اسلاميات
إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوَالَ الْيَتَامَىٰ تفسير
إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوَالَ الْيَتَامَىٰ يسعى الكثير من الناس إلى البحث عن تفسير بعض الآيات القرآنية والتي نسعى لتوضيحها عبر موقع الماقه وذلك لمعرفة ما تحمله هذه الآيات من معاني ودلالات.
تفسير قوله تعالى إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوَالَ الْيَتَامَىٰ
- في هذه الآية الشريفة حذر الله سبحانه وتعالى المسلمين تحذير شديدة من أكل مال اليتيم بغير وجه حق ويتضمن المال الأراضي والعقاقير والأملاك.
- بل يجب على من يتولى أمر اليتيم أن يتقي الله سبحانه في أمواله وأن يحسنوا التصرف في أموالهم على حسب ما أمرهم الله سبحانه وتعالى في كتابه العزيز وأيضا على حسب ما تقضيه الشريعة الإسلامية.
- أما إذا كان من يتولى أمر اليتيم فقيرا شرع الله سبحانه وتعالى له أن يتصرف في هذه الأموال بالحكمة والمعروف وأن يأخذ منها ما يكفيه لسد احتياجاته الأساسية.
- ويجب على من يتولى أمر اليتيم أن يستعفف عن أموال اليتيم وأملاكه إذا كان غنيا ولا يحتاج إلى هذه الأموال وذلك امتثالا لقوله تعالى (ومن كان غنيا فليستعفف).
- وفي بعض الحالات يمكن القاضي أن يفرض أجر معين ومحدد لولي اليتيم وذلك مقابل تجارته في هذه الأموال كأن يجعل له نصف الربح أو ربعه أو ثلث الربح الصافي من التجارة.
ما الذي يدل عليه قوله تعالى “إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوَالَ الْيَتَامَىٰ”؟
- تدل هذه الآية على الله سبحانه وتعالى حذر وهدد الذين يأكلون مال اليتامى ظلما وأنذرهم بالعذاب الشديد وأن موعدهم جهنم وبئس المصير.
- وشبه الذي يأكل مال اليتيم بالباطل كالذي يأكل نار متوجهة تكوي أجوافهم وبطونهم وهذا التشبيه يدل على أن أكل مال اليتيم من أكبر الكبائر والذنوب عند الله سبحانه وتعالى وأنها توجب عذاب الله وسخطه.
- وبناء على ذلك لا يجب على أولياء اليتامى أو غيرهم أن يأخذوا أموالهم بالباطل والظلم إلا في حدود ما شرعه الله سبحانه وتعالى أو على حسب ما حدده القاضي لهم من الأجرة.
- ويرى بعض العلماء أن الحكمة من ذكر هذه الآية مفردة في الوعيد والعذاب رحمة من الله سبحانه وتعالى باليتامى وذلك بسبب عجزهم وضعفهم وقلة حيلتهم حيث بلغت عناية الله سبحانه وتعالى وعطفه إلى أقصى الدرجات.
- ويرى بعض علماء التفسير بأن الله سبحانه وتعالى قيد أكل مال اليتيم بالظلم لأنه من الممكن أن يؤكل هذا المال ولكن على وجه الاستحقاق في حالة إذا كان الولي فقيرا كأن يستقرض من المال حتى تتيسر حالته المادية وذلك الأمر لا يعتبر ظلما.
تفسير الإمام الشعراوي لقوله تعالى “إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوَالَ الْيَتَامَىٰ”
- يرى الإمام الشعراوي أن الله القرآن الكريم ركز على هذه الجزئية لأن الله سبحانه وتعالى يريد من جميع خلقه أن يؤمنوا بقضاء الله وقدره ويستقبلونه بكل رضا وإيمان سواء كان ذلك القدر شيء يرغبون في حدوثه أو غير ذلك.
- وعندما يرى الطفل أباه يسعى جاهدا ليقدم له كل ما يجتاحه في هذه الحياة وبعد ذلك يموت الأب فإذا رأى هذا الصغير شخص آخر مات أبوه وتكفل المجتمع بجميع مطالبه واحتياجاته في الحياة.
- فإن ذلك سوف يجعل الطفل يرضى بقضاء الله وقدره ويستقبل خبر وفاة والده دون هلع أو خوف لأن الذي يجعل الناس تستقبل مثل هذا الأمر بالفزع الشديد والخوف هو أنهم يرون بأن الطفل الذي مات أبوه سوف يضيع وتهدر جميع حقوقه.
- أما إذا أمن المجتمع حق اليتيم وحافظ عليه وكان بمثابة أبا له ولجميع اليتامى جعلهم يستقبلوا قضاء الله وقدره بكل رضا وإيمان.
- ويرى الإمام الشعراوي بأن سبب ربط أموال اليتامى بالأكل لأنه هو السائد والمتكرر عند جميع الناس كما أن الأكل عملية متكررة يقوم بها الإنسان يوميا لذلك فإن نهب يكون من أجل الأكل.
- لذلك أوضح الله عز وجل هذا الأمر لأكل مال اليتيم ومعنى ذلك أن الذين ينهبون مال اليتامى ظلما وبغير الحق سوف يستحقون وينالون عذاب الله الشديد في الأخرة.
- ومن الممكن أن ينال آكل مال اليتيم جزء من عذاب الله في الحياة الدنيا كأن يصاب في بطنه ببعض الأمراض المستعصية التي تحرق أحشائه.
- أما يوم القيامة يأتي هؤلاء الأشخاص الذين يأكلون أموال اليتامى والدخان يخرج من أفواههم وأن بطونهم تكون ممتلئة بالنار بحيث يعرفهم كلا من يراهم من المسلمين.
سبب نزول قوله تعالى “إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوَالَ الْيَتَامَىٰ”
- قال بعض العلماء بأن هذه الآية نزلت في رجل من بني غطفان يدعى مرثد بن زيد وكان هذا الرجل مشهور بين قبيلته بحبه الشديد للمال.
- حيث كان مرثد بن زيد ولي لابن أخيه اليتيم الذي توفي عنه والده وهو صغير فأكل ماله ونهبه دون وجه حق فأنزل الله سبحانه وتعالى هذه الآية.
- ويرى البعض الآخر من العلماء أن سبب نزول هذه الآية هو أن الكفار كانوا لا يعطون النساء والأطفال حقوقهم في الميراث لذلك سمى جميع وجه أخذ المال أكلا.
- ومنهم من يرى بأن السبب وراء نزول هذه الآية هو أن الناس في الجاهلية كانوا لا يورثون النساء والأطفال وتوفي رجل من بني الأنصار يدعى أوس بن ثابت وكان لهذا الرجل ابنتين وابنا.
- وكان له ابن عمه فأخذ جميع ما تركه دون أن يعطي أولاده نصيبهم من الميراث فذهب زوجته إلى الرسول صلى الله عليه وسلم فأنزل الله سبحانه وتعالى هذه الآية.
- وخص الله سبحانه وتعالى البطن بالذكر للتعبير عن نقصهم والتشنيع على هؤلاء الأشخاص بضد مكارم الأخلاق.
- وهناك رأى آخر بأن هذه الآية نزلت في حنظلة بن الشمردل الذي كان واليا على طفل يتيم فأكل ماله ونهبه دون وجه حق.
آراء العلماء في تفسير قوله تعالى “إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوَالَ الْيَتَامَىٰ ظلما”
اختلف الفقهاء في تفسير هذه الآية على عدة مسائل منها:
- يرى بعض العلماء بأن هذه الآية تشير إلى أنه يمكن أكل مال اليتيم بدون ظلم وذلك بسبب التخصيص في قوله تعالى إن الذين يأكلون أموال اليتامى لذلك يجوز للولي أن يأخذ من مال اليتيم على حسب ما حدده له الشرع أو الحاكم.
- ويرى بعضهم بأن الرجل أو ولي الأمر إذا أكل وسرق مال اليتيم ظلما وقهرا فإن الله سبحانه وتعالى يبعثه يوم القيامة والنار تخرج من أذنيه وفمه وعينيه فيعرفه كل من يراه أنه أكل مال اليتيم.
- وذلك بدليل قول الرسول صلى الله عليه وسلم فيما معنى الحديث أنه عندما أسري به في ليلة الإسراء والمعراج رأى أقوام لهم مشارف مثل الإبل وقد وكل الله سبحانه وتعالى من يأخذ هؤلاء من مشارفهم.
- ثم يوضع في أفواههم جمرا من النار تخرج من أسفلهم فلم سأل الرسول صلى الله عليه وسلم جبريل عليه السلام قال هؤلاء الأشخاص الذين يأكلون أموال اليتامى بالباطل.
- ويرى بعض العلماء بأن الله سبحانه وتعالى ربط الأكل بأموال اليتامى لأن المقصود منه هو كافة أنواع التلف التي تلحق الضرر والأذى بأموال اليتيم.
- وذلك لأن جميع أموال اليتيم في ذلك الوقت كانت من الإنعام والإبل التي تؤكل لحومها ويشرب لبنها فجاء الكلام على حسب ما جرت عليه العادة.
- ويرى جمهور المعتزلة بأن في هذه الآية وعيد وإنذار شديد لكل شخص قام بذلك الفعل سواء كان مسلم وغير ذلك لأن الله سبحانه وتعالى ذكر ذلك على وجه العموم دون أن يختص أحد بالذكر.
- كما أنهم يرون بأن هذا الوعيد مشروطا بعدم التوبة والإقلاع عن الذنب ولا يدخل تحت هذا الإنذار من أخذ القليل من مال اليتيم على حسب ما حدده الشرع.
- ويرى أهل السنة بأن هذه الآية من آيات الوعيد والعذاب وليس هناك حجة لمن يتوب ويقلع عن ذنبه.