كفارة الحلف على المصحف كذبًا للضرورة
كفارة الحلف على المصحف كذبًا للضرورة قد تكون بالعديد من الطرق، فالحلف بالمصحف لا يفعله المرء إلا في حال اضطر لذلك، وفي حال حنث المسلم هذا اليمين فيجب عليه تبين الطريقة المناسبة لظروفه من الطرق المختلفة للتكفير عن هذا اليمين، لذا سنعرض لكم من خلال موقع الماقه كفارة الحلف على المصحف كذبًا للضرورة.
كفارة الحلف على المصحف كذبًا للضرورة
في حال اضطر المرء المُسلم إلى الحلف بالمصحف، فهذا اليمين من الأيمان التي في حال حنثها المُسلم فيسمى باليمين الغموس، حيث يغمس صاحبه في النار إذا حلف الكذب أو لم يفعل ما حلف عليه، وهناك العديد من الطرق التي وردت في الدين الإسلامي ككفارة الحلف على المصحف كذبًا للضرورة.
فقد قال الله تعالى في كتابه الكريم: “فَكَفَّارَتُهُ إِطْعَامُ عَشَرَةِ مَسَاكِينَ مِنْ أَوْسَطِ مَا تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ أَوْ كِسْوَتُهُمْ أَوْ تَحْرِيرُ رَقَبَةٍ ۖ فَمَن لَّمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ ۚ ذَٰلِكَ كَفَّارَةُ أَيْمَانِكُمْ إِذَا حَلَفْتُمْ” [سورة المائدة الآية 83]
في هذه الآية الكريمة يقول الله تعالى أنه في حال حلف المُسلم ولم ينفذ هذا اليمين أو كان الحلف كذبًا، ففي هذه الحالة وجب عليه التكفير عن هذا اليمين، ويكون التكفير بالعديد من الطرق مثل إطعام عشرة مساكين أو كسوتهم، أو تحرير قبةٍ مسلمة، أو صيام ثلاثة أيام وهذا هو أضعف الإيمان.
لذا سنعرض لكم من خلال الفقرات التالية الشرح التفصيلي لكفارة الحلف على المصحف كذبًا للضرورة بهذا الطرق السابقة.
1ـ تكفير اليمين بإطعام عشرة مساكين أو كسوتهم
من أول الطرق التي يتم من خلالها التكفير عن حلف اليمين الكاذب هي إطعام عشرة من المساكين أو كسوتهم، ففي حال الإطعام فقد جاء الشرط في الآية الكريمة أن يكون الطعام المقدم للمسكين من أوسط ما يطعم به حالف اليمين أهله، أي أن يكون الطعام مشبعًا ويكفي قوت ليلةٍ للمسكين.
أما عن الكِسوة فيقصد بها شراء الملابس للمساكين، وقد اختلفت آراء المذاهب الأربعة للفقه حول بند الكسوة، حيث قال كلًا من الحنابلة والمالكية إنا ما يقصد بالكسوة هو تقدم الملابس التي يصح الصلاة بها، أما الحنيفية فقد قالوا إن الكسوة يقصد بها إعطاء المسكين الملابس التي من الممكن أن يرتديها عامة الناس، ولا يشترط أن تكون الملابس جديدة ولكن يجب أن تكون ساترة للجسم.
أما الشافعية فقد رأوا إن الكسوة هي إعطاء المسكين من الملابس كما يعتاد الشخص الحالف لليمين أن يلبس، فمن الممكن إعطاءه الخف أو العمامة أو القميص، ولا يشترط إعطاءه ملابس كاملة.
2ـ تكفير اليمين بتحرير رقبةٍ
يقصد بتحرير الرقبة أن يقوم حالف اليمين بتحرير العبد الذي لا يملك نفسه، وفي حال لم يكن لحالف اليمين عبدًا فوجب عليه شراء العبد وإعتاق رقبته، ولكن هذه الطريقة للتكفير عن اليمين كانت موجودة قديمًا في العهد الذي تواجد فيه العبيد وبيعهم وشرائهم.
كما جعل الله تحرير الرقبة من الأمور التي يتم من خلالها التكفير عن العديد من المعاصي، مثل القتل والحنث في اليمين والظهار، كما أن هناك أحد الأقاويل التي وردت على لسان العلماء أنه يجب أن تكون الرقبة المُعتقة مؤمنة.
3ـ تكفير اليمين بصيام ثلاثة أيام
فمن لم يجد فصيام ثلاثة أيام، أي أنه في حال لم يكن الشخص قادرًا على التكفير عن يمينه بأيٍ من الطرق السابقة فلا يملك الكثير من المال الذي يجعله قادرًا على إطعام المساكين أو كسوتهم وكان لا يملك العبد ليعتقه، فقد أجاز الإسلام له أن صيام ثلاثة أيام ككفارة عن يمينه.
كما أن مذاهب الفقه الأربعة انقسمت إلى أحد الرأيان، الأول والذي اتبعه الشافعية والمالكية، والذي لا يشترط فيه أن تكون أيام الصيام ككفارة يمين متتالية، وذلك لأنه لم يأتي في الآية الكريمة ما يشترط تتالي هذه الأيام، أما الرأي الثاني والذي اتبعه الحنابلة والحنفية أنه يجب أن تتابع الثلاث أيام عند الصيام بنية كفارة اليمين.
سبب وجود كفارة لليمين
بعد التعرف إلى كفارة الحلف على المصحف كذبًا للضرورة، يجب العلم بالسبب وراء وجود كفارة اليمين من الأساس، فقد كانت هناك العديد من الآراء التي وردت حول السبب لوجود كفارة لليمين، فقد اتفق الفقهاء أن كفارة اليمين واجبة على من حنث يمينه.
أما سبب وجود الكفارة فقد رأى البعض أن السبب هو اليمين نفسه، والحنث في اليمين ليس سبب وجود الكفارة بل هو شرطٌ فيه، أما البعض الآخر فقد رأى أن سبب وجود الكفارة هو اليمين والحنث به معًا، وهذا الرأي هو ما اتبعه أهل الشافعية.
الوقت المحدد لإخراج كفار اليمين
اتفق الفقهاء على أنه من الممكن أن تكون كفارة اليمين قبل الحنث أو بعده، فإن حلف المرء على شيءٍ ثم رأى عكس ذلك، فيجب أن يكفر عن يمينه، والتكفير عن اليمين باتفاق أهل العلم جائز بعد حنث اليمين.
حكم إخراج كفارة اليمين مالً
يتساءل البعض عما إذا كان من الممكن أن تكون كفارة اليمين بالمال بدلًا من إطعام المسكين أو كسوته، فقد أجاز الفقهاء هذا الأمر ولكن يشترط أن يكون المال بالقيمة التي تساوي قيمة الإطعام أو الكسوة، كما أنه من الممكن أن تكون الكفارة بالمال عن طريق دفع المال لتحقيق المصلحة أو النفع للفقير.
حكم تكفير اليمين بإطعام مسكينٍ واحد
من خلال ما سبق قد تعرفنا على كفارة الحلف على المصحف كذبًا للضرورة، وعرفنا أن أول الطرق التي يتم من خلالها التكفير عن اليمين هي إطعام عشرة مساكين أو كسوتهم، وحول هذه الكفارة هل يجوز أن يتم إطعام مسكين واحد بدلًا من العشرة؟
هناك اختلاف حول إجابة هذا السؤال في الفقه، حيث رأى بعض العلماء أنه من الممكن أن يتم ذلك وأن يقوم الشخص الذي يريد التكفير عن يمينه بإطعام مسكين واحد، لكن هنا يشترط العلماء ألا يكون الإطعام لمرةٍ واحدةٍ فقط، بل يجب إطعامه لعشرة أيامٍ متتالية.
أما الرأي الآخر فقد رأى العلماء أن إطعام مسكينًا واحدً ككفارة يمين ليس أمرًا جائزًا، وذلك لما ورد في نص الآية الكريمة بإطعام عشر مساكين وليس نسكينًا واحدًا حتى إن كان الإطعام لعشر مرات.
أنواع اليمين التي يجب التكفير عنها
تقسم الأيمان في الإسلام إلى ثلاثة أقسام، وهذه الأيمان الثلاثة منها ما يجب التكفير عنه في حال حنثه ومنها ما لا تجب له الكفارة، وتتمثل هذه الأيمان فيما يلي:
1ـ يمين اللغو
يمين اللغة هو اليمين الذي يأتي على لسان الحالف دون قصدٍ منه، فمثلًا عند قول: نعم والله أو لا والله، في هذه الحالة لا يأثم صاحب اليمين ولا تجب عليه إخراج الكفارة عن هذا اليمين، وذلك تبعًا لما ورد في كتاب الله تعالى حين قال “ لَّا يُؤَاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ“ [سورة البقرة الآية 225]
2ـ اليمين الغموس
اليمين الغموس هو اليمين الذي يحلفه صاحبه بالكذب وهو يعلم بأنه كاذب، وعند الحلف يقصد التدليس وتضييع الحق، وهذا اليمين من الأيمان ذات الإثم الكبير والذي يوجب على صاحبه الكفارة مع ضرورة التوبة عن الحلف بالكذب.
3ـ اليمين المنعقدة
هذا اليمين هو اليمين الذي يحلفه صاحبه وهو على إدراكٍ تامٍ به، ويكون اليمين على أحد الأمور التي ينوي فعلها في المستقبل لكنه لا يفي بهذا اليمين، في هذه الحالة أيضًا تجوز الكفارة على صاحب اليمين.