اسلاميات

التفكر في خلق الله ومجالاته

التفكر في خلق الله شرع الله عز وجل عبادات كثيرة يمكن أن يقوم بها العبد المسلم، منها عبادة التفكر في خلق الله ، حيث أنها عبادة ذهنية وروحانية، بعيدة كل البعد عن العبادات البدنية أو التي ينطق بها اللسان، وفي هذا المقال نقدم لحضراتكم كافة التفاصيل حول عبادة التأمل أو التفكر، وفوائدها التي تعود على الإنسان، واستشهادات من السلف الصالح، لذا أدعوك للتعرف على المزيد عبر موقع الماقه .

مفهوم التفكر

التفكر بشكل عام هو إطلاق العنان للقلب والعقل لمعرفة أصل الأشياء والتدبر في تفاصيلها لإدراك معانيها.

التفكر في خلق الله

  • عبادة التفكر والتأمل هي نوع من أنواع العبادات التي شرعها الله عز وجل في الدين الإسلامي الحنيف.
  • حيث أنها عبادة قلبية يقوم بها الإنسان المسلم بشكل غير ظاهري، حيث يقوم بالتدبر في الخلق وفي قدرة الخالق عز وجل في صمت وتفكر، دون استخدام الجوارح أو الأعضاء.
  • الله عز وجل جعل أنواع العبادات كثيرة ومتنوعة، حتى لا يشعر العبد بالملل أثناء العبادة إذا كانت نوع واحد فقط.
  • المقصود بعبادة التفكر في الشريعة الإسلامية أن يطلق العبد عنوان عقله وقلبه للتأمل في عظمة الخالق وجمال الكون من حوله، والتأمل في ملكون الله تعالى.
  • تعتمد عبادة التفكر في ترك شئون الحياة الدنيا، والخلوة مع الذات، واعتزال أمور الدنيا وملذاتها، وإشغال العقل والقلب والروح بالتفكر في عظمة البارئ.

آيات التفكر في خلق الله

هناك استشهادات من آيات القرآن الكريم عن التفكر أو التدبر في الخلق وعظمة الله تعالى، نذكر منها ما يلي:

  • حيث قال الله سبحانه وتعالى: “وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَـٰذَا بَاطِلًا سُبْحَانَكَ فَقِنَا عَذَابَ النَّارِ”.
  • كما قال في سورة آل عمران: “الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللَّهَ قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَى جُنُوبِهِمْ وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَذَا بَاطِلًا سُبْحَانَكَ فَقِنَا عَذَابَ النَّارِ”.
  • قوله تعالى في سورة الشعراء: “أَوَلَمْ يَرَوْا إِلَى الْأَرْضِ كَمْ أَنْبَتْنَا فِيهَا مِنْ كُلِّ زَوْجٍ كَرِيمٍ”.
  • قوله عز وجل: “فَلْيَنْظُرِ الْإِنْسَانُ إِلَى طَعَامِهِ، أَنَّا صَبَبْنَا الْمَاءَ صَبًّا، ثُمَّ شَقَقْنَا الْأَرْضَ شَقًّا، فَأَنْبَتْنَا فِيهَا حَبًّا، وَعِنَبًا وَقَضْبًا، وَزَيْتُونًا وَنَخْلًا، وَحَدَائِقَ غُلْبًا، وَفَاكِهَةً وَأَبًّا، مَتَاعًا لَكُمْ وَلِأَنْعَامِكُمْ”.
  • قوله تعالى في سورة الواقعة: “أَفَرَأَيْتُمُ المَاءَ الَّذِي تَشْرَبُون، أَأَنتُمْ أَنزَلْتُمُوهُ مِنَ المُزْنِ أَمْ نَحْنُ المُنزِلُونَ، لَوْ نَشَاءُ جَعَلْنَاهُ أُجَاجاً فَلَوْلاَ تَشْكُرُونَ”.
  • كما قال عز وجل في كتابه العزيز في دعوة للكافرين بالتدبر في الخلق من حولهم: “أَوَلَمْ يَنْظُرُوا فِي مَلَكُوتِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا خَلَقَ اللَّهُ مِنْ شَيْءٍ وَأَنْ عَسَى أَنْ يَكُونَ قَدِ اقْتَرَبَ أَجَلُهُمْ فَبِأَيِّ حَدِيثٍ بَعْدَهُ يُؤْمِنُونَ”.

هل تعلم كيف يمكنك البحث عن ايات تدل على التامل في ستة أقسام اقرأ في هذا الموضوع:  البحث عن ايات تدل على التامل في ستة أقسام

مجالات التفكر في خلق الله

هناك مجالات مختلفة للتأمل والتفكر في الخلق، والتي تعود على الإنسان بالمنافع الكثيرة، ومن هذه المجالات ما يلي:

  • التفكر في الكون وظواهره اليومية التي تحدث بشكل تلقائي وبنظام معين دون اختلاط أو تغيير، مثل سريان مياه الأنهار، تعاقب الليل والنهار، الأشجار المزدهرة والجبال الشاهقة، وغيرها من مظاهر الإبداع الإلهي في الكون.
  • التفكر في آيات وسور القرآن الكريم، والتدبر في معانيها العميقة، والأسلوب البليغ واللغة العربية الفصحى المستخدمة، التي تعمل على توضيح المعاني وإيصالها للقارئ بسهولة ويسر، للتعرف على الشرائع المختلفة.
  • التفكر في قدرة الله عز وجل في خلق الإنسان، حيث خلق الله الإنسان في أحسن صورة، وخلق كافة أعضائه كل عضو له وظيفة معينة يقوم بها.
  • التفكر في قدرة الخالق في تشكيل طبائع الخلق، حيث نجد أن الإنسان محب للمال والشهرة والنفوذ، كما أن من الفطرة أن الإنسان دائم السعي للتزاوح من أجل إعمار الأرض.
  • التفكر في خلق الكائنات الحية بأنواع مختلفة، كل نوع له ظروف معينة وأحوال مناخية مختلفة عن الأنواع الأخرى من أجل استمرارية الحياة.
  • التأمل في الدنيا وأنها دار الباطل وسريعة الفناء، وأن الدار الحق هي دار الآخرة، وأن الدنيا هي دار الابتلاءات والمشقة، وأن الخسران هو من سعى وراء الشهوات وملذات الدنيا، والفائز هو الباحث عن الفوز بالآخرة.
  • التفكر في قصص الأقوام السابقة التي أوردها الله تعالى في القرآن الكريم، حيث أنهم استكبروا عن عبادة الله وعن الإيمان برسله، وكانت النتيجة أن الله عز وجل أهلكهم ليكونوا عبرة للناس.

فوائد التفكر في خلق الله

هناك منافع وفوائد كثيرة يحصل عليها الإنسان من وراء عبادة التفكر في خلق الله ، ومنها ما يلي:

  • التفكر في الخلق يمنح العبد الشعور بمخافة الله عز وجل ويجعله يتقيه في جميع أفعاله وأقواله.
  • التفكر يجعل الإنسان أكثر حكمة، ويستطيع أن يعرف مزايا شخصيته وعيوبها والتعامل معها وإصلاحها.
  • التدبر في خلق الله وعظمته يمنح الإنسان الشعور بالإيمان والتسليم إلى أوامر الله وأحكامه، ومعرفة المعنى الحقيقي للتوحيد.
  • التفكير والتدبر في الكون وخلق الله، يجعل الإنسان أكثر معرفة ويكتسب علوم متنوعة.
  • التفكر نوع من العبادات التي شرعها الله حتى يصل العبد إلى الخشوع والتضرع.
  • التيقن بأن الإنسان ضعيف وعاجز أمام قدرة الله وعظمته.
  • التفكر من صفات العلماء وأولي الألباب.
  • التفكر يجعل العبد أكثر تواضعًا مع الاعتراف الكامل بيوم الحساب وأن كل عبد يقف بين يدي الله، مما يحثه على القيام بالأعمال الصالحة وترك المعاصي.

هل تعلم كيف خلق الله الكون في ستة أيام وآيات قرآنية حول ذلك اقرأ في هذا الموضوع:  كيف خلق الله الكون في ستة أيام وآيات قرآنية حول ذلك

موقف السلف الصالح من عبادة التفكر

ورد عن أهل السلف الصالح الكثير من الأمثلة التي تدل على حرصهم الشديد على المواظبة على عبادة التأمل والتفكر في خلق الله عز وجل، ومن هذه الأمثلة ما يلي:

  • قال أبو سليمان الداراني: “إنّي لأخرج من منزلي فما يقع بصري على شيء إلّا رأيت لله عليّ فيه نعمة، ولي فيه عبرة”.
  • كان ابن عبّاس -رضي الله عنهما- يقول: “إنّ تأمّل ساعة في خلق الله -عزّ وجلّ- وسننه في الكون والشرع، خير من قيام ليلةٍ كاملةٍ”.
  • كان بِشر الحافي يقول: “إنّ الناس لو تفكّروا وتأملوا في عظمة الله -عزّ وجلّ- لم يعصوه”.
  • كان عمر بن عبد العزيز رضي الله عنه يرى أنّ التدبر والتأمل في الخلق وفي نِعم الله التي أنعم بها على عباده من أفضل أنواع العبادات التي يمكن المواظبة عليها.
  • بكي عمر بن عبد العزيز ذات مرة، وعندما سألوه الصحابة عن السبب، قال: ” فكّرت في الدنيا ولذاتها وشهواتها فاعتبرت منها بها، ما تكاد شهواتها تنقضي حتى تكدرها مرارتُها، ولئن لم يكن فيها عبرةٌ لمن اعتبر إنّ فيها مواعظ لمن ادّكر”.

عوامل تساعد على الالتزام بعبادة التفكر

هناك الكثير من الأشخاص الذين لم يستطيعون المواظبة على عبادة التفكر والتأمل في خلق الله، مما نتج عنه قسوة القلوب والسعي وراء الشهوات وملذات الدنيا فقط، وللمواظبة على هذه العبادة يجب القيام بعدة أمور تتمثل في الآتي:

  • العودة إلى الله عز وجل بالقلب والعقل معًا وترك أمور الدنيا جانبًا.
  • مجاهدة النفس والبعد قدر المستطاع عن ارتكاب الذنوب والمعاصي.
  • المواظبة على أداء العبادات والفرائض التي شرعها الله عز وجل.
  • التخلي عن الشهوات وعدم الاستسلام إلى وسوسة الشيطان.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى