وتشتت ولم يستطع مواجهة المسلمين وقد كانت هذه الغزوة هي آخر غزوات النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ التي يمكن ذكرها أثناء الحديث عن بحث عن حياة الرسول ونشأته.
حجة وداع النبي
في ختام الحديث عن بحث عن حياة الرسول ونشأته ، نذكر لكم أن النبي قد قام بالحج مرة واحدة في حياته في العام العاشر من الهجرة وبالتحديد في اليوم التاسع من شهر ذي الحجة، وفي ذلك اليوم وقف على جبل عرفات وخطب في المسلمين خطبة وكأنه يقول فيها أنه يودعهم من خلالها وقد كان جزء من نصها:
“الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونتوب إليه، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، أوصيكم عباد الله بتقوى الله وأحثكم على طاعته وأستفتح بالذي هو خير. ..”
“…أما بعد أيها الناس اسمعوا مني أبين لكم فإني لا أدري لعلى لا ألقاكم بعد عامي هذا في موقفي هذا، أيها الناس إن ربكم واحد وإن أباكم واحد كلكم لآدم وآدم من تراب أكرمكم عند الله اتقاكم، وليس لعربي على عجمي فضل إلا بالتقوى ألا هل بلغت…”
“اللهم فاشهد قالوا نعم قال فليبلغ الشاهد الغائب، أما بعد أيها الناس إن لنسائكم عليكم حقاً ولكم عليهن حق. لكم أن لا يواطئن فرشهم غيركم، ولا يدخلن أحداً تكرهونه بيوتكم إلا بإذنكم ولا يأتين بفاحشة، فإن فعلن فإن الله قد أذن لكم أن تعضلوهن وتهجروهن في المضاجع وتضربوهن ضرباً غير مبرح، فإن انتهين وأطعنكم فعليكم رزقهن وكسوتهن بالمعروف، واستوصوا بالنساء خيراً…”
“… فإنهن عندكم عوان لا يملكن لأنفسهن شيئاً، وإنكم إنما أخذتموهن بأمانة الله واستحللتم فروجهن بكلمة الله فاتقوا الله في النساء واستوصوا بهن خيراً ألا هل بلغت…اللهم فاشهد، أيها الناس إن الشيطان قد يئس أن يعبد في ارضكم هذه، ولكنه قد رضي أن يطاع فيما سوى ذلك مما تحقرون من اعمالكم“
وفاة الرسول
آخر ما يمكن ذكره أثناء الحديث عن بحث عن حياة الرسول ونشأته، هو مرض النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ لبعض الوقت قبل أن يتوفى، وكان معه عندما حضرته الوفاة أبو بكر الصديق رضي الله عنه، وفي يوم الإثنين في الثاني عشر من شهر ربيع الأول للعام العاشر من الهجرة انتقل الرسول الكريم إلى جوار ربه، بعد أن أدى الأمانة وبلغ الرسالة فجزاه الله عن الإسلام والمسلمين جميعًا خير الجزاء.
بعد أن توفي الرسول خرج أبو بكر إلى الناس وقال: “من أراد منكم محمدًا فإن محمدًا قد مات، ومن أراد منكم الله فإن الله حي لا يموت“، ولقد حزنت مكة والمدينة بأكملها لأعوام وأعوام لوفاة علم هداها ونبيها خاتم المرسلين فكان وداع محمد أثقل على قلوبهم من الحجر الأصم.