حديث الرسول عن الانتحار نقدمه لكم اليوم عبر موقعنا البلد حيث أنه لم يترك الدين الإسلامي شيء يتعلق بالحياة وبقواعد التعامل بين الناس، والأمور المتعلقة بحفظ السلامة والأرواح إلا وتحدث عنها سواء في القرآن الكريم أو في السنة النبوية الشريفة، كما كفل الحفاظ على حقوق الناس من خلال وضع القواعد والمبادئ التي تساعد على ذلك، وقد حرص الدين الإسلامي على صون الرح الإنسانية سواء من خلال وضع الأحكام الخاصة بالاعتداء على النفس سواء بالقتل أو الانتحار، فقد توعد الله سبحانه وتعالى بأشد العقاب لمن يعتدي على النفس البشرية، ومن طرق الاعتداء على النفس التي هي مُلك لله وحده هو الانتحار، وسوف نتعرف على المزيد حول ظاهرة الانتحار، وحديث الرسول عن الانتحار من خلال سياق السطور القادمة.
حديث الرسول عن الانتحار
يُقصد بالانتحار في اللغة هو المصدر من الفعل انتحر أو ينتحر، وانتحار الرجل هو قتله لنفسه من خلال أداة معينة، وانتحار السحاب هو انبعاق المطر منه، أي تدافع بشكل شديد، والمقصود بالانتحار الأخلاقي هو تعرض السمعة للخطر، وأما من حيث الاصطلاح فإن المقصود بالانتحار هو قيام الشخص بما يؤذي نفسه ويتسبب في إزهاق روحه، أو هو القرار الذي يأخذه الشخص بالتخلص من حياته بنفسه، عن طريق التعمد المباشر.
وهناك أكثر من نوع من الانتحار حيث يوجد الانتحار الحقيقي الذي تعرفنا على معناه في السطور السابقة، والانتحار النفسي هو انتحار بشكل غير صريح، يقوم فيه الشخص بالزهد من الحياة، وبغضها بشكل واضح وبالتالي يتعرض لليأس منها، مما يؤدي للتحطم النفسي له والتعرض لحالات مرضية نفسية يمكن أن تؤدي للكثير من التداعيات.
أسباب الانتحار
تتعدد أسباب الانتحار، ونذكر منها ما يلي:
- التعرض للاكتئاب، وهو معاناة المريض في صمت، مما يؤدي به لارتكاب الانتحار في حق نفسه، وقد لا يعلم أي من القريبين منه من تعرضه للاكتئاب، فقد يعاني منه في صمت، لذلك يجب التواصل مع الشخص عند الإحساس بتعرضه لأعراض الاكتئاب حتى لا تتفاقم المشكلة.
- أسباب اجتماعية، ومنها عدم الحصول على الدعم الكافي مما يسبب الشعور بالانعزال، أو عدم تقبل الشخص بسبب معتقداته الدينية، أو لونه، أو جنسه مما يؤدي للرغبة في الانتحار، بالإضافة لانتشار فكرة الانتحار في بعض المجتمعات مما يؤدي لتحفيز الشخص على الانتحار، أو تعاطي المخدرات، والأمراض النفسية مما يدفع بالشخص لفكرة الانتحار، والعديد من الأسباب الأخرى الاجتماعية والثقافية.
- وجود تاريخ لظاهرة الانتحار في العائلة نتيجة المرور بمشاكل عقلية، أو زيادة مشاعر اليأس والانعزال.
- التعرض لمشاكل قانونية، وزيادة تناول المشروبات الكحولية.
- التعرض لعدد من المشاكل الاجتماعية والتأديبية التي لها علاقة بالأهل أو المدرسة عند الأطفال.
- التعرض لظاهرة التنمر.
- المعاناة من الاضطرابات العقلية، كفقدان الشهية العصبي، واضطراب تشوه الجسد، والاضطراب الثنائي القطب، واضطراب الانفصام، واضطراب الهوية الجسدية، واضطراب بعد الصدمة، واضطراب الهلع، والقلق الاجتماعي، والقلق العام.
ونرشح لك أيضًا المزيد من التفاصيل عبر: هل يصلى على المنتحر وحكم المنتحر في الإسلام
حكم الانتحار
كثيراً ما نسمع عن حوادث الانتحار في الأوقات الأخيرة، فقد أصبح ظاهرة في عدد من المجتمعات وبشكل خاص في المجتمعات الغربية، لذلك يجب الإشارة إلى حكم الانتحار في الدين الإسلامي، والتعرف على كيفية نظر الإسلام للانتحار، والحكم الذي ينطبق على من يقوم بقتل نفسه.
ويجب العلم أن الانتحار من الأمور المُحرمة شرعاً بل هي من كبائر الذنوب عند الله سبحانه وتعالى، عندما يقوم الشخص بالتخلص من حياته التي هي نعمة من الله تعالى، وقد أمرنا بضرورة المحافظة عليها، فمن يتعدى على نفسه يكون قد ظلمها، كمن يقتل أي نفس، فالمنتحر في حكم العاصي لله عز وجل.
حديث الرسول عن الانتحار
حديث الرسول عن الانتحار ليس حديث واحد، ولكن تعددت الأحاديث الصحيحة التي وردت عن النبي الكريم في شأن الانتحار وذلك لأنه من الآثام العظيمة التي يرتكبها العبد في حق نفسه، وفي حق الله تعالى ومن هذه الأحاديث الحديث التالي:
الذي رواه أبي هريرة رضي الله عنه، عن قول النبي عليه أفضل الصلاة والسلام، “من تردّى من جبلٍ فقتل نفسَه، فهو في نارِ جهنمَ يتردّى فيه خالدًا مخلدًا فيها أبدًا، ومن تحسى سمًا فقتل نفسَه، فسمُّه في يدِه يتحساه في نارِ جهنمَ خالدًا مخلدًا فيها أبدًا، ومن قتل نفسَه بحديدةٍ، فحديدتُه في يدِه يجأُ بها في بطنِه في نارِ جهنمَ خالدًا مخلدًا فيها أبدًا”.
نجد في الحديث الشريف إشارة الرسول الكريم الواضحة على أن المنتحر من المخلدين في النار بيوم القيامة، وسوف يُعاقب بنفس الأداة التي استخدمها في قتل نفسه، فلو كان ما يستخدمه الحديدة أو السُم فسوف يعاقب بنفس العقوبة، وكذلك من يُلقي بنفسه من الجبل، فإنه سوف يُلقي بنفسه من فوق جبل من جبال جهنم خالداً فيها، وفي حدث آخر للنبي الكريم فيما معناه أن من ينتحر تُحرم عليه الجنة.
كما أن النبي عليه أفضل الصلاة والسلام لم يصلي على المنتحر وذلك لشناعة فعله، ومن باب التوبيخ والتحريم لمن يفكر في ذات الفعل، ولكنه لم يمنع من يريد أن يصلي على المنتحر من الصلاة عليه ، وذلك دليل على عدم خروجه من دائرة الإسلام برغم عصيانه لله تعالى.
فقد جاء في الحديث الشريف أن الصلاة جائزة على من يقتل نفسه، وعدم صحة القول بأنها لا تجوز، لكون المنتحر عاصياً، كما أكد على ذلك الإمام أبو حنيفة، والإمام مالك، والشافعي، وقتادة، والإمام الحسن البصري، وأهل العلم، كما لم يمنع الرسول الكريم الصحابة من الصلاة على المنتحر، وكان امتناع النبي الكريم عن ذلك من أجل الزجر لا التحريم.
ويمكن معرفة المزيد عبر: ماذا يقال في صلاة الجنازة وشروط صلاة الجناز على الميت
كيفية السيطرة على فكرة الانتحار
لا تسيطر فكرة الانتحار على المؤمن القوي الإيمان بل عند الضعيف الإيمان، لأن الإيمان بالله سبحانه وتعالى وبالقضاء والقدر يُسهل الأمور الصعبة، ويتصدى لأفكار الشيطان بقتل النفس، وشر النفس الأمارة بالمعصية والسوء، والتخلص من أسباب الشر، لذلك يجب التخلص من جميع الأفكار التي تُسبب الابتعاد عن صحيح الدين، مما يُحقق الهدوء النفسي والسكينة، وطرد هذه الأفكار من عقل الإنسان وذلك من خلال التالي:
- يجب أن يتذكر الإنسان بشكل دائم عقوبة من يقتل نفسه وأن من يفعل ذلك هو بالنار، فكيف يمكن للإنسان التخلص من عذاب دنيته عن طريق الانتقال للعذاب الشديد الدائم بيوم القيامة.
- القيام بالأعمال النافعة، وحسن العبادة لله عز وجل، والتحلي بالأفكار الإيجابية، والتعوذ بالله تعالى من شر الشيطان.
- الاندماج مع الآخرين وعدم الاختلاء بالنفس في حالة التعرض للأفكار الهدامة التي قد تؤدي لإيذاء النفس، أو المرور بحالة نفسية سيئة، لكي تعم الطاقة الإيجابية من خلال مساعدة الأصدقاء وأصحاب الطاقة الإيجابية.
- محاولة حل المشاكل التي يمر بها الشخص، فلو كانت المشكلة هي التعرض لضائقة مالية على سبيل المثال، يسعى الإنسان لطلب الرزق والعمل والسعي في الأرض كما أمرنا الله سبحانه وتعالى وعدم الاستسلام للفشل.
- لو كان السبب في التفكير في الانتحار هو فقدان شخص مُحب، أو التعرض للغدر من حبيب أو عدم الوصول للأماني، يجب أن تتذكر أن كل شيء في الحياة هو مُقدر ومقسوم، وأنك سوف تحصل على نصيبك من الحياة، والإيمان بالله تعالى والقضاء والقدر هو الطريقة الوحيدة للسيطرة على المشاعر السلبية.
