اسلاميات

هل يجوز للزوجة عمل شيء دون علم زوجها

هل يجوز للزوجة عمل شيء دون علم زوجها؟ وما حكم تصرفها بمالها الخاص؟ ففي الإسلام كان من المعلوم والضروريّ طاعة الزوجة لزوجها طالما في مرضاة الله، لكن أحيانًا قد تضطر لفعل أشياء لا تخبره عنها ولا تأخذ رأيه بها، فهل يصح هذا؟ ذلك ما يعرضه موقع الماقه تفصيليًا.

هل يجوز للزوجة عمل شيء دون علم زوجها

يختلف الأمر باختلاف الموقف، وما كانت الزوجة بصدد فعله، فإذا كان ما عملته تصرفًا في مال، فإن الأمر ينقسم لشقين.

  • إذا كان هذا ماله فلا يجوز للزوجة عمل شيء به دون علم زوجها، فهو في الأصل له.
  • أمّا في حال كان هذا المال لها فيحق لها التصرف فيه كيفما شاءت، سواء بالشراء أو البيع، فللمرأة ذمة مالية مُستقلة.

هل يجوز للزوجة العمل دون إذن زوجها؟

يُحتم الشرع أن يكون هذا الأمر تشاورًا بين الزوجين، وإذا ما خرجت الزوجة للعمل دونما إذنه كانت آثمة، طالما كان هو يُلبي لها متطلبات المعيشة، والأصل في هذا الحكم منع خروجها من البيت دون إذنه.

لذا فإن كانت تعمل من البيت دون علمه فلا حرج في ذلك، مادام ما تفعله ليس فيه معصية لله.

هل يجب على الزوجة الإنفاق على البيت؟

من منطلق هل يجوز للزوجة العمل دون علم زوجها أم لا يجدر بنا الذهاب للتساؤل الذي يليه، وهو ماذا تفعل الزوجة بهذا المال؟ أواجب عليها الإنفاق بالبيت؟

في الواقع إن المسؤول الرئيسي عن النفقة هو الرجل وحده، لما أوقع الله عليه من مسؤولية القوامة، فالمرأة بذلك مُلزمة منه أن ينفق عليها، وليس عليها أن تدفع شيئًا، فقد قال الله تعالى دليلًا على ذلك:

“الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ بِمَا فَضَّلَ اللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلَىٰ بَعْضٍ وَبِمَا أَنفَقُوا مِنْ أَمْوَالِهِمْ ۚ فَالصَّالِحَاتُ قَانِتَاتٌ حَافِظَاتٌ لِّلْغَيْبِ بِمَا حَفِظَ اللَّهُ ۚ وَاللَّاتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ وَاضْرِبُوهُنَّ ۖ فَإِنْ أَطَعْنَكُمْ فَلَا تَبْغُوا عَلَيْهِنَّ سَبِيلًا ۗ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيًّا كَبِيرًا” سورة النساء (34).

كما أن الزوج لا يحق له أن يُطالب زوجته بالإنفاق، أو بصرف مهرها، فهو حق لها لا يجوز له التدخل به، ويدعم هذا الآية 4 من سورة النساء، حيث قال تعالى:

“وَآتُوا النِّسَاءَ صَدُقَاتِهِنَّ نِحْلَةً ۚ فَإِن طِبْنَ لَكُمْ عَن شَيْءٍ مِّنْهُ نَفْسًا فَكُلُوهُ هَنِيئًا مَّرِيئًا”.

لكن الحياة الاجتماعية لا تسير وفق نهج واحد، بل من الأفضل التراخي قليلًا وأن يلن كلا الزوجين للآخر، فمثلًا لا ضير إذا سمح الزوج لزوجته بالعمل إذا كان عملًا طيبًا.

لا مانع كذلك إذا ما أنفقت من مالها على البيت، فهذا من جميل صنيعها، ولن ينساه لها زوجها ما حييّ، وتُثاب عليه بأجرٍ عظيم، حيث قال -صلى الله عليه وسلم- عن إنفاق الزوجة.

“إذا أنفقتِ المرأةُ من بيتِ زوجِها غيرَ مُفْسِدَةٍ، كانَ لَها أجرُ ما أنفَقت، ولزوجِها أجرُ ما اكتسبَ، ولخازنِهِ مثلُ، لا يَنقصُ بعضُهُم أجرَ بعضٍ” صحيح أبي داوود.

 هل يجوز تصدق النساء من مهرهن؟

سبق وبيّنا جليًا أن مهر المرأة هو حقٌ شرعيٌ لها يجوز التصرف فيه كيفما شاءت، إلا أن التصدق من حُليها أمرٌ آخر، فلا يحق لها والتصدق منه إلا إذا شاورت زوجها ووافق.

فقد ورد عن خيرة امرأة كعب: “أتَتْ رسولَ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ بِحُليٍّ لَها فقَالَت إنِّي تصدَّقتُ بِهَذا فقالَ لَها رسولُ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ لا يَجوزُ للمرأةِ في مالِها إلَّا بإذنِ زَوجِها فَهَلِ استأذَنتِ كعبًا قالَتْ نعَم فبعثَ رسولُ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ إلى كَعبِ بنِ مالِكٍ زوجِها فقالَ هل أذِنتَ لِخَيرةَ أن تتصدَّقَ بِحُليِّها فقالَ نعَم فقبِلَهُ رسولُ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ مِنها” صحيح ابن ماجه.

 حكم أخذ المال من الزوج البخيل

إذا كان الزوج بخيلًا لا ينفق لا على زوجته ولا أبنائه، ومعه من المال ما يكفي، فيجوز للزوجة بهذه الحالة أخذ المال دون علم زوجها، وهذا لا يُعد من قُبيل السرقة ما دامت تأخذ حاجتها فقط، فعن عائشة -رضي الله عنها-:

“جَاءَتْ هِنْدُ بنْتُ عُتْبَةَ بنِ رَبِيعَةَ فَقالَتْ: يا رَسولَ اللَّهِ، واللَّهِ ما كانَ علَى ظَهْرِ الأرْضِ أهْلُ خِبَاءٍ أحَبَّ إلَيَّ أنْ يَذِلُّوا مِن أهْلِ خِبَائِكَ، وما أصْبَحَ اليومَ علَى ظَهْرِ الأرْضِ أهْلُ خِبَاءٍ أحَبَّ إلَيَّ أنْ يَعِزُّوا مِن أهْلِ خِبَائِكَ، ثُمَّ قالَتْ: إنَّ أبَا سُفْيَانَ رَجُلٌ مِسِّيكٌ، فَهلْ عَلَيَّ مِن حَرَجٍ أنْ أُطْعِمَ مِنَ الذي له عِيَالَنَا؟ قالَ لَهَا: لا حَرَجَ عَلَيْكِ أنْ تُطْعِمِيهِمْ مِن مَعروفٍ” صحيح البخاري.

قد تظن النساء أن في هذا تعسف ضدهنّ، إلا أن لطاعة الزوج ثوابٌ عظيم لا يُدركن قيمته، وهي بهذا تبلغ منزلة خير النساء، وهذا ما ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم.

“عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ قِيلَ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَيُّ النِّسَاءِ خَيْرٌ قَالَ الَّتِي تَسُرُّهُ إِذَا نَظَرَ وَتُطِيعُهُ إِذَا أَمَرَ وَلا تُخَالِفُهُ فِي نَفْسِهَا وَمَالِهَا بِمَا يَكْرَه”. رواه النسائي، وهو في صحيح الجامع.

 فعل الزوجة لأشياء دون علم زوجها تقتضي الإخفاء والمؤامرة غالب الوقت، لذا من الجدير بها سؤاله والتشاور معه بكل أمر، وهذا من المشاركة أكثر منه كطلب.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى